عن هيئة التنسيق الوطني
برهان غليون
أعلنت مجموعة من أحزاب المعارضة السورية عن تشكيل هيئة تنسيق بينها أطلقت عليها اسم هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي. وجاء الإعلان عن ولادة هذه الهيئة بعد أشهر من النقاشات الرامية إلى توحيد صفوف المعارضة السورية. وقد كانت لي مساهمة شخصية في هذه النقاشات من أجل دفعها إلى الأمام وتسريع حركتها وتوسيع قاعدتها حتى تشمل أكثر إن لم يكن جميع أطياف المعارضة. وكان الهدف من ذلك ردف حركة الاحتجاج الشعبية بقوة الأحزاب السياسية، وتقديم مظلة وقاية سياسية ومعنوية لها. وبالرغم من تأخرها في الظهور، وعدم شمولها جميع قوى المعارضة، إلا أنها تشكل خطوة على طريق جمع الطاقات وتوحيدها من وراء الانتفاضة وضم قواها لقوى الثورة السورية الظافرة. وقد تكرم قادة أحزاب المعارضة وعينوني منسقا للهيئة في المهجر، وهي مهمة لم أتوقف منذ بداية الثورة عن القيام بها، قبل تشكيل الهيئة وسأقوم بها بعدها.
غني عن القول إن التزامي الأول والأكيد كان وسيظل لثورة الشعب والشباب السوري الذي أظهر بطولة فائقة في الدفاع عن حضوره وحقوقه ومبادئه، وأنه لن يكون لأي عمل أقوم به أهمية أو قيمة في المستقبل ما لم يخدم هذه الغاية ويساهم في تحقيق أهداف الشعب في التخلص من النظام الاستبدادي الفاسد وإقامة نظام ديمقراطي تنبع السلطة فيه من إرادة الشعب وتدير شؤونه حكومة كاملة الصلاحية منتخبة من قبل ممثلي الشعب وخاضعة له ومسؤوله أمامه.
وفي اعتقادي لا توجد هناك قوة أخرى يمكن المراهنة عليها من أجل فرض التغيير الديمقراطي وتخليص الشعب والبلاد من كابوس النظام الحالي ووقف العنف وعمليات التنكيل بالسوريين سوى القوة التي تمثلها تنسيقيات الشباب التي تشكل الطليعة الحقيقية للثورة السورية الراهنة، وأن المعارضات الحزبية وغير الحزبية هي مجرد قوى رديفة ومكملة، ليس لها أي وصاية سياسية أو معنوية، ولا يحق لها أن تفرض أي حل يتعارض مع ما يتفق ومطالب شباب هذه التنسيقيات التي قدمت ولا تزال تقدم أعظم التضحيات لتحرير البلاد من طاعون الاستبداد والفساد.
وأنا إذ أعبر عن تقديري الكبير لاختياري عضوا في هيئة التنسيق أرى أن دوري الأساسي يبقى إلى جانب شباب الثورة الذين أولوني ثقتهم، وسوف استمر من خلال الهيئة الوطنية لدعم الثورة الديمقراطية في العمل معهم، والتواصل مع جميع أطراف المعارضة الأخرى، ومختلف قوى الشعب السوري، لتعزيز الوحدة الوطنية التي تشكل السلاح الأمضى في إسقاط نظام الاستبداد والفساد والدرع الواقي للثورة، وقاعدة بناء سورية الجديدة ومؤسساتها الديمقراطية.
وحول ما تطرحه السلطة وبعض وسائل الاعلام عن احتمال الحوار الوطني، أود أن أؤكد أن السلطة ليست في وارد الحوار وليست مستعدة لتلبية شروط أي حوار ذي معنى، وأن أي حوار يحصل في المستقبل لا يمكن أن يشمل أشخاصا ومسؤولين ساهموا في قتل الأطفال والنساء والشباب العزل، أو أعطوا الأوامر بقتلهم، وأن إطلاقه لا معنى له ما لم يكن هدفه بوضوح تفكيك نظام القمع والقهر والاستبداد، واستبداله بنظام ديمقراطي يكون فيه القرار الأول للشعب وحده، وتكون فيه الحكومة ذات سلطة كاملة، خاضعة لنواب الشعب ومسؤولة أمامه. في هذه الحالة لاينبغي أن يعني الحوار تسوية مع النظام أو توسيع دائرة المشاركة في السلطة كما يريد أصحاب السلطة لانقاذ نظامهم، وإنما التفاهم على رزنامة الانتقال بالبلاد نحو الديمقراطية بوسائل سلمية، أملا في توفير المزيد من الضحايا البشرية والخسائر المادية، وبناء المؤسسات الجديدة وتوفير الشروط اللازمة لحسن اشتغالها.
لقد فقد قادة النظام الحاليين، من سياسيين ورؤساء أجهزة أمنية، شرعيتهم، عندما قبلوا باستخدامهم العنف الدموي تجاه المتظاهرين السلميين، ورفضوا أي أسلوب للتفاهم السياسي مع حركة الاحتجاج، واستخدموا جميع الوسائل لقهر الشعب، ولم يترددوا في تعريض البلاد لمخاطر الفوضى والفتنة والتدخلات الاجنبية. وأضاعوا بذلك أي صدقية لديهم لإطلاق حوار مثمر أو الاشراف عليه.