سوريا: معركة الربيع على الأبواب
علي حماده
شكّل سقوط مدينة الرقة ومعظم المحافظة بيد الثوار السوريين حدثاً بارزاً ومفصلياً، إذ يشير الى بدء اندحار النظام في سوريا من مناطق باكملها وتراجعه نحو مربّعات محصّنة في الوسط وحول بعض المدن، وطبعاً في منطقة الساحل حيث الثقل السكاني العلوي. واذا كان سقوط الرقّة البعيدة نسبياً عن عاصمة دمشق حدثاً مهماً، فبسبب توسّع النطاق الجغرافي لمناطق سيطرة الثوار من ريف ادلب الى حلب، فالرقّة، وصولاً الى الحدود مع العراق حيث سقط أخيراً معبر اليعربية على الرغم من الدعم العسكري الذي قدمه العراقيون لقوات النظام.
ومن مطار منّغ العسكري المشرف على السقوط، الى مشارف مدينة اللاذقية حيث الريف مسرح لعمليات عسكرية للثوار، ثمة خط يرتسم على الخريطة السورية بين مناطق محرّرة واخرى لا تزال تنتظر التحرير.
حدث كبير سقوط أول مدينة بأكملها بيد الثوار ومعها المحافظة بأكلمها. ولعل المشاهد التي بثت على خدمة “يوتيوب” وفيها قيام مواطني مدينة الرقة باسقاط تمثال حافظ الاسد في “ساحة الاطفائية” وسط المدينة، ما يذكر بيوم سقوط بغداد في نيسان ٢٠٠٣ وبالطريقة نفسها.
من الواضح ان النظام بدأ يفقد المبادرة على ارض المعركة، ولم يسعفه كل الدعم الذي يتلقاه من ايران وروسيا و”حزب الله” في كل مكان ليستعيد زمام المبادرة. فالدعم وحده لا يكفي متى كانت البلاد باسرها في حالة ثورة. وقد خبر كلا النظام ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي احد اكبر داعمي بشار الاسد حدود الدعم الممكن منحه، عندما استهدف مسلحون عراقيون في انبار قافلة لجنود سوريين بحراسة عراقية، هربوا من معبر اليعربية ليعودوا عبر معبر الوليد. فحتى نوري المالكي الذي دعم بالمال العراقي والموارد العراقية نظام بشار يكتشف ان مواصلة الانخراط الى جانب بشار ستؤدي الى نشوب ثورة داخل العراق. وفي لبنان الأمر لا يختلف كثيراً. فـ”حزب الله” المعتد بقوته والمستقوي على بقية اللبنانيين، يلعب بالنار الداخلية عندما يواصل قهر فئات كبيرة من اللبنانيين، ويعطف على ذلك تورطه في قتل السوريين دعماً لنظام بشار.
على مستوى آخر، يمكن التوقف عند المؤتمر الصحافي المشترك لوزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره السعودي الأمير سعود الفيصل في الرياض بالأمس، حيث بدا واضحاً من العبارات المنتقاة بعناية ان الدول العربية الداعمة للثورة السورية أبلغت، كما قلنا هنا في هذه الزاوية في نهاية كانون الثاني، الولايات المتحدة ان قرار رفع مستوى الدعم العسكري للثورة اتخذ للمساعدة على حسم المعركة أياً يكن موقف واشنطن.
ان معركة الربيع الكبرى صارت على الأبواب، ولن يمضي الربيع إلا يكون النظام فقد السيطرة على دمشق، ومعها تنتقل الشرعية بما تفرضه الأرض.
النهار