صفحات العالم

سورية عندما توقع المبادرة العربية


رأي القدس

تتضارب الانباء حول استعداد السلطات السورية لتوقيع المبادرة العربية التي تهدف الى حقن الدماء والافراج عن المعتقلين وارسال بعثة من المراقبين لمراقبة وقف اعمال القتل باطلاق النار على المتظاهرين، فقد تصاعدت الآمال يوم امس بعد ورود انباء عن حصول التوقيع في غضون ساعات، ولكن هناك من يرى، وبحكم تجارب سابقة، ان السلطات السورية اوحت اكثر من مرة باستعدادها للقبول بالحلول العربية، لتعود وترهن موافقتها بتنفيذ شروط وتعديلات تقابل بالرفض من قبل الجامعة العربية ووزراء خارجيتها.

الوضع ربما يكون مختلفا هذه المرة لسببين رئيسيين، الاول: نفاد صبر وزراء الخارجية العرب المتابعين للشأن السوري من المناورات الرسمية السورية، واعطاؤهم اكثر من مهلة دون جدوى. والثاني: ان الانباء ‘المطمئنة’ حول احتمالية حدوث التوقيع اليوم، جاءت من فالح الفياض مستشار الامن القومي وزير الامن الوطني العراقي الذي توجه من دمشق الى القاهرة بعد زيارة للعاصمة السورية في اطار جهد حكومته لاقناع السلطات السورية بالتوقيع على المبادرة العربية. فالحكومة العراقية من اقرب حلفاء النظام في دمشق، وكانت امتنعت عن التصويت لصالح قرار بتجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية الى جانب اليمن بينما كان لبنان هو الدولة الوحيدة التي عارضت القرار.

من المؤكد ان المعارضة السورية، التي تتهم الجامعة العربية بدعم النظام السوري، وتشجيعه على قتل السوريين بالتقدم بمثل هذه المبادرة، والامتناع عن المطالبة بالاطاحة به، ستكون في قمة خيبة الامل اذا ما وقع النظام، وتجنب جهدا عربيا بالذهاب بالملف السوري الى مجلس الامن الدولي مثلما هدد وزراء الخارجية في اجتماعهم الاخير.

ويظل لزاما علينا القول بان توقيع هذا البروتوكول المبادرة شيء، وتنفيذه شيء آخر، فالسلطات السورية وقعت مبادرات بوقف اطلاق النار في السابق، وتعهدت بتطبيق اصلاحات ديمقراطية، بما في ذلك تعديل الدستور والافراج عن المعتقلين، وانهاء سيطرة حزب البعث على مقدرات الحياة السياسية في البلد، ولكن لم تحظ مثل هذه العهود بالتطبيق الفعلي او الكلي على الارض.

نتمنى ان تقبل السلطات السورية المبادرة العربية بالكامل، وان لا تمارس عادتها القديمة في طرح شروط او المطالبة بتعديلات، طالما ان هذه المبادرة تمنع التدويل، وتغلق الابواب كليا امام التدخل العسكري الخارجي الذي لو حصل سيكون كارثة على المنطقة برمتها وسيفجر حروبا يصعب وقفها، ولن تكون الانظمة العربية والخليجية منها بالذات في منأى عنها.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى