صفحات العالم

عالم يتفرّج على سيرك القتل!


راجح الخوري

هل هناك في هذا العالم غير الترهات للتعليق على ما يجري في سوريا من مآسٍ، وهل يجد الذين يبشرون بالحرية وحقوق الانسان غير دموع التماسيح يذرفونها لوقف القتل وحمامات الدم؟

عملياً، تبدو سوريا بعد سنة على بداية الأزمة، مثل سيرك دموي من التاريخ الروماني القديم، فالأسود في الساحة تمزق المحاربين والجموع على المدرجات تغرق إما في صخب الاحتجاج وإما في آهات الاستمتاع.

 عندما يقول باراك اوباما: “ان ما يحدث في سوريا مؤلم وشائن” فإنه يدفع الكثيرين الى الرد: لا ان ما يحدث في اميركا والعالم حيال الدم السوري هو المؤلم والشائن. اما عندما يقول “من الخطأ القيام بعمل عسكري او الاعتقاد بأن هناك حلاً بسيطاً وان الأسد سيسقط في النهاية، والسؤال ليس هل يرحل بل متى يرحل”، فإنه يكرر اللغة الخشبية التي يسمعها العالم منه منذ اشهر!

غداً يدخل كوفي انان المسرح مبعوثاً مشتركاً من الجامعة العربية والأمم المتحدة لكنه لن يتمكن من ان يفعل شيئاً، لأن الدم لم يعد يسمح بالحديث، مجرد الحديث عن حل سلمي، فلا النظام الذي لن يتراجع عن الحسم العسكري، كما قال الاسد، مستعد للحوار مع من يعتبرهم ارهابيين، ولا المعارضون الذين دفعوا كل هذا الدم على استعداد لذلك.

انان كتب بيان فشله بيده قبل ان يصل الى سوريا، عندما اعلن انه يسعى لوقف النار وإدخال المساعدات الانسانية وايجاد حل سلمي يحترم تطلعات السوريين ويؤمن الاستقرار في البلاد. ومن المؤكد ان الأسد سيسأله:

وقف النار مع من يا مستر انان، مع المؤامرة والارهابيين وتريدني ايضاً ان احترم تطلعاتهم؟

يعرف انان والذين اوفدوه انه لا يملك أي فرصة وسط المأساة التي تقرع ابواب الحرب الاهلية، لكنهم ارسلوه لا لوقف الدم بل لحفظ ماء الوجوه والسياسات المتكلسة.

في انقرة، استأنف طيب رجب اردوغان الصراخ ودان التردد الدولي: “يجب فتح ممرات انسانية فورية”، في وقت بالكاد فتح النظام ممراً لدخول السيدة فاليري آموس مسؤولة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة. اما حديثه عن العقاب الذي لن يفلت منه الأسد، فهو ايضاً من الترهات التركية. فليس سراً ان السوريين وغيرهم يسألون: اين عنتريات تركيا وعبدالله غول؟ وإذا كان اردوغان اصيب بالمرض وبسلامة قلب الجميع، فهل نامت تركيا طريحة الفراش؟

قمة الفظاظة ان تشكو موسكو من غياب الارادة السياسية عند الغرب بشأن التوصل الى حل في سوريا، ولكن يبدو ان للدبب الروسية دموع التماسيح،

وما لا يصدّق ان سيرغي لافروف سيحاول بعد غد اقناع الدول العربية بوجاهة “الفيتو” الذي يحمي مسيرة القتل الذي سيستمر طويلاً!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى