صفحات الناس

سورية… مقبرة الصحافيين الكبرى/ اسطنبول ــ ألكسندر أيوب

 

 

مع بداية الاحتجاجات الشعبية في مارس/ آذار2011 أدرك النظام السوري دور الإعلام الفعال في فضح الجرائم والانتهاكات، وفي إيصال المطالب الشعبية الرئيسة، فقام بمحاربته بأقصى ما يستطيع من قوة، وحظر وسائل الإعلام العربية والدولية بنسبة حجب وصلت إلى 100%، وعندها لجأ الناشطون المحليون إلى الإعلام البديل من خلال استخدام تقنيات التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة، حيث بدأوا بأدوات بسيطة مثل كاميرات الهواتف المحمولة، ثم طوروا أدواتهم وأداءهم مع تقدم الوقت وتطور مجريات الحراك، فجابهت السلطات السورية النشطاء عبر الاستهداف المباشر بعمليات القتل والاعتقال، وقضى العديد منهم بسبب التعذيب كي يكونوا رسالة ردع إلى بقية زملائهم.

وعندما تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى نزاع مسلح داخلي تعددت فيه الأطراف، بدأت تظهر بشكل أوسع انتهاكات بحق الإعلاميين من قبل أطراف أخرى غير القوات الحكومية، وازدادت تلك الانتهاكات بشكل كبير بسبب امتداد عمر الصراع.

وفي توثيق تلك الانتهاكات أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “في قاع الهاوية” وثقت فيه الانتهاكات المرتكبة بحق الإعلاميين من قبل أطراف النزاع.

حيث وثق التقرير مقتل 463 ناشطاً إعلامياً، منذ آذار 2011 على يد أطراف النزاع؛ ما جعل سورية في قاع الهاوية في ما يتعلق بالعمل الإعلامي على مستوى العالم كله، وسط إفلات تام من العقاب لأي طرف من الأطراف.

كما سجل التقرير قيام القوات الحكومية بقتل 399 إعلامياً، بينهم 5 صحافيين أجانب، و28 إعلامياً قضوا بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، بينما بلغ عدد المعتقلين من الإعلاميين 868 إعلامياً، بينهم 12 صحافياً أجنبياً.

بالمقابل وثق التقرير 24 حالة ما بين خطف واعتقال في صفوف الإعلاميين على يد قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، أُفرج عنهم جميعاً، في حين تطرقت الشبكة للانتهاكات على يد الجماعات المتطرفة وعلى رأسهم تنظيم الدولة “داعش”، والذي قتل 27 إعلامياً، بينهم 3 صحافيين أجانب، منذ تأسيسه في نيسان/ 2013، بينما اعتقل واختطف 62 إعلامياً، بينهم 13 صحافياً أجنبياً، في الوقت الذي قام تنظيم جبهة النصرة بقتل 6 إعلاميين، واعتقال 13 آخرين بينهم صحافيان أجنبيان.

ومن جهة أخرى أوضح التقرير قيام فصائل المعارضة المسلحة بقتل 20 إعلامياً، بينهم 3 سيدات، واعتقال 42 آخرين بينهم صحافيان أجنبيان.

ووفق التقرير فقد قُتل 11 إعلامياً بينهم صحافي أجنبي واحد على يد مجموعات لم تحدد الشبكة السورية لحقوق الإنسان هويتها، كذلك فقد سجل تحت هذا البند اعتقال واختطاف 17 صحافياً، بينهم 3 صحافيين أجانب.

و من جهتها توضح الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هدى العلي لـ”العربي الجديد”: “لقد عملت السلطات السورية بكل ما أوتيت من قوة على مصادرة الحريات ومحاولة التعتيم الإعلامي الشامل على جرائمها منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في مارس/ آذار 2011، واتبعت سياسة المصادرة والإقفال والإقصاء لكل صوت إعلامي مخالف لها، بغية طمس حقائق مجريات الأمور التي تحدث على الأرض، وجيّشت السلطات آلتها الإعلامية لتضليل الرأي العام داخلياً وخارجياً، ونسفت الصورة التي كان ينقلها الناشطون على الأرض، متهمة إياهم بالعمالة للخارج والفبركة الإعلامية. كما دأبت على ترسيخ ثقافة الخوف والرعب في صفوف معارضيها من الإعلاميين”.

واعتبرت العلي أن، “المواطن الصحافي لعب دوراً مهماً في نقل ونشر الأخبار، وهو ليس بالضرورة شخصاً حيادياً، كما يفترض أن يكون عليه حال الصحافي، كما إن صفة المواطن الصحافي تسقط عنه عندما يحمل السلاح ويشارك بصورة مباشرة في العمليات القتالية الهجومية”.

العربي الجديد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى