صفحات العالم

عن مهمة “دي ميستورا” –مقالات مختارة-

 

 

 

دي ميستورا في مهمة إنقاذ الأسد/ حسين عبد الحسين

في مبادرات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في سوريا نمط: في كل مرة يشن نظام الرئيس السوري بشار الأسد والقوات الموالية له هجمات – وهذه غالبا ما يشوبها دموية هائلة، خصوصاً ضد المدنيين – تخفت الأصوات العالمية المطالبة بوقف القتال. أما في كل مرة تتقدم المعارضة ويتراجع الأسد، كما في حلب قبل شهور وفي إدلب الآن، تعلو الأصوات – وخصوصاً صوت الأمم المتحدة – للمطالبة بالتوصل الى وقف لإطلاق النار وتجميد المعارك.

والأمم المتحدة هذه تبدو حيادية في الشكل، ولكنها في الواقع تلتزم الرؤية الأميركية في “الحل السياسي”، وضرورة الحفاظ على نظام الأسد مخافة انهياره وسيطرة تنظيمات إسلامية متطرفة بدلا منه. فالمبعوث الدولي والعربي السابق إلى سوريا، الأخضر الابراهيمي، لم يكد يخرج من منصبه حتى أدلى بتصريحات خالفت كل مواقفه السابقة اثناء عمله موفداً للسلام، فحمّل الأسد مسؤولية الدمار الحاصل وتعذر التوصل الى حلّ.

والأسبوع الماضي، نقلت قناة “الجزيرة” عن المساعد السابق لمبعوث السلام الى سوريا، معين ربّاني، قوله ان المبعوث الحالي ستفان دي ميستورا ليس على مستوى المسؤولية، وانه ديبلوماسي تنقصه الخبرة.

وكما في الأمم المتحدة، كذلك في وزارة الخارجية الأميركية، لا يكاد يخرج المسؤولون في الملف السوري من مناصبهم، على غرار الديبلوماسيين المتقاعدين فرد هوف وروبرت فورد، حتى ينقلبوا على كل ما سبق أن أدلوا به عن ضرورة التوصل الى تسوية بين الأسد ومعارضيه، ويطلقوا عنان تصريحاتهم ضد الأسد وعنفه ودمويته، ويحملونه مسؤولية استمرار الاحداث الدامية في عموم سوريا.

أما الذي يقف وراء موقفي الولايات المتحدة والأمم المتحدة، المتحيزين للأسد، فهو الرئيس الأميركي نفسه، باراك أوباما، ونفر من المستشارين المقربين منه. ويحمل هؤلاء رغبة أوباما ببقاء نظام الأسد الى الديبلوماسيين في الخارجية الأميركية، الذين ينقلونها بدورهم الى الأمم المتحدة وكبار مسؤوليها.

الأسبوع الماضي، زار دي ميستورا العاصمة الأميركية والتقى نائب وزير الخارجية انتوني بلينكن، وهذا الأخير فاز بمنصبه حديثا بعدما سبق ان عمل نائبا لمستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وقبل ذلك عمل بلينكن مستشارا للأمن القومي لنائب الرئيس جو بايدن. وبلينكن هو واحد من الخمسة الأكثر قرباً من أوباما، وهو لولائه المستمر منذ ان ترشح الرئيس لولايته الأولى في العام 2007، تم تسليمه ملف العراق، اثناء عمله لدى بايدن، حيث تحول الى المسؤول الأميركي الأرفع عن الموضوع.

وسبق لبلينكن ان دافع علنا، وبشراسة، عن بقاء رئيس حكومة العراق نوري المالكي في منصبه، وبرر علاقته بطهران معللاً ذلك بالعلاقة التاريخية بين إيران والعراق، وهو كلام كرره الرئيس الأميركي لتبرير تدخل إيران في المعارك العراقية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” أثناء استقباله رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

حتى من دون زيارات دي ميستورا المتواصلة الى بلينكن، تنقل غالباً وزارة الخارجية الأميركية مواقفها حول سوريا عن طريق نائب مساعد وزير الخارجية السابق ومستشار الأمين العام للشؤون السياسية حاليا جيفري فيلتمان، الذي سبق ان زار طهران والتقى المرشد علي خامنئي لدعوة طهران الى مؤتمر جنيف قبل ان تنسف المعارضة السورية هذه الدعوة. ومن يتذكر فيلتمان سفيرا لأميركا في لبنان قد يتذكر السباب الذي كان يتعرض له، في حينه، من المجموعات اللبنانية الموالية لطهران.

مثل هوف وفورد والابراهيمي، قد تنقلب مواقف بلينكن ودي ميستورا وفيلتمان حول سوريا عند خروجهم من مناصبهم. لكن حتى يحصل ذلك، سيستمر مسؤولو أميركا والأمم المتحدة في السعي لحماية نظام الأسد من الانهيار، وفي استجداء العواصم الدولية المؤثرة عند السوريين لوقف إطلاق النار، وهي خطوة لم تعد تبدو انها لأهداف إنسانية بل صار يظهر وكأنها لأسباب سياسية بحتة.

المدن

 

 

ميستورا.. ادع «داعش» لجنيف/ عبد الرحمن الراشد

قبل أسبوع تحدى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الجميع حول مؤتمر دولي لسوريا وأصر على دعوة إيران: «الأمم المتحدة وأنا بنفسي نملك كامل الحق في دعوة الجميع، بما في ذلك إيران». لماذا يا سعادة المبعوث الدولي تدعو إيران وهي ترفض مقررات لقاءي جنيف السابقين؟ يبرر حرصه على إيران بحجة أن لها تأثيرا في سوريا! ونحن نقول له ما دام أن الدعوات توزع بناء على التأثير، ربما على الأمم المتحدة أن تدعو كذلك «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين، فهذان التنظيمان يملكان من التأثير على الأرض أكثر من إيران وحلفائها!

بعد كل هذه الأشهر من الانتظار منذ تعيينه في سبتمبر (أيلول) الماضي، قرر المبعوث الدولي أن يفرض إيران على السوريين في جنيف، إنما رياح الحرب على الأرض لا تسير كما يشتهي وإيران والأسد. فقد حقق الثوار هذه الأيام سلسلة انتصارات لم يُعرف مثلها منذ عامين تقريبا، حيث هُزمت قوات الأسد في إدلب، وجسر الشغور، ومعسكر معمل القرميد، وصار القتال على بعد أربعين كيلومترا من مدينة اللاذقية. وعكس الخوف في العاصمة دمشق سعر صرف الليرة الذي انحدر سريعا من 260 إلى فوق 300 ليرة للدولار الواحد.

طبعا، من حق دي ميستورا أن يدعو للعشاء في جنيف من يشاء، كما يقول، لكنه بأسلوب إدارته ولغته الفوقية قتل المؤتمر قبل أن يلتئم. ولن يستطيع أن يفرض حلا على أغلبية الشعب السوري فقط لأنه يعتقد أن إيران دولة مؤثرة في الحرب، فهي والنظام لا يمثلان أكثر من 15 في المائة من السكان. وحتى أبناء الطائفة العلوية، التي ينتمي لها الرئيس الأسد، أصبحوا يجاهرون برغبتهم في الخلاص من رموز النظام.

ليفعل المبعوث الدولي ما يشاء فلن يستطيع إيقاف القتال، ولا إنجاح المؤتمر، وسيفشل كما فشل الروس في مؤتمرهم «موسكو 2» الذي لم يلتحق به سوى ممثلين عن الحكومة السورية والمحسوبين عليها، وكان من هزال الملتقى أن نجمه اللامع هو مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري!

دي ميستورا أمضى معظم وقته عند الأسد، ولم يعر اهتماما للمعارضة، ثم قرر إقامة مؤتمر يتناسب وحاجات نظام دمشق. والسؤال ما الذي يمكن للمؤتمر المقترح أن يفعله إذا لم يكن هناك تطور في العرض، يمكن أن يكون مقبولا. لقد وصل المشاركون في المؤتمرين السابقين في جنيف إلى حل في المنتصف؛ تشكيل حكومة من المعارضة مع النظام دون قياداته. حل وسط يمثل السقف الأعلى من التنازلات. من دون القبول بهذا المبدأ، لمؤتمر جنيف ثلاثة، فلا معنى لانعقاده، ولا يملك المبعوث الدولي ما يهدد به المعارضة؛ فإيران موجودة بقضها وقضيضها، تحارب منذ عامين برجالها وبرجال من لبنان والعراق وأفغانستان ولم تنجح في تحقيق أي انتصار. أما المعارضة، رغم الحصار المفروض عليها، ورغم التضييق الجغرافي عليها في الأردن وتركيا ولبنان، فتقاتل النظام وتحاصره في مراكزه. ولم يبق للنظام شيء يمكن أن يخيف به السوريين، فقد هجر عشرة ملايين من بيوتهم، وقتل أكثر من ربع مليون إنسان.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى