صفحات سورية

عن الفيدرالية الكردية في سوريا


لؤي الجاف

تشتّت الامبراطورية العثمانية في بدايات القرن الماضي، وبدأت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى تطرح التفاهمات وتوقع على وثائق تقسيم الشرق الاوسط بما تناسب مصالحها وتبقي على نفوذها في المنطقة. ومن سؤ حظ الشعب الكردي انه اصبح ضحية هذه التفاهمات والمشاريع التقسيمية السرية وقسمت اراضيه على أرض الواقع بين دول الجوار، حيث لحق بالدولة السورية الجزء الشمالي والشمال الشرقي من كردستان على امتداد الحدود مع العراق وعلى طول حدود سوريا مع تركيا، أي محافظات الحسكة (أو الجزيرة)، محافظة الرقة و محافظة حلب.

ان الحركة الكردية في سوريا ونضالها من أجل نيل حقوق الشعب الكردي في هذا الجزء من كردستان كانت وما زالت جزءا من حركة التحرر الكردية ونضالها، وهي اليوم تمثل تطلعات الشعب الكردي في سوريا وتناضل من أجل دولة تعددية ديمقراطية فيها تصان الحقوق الاساسية للمواطنة وتصان كرامة الانسان وتضمن حقوقه. وترى بعض اطراف الحركة الكردية في سوريا ان الادراة الذاتية في المناطق الكردية هي الحل الامثل للشعب الكردي ضمن اطار الدولة السورية، فمن غير الممكن القبول بأي نظام لا يتعامل مع الكرد بروح الشراكة وابناء لوطن واحد.

ان طرح فكرة نظام حكم تعددي فيدرالي في دولة سورية اتحادية في المستقبل القريب مشروع سياسي طموح ومقبول بشكل كبير على مستوى الجماهير الكردية وبامكان المعارضة بشقّيه العربي السوري والكردي السوري فهمه ومناقشته وهضمه ووضع الآليات العملية لتطبيقه، حيث ان من شأن هذا المشروع ان ينهي عصر التقلبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في سوريا ويفتح باب التفاهم والتعايش المشترك وبالتالي الازدهار والتطور بما يضمن حقوق الكل في سوريا الغد. لقد أثبتت الفيدرالية نجاحها كنظام سياسي في العديد من دول العالم، وخاصة الدول المتعددة القوميات والطوائف والمذاهب.

ان العالم المتحضر في عصرنا هذا والمتمثل بالشعوب الديمقراطية الناضجة في كيفية ادارة شؤونها والتي تصون حقوق جميع مواطنيها بدون تمييز في دساتيرها وقوانينها تعلمت من باب السياسة العملية بعد مئات السنين من العمل الدؤوب وتراكم التجارب على ان هضم حقوق الآخرين شئ غير مجدي وغير نافع والاحسن هو الحوار والتفاوض واعطاء الحقوق لاصحابها. والانسان المتحضر يعرف مدى حجم الفوائد المجنية في جميع المجالات عندما نختار نظام حكم تعددي فيه يؤخذ بنظر الاعتبار الرأي والرأي الآخر.

ان أمام السوريين خيارين سياسيين لمستقبل بلادهم، فاما خيار العسكرة والتناحر والتقاتل لنيل الحقوق بقوة السلاح واما خيار التعددية والفيدرالية الذي يأخذ فيه كل ذي حقه في دولة اتحادية تصان فيه حقوق جميع القوميات والطوائف والمذاهب.

 باريس

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى