صفحات الحوار

علي فرزات: الحرية أقوى من أي سلاح


تقرير عبير صراص – إذاعة هولندا العالمية /  ” لا وقت للتأمل بعد الآن” يقول رسام الكاريكاتير السوري المعروف علي فرزات الذي فاز يوم أمس بجائزة ساخروف التي يمنحها البرلمان الأوربي سنويا لرواد حرية الفكر.

رئيس أو كرسي

حتى ابريل نسيان من هذا العام كان فرزات يصُور النظام ومسئولي الأمن  بكرسي يرمز للسلطة. لكنه ومنذ ربيع هذا العام بدأ برسم صور الرئيس في أعماله الكاريكاتيرية، فما هو سبب التحول؟ يقول فرزات الذي عمل سابقا في عدد من الصحف الحكومية: “الوقت اختلف عن ذي قبل وأصبحت هناك ضرورة للمصارحة والوضوح… لا وقت للتأمل بعد الآن ولا بد من الإشارة إلى الأشخاص بعينهم”.

يتابع فرزات أن الخوف كان مسيطرا على الجميع بما فيهم الفنان نفسه. “لكني قررت منذ عام تقريبا كسر حاجز الخوف وتجرأت على أن أصبح أول شخص يرسم الرئيس والوزراء ورجال الأمن منذ عام 1963”.

ضرب

الجرأة التي يتحدث عنها فرزات كادت أن تقضي عليه بعد أن هاجمه عدد من المسلحين فجر الخامس والعشرين من أغسطس الماضي. وبعد أن وصلته عدد من التهديدات بالتوقف عن رسم المسئولين،  اعترضت طريقه ذات يوم سيارة يستقلها عدد من المسلحين الذين اختطفوه وضربوه ضربا مبرحا مستهدفين وجهه ويداه على الأخص. ومن ثم رموه من السيارة وهي تسير وتركوه على قارعة الطريق المؤدي للمطار على بعد 50 كيلومتر من دمشق.

“لم تتوقف أي سيارة لنجدتي. ورميت بنفسي في سيارة بيك أب تقل عددا من العمال توقفت بسبب إطارها المثقوب”.

معرفة شخصية بالرئيس

يعتبر فرزات من أبرز رسامي الكاريكاتير في سوريا وعمل لصالح عدد من الصحف الحكومية منها صحفية الثورة وصحيفة تشرين. ويربط فنان الكاريكاتير السوري فرزات تاريخ طويل مع النظام السوري وكان يلتقي برؤساء النظام بما فيهم بشار الأسد بشكل منتظم قبل أن تنقلب الآية عليه كما يسرد في حوار مع إذاعتنا: “في بداية تسلمه للحكم أطلق بشار الأسد شعارات التطوير والتحديث وحرية التعبير وما إلى ذلك من شعارات”.

التقى فرزات بالرئيس بشار الأسد لأول مرة عام 1996 في إطار لقاءه مع مجموعة من الأدباء والكتاب والمثقفين السوريين. “في البداية كان هنالك فرصة ومجال للنقاش واقتراح الحلول للمشاكل التي كنا نواجهها”.

في العام 2000 أطلق فرزات صحيفة الدومري السورية التي اعتبرت أول صحيفة مستقلة في ظل حزب البعث الحاكم منذ عام 1963. لكن الصحيفة أغلقت بعد عامين فقط  بسبب الانتقادات اللاذعة التي نشرتها كما يقول: “بعد ثلاثة أشهر من انطلاقها وبعد أن وجدوا أن الصحيفة تتكلم بجرأة متناهية، أجبرت على الرقابة أولا، ومن ثم سُحبت مني حقوق توزيع الصحيفة.. إلى أن أغلقت بعد عامين”.

يسرد فرزات ببعض السخرية: “أحيانا كنا نضطر لنشر صفحات بيضاء بدلا عن المواد التي إزالتها الرقابة. الصحف البيضاء كانت تباع بسرعة تفوق كل الصحف المطبوعة”.

 يتابع فرزات: “عندما تسلم بشار الأسد الرئاسة بدأت المشاكل تنصب علي، وشنت مافيات المصالح الاقتصادية في سوريا الحرب على فرزات وصحيفة الدومري. لكن بشار الذي كنت ألتقي به وكان يشجعنا على التصدي للمافيا اختفى ولم أجده حولي”.

عائد إلى سوريا

إلى أين تتجه سوريا الآن؟ يقول فرزات: “الحلول الأمنية التي اتخذها النظام فشلت لأن الشارع السوري تخطى مرحلة الخوف ويواجه القتل بصدر عار. الإنسان الذي يطلب الحرية أقوى من أي سلاح”.

 فاز علي فرزات (مواليد 1951) بعدد من الجوائز الدولية والعربية، منها جائزة الأمير كلاوس الهولندية لعام 2003، وجائزة ساخروف لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوربي مع خمسة من نشطاء الربيع العربي هم المحامية السورية رزان زيتوني, الليبي احمد الزبير احمد السنوسي، الناشطة المصرية اسماء محفوظ, والفائز التونسي الذي أشعل الثورة التونسية بعد أن أحرق نفسه في كانون الاول/ديسمبر الماضي.

يمضي فرزات الآن فترة للعلاج في الكويت ويخطط للعودة إلى سوريا. “سأعود لسوريا فور انتهاء العلاج. هذا قدري وليس لدي مهنة أخرى أمارسها. الفن موهبة من عند الله ورسالة يجب أن أوصلها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى