صراعات”مُعفشي” البلاستيك والحديد..برعاية “الفرقة الرابعة”/ رائد الصالحاني
شيّعت القوى الأمنية في دمشق، قبل أيام، رجل الأعمال الحلبي محمد ربيع عفر، الذي قضى في ظروف غامضة في العاصمة السورية دمشق، وسط تعتيم إعلامي رسمي. وكانت صفحات معارضة في مواقع التواصل الاجتماعي قد نشرت الثلاثاء خبر مقتل “الشبيح” محمد ربيع عفر، في حلب الجديدة، إثر قذيفة طالت مكان تواجده. فيما نعى “نادي الاتحاد” لكرة القدم الذي كان يدعمه عفر، عبر صفحته في “فايسبوك”، القتيل على أنه قضى إثر جلطة، من دون تحديد مكان وفاته.
مصدر خاص أكد لـ”المدن”، أن عفر هو رأس الحربة في “لجان الحديد” المسؤولة عن استخراج المعادن من المناطق التي تحتلها مليشيات النظام، والمدعومة من “الفرقة الرابعة” في دمشق وحلب. وهو المسؤول الأول عن عمليات استخراج المعادن وتهريبها من حلب إلى لبنان. كما أنه شارك ومجموعة من شركائه في عمليات تعفيش داريا في ريف دمشق الغربي، ونقل الحديد إلى القطاعات التابعة لهم. وكان من المفترض أن يدخل عفر وشركاؤه إلى منطقة معامل تل كردي في الغوطة الشرقية، لاستخراج مخلفات الحرب من حديد ومعادن، بعد سيطرة النظام عليها، قبل أيام.
مراسل “شبكة صوت العاصمة” أبو يحيى، قال لـ”المدن”، إن موكباً ضخماً مؤلفاً من عشرات السيارات التابعة لـ”الفرقة الرابعة” ومليشيات موالية، قامت بإغلاق اتوستراد المزة في دمشق، صباح الإثنين، لتشييع القتيل، مع تواجد أمني وعسكري رسمي، وانتشار لعناصر مليشيا “الدفاع الوطني”. ورفعت سيارات من نوع “رانج روفر”، مضللة اللوحات، صورة القتيل وأكاليل من الزهور، وتخلل التشييع إطلاق للرصاص في الهواء.
ويعتبر عفر، أحد أكبر الصناعيين في مدينة حلب، وأحد الداعمين لمليشيا “الدفاع الوطني” فيها، وكان المسؤول الأول فيها عن “لجان الحديد” التي تدير عمليات استخراج الحديد والنحاس من المناطق المحررة بعد دخول مليشيات النظام إليها ضمن عمليات “التعفيش”. فضلاً عن مسؤوليته عن توريد المحروقات من مناطق “داعش” إلى حلب الغربية الخاضعة لسيطرة مليشيات النظام.
ولم يُعرف لعفر علاقة سابقة مع النظام وأجهزته الأمنية، قبل اندلاع الثورة السورية. لكنه كأغلب تجار الحروب، والأعيان الجدد، تقرّب من الأجهزة الأمنية وقوات النظام، مستفيداً منهم لتمرير تجاراته غير المشروعة في مختلف المحافظات. في حين أن النظام يستفيد من واجهات مثل عفر، لتحييد الأسماء الكبيرة المرتبطة به والتي تسيطر على تلك التجارات. وعفر كان عراباً لبناء المخالفات في مدينة حلب وريفها الجنوبي، وحاز دعماً محدوداً من محافظة حلب وبلديات ريفها، إلى أن انتقل إلى تجارة النحاس، بعد التقرب من كبار تجار النظام. بعدها أصبح داعماً أساسياً للميليشيات الموالية وعوائل قتلاهم، الأمر الذي جلب له شعبية كبيرة ضمن حلب الغربية.
عفر الذي خسر انتخابات “مجلس الشعب” في دورتها الأخيرة، استمر في تجاراته، مدعوماً بشكل مباشر من “الفرقة الرابعة” التابعة لماهر الأسد، ومن قيادات مليشيا “الدفاع الوطني”. وكان قد نقل مكاتبه من حلب إلى حي المزة في دمشق، الذي تقطنه غالبية علوية، مع الحصول على مميزات إضافية، كالمرافقة الأمنية، والسلاح والسيارات، والبطاقات الأمنية لحاشيته.
ومقابل الحماية التي تؤمنها “الفرقة الرابعة” لتلك اللجان، يحصل “المكتب الأمني” في “الفرقة” على نسبة 15 في المئة من عائدات هذه التجارات. النسبة ذاتها تنطبق على أي أعمال غير مشروعة يقوم بها تجار الحروب في دمشق، من تعامل مع تنظيم “داعش” لتوريد الوقود، وتوريد السلاح إلى المناطق المحررة، وحتى استيراد المخدرات والحشيش من لبنان إلى دمشق ومنها إلى المحافظات السورية. وتعود عائدات ربح “الأعمال التجارية” الخاصة بـ”الفرقة الرابعة” إلى عوائل “الشهداء”، بحسب تصريحات قادتها. ويعتبر “المكتب الأمني” التابع لـ”الفرقة الرابعة” الواجهة الاقتصادية للفرقة، فينسق العلاقات مع التجار، ويقوم بحماية قوافلهم عبر مكاتب “الترفيق” للشحن والحماية، بمشاركة قيادات من المليشيات الموالية للنظام.
“اللجنة” المخصصة لاستخراج البلاستيك، والتي يرأسها أحد تجار الحرب أيضاً، كانت قد حاولت مؤخراً السيطرة على استخراج الحديد، وإزاحة عفر من الطريق كونه “دخيلاً” على مدينة دمشق وليس من سكانها الأصليين. وبعد خلاف لأسابيع، تطورت المشاكل بين الطرفين إلى تهديدات تخللها تدخل الداعمين لهم. وانتهت تلك الخلافات بين تجار الحرب ومعفشي الحديد، بمقتل محمد عفر، في ظروف غامضة في العاصمة دمشق.
وعلمت “المدن” أن ثلاثة أفراد من عائلة عفر، كانوا قد قضوا في الأسابيع الأخيرة، في دمشق، في ظروف مجهولة بعد نشوب الخلاف بين لجنتي البلاستيك والحديد. الأمر الذي يُرجح أن التصفيات الداخلية بين تجار الحرب، انتقلت من التهديد إلى قتل مقربين، وانتهت بتصفية عفر شخصياً.
المدن