سورية تتحدى العقوبات العربية
رأي القدس
انتهت المهلة التي اعطتها جامعة الدول العربية للسلطات السورية لتوقيع البروتوكول المتعلق بارسال مراقبين عرب، وبعثات صحافية لمتابعة تطورات الاوضاع في سورية، خاصة تلك المتعلقة بحماية المدنيين، وبات الجميع في انتظار قرارات وزراء الخارجية العرب الذين من المفترض ان يجتمعوا اليوم في مقر الجامعة العربية من اجل هذا الغرض.
الانباء الواردة من اروقة الجامعة تفيد بان فرض حظر على رحلات الطيران ومقاطعة الواردات السورية، ووقف التعامل مع بنوكها قد يكون من بين العقوبات المتوقعة، ولكن يرى الكثير من المراقبين انها قد تؤثر على النظام، ولكن تأثيرها الاكبر قد يكون على الشعب السوري، تماما مثلما حدث عندما فرضت الامم المتحدة بزعامة واشنطن حصارا على العراق ادى الى استشهاد ما يقارب المليون عراقي معظمهم من الاطفال.
السلطات السورية ربما لم ترد على مهلة الجامعة العربية لانها شعرت بالاهانة من الطريقة التي عوملت بها، ولانها لا ترغب في وجود مثل هؤلاء المراقبين، والاهم من كل ذلك، الدعم الكبير الذي حصلت عليه امس من كل من روسيا والصين.
ففي ختام اجتماع لمجموعة الدول الصاعدة اقتصاديا التي تضم البلدين، بالاضافة الى الهند والبرازيل وجنوب افريقيا طالبت كل من الصين وروسيا السلطات السورية بالحوار مع المعارضة، وحذرت بوضوح من اي تدخل اجنبي دون دعم من الامم المتحدة.
وهذا الموقف القوي يأتي بعد طلب موسكو توضيحات من وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه لتصريحاته التي تحدت فيها عن تأييده لاقامة ممرات آمنة في سورية، في اشارة واضحة الى معارضة موسكو لمثل هذه الممرات وخشيتها من ان تكون مقدمة لتدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا.
لدى روسيا مصالح قوية في سورية، وهناك قاعدة عسكرية في ميناء طرطوس، والقيادة الروسية تشعر بانها تعرضت لخديعة كبرى في ليبيا، عندما وافقت على قرار مجلس الامن رقم 1973 باقامة مناطق حظر جوي تطورت الى هجمات وغارات لطائرات حلف الناتو في مختلف انحاء ليبيا، ولهذا لا تريد تكرار الامر نفسه في سورية احد آخر حلفائها في المنطقة، وهم قلة على اي حال.
روسيا والصين استخدمتا حق النقض ‘الفيتو’ ضد مشروع قرار بفرض عقوبات على سورية تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا، ولذلك فان مثل هذا الموقف سيتكرر في حال اللجوء الى اي تدخل دولي من قبل جامعة الدول العربية ووزراء الخارجية العرب.
الازمة السورية تتجه الى تدويل مختلف يتناقض كليا مع رغبة وزراء الخارجية، فدخول الصين وروسيا بهذه القوة، يوحي بانهما يضعان بكل ثقلهما خلف السلطات السورية في مواجهة التحرك الغربي العربي المشترك، الامر الذي دفعها الى تجاهل البروتوكول المذكور.
من الواضح ان النظام السوري ليس في وارد الاستسلام ورفع الراية البيضاء، وقد اوضح الرئيس السوري بشار الاسد هذا الموقف في حديثه لصحيفة ‘الصنداي تايمز’ البريطانية عندما قال انه سيقاتل حتى النهاية، الامر الذي يعني اننا بتنا امام مواجهات داخلية، قد تقود الى مواجهات موسعة بعض اطرافها اقليمية او دولية. باختصار شديد قد نشهد حربا من نوع مختلف في المنطقة قريبا.