سوريا: بعد حسم يبرود.. العين على جوبر/ صبر درويش
تتجه الأنظار بعد دخول قوات النظام، وحزب الله، إلى مدينة يبرود في القلمون، نحو حي جوبر، باعتباره الجبهة المرشحة أكثر من غيرها لمحاولات اقتحام قوات الأسد الجديدة، إذ شهد الحي معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة على محاور عديدة، كان أهمها تلك المنتشرة على جهة المتحلق الجنوبي.
تعد جبهة حي جوبر الواقعة شرق العاصمة دمشق، واحدة من أكثر الجبهات قرباً من العاصمة، فهي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن ساحة العباسيين وسط العاصمة دمشق، كما أنها ملاصقة لمنطقة الزبلطاني القريبة من أحياء باب توما والقصاع.
وهي جبهات تمتد على القسم الأهم من المتحلق الجنوبي، حيث تتاخم من جهة الجنوب مدينة زملكا، ومن جهة الشمال حي القابون، وبذلك يعد حي جوبر صلة وصل بين أحياء دمشق ومنها القابون وبرزة بطبيعة الحال، ومدن وبلدات الغوطة الشرقية.
يرتبط حي جوبر بنفقين تحت الأرض، أحدهما يصله بمدينة زملكا جنوباً والآخر بحي القابون شمالاً. ومن هنا كانت الأهمية الحاسمة لجبهة جوبر باعتبار الحي واحداً من أكثر الجبهات المتقدمة باتجاه العاصمة.
ومنذ أن تقدمت قوات المعارضة منتصف آذار العام الماضي باتجاه الحي، والمعارك لم تتوقف على الأطلاق، ورغم كل المحاولات الطرفين في التقدم إلا أنهما لم يتمكنا من تسجيل أي تقدم يذكر على كافة محاور القتال، عدا عن الأشهر الماضية، إذ جرت معارك عنيفة للسيطرة على مخفر حي جوبر الذي يبعد حوالي الـ750 متراً عن ساحة العباسيين، وتمكن المقاتلون من السيطرة عليه قبل أيام، عبر عملية عسكرية قامت بها كتائب من ألوية “الحبيب المصطفى” بالتعاون مع لواء “شام الرسول”.
يقول عمر، أحد المقاتلين في المدينة، لـ”المدن” متحدثاً عن العملية إنه “تم تلغيم الأبنية المحيطة بالمخفر، وتم تفجير البناء الثاني القريب منه، ولكن الألغام التي تم زرعها في المبنى الأول وباقي المباني لم تنفجر، فتم الغاء العملية”.
وتابع “في اليوم الثاني سمع المقاتلون المرابطون بالقرب من المخفر محاولات تسلل من قبل قوات الأسد، وبعدها حدث انفجار كبير، ربما ناتج عن انفجار الألغام التي تم زرعها سابقاً، فتهدمت باقي المباني المحيطة بالمخفر بالكامل، فما كان من المقاتلين إلا أن باشروا هجومهم على المخفر موقعين العديد من الخسائر في صفوف قوات الأسد، وتمت السيطرة على المخفر بالكامل”.
من جهة ثانية، يشير العديد من شهود العيان من سكان الحي إلى ارتفاع حدة قصف قوات النظام عليه، وخصوصاً بعد دخول النظام مدينة يبرود، وهو ما يعتقدون أنه مؤشرٌ لمحاولة النظام اقتحام الحي والسيطرة عليه.
مسألة السيطرة عن الحي، إن حدثت، ستشكل ضربة قاصمة لجبهات الغوطة الشرقية، وهو أيضاً ما يعني تشديد الخناق على مدن وبلدات الغوطة الشرقية من جهة، بينما سيتم عزل حيي القابون وبرزة عن محيط الغوطة من جهة ثانية، الأمر الذي قد يشكل عبئاً إضافياً على القوات المرابطة هناك.
يقول أمير، وهو أحد المقاتلين في حي جوبر، لـ”المدن”: “تصعيد النظام هذا، محاولة منه لإحكام سيطرته على محيط دمشق قبل الانتخابات..، ولكن من الواضح أن استراتيجية النظام العسكرية المتبعة حتى الآن تكمن بالسيطرة على الجبهات الخلفية باتجاه المتقدمة..، حسب رأيي لن يقوم بمواجهة حقيقية بدمشق قبل قطع طرق الإمداد للثوار..، كما أكدت ذلك معركته التي أطلق عليها اسم “قوس النصر” وتمكن من خلالها من فرض طوق حصار على الغوطة الشرقية بالسيطرة على قرى (العتيبة، الزمانية، القاسمية، القيسا، والبحارية) ومؤخراً السيطرة على يبرود ومنها سيتجه الى بقية مناطق القلمون وعلى رأسها رنكوس”.
وتشير أغلب الملاحظات إلى تركيز عمليات قوات النظام على محيط العاصمة دمشق، وذلك في سبيل تأمينها وإحكام السيطرة عليها ومنع أي محاولة لتقدم قوات المعارضة، وبينما يعمل النظام على عقد هدن مع بعض الجبهات كحي برزة على سبيل المثال، فإنه يشن هجوماً عنيفاً على بعضها الآخر كحي جوبر، وفي كل الحالات تبقى معارك محيط العاصمة دمشق هي المؤشر الأساسي الذي يعكس موازين القوى على الأرض بين قوات الأسد والمعارضة.
المدن