صدى الثورة السورية في ألمانيا: تَبنَّى ثورة: مبادرة ألمانية لدعم الثورة السورية
منذ انطلاق الاحتجاجات ضد النظام السوري قبل سنة، تشكلت عدة مبادرات لدعم الثورة السورية في العديد من الدول، ومنها ألمانيا التي انطلقت منها مبادرة “تبنى ثورة” لدعم الناشطين في سوريا ماديا وإعلاميا. ريم نجمي تعرفنا بهذه المبادرة.
“تبن ثورة” هي واحدة من المبادرات الألمانية التي تحرص على دعم النشطاء السوريين. ولا يقتصر الدعم على الجانب المادي فقط، وإنما يتجاوزه إلى دعم في مجالات اجتماعية وتنظيمية وإعلامية. لهذا الغرض تم إنشاء موقع على شبكة الإنترنت خاص بالمبادرة، بهدف التعريف بقضية سوريا وجمع التبرعات المالية. عن انبثاق فكرة المبادرة يعلق الياس بيرابو، وأحد مؤسسي هذه المبادرة، بالقول: “في الخريف الماضي التقيت في بيروت بناشطين سوريين، وكانوا هم أنفسهم لاجئين هربوا من سوريا عبر الحدود السورية اللبنانية. ففكرنا في طريقة يمكن أن ندعم بها الثورة في سوريا، كمجتمع مدني غربي، ثم عدت إلى ألمانيا وتحدثت إلى ناشطين سوريين وألمان وأسسنا هذا المشروع.”
وتأسس المشروع في خريف 2011 من قبل شباب ألمان وسوريين مقيمين في ألمانيا، وضعوا أمام أعينهم أهداف ثابتة لدعم الثورة من كل النواحي المادية واللوجستية والعلمية. ويضيف الياس بيرابو، المتخصص في العلوم السياسية وشؤون البيئة، بالقول: “هدفنا الرئيسي هو دعم هذه الحركة الديمقراطية الشابة داخل سوريا، كإمدادهم بالمال لشراء الكاميرات والحواسيب النقالة، ودفع اشتراك الإنترنت. بالإضافة إلى المال اللازم لتأجير بيوت مناسبة لعملهم السري، وحماية حياتهم”.
“تهريب الأموال لأهداف إنسانية”
التمويل المالي يخصص لشراء حواسيب، ودفع اشتراك الانترنيت وتوفير بيوت آمنة للنشطاء السوريين
ويحرص الشباب في مبادرة “تبن ثورة” على عدم أخذ الأموال من أي جهة رسمية، بل حتى الجهات الرسمية الألمانية، وهو شرط من الشروط التي طالب بها الناشطون السوريون داخل سوريا. ويقول بيرابو بهذا الشأن: “الأموال هي أموال من المجتمع المدني إلى المجتمع المدني. إنها أموال من مواطنين إلى مواطنين ومن ناشطين إلى ناشطين. ولا نتلقى أموالاً من أي جهة رسمية”. ونظراً للظروف السياسية الصعبة التي تعيشها سوريا، فإن تحويل الأموال والتبرعات لا يتم بالطرق العادية المتبعة في هذه الأحوال، كإرسالها عن طريق البنك أو شركة لنقل الأموال.
فتظل الوسيلة الوحيدة هي تهريب الأموال، في هذا الإطار يضيف بيرابو قائلاً: “يصل المال إلى النشطاء عن طريق أكبر شركائنا كلجان التنسيق المحلية، هذا بالإضافة إلى شركاء لنا في المناطق الكردية. حيث نعطي المال لشركائنا داخل أوروبا ويقومون بدورهم بتهريب المال إلى الأراضي السورية، ونتابع نحن من ألمانيا سير وصول الأموال إلى شركائنا، فإما نتوصل برسالة من أحد الشركاء، أو يتكلف بعض الأشخاص بتبليغنا بشكل فردي”.
واستطاعت مبادرة “تبن ثورة” حسب ما يقول المشرفون عليها من دعم 30 لجنة داخل سوريا وذلك من خلال مبالغ مالية صغيرة، تتراوح قيمتها ما بين 700 و900 يورو في الشهر. والتزم المشرفون على مبادرة “تبن ثورة” بذلك أمام هذه اللجان، فصارت هذه المبالغ مهمة للغاية بالنسبة لهذه اللجان. ويقول بيرابو عن مجالات استعمال الأموال: “إن هذه الأموال البسيطة تساهم في دفع اشتراكات الإنترنت التي تكلف 50 دولاراً في الشهر، كما أن هناك ناشطين يضطرون للاختباء في بعض البيوت والتي يكلف إيجارها 200 يورو في الشهر”.
تبني الثورة إعلامياً ومعنوياً
إلياس بيرابو أحد مؤسسي مبادرة ” تبن ثورة”
ويرى المشرفون على المبادرة أن الدعم المادي ما هو إلا جزء من دعم أكبر للنشطاء السوريين، حيث أن نقل الخبرة الألمانية في مجال عمل المجتمع المدني والعمل النقابي، هو أمر ضروري للنشطاء السوريين، ليس فقط خلال الثورة السورية، ولكن “لبناء سوريا بعد سقوط محتمل لنظام الأسد”. ويتولى إلياس بيرابو مهمة المنسق الإعلامي لعمل المبادرة ويقول بهذا الصدد: “الهدف الثالث هو التعريف بسوريا في الإعلام الألماني، هناك عدد قليل من الناس الذين يعرفون سوريا، لذلك نحاول بكل قوتنا التعريف بها، وأن نشكل جسراً للتعريف بالقضية السورية”. وقد قامت القناة الألمانية الثانية وعدد من وسائل الإعلام الالكترونية والمكتوبة، بالاهتمام بهذه المبادرة، والتعريف بها.
زار الياس بيرابو سوريا عدة مرات، وتصادف تواجده في سوريا أيضاً مع بداية الاحتجاجات في مارس/ آذار الماضي. أما عن نظرته لمستقبل سوريا فيقول بيرابو: “من الصعب علي التنبؤ بمستقبل سوريا ، كم سيستغرق الوقت لنهاية الأسد وكم سيكلف الأمر من قتلى”. غير أن بيرابو المحب لسوريا يبقى متفائلاً، ويقول: “سوريا التي أعرفها. بلد كريم ومضياف ويُظهر تضامنا واسعاً، ومنفتح على الآخر. أعتقد أنه بالرغم من كل ما حدث ستحتفظ سوريا بكل هذه القيم الجميلة”.
ريم نجمي
مراجعة: عماد غانم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012