صفحات المستقبل

عشر قصاصات استبداديّة

 


كان الشارع مبلولاً و موحلاً, و الدم و الموت يسيلان بخطوط متعرّجة تحت قصف المطر العنيف. صوت خطواتٍ راكضة ثقيلة هنا و هناك, صرخات, شتائم, “سيّارة, سيّارة!!”

رفع رأسه بعد أن خرج من الوكالة, و غمغم بصوتٍ يكاد ﻻ يُسمع:”اللعنة, نسيت المظلّة”.

قدّر البرنامج العالمي للتنمية المستدامة عدد السكان بـ خمسين ألف تمثال, أربع و عشرين ألف ﻻفتة “أوفست”, خمسة آﻻف ﻻفتة “بخط اليد”, تسعون ألف جداريّة, عشرة آلاف سيارة بيجو 505 ستيشن و مثلها أوبل أوميغا.

الأعلام و الرّايات ليست وفيّة للحياة. يمكنها أن ترفرف بذات الغنج المحموم في المقابر و المعتقلات.

قال الموت:” جيل و العياذ بالله, لم يعد لديه جنس اﻻحترام”.

“تريد حرّية أيها الكلب, أليس كذلك؟ خذ حرّية يا ابن الـ…”, و ركله بأثمن و أذكى ما لديه.. بجزمته.

طبائع اﻻستبداد و مصارع اﻻستعباد- عبد الرّحمن الكواكبي

لم يرتدي مقتحمو الباستيل ليلتها الموكاسان و قمصان الـ رالف لورين..

لم يكن فولتير مستنسخاً بالآلاف يومها..

لم تنصب المقاصل لقصّ أشواك الورود..

لم يكن في باريس روبسبيير يومها ما يشبه الـ “كافيه باريسيان” الذي تجلسون فيه للتغني بعظمة الثورة التي غيّرت وجه التاريخ و التندّر بغباء ماري أنطوانيت و الاتفاق على أنه ﻻ يوجد لدى الشعب (الرعاعي الغوغائي) وعي كافي لكي ينال حرّيته.

فعلاً هناك مؤامرة “كونيّة”: كائناً من يكون من يتجرأ على فتح فمه فهو متآمر.

هل رأيتم يوماً طفلاً يتعلم قيادة الدرّاجة.. دون درّاجة؟

مصيبةٌ في من حاول إقناعنا, لكن المصيبة الأكبر في من اقتنع فعلاً أنه من الممكن لنفسيّة أمّة أن توهن بسبب أقوال أحدهم أو كتابات إحداهن, في حين ﻻ تهتزّ كرامتها و عظمة قادتها شبه الإلهية قيد شعرة رغم سيل الهزائم العسكرية و السياسية و اﻻقتصادية و الفكرية و السيكولوجيّة..

http://www.syriangavroche.com/

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى