صفحات المستقبل

شباب سوريون في كردستان العراق: الوضع صفر


    فاضل النشمي – اربيل

تدفع الأوضاع المتدهورة في سوريا منذ آذار 2011 آلاف الأسر السورية للنزوح الى محافظات إقليم كردستان العراق، الذي يعلن بدوره عن وجود 11 الف مواطن سوري اكثرهم من الاكراد في مخيمات لجوء في محافظة دهوك. والى هذا العدد، هناك المئات من الشباب السوريين، ممن اضطرتهم الحاجة الى الدخول – ولو خلسة – في بعض الاحيان الى مدن الإقليم للعمل.

من هؤلاء 17 شاباً من محافظة القامشلي السورية دخلوا الإقليم للعمل في مطعم “البارك” الذي تحيط به غابة من الاشجار قبالة بحيرة وسط “متنزه سامي عبد الرحمن” في اربيل الذي تبلغ مساحته نحو800 دونم.

في لقاء مع هؤلاء الـ 17، إطلاع على بعض احوالهم وآمالهم ومصاعبهم، بدءاً من مدير المطعم اكرم محمود اكبر، المتزوج والأب لثلاثة ابناء والوحيد من بين المجموعة الذي يحظى بوضع قانوني، اذا انه اتى الإقليم للعمل قبل أربعة أعوام.

يقول انه تسلم ادارة المطعم في تموز الماضي بعدما عمل في مطاعم عدة في اربيل وتربطه علاقة بصاحب المطعم الجديد وهو كردي يقيم في بولونيا،  طلب من اكرم ادارة المطعم واعداد وجبات سورية ولبنانية. هذا ما حدث، فهو وزملاؤه من الشباب يقومون بإعداد مختلف الاطعمة السورية واللبنانية.

ولأن السياسة هي الشغل الشاغل للسوريين هذه الايام، فقد بدأنا مع اكرم عن الأحداث في بلاده، فأجاب وهو الكردي بعفوية مدهشة: “انا ضد ما يجري في سوريا، وفي الوقت عينه اعارض التصرفات الحكومية التي كانت تحدث من قبل”. ويضيف: “عدا عن غلاء الاسعار والشح في المواد الغذائية، لا يوجد شيء في القامشلي، اقصد اعمال العنف والمعارك، اعرف ذلك من عائلتي، فانا على اتصال دائم بأبي وأمي هناك”.

بادرته: لماذا افترض انك ميال الى نظام بشار الاسد، وخصوصاً انكم معشر الاكراد كنتم محرومون الحصول على الجنسية؟ تمتم: “هذا صحيح، لكن هناك شيء يقابلة شيء آخر. كنا محرومين الجنسية لكن كان هناك امان! ولا أحد يستطيع ان يعتدي عليك او يظلمك، اما اليوم فقد تغير الوضع”.

السياحة صفر

وعن حال السياحة في سوريا يقول: “انها وصلت الى الصفر”، ومع ذلك يبدي اكرم محمود نوعاً من عدم الرضا عن حال السياحة في اقليم كردستان العراق على رغم وصول نحو 250 الف سائح من مختلف محافظات العراق الى الاقليم خلال عطلة عيد الفطر، بل هو مقتنع بأن اربيل ليست لديها سياحة! ويعزو سبب ذلك الى افتقار الإقليم الى كوادر وعمال سياحة مهرة.

ويضيف: “هناك مطاعم فاخرة وأمن واستقرار في الإقليم، لكن السياحة ليست ذلك فقط، انها في حاجة الى الكوادر المدربة جيداً. دعني اضرب لك مثلاً: عندما تفتح مطعما هنا لا تجد عمالاً مهرة لتوظيفهم. لدينا في سوريا ولبنان الكثير من الكليات ومعاهد ومدارس السياحة، اما هنا فلا”.

العبور خلسة

ويتفق الكابتن حسن حاجم، من مواليد القامشلي 1985، مع وجهة نظر اكرم التي تذهب الى تعطل سوق السياحة والعمل في سوريا، وعن ذلك يقول: “أصلي من القامشلي، لكني وعائلتي وشقيقين عملنا في مطعم قرب مقام السيدة زينب. الشام (دمشق) لم يعد فيها عمل، وغالبية المحال والمطاعم اغلقت”.

وعن رحلة وصوله الشاقة الى اربيل يقول: “اتيت تهريبا من الحدود، عبر القامشلي عن طريق منطقة المالكية عبر قرى زاخو ثم الى دهوك واربيل. لم التحق بمعسكرات النازحين السوريين في دهوك لاني مضطر للعمل. فأسرتي المكونة من امي وابي واثنين من اخوتي موجودة في القامشلي وهم بحاجة لعملي”.

الهروب من الجيش

اضافة الى حاجة حسن الى العمل، ثمة أسباب اخرى وراء هروبه من بلاده يجملها على النحو الآتي: “دعيتُ وأترابي ممن هم في عمري لتأدية الخدمة الاحتياطية في الجيش. فرفضت الالتحاق لاني انظر الى قضية “فاضية” وليس لها اساس”. وقال ان غالبية الشباب معه فارون من الجيش وغير متزوجين باستثناء واحد.

وضع الاقامة

وعن وضع اقامتهم في الاقليم يقول حسن: “ليس لدينا حتى الان اقامة رسمية في اربيل. قسم من الشباب مسجل في الامم المتحدة لتنظيم عملية لجوئهم في العراق”.

لم الاحظ عليه علامات الخوف من افتقاره وزملائه الـ17 الوضع القانوني، بل قلت له صراحة ان سلطات الإقليم لن تتعرض لكم بأي حال لعلمي بحجم التعاطف الذي تبديه سلطات الاقليم مع اللاجئين السوريين وخصوصاً الاكراد، لكن ليس من الواضح تأثير قرار سلطات الاقليم الصادر اليوم منع دخول اللاجئين السوريين على حاجم وزملائه.

ومع ذلك، يقول حسن ان وضعهم غير القانوني يفرض عليهم عدم التحرك بصورة طبيعية داخل اربيل. “منذ نحو شهر ونصف شهر لم اغادر المطعم الى مركز مدينة اربيل الا مرتين تلافياً للمشاكل. نحن نعمل وننام ونأكل في المطعم، اجورنا عادية ونوفر البعض منها لاننا لم نخرج من المطعم”.

وأخيراً يقول: “امنيتي العودة الى بلدي بعد تحسن الاوضاع فيها ورحيل نظام بشار الفاسد. سوريا وطني الام وسأعود اليها في اقرب فرصة”.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى