سوريا وتركيا.. علاقة معقدة
مازن حماد
يقول محلل في «مجموعة الأزمات الدولية» ومقرها الولايات المتحدة إن ما يحدث بين تركيا وسوريا يجر أنقرة إلى التدخل في الشؤون السورية، وإن تركيا تحس بالخطر مما يجري في الشرق الأوسط وخاصة فوق الأراضي السورية. وفي هذا الاطار يتذكر الجميع ذلك التصريح المهم للغاية الذي أدلى به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وقال فيه إن بلاده تتعامل مع التطورات في سوريا على أنها من الشأن المحلي التركي.
ومع مرور الوقت تغرق أنقرة أكثر وأكثر في الشأن السوري، وهي تستضيف في الآونة الحالية بالاضافة إلى آلاف من اللاجئين السوريين الفارين من بلادهم، مجموعة معارضة مسلحة تشن عمليات ضد نظام الحكم السوري. وتتحدث الصحافة الأميركية بشيء من الاسهاب عن الملاذ الآمن الذي تقدمه أنقرة إلى تلك المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «جيش سوريا الحر» وتسمح له بالتخطيط لعمليات عبر الحدود من داخل معسكر تركي.
ويأتي الدعم لهؤلاء المسلحين في غمرة تحرك تركي أوسع، ذلك أن أنقرة أعلنت عن عقوبات قريبة ضد دمشق، كما عمقت تأييدها للمجلس الوطني السوري وهو هيئة سياسية معارضة تم تشكيلها في مدينة استنبول التركية. لكن إيواء تركيا لجيش سوريا الحر يمثل كما تقول صحيفة «هيرالد تريبيون» أكبر تحد لدمشق، خاصة بعد أن أعلن ذلك الجيش الذي يقوده العقيد رياض الأسعد المقيم أيضاً في المعسكر التركي، عن قتل تسعة جنود سوريين بينهم ضابط.
وفي الوقت الحاضر مازالت المجموعة التي يقودها الأسعد أصغر من أن تشكل تحدياً فعلياً لحكومة دمشق، لكن وقوف تركيا مع المجموعة يؤكد مدى تورط أنقرة في تفاصيل الأحداث السورية التي تؤثر على الكثير من الحلفاء والخصوم مثل إيران وحزب الله وإسرائيل وبعض الدول العربية.
ويقول الأسعد في مقابلة صحفية مع الأتراك الذين زودوه ببدلة للتصوير أن جيشه سيقاتل النظام حتى يسقط. وكانت تركيا تعتبر سوريا قبل الربيع العربي حليفاً مميزاً تقيم معه علاقات دافئة، لكن العلاقات تدهورت على خلفية ثمانية شهور من الاحتجاجات السورية المناهضة لنظام الحكم. وقد هاجم أردوغان عدة مرات ما أسماه فشل دمشق في إحداث إصلاحات حقيقية في وقت يتوقع فيه مسؤولون أتراك، أن يسقط النظام السوري خلال سنتين.
وحتى الآن لم تقدم تركيا أي أسلحة لجيش العقيد رياض الأسعد الذي يقول إن عدد أفراد جيشه يصل إلى عشرة آلاف مقارنة بجيش سوري يزيد على الربع مليون جندي. وعبر الصحافة الأميركية ناشد الأسعد الأسرة الدولية توفير الأسلحة التي ستساعده على اسقاط النظام بسرعة أكبر كما يدعي.
وعلى ضوء هذه الصورة يبرز السؤال الكبير: هل تنوي المعارضة السورية متابعة الاستراتيجية السلمية، أم أن أنقرة تشجع الشعب والجيش في سوريا على الثورة المسلحة والعصيان؟
الوطن الكويتية