صرخة بلا أصداء
مصطفى الاسير
من هم هؤلاء الثائرون في شوارع دمشق وحلب ودرعا ودير الزور والقامشلي وكل المدن والأرياف السورية؟
من هم هؤلاء الذين يتوجس منهم أمراء القوة في المجتمع الدولي في الإدارة الأميركية أو في القيادة الروسية خوفاً من مستقبل انتصارهم. من هم هؤلاء الذين يجبهون الطائرات والدبابات بإيمانهم بحق الإنسان في الحرية والكرامة والعيش الكريم؟ من هم هؤلاء الذين يشهدون على احتضار نظام «الفيتو» الذي يكبل المجتمع الدولي من ان يقدم على حراك من شأنه وضع حد لآلة التدمير الجماعي من اجل طغيان شخص واحد.
ومن هو هذا الجلاد الذي لم يعلم بان عصر الأنظمة الشمولية قد انتهى بسقوط الاتحاد السوفياتي منذ أكثر من عشرين سنة.
هل يعقل ان يبقى العالم برمته رهن إرادة كلتا الدولتين العظميين روسيا والولايات المتحدة في استعمالهما حق الفيتو ضد إرادة أكثرية دول وشعوب العالم. حيث يقف الفيتو الروسي في الدفاع عن المذبحة الجماعية في سوريا بينما يقف الصوت الأميركي مترددا من ان يؤدي تحركه إلى إحراجه عندما يستعمل ذات الحق بالفيتو لحماية الكيان الصهيوني؟
ان نصوص ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان قد أعطت الحق بصراحة لأي دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ان تتقدم بشكوى مباشرة إلى محكمة العدل الدولية ضد أي دولة من أعضاء الجمعية العامة إذا كانت هذه الدولة قد سبق لها وتقدمت بالتصريح المطلوب تقديمه لقبول عضويتها وقد تعهدت فيه بأنها ستتقيد بشرعة حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة ومنها احترام حماية الحريات العامة والخاصة لكل فرد أو جماعة من مكونات شعبها. (نص المادة 36 من النظام الأساسي للمحكمة الدولية).
ان استعمال حق الادعـاء هذا لدى المحــكمة الدولية غير خاضع لإذن من مجلس الأمن، إضافة إلى انه لا وجود لأي حق من الحقوق الدولية بدون حدود حــتى ولو لم يكن هناك نص صريح بهذا الخصوص فإن المبادئ العامة للقانون الدولي تجعل الأمر محتما بفقدان أي دولة شرعية وجودها في المجتمع الدولي عندما تأتي أعمالا وحشية.
والحق ذاته يمكن استعماله باتجاه دولة من الدول العظمى عندما تستعمل حق «الفيتو» لحماية نظام يفقد شرعيته لهذا السبب فيكون استعمال حق «الفيتو» من قبل هذه الدولة مشوباً بالتعسف.
قد يقال تعقيباً على كلامي هذا بأن الأمر قد أمسى بحاجة لإعادة النظر في حدود استعمال حق «الفيتو» للدول الكبرى ووضع حدود معينة لاستعمال مثل هذا الحق.
انه فعلاً واقع ستكون من نتائجه في حال انتصار الشعب السوري بداية جديدة لميثاق دولي جديد تتساوى فيه حقوق جميع دول العالم ومسؤولياتها على حد سواء.
ان مشهد المذبحة التي يقترفها النظام السوري بحق شعبه بصرف النظر عمن يؤيد هذا النظام او يخاصمه ليس من عاقل إلا ويرفع صوته ضد هذا الحاكم الذي اختار ان يدمر بلده وشعبه في مقابل ان يبقى هو في سدة الحكم.
وهنا يستفزني سؤال محير: ترى أين هي الشعوب العربية، بل أقول أين هي شعوب العالم، ولم لا تبدي حراكاً على المستوى الشعبي؟ ألم يبق لهذه الشعوب ذاكرة توقظها عندما كانت تنزل إلى الشوارع بالملايين إذا ما الضيم مس شعباً من شعوب الدنيا. ما الذي أصاب هؤلاء الناس. ما الذي أصابنا؟
محام بالاستئناف ـ لبنان