صفحات الحوار

فادي زيدان وعمر العبد الله يدليان بشهادتيهما

 

توسيع المجلس الوطني هو محاولة رشوة لمعارضي الإخوان

قدمت استقالتي وانسحبت من لجان المجلس لأنه كان مضحوكاً علي

مجزرة بابا عمر استهدفت من لم يشاركوا في الثورة ومن منطق طائفي

المعونات لم تصل إلى المجلس الوطني بسبب إصرار عضو فيه على إدخالها في حسابه الشخصي

برهان غليون بكى في حجرته بسبب تعرضه للسب والضرب من شبيحة المجلس الوطني

القادة الميدانيون لا يعترفون بالقيادة العسكرية في تركيا

العلويون تعرضوا لإفقار متعمد واستخدموا أدوات لتغيير التركيبة الديمغرافية بحمص

هناك لبنانيون يقودون ميليشيا الشبيحة السوريين

شبيح يسلم أختيه للأمن والاغتصاب بسبب مشاركتهما في الثورة

معن عاقل-خاص كلنا شركاء

هذان الناشطان التقيتهما في عمان، فادي زيدان وعمر العبد الله، شابان لا يعولان إلا على الثورة، وفقط الثورة، المعارضة السياسية بالنسبة لهما، التقليدية والمحدثة، هي عبارة عن كركوزات، مجرد مجموعة أدعياء اعتقدوا أن الثورة هي كثرة الضجيج في وسائل الاعلام، وأكثر من ذلك اتخذوا من الثورة منفاخاً لذواتهم التي سحقها استبداد عقود من الزمن، فأصبحت بالنسبة لهم مقترنة بحجم الهواء الذي يدخلهم ويزيد حجمهم، فالسياسيون التقليديون في الداخل الذين قضوا سنوات طويلة في الاضطهاد والسجون نسوا إداناتهم للشعب على استكانته ورضاه بالذل طوال عقود، وعندما قرر استعادة روحه، لم تصدق عقولهم الضيقة وروحهم الهشة أن تضحياتهم خلال عقود أصبحت زبداً أمام تضحياته خلال أشهر، واختاروا لعبة الغميضة أو لعبة تبادل الأدوار محاولين بكل الأساليب احتواء هذا المارد المنفلت من قمقمه، كما سبق لنظام الاستبداد أن حشرهم في زجاجة، واحترف معظمهم مهنة أدلجة الذل والخنوع، أما سياسيو الخارج فهم بجدارة أبناء الوهم، يعتقدون أنهم الثورة وأن الثورة هم، يماثلون بينها وبين أنفسهم، متوهمين أن عقود غربتهم في الخارج ألهمت روح الشعب وبثت فيها الثورة، وأضاعوا البوصلة بين هي وهم ووهمهم.

ذات مرة، قال لي ناشط في دوما أن المجلس الوطني يعتقد أنه سيأتي إلى البلد ليستلم سلطة، والله لن يحدث ذلك أبداً، نحن ندفع الدم والتضحيات وهم يأتون على الجاهز… ما حزروا

إذاً، لم يعد أحد يجادل في إفلاس أطياف المعارضة السياسية بحسب فادي وعمر، ولكن هل ستستطيع الثورة إفراز تعبيراتها السياسية؟ ولماذا هذا التجاهل للناشطين الشباب على الأرض؟ ألأنهم يستطيعون تقديم النموذج البديل المعبر عن روح الثورة، أم بسبب نزعتهم النقدية التي تبدأ من ذواتهم والله وحده يعلم أين يمكن أن تنتهي؟ تلك النزعة المرعبة التي تستطيع أن تقول عن نفسها وعن المعارضة وعن النظام ما لا ينبغي أن يقال أو ما يُعتقد أنه ينبغي السكوت عنه، تلك التي تستطيع أن ترى ما لا ينبغي رؤيته.

فادي وعمر نموذجان لذهنية الشباب، اختارا البقاء في العمل الميداني، رغم الخطر، اختارا الصدق على الزيف والادعاء، اختارا الثورة، وهذا الحوار معهما المسجل بالصوت والصورة دار بعفوية وحاولت جاهداً عدم التدخل إلا عند الضرورة القصوى.

إضراب دمشق المعجزة

-عمر العبدالله: ادخل إلى الانترنت وشاهد الشتائم على سارية الرفاعي, ما قاله هذا الأخير عن الاعتكاف أيام خميس وجمعة وسبت، رد عليه في اليوم التالي كريم راجح وجمال سيروان بأن قراءة القرآن لا تكون بالاعتكاف، ولا يوم الجمعة, وإنما في ساحة المعركة, وهو ما أثار الناس أكثر, لأن جمال سيروان لم يعد إلى سورية أصلاً إلا عام 2008، في حين أن سارية عقد صفقة منذ عام 1994، ولذلك حُسم الموضوع لصالح جمال سيروان.

-فادي: المشايخ مختلفون الآن فيما بينهم, وهناك حادثة موثقة بالفيديو في قلب غرفة التجارة وكيف طُرد عميد في المخابرات جاء ليفرض على التجار فك الإضراب, والإضراب حدث بتكتيك ودرجة تنظيم عالية في دمشق، وكنت شاهداً على ذلك, لم أكن أصدق أن هذا يمكن يحدث, ويوم رأيت الحريقة مضربة “انفلجت”، ولم أعد أعرف أين أنا, رأيت ذلك في حمص وحماة وإدلب, أما في دمشق, وفي البحصة والحريقة والشعلان فلا أتخيله. أذكر أنني اعتقلت في الشهر الثامن بالشعلان وخرج أصحاب المحلات وبصقوا علينا, وكان ضراب الأمن رحمة أمام من خرج من متجره وبصق في وجهي قائلاً لي: روح وسخ  بحيًك يا كلب.

المجلس الوطني وحالة الفصام االسياسي

-عمر: أصل المشكلة في المجلس الوطني هي المحاصصة بين الأحزاب، وللأسف فيه كتلة هلامية ضخمة, موجودة شكلاً ولا تقوم بأي فعل, يعني عدد أعضائه 320 ولا يقوم بأي فعل إلا المكتب التنفيذي والرئيس والناطق الإعلامي, وكل المشاكل ناجمة عن هذا الطاقم, والبقية مجرد تابعين.

جوهر خلافاتهم هو محاولة السيطرة على المجلس, هناك مستقلون كثر, لكنهم ضائعون ولا يستطيعون الضغط على أي طرف ولا تغيير أي قرار يتخذ.

-عمر: حدث خلاف بين أعضاء المجلس على دخولها في حساب شخصي لأحد الأعضاء أو في الحسابات الرسمية للمجلس، لكن الحسابات الأخيرة، حسب معرفتي، هي بأسماء أربعة أشخاص، لأن الدول لم تقبل فتح حساب باسم المجلس, ويجب أن تكون السحوبات موقعة من عدد من الأشخاص يفترض أنهم من كتل مختلفة لإبعاد صيغة التخوين.

ويفترض أن الشفافية موجودة, نظرياً, هناك مكتب مالي مسؤول عن التبرعات ومصروفات المجلس لكن لم تُبرز أي وثيقة للناس, ولا أحد من أعضاء المجلس يفتح هذا الموضوع, لأن النقاش كان ينصب دوماً على القضايا السياسية، ولم يسأل أحد عن الموضوع المالي, أما الناس في الداخل فقد لا يستطيعون المتابعة وليس لديهم الوقت, وأصلاً شعروا أن هذا المجلس كان مخزياً لهم, صحيح أنهم سموا جمعة باسمه واعتبروه ممثلاً للثورة وواجهتها السياسية, ولكن الناس خاب أملها به.

حادثة ضرب برهان غليون سمعتها من مصر وملخصها أن أحد اعضاء المكتب التنفيذي أرسل أربعة أشخاص وضربوه، وأن برهان يومها بكى في غرفته نتيجة الإهانة والشتيمة التي تعرض لها, قيل إنه لم يضرب، بل جرى التشبيح عليه, وفي إحدى الروايات, لوحق إلى حجرته وضرب فيها.

-فادي: فكرة إعادة الهيكلة للمجلس الوطني طُرحت لفرض برهان غليون وإعادة انتخابه رئيساً، طُرحت لإرضاء من يعارض برهان غليون بمقاعد زائدة, هذا عملياً ما حدث على الأرض, وأية  جهة كانت ستعارض, كانت ستجري رشوتها من مقاعد التوسعة, وبغض النظر عما صدر إعلامياً عن إضافة قوى غير ممثلة, الثوار الحقيقيون على الأرض لم يستطيعوا إفراز ممثلين حقيقين عنهم, فما هي القوى التي ستُمَثَّل من رفع عدد المقاعد من 320 إلى 400 مقعد؟ ستُرصد للقوى الرافضة لبرهان غليون وستكون رشوة, وبرهان غليون هو واجهة الإخوان المسلمين. أنا كُلِّفْت بالمكتب الإغاثي مع المجلس قبل عودتي إلى سورية، وعملت معهم نحو 20 – 22 يوماً، وقدمت استقالتي وانسحبت من اللجان والمجلس لأنه كان مضحوكاً علي مثل كل الناس, أنا كنت بالأردن عندما تشكل هذا الشيء, ويومها عيدنا وزغردنا على أساس ولادة جهة حقيقية ممثلة للثوار, ولما رجعت ورأيت ما يجري على الارض، وجدت أن انفصال السياسيين عن الثورة يشبه انفصال المثقفين عنها, ولم أستطع العمل معه, وعدت للانخراط في الثورة وانسحبت من اللجان والمجلس الوطني.

العمل المسلح والغطاء السياسي

-فادي: المشكلة الأهم أن العمل العسكري يحتاج إلى قيادة عسكرية, وهذه الأخيرة تحتاج لغطاء سياسي، ولا توجد قيادة عسكرية حقيقية تسيطر على المجموعات على الأرض، والسبب هو التمويل, فأي كتيبة أو مجموعة تتبع من يمولها ويمدها بالسلاح والذخيرة، وهي تنفذ أوامره على الأرض عملياً, وبما أن التمويل غير موحد, يستحيل على القوى العسكرية أن تتحد, وأيضاً كما تعاني الثورة السورية من ممثليها السياسيين في الخارج, يعاني منه كذلك العمل العسكري, لأن نصف العسكريين الموجودين على الأرض لا يعترفون بقيادة الجيش الحر, فهي بنظرهم مقيمة في تركية، وهم يقاتلون على الارض, وعدد العسكريين الموجودين في تركية من مختلف الرتب يبلغ نحو 15 ألف عسكري، يقيمون في مخيمات, صحيح هناك دورات يقيمها الضباط للعناصر داخل المخيمات, لكن يمكن عزل القيادة ووضعها في مكان آمن, أي 10- 15 ضابط, وليس 10– 15 ألف عسكري, وهناك أمر آخر, ثمة 90% ممن يقومون بأعمال عسكرية مدنيون, وهؤلاء ليست لديهم سمة الإنصياع العسكري ليؤمنوا بعقيد يقيم في تركيا.

-عمر: من يسيطر على الأرض هم القادة الميدانيون، وهؤلاء يرفضون أي تبعية للقيادة المقيمة في الخارج وتحديداً الضباط المنشقين, وعندما أعطيت مهلة للنظام لسحب دباباته من الحولة خرج مصطفى عبد الكريم من تركيا ونفى الخبر, فرد عليه قاسم سعد الدين وطلب من قادة الخارج عدم التحدث باسمهم, لأن القائد الميداني هو من يقرر فعلاً على الأرض, خصوصاً في حرب العصابات, كل مجموعة تقرر عملها حسب الحالة الموجودة فيها, وتكرر الأمر ذاته في دير الزور, عندما أصدرت مجموعة ألوية بياناً يطالبهم بعدم التحدث باسمهم, ومع ذلك, أرى أنه لا توجد تشققات وإنما عملية توحيد تجري على الأرض, وكانت هناك مجموعات صغيرة تؤلف كتائب متفاوتة العدد, ولاحقاً تشكلت ألوية تضم هذه الكتائب.

-فادي: في أول مرة ذهبت فيها إلى تلبيسة, كانت المجموعات غير تابعة لأحد وتمول نفسها ذاتياً, تجمع تبرعات وتشتري السلاح, وفي المرة الثانية, رأيتهم الفاروق, لأن الفاروق هو من صار يمولهم ويمدهم بالسلاح والذخيرة, والآن، هناك ثلاثة ألوية تسيطر على حمص، الفاروق ودعمه سلفي، وخالد بن الوليد المدعوم من الجيش الحر، ورجال الله المعتمد على تمويل مغتربين سوريين ورجال أعمال, وفي الشهر الثالث تقريباً، كان هناك تناحر فيما بين هذه الألوية, لكن الجيد أنه حدث تقسيم جغرافي بينها, وكانت تحدث اشتباكات للسيطرة على مناطق، لأنه لم يكن يوجد خطر حقيقي وكانت حمص شبه مستقلة. ومع بداية آذار، وبعد تركيز الضربات الأمنية على حمص, حدث تقاسم نفوذ وتنسيق، صار بموجبه لواء خالد بن الوليد يسيطر على الشمال الغربي، ورجال الله على شمال شرقي، والفاصل بينهما أوتستراد حمص حماة, أما لواء الفاروق فسيطر على المدينة, وعندما تعرضت الرستن للقصف, ذهبت مجموعات من الفاروق وساندت لواء خالد, وعندما تعرضت تلبيسة للضرب ساند لواء خالد لواء رجال الله, يعني بدأ العمل التنسيقي بعد الحملة على حمص, وانتقل العمل المسلح من حالة الشللية إلى حالة الشعور الجمعي, لأن سقوط أي جبهة سينقل المعركة لجبهة أخرى, وما أذهلني أكثر، هو ولادة أشكال تنظيمية أخرى مثل هيئة حماية المدنيين التي تساند الفاروق, مع أن الهيئة إخوان مسلمين وسلفيين، وبمساندتها حملت عنهم جبهات مثل القصور والدراسات والقرابيص، كما أُحْدِث مجلس محلي منتخب وقسم شرطة يمنع السرقة والتشبيح الثوري, لأن أي قوة ليس لها رادع ستصل إلى الاستبداد، وحدث مثل  هذا الشيء في حمص, إذ كنت شاهد عيان عندما ذهب بعض أهالي البياضة ونهبوا محلاً شيعياً في السوق يحتوي محركات وغطاسات وغيرها, وفي طريق عودتهم أوقفهم بعض أهالي الخالدية واستولوا على المسروقات وكادوا يتواجهون بالسلاح, نعم, للأسف وصلنا إلى هذه المرحلة, لأنه كانت هناك فتاوى من المشايخ آنذاك تبيح نهب أموال الطوائف الاخرى رداً على نهبها لهم, وتحولت حمص للأسف إلى كانتونات تسيطر عليها مجموعات, نصف الحواجز فيها للجيش ونصفها  للمجموعات الأخرى من أجل فرض مناطق نفوذ.

تنسيق العمل العسكري والمدني في حمص

-عمر: ما حدث في حمص, جعل المجموعات في دير الزور أيضاً تتحد تحت قيادة ضباط ميدانيين, ولكن المشكلة الأخطر، أنه في أحد الاجتماعات بحمص كان كلامهم واضحاً: من يمولنا يمثلنا, سواء كان المجلس الوطني أو هيئة التنسيق أو الشيطان الرجيم, وبعض الناس استغلوا هذا الأمر لجمع تبرعات من الخليج والتيار السلفي المنتشر فيه, وتحديداً السعودية, وهناك من اعتمد على رجال أعمال, وللأسف الكل كان يبحث عن أن يصبح ممثلاً للثورة والشعب السوري، ولم يفكر أحد أن الناس تُقْتَل فعلاً وتحتاج لمساعدة.

*ألم يحذر أحد من التمويل العشوائي؟

-عمر: طُرِحَ هذا الأمر, لكن الناس كانت تريد السلاح لأنها تموت, ولم تكن مهتمة بما تنشره الصحافة، ومن يتكلم وعما يتكلم, وللأسف, لم يكن الجيش السوري يقوم فقط بعمليات قصف, إنما عمليات ذبح واغتصاب وسرقة ..الخ, فمثلاً هناك فيديو عن دهس دبابة لمواطن, وفيديو آخر يسأل أحدهم فيه أين أنتم ذاهبون, فيرد الآخر لنحرق البيوت, وهؤلاء عناصر على دبابات, أي عساكر, وليسوا شبيحة, وعندما تُعَامِل الناس بهذه الطريقة, سيكون ردها أعطني سلاحاً، ولن يهمها ما تبقى.

*ما احتمالات الحرب الأهلية؟

-عمر: لا أرى احتمالاً للحرب الأهلية إلا مع الطائفة العلوية.

-فادي: في حمص بالذات الشيعة آذوا أكثر من العلويين, وتشعر أنهم يقتلون بغلٍ، وعن عقيدة، وكان هناك تساهل مع أسرى علويين, أما الشيعي فلا ينجو.

*لكن أهل باب عمرو رتبوا درجات الأذى على النحو التالي: شوايا, شيعة, علويون

-فادي: صحيح، لكن المقصود بالشوايا عناصر الجيش على الحواجز, وهم من بدؤوا, وهذا يعود لتركيبة الشاوي الذي يحب أن يكون مسؤولاً، أما عمليات الذبح والاغتصاب والنهب المنهج وقطع الماء والكهرباء والاتصالات، فقامت به المناطق الشمالية, وإذا أخذنا التركيبة الجغرافية لحمص, نجد أن مناطق الثورة هي حمص القديمة وشمالها الخالدية والبياضة ثم دير بعلبة, وهي مناطق محاصرة من جنوب وغرب بالعباسية وعكرمة والزهراء, أي بأحياء علوية, ومنفدها الوحيد هو الشمال, لكنه خطر، لأن على حدوده خمس قرى شيعية منها الحازمية والكاظمية وغيرها, وجميع عمليات الإجرام من أهالي القرى نفذها شيعة, وكل عمليات الذبح, الجيش لا يذبح وينهب على نطاق ضيق, ينهب ما خف وزنه وغلا ثمنه, لأنه لا توجد أوامر صريحة. لكن هناك غض طرف.

 مجازر طائفية

أنا كنت بدير بعلبة, دخل الجيش ونصب حواجز وثبت المنطقة, ثم دخل الشبيحة, وهم فئة مختلطة من أمن ومدنيين, وهؤلاء هم من نهبوا وحرقوا وكنسوا البيوت من أثاثها, وهم من كانوا يذبحون العائلات عندما يرونها, وفي دير بعلبة استشهد 480 شخصاً ذبحاً, وهؤلاء لم يكونوا للأسف مع الثورة, وما حدث أن هؤلاء عشيرة أو حمولة عضو مجلس شعب من دير بعلبة، ولما طلب عناصر الجيش الحر من الأهالي الانسحاب بعد اجتياح باب عمرو, انسحب أنصاره والمؤمنون به ونزحوا, وبقي الواثقون من أنفسهم أنهم ليسوا مع الثورة وأنهم لم يخرجوا بمظاهرة في حياتهم ولم يحملوا سلاحاً, قائلين إنهم سيبقون, ولن يؤذيهم أحد, هؤلاء ذُبٍحوا بأيدي الشبيحة على أساس طائفي ومُثٍّل بجثثهم على أساس طائفي, حدث هذا منتصف الشهر الرابع تقريباً عند اجتياح البياضة ودير بعلبة, وكنت شاهد عيان عليه.

مشكلة قمامة تتحول إلى قضية سياسية

-عمر: تجارياً، كان مفروضاً عليهم أن يتعاملوا مع بعضهم, لكن لم تكن توجد بينهم علاقات زواج وقرابات وعلاقات اجتماعية, وكانت بينهم مشاكل كثيرة قبل الثورة.

-فادي: مثلاً حدثت مشكلة في البياضة منذ نحو خمس سنوات, بدأت حول تنكة قمامة وانتهت باعتقال سياسي لعائلة بتهمة شتم الطائفة العلوية.

-عمر: المشكلة التي حدثت وقتها أن أحدهم نزل ليرمي تنكة قمامة, فحدثت مشادة بين أولاد عائلتين، واحدة فلسطينية والثانية علوية, وتطور الخلاف إلى شتائم طائفية, وحدث شجار بينهم على أساس طائفي, وأخذت أم خالد تصرخ من الشرفة “حيا على الجهاد بدنا نذبح العلوية”, إذاً الاحتقان كان موجوداً سلفاً, وأدى ذلك لاعتقال الأم وولديها, الأم بقيت في سجن دوما أربع سنوات، وخالد حُكم عليه خمس سنوات، وعلي لم يُحكم وقُتل في مجزرة سجن صيدنايا, وهذا يعطي مؤشراً على مدى الاحتقان، إضافة إلى أحداث مصياف والقدموس والسويداء والقامشلي, في المدن لا تشعر بهذا الاحتقان وإنما في الأرياف والمناطق الشعبية, أنا كنت أسكن في قطنا وهي بلدة سكانها الأصليين سنة ومسيحيين, مطوقة بثلاث مساكن عسكرية من ثلاث جهات, ولا يمر أسبوع دون وجود مشكلة بين السنة والعلوية، وهذا يشاهد بين برزة وعش الورود, وفي داريا والمعضمية مع السومرية ومساكن الضباط, وبين قدسيا ومساكن الحرس والعرين, ويلاحظ هذا أيضاً في تكتلات المدينة الجامعية, فطلبة الساحل يطبخون مع بعضهم ويأكلون مع بعضهم.

-فادي: السبب هو منح امتيازات على مدى 40 عاماً لمكون معين على حساب باقي المكونات الأخرى، ما أدى  لوجود حقد حقيقي, وصرت لا إراديا تحقد على صديقك من الطائفة الأخرى الذي ينجح بمسابقة تعيين الدولة وأنت لا تنجح مع أن معدلك أعلى منه وأنت أكفأ منه لهذه الوظيفة.

هكذا يمكن أن تجد ثلاثة أرباع موظفي بلدية علويين، مع أنها وظيفة زبالة، تذهب إلى منازلهم في عش الورور تراها زبالة، لا أرضى أن أسكنها، كنت أشعر بهذا ليس كسني، وإنما كشامي، مثلاً أدخل إلى مشفى، كلهم من طائفة معينة وبشكل معين ولهجة معينة، بنك الدم أيضاً وموظفو الجامعة، هي وظائف دنيا في المجتمع لكنها تخلق عندك ردة فعل لا واعية.

الطائفية الممنهجة

*لكن السلطة هجرتهم بإهمالها للساحل

-فادي: هذا صحيح، والساحل السوري امتداد للساحل التركي، وفي عام 2003 فوجئت أن ما يعود لتركيا من السياحة يبلغ نحو 17,5 مليار دولار أغلبها يأتي من الريفيرا، وهي منطقة فيها ذات جبالنا وشواطئنا، وذلك عندما عندما كانت ميزانية سوريا 8،6 مليار دولار وبمساحة جغرافية تعادل المساحة الموجودة لدينا، كان هناك مشروع ممنهج لإفقار الساحل، كما كان هناك مشروع لغرس حقد طائفي حقيقي في حمص، فعندما جاء إياد غزال وبدأ مشروع حلم حمص، كان عملياً يضرب البنية الاجتماعية لحارات حمص ومناطقها، كان تهجيراً لفقراء حمص إلى خارجها، وتبديلاً للأحياء القديمة بأحياء جديدة تقطنها أغلبية علوية من موظفي الدولة ومتطوعي الجيش والمخابرات، وحدثت عملية تشويه ديموغرافية كبيرة في حمص أدت لحقد كبير، وكانت هناك نكتة حمصية تقول أنه ممنوع على المحافظ النوم حتى لا يرى حلم حمص مرة أخرى.

-عمر: كانت دير الزور تعاني من مشكلة ابن ريف وابن مدينة، وكذلك مشكلة مع الأكراد، وعندما استلم جامع جامع المخابرات العسكرية في المنطقة الشرقية، كانت نسبة الموظفين العلويين قليلة جداً، ومحدودين بالجيش وشركات النفط، لكنني فوجئت بعد عند ذهابي للدير بعد خروجي من السجن ومراجعتي لدائرة النفوس، وهي دائرة سجل مدني يفترض بموظفيها أن يعرفوا أهل المدينة، فوجئت أنه لا يوجد فيها ولا موظف من دير الزور، معظمهم بنات وشباب من الساحل، فلماذا ينقلون هؤلاء الموظفين ويبقى أبناء المدينة عاطلين عن العمل، من جهة أخرى، زرع النظام خلال أربعين عاماً ألغاماً في المجتمع، ونزع مساميرها ووقف فوقها، ورسالته: إذا أزحتموني ستنفجر هذه الألغام، وما يجب علينا فعله حقيقةً هو تفجيرها، حتى لا تنفجر بنا مستقبلاً.

-فادي: سأحدثك عن تجربة قرية الشلال الصغيرة في حمص، وهي تبعد نحو 5 كم عن دير بعلبة، وفيها منشأة حكومية واحدة هي مركز الدراسات المائية لحوض العاصي وتضم نحو 300 موظف تقريباً، ما كان يزعج أهلها قبل الثورة أن تلك المنشأة تشكل منفد العمل الوحيد لهم غير الزراعة، لكن لا يوجد فيها أي موظف من تلك القرية، حتى الحارس، وجميع موظفيها من النزهة والزهراء والعباسية، وهي مناطق علوية تبعد عنهم نحو 20 كم، وهذا ما خلق ردة فعل جعلتهم مع بداية الثورة يهاجمون المنشأة وينهبونها، ليس لأنهم ضدها، إنما لأنهم ضد التراكم الذي صنعته، لأنه عندما يتقدم ابن القرية للعمل فيها وهو يحمل شهادة ثانوية أكثر من 15 مرة ويُوظف عوضاً عنه ابن مناطق بعيدة ولو كان يحمل شهادة إعدادية، فهذا له معنى.

التركيب الطائفي في حمص

-فادي: الآن نسبة العلويين في حمص 50% وهي نسبة مستحدثة، قال لي كبار السن في حمص أنه منذ ثلاثين عاماً، لم يكن هناك شيء اسمه الزهراء والنزهة، وحتى تعرف كيف تربى الحقد، روى لي شيخ كبير عمره 65 عاماً من الخالدية أن الدولة استملكت مناطق زراعية يملكها حماصنة، وصار يأتي أبناء قرى الساحل بعد خمس سنوات من الاستملاك ويتخصصون بأراضٍ ويُمنحون قروضاً لبناء عمارات ويأتون ببقية أقربائهم ليسكنوا فيها، بينما الحمصي الذي لم تُستملك أرضه وهي واقعة ضمن التنظيم كان يعاني الويلات للحصول على رخصة بناء لإيواء أولاده وليس ليأتي بمهاجرين إلى المدينة، وهذا خلق حقداً غير طبيعي، حقدٌ على أناس ربما لا يستحقون الحقد، جاؤوا بحلم تحسين ظروف حياتهم نتيجة الافقار المتعمد لبيئتهم الأصلية، لكن الحقد ترسخ في لا وعي الناس، وبالمناسبة كره السنة في حمص هو لعلوية الساحل وليس لعلوية حمص الذين هم من الضيع الغربية، وطبعاً لم يظهر هذا الحقد في الأشهر الستة الأولى، لأن من جاؤوا إلى اعتصام الساعة من الزهراء والنزهة في البداية كانوا أكثر ممن جاؤوا من الخالدية، ولذلك كانت هناك تعليمات للأمن والجيش، بحسب عناصر منشقة، أن عليهم التحدث بلهجة الساحل أي بالقاف، حتى لو كان العنصر شاوياً أو شامياً أو درعاوياً، وهو ما عزز ردة فعل الناس بأن كل من هو ضدهم علوي، وفي تلك الفترة لم يكن الحمصي يصدق أن هناك درعاوي يقف على الحاجز، وكان هذا ضد عقله، والمسألة الأخرى هي العصابات الصفراء التي كان يضعها الشبيحة على سواعدهم ومكتوب عليها “يا علي” أو تلك الخضراء التي كانوا يضعونها على رؤوسهم ومكتوب عليها “يا حسين”، في فترة لم تكن حمص قد تسلحت فيها بعد، كان هؤلاء يدخلون للترهيب ويفتحون النار في الحارات دون سبب.

*هل تعتقدون أن هناك خطة ممنهجة للانكماش في دولة علوية، وأن لحمص أهمية في هذا المشروع؟

-فادي: نحن تعرضنا للقصف في حمص وإدلب، قذائف الهاون في إدلب كانت من النوع الفراغي، يعني تدمر بناءً من ثلاثة طوابق وتجعله على الأرض، يعني الهدف تخريب وقتل، أما قذائف الهاون على حمص فكانت من النوع المتشظي، تترك علامات على الاسفلت لكنها لا تسبب حفرة، كان الهدف هو القتل دون التخريب، وكثير من السكان قالوا إن ذلك مقصود وممنهج لإفراغ حمص من سكانها دون تخريب، لأن النظام بحاجة إليها في حالة انكماشه.

*لكن حجم الدمار كان كبيراً في باباعمر؟

-فادي: كان ذلك نتيجة كثافة القصف ونتيجة المقاومة، ولأن بابا عمرو منطقة عشوائيات ومخالفات، واتضح ذلك من زيارة بشار لها وقوله إنه سيعيد لها أهم ما فيها، وهي كانت جزءً من مشروع حلم حمص، أي أن تهدم وتحل محلها منطقة تنظيم، وبالمناسبة هناك عائلات عادت إلى الحي، والمنازل الصالحة للسكن شغلتها عائلات علوية جاءت من الزهراء والنزهة وعشيرة وكرم اللوز، وهناك أصدقاء لي يتصلون ببيوتهم، فترد عليهم عائلات أخرى، وتطلب منهم عدم الاتصال ثانية ويغلقون الهواتف، يعني عندما يسرقون منازلهم ويضعون فيها أشياء يعادونها في لا وعيهم، هذا يؤدي إلى إدخالهم في معادلة بقاء، إما قاتل أو مقتول، تجاه هذه الطائفة التي جاء عدد محدود من أفرادها واستولى على منازلهم.

*ما هو مستوى التطرف الديني في الشارع وفي الثورة المسلحة؟

 -فادي: التطرف شكلي فقط، هناك بعض الاسلاميين المتطرفين ولا نريد إنكار ذلك، لكن الشباب هم العنصر المهم في الثورة المسلحة دون النظر إلى من يصرح باسمهم في الخارج، وهؤلاء تطرفهم شكلي، عشت معهم خمسة أشهر وتكتشف أنهم كانوا مثلك في الثورة، وقد يكون بعضهم من رواد الكازينوهات ويشرب ويسكر، لكن البديل الذي بقي لهم هو أنهم يريدون الموت ليدخلوا إلى الجنة.

الآن لم يعد الأمر على هذا النحو، والكثير من الثوار لا يعرفون لماذا خرجوا في الثورة وأصبحت القضية قضية ثأر، وكثير من المقاتلين يقولون نحن نريد إزاحة بشار الأسد بغض النظر عن البديل والطريقة وأياً يكن القادم، نحن نريد إزاحته وبعدها سنرتاح.

-عمر: تواطؤ العالم كله مع النظام السوري أشعر الشارع بالخذلان، إضافة لشعوره بوجود جهات ثانية تدعم النظام طائفياً متمثلة بإيران وحكومة المالكي وحزب الله، وعندما يعتقل أهالي حمص إيرانياً أو لبنانياً ويحاولون إظهاره على شاشة التلفزيون يهدفون لتسليط الضوء على الأزمة الطائفية القائمة، لكنني أرى أن الموضوع مضخم نسبياً.

-فادي: المجموعات المسلحة في حمص لديها عادة جهاز لاسلكي، واحد فيما بينها والأخر للدخول الى شبكة الأمن ومعرفة تحركاتهم، وأنا سمعت في البياضة كلاماً على أجهزتهم وشبكتهم بلهجة لبنانية، وكان من يعطي الأوامر للميليشيات السورية التابعة للنظام شخص لبناني.

-عمر: في دوما كان هناك قناص تشيكي.

 -فادي: وفي دير بعلبه كان هناك قناص بلغاري

شبيح يسلم أخته للأمن كي يغتصبها

*ثمة علويون في حمص يخشون المرور في المناطق المنتفضة ويقولون إنهم قد يخطفون او يتعرضون للاغتصاب؟

-عمر: لا يخلو الأمر

-فادي: منذ ثلاثة أشهر وما قبل لم يكن هذا يحدث، كان يمكن أن يختطف للتبادل بسبب وجود مختطفين سُنّة في حارات علوية، وأنا زرت سجناً للجيش الحر، لم أجد حرساً عليه، دخلت وشاهدتهم يلعبون الورق مع أربع من عمال بلدية علويين كانوا خطفوهم من قلب البلدية، صورت، طبعاً دخلت على أساس أنني من الأمم المتحدة وكانت بصحبتي صبية أجنبية، طلبتُ من عناصر الجيش الحر الخروج وأغلقت الباب وسألتهم أن يقولوا الحقيقة لأنني جئت لمساعدتهم وإخراجهم، قالوا إنهم غير متضايقين وكان بينهم عجوز يأتونه بدوائه، ويتحدثون إلى أهلهم مرتين أو ثلاث مرات باليوم، وعندما استشهد شاب شركسي اسمه وائل من البياضة في عملية الأمن الجنائي وسحبوا جثته إلى السجن، صار العجوز يبكي ويضرب نفسه، لأن وائلاً كان يحسن معاملته، وبكاه كما يبكي عزيزاً عليه مع أنه مختطف عندهم، وفي الغرفة ذاتها كان هناك شاب مقيد ومعصوب العينين وآثار التعذيب عليه، سألت عنه فتبين أنه سني وابن الحارة، لكنه عوايني، وبقي هذا الوضع حتى ما قبل اجتياح بابا عمر والتمثيل بسكانها، بعدها، صار بكل أسف من يُقبض عليه يذبح، وصاروا يقولون لم نعد نريد المبادلة، وأنا صورت مع نساء مختطفات إحداهن محامية والأخرى كبيرة في السن، كنّ معززات ومكرمات بغض النظر عن حجز الحرية، لم يكن ينقصهما شيء، وفي عز أزمة المتة، كان في غرفة المرأة غاز ومتة، وللأمانة كان السجناء يأكلون وما يزيد عنهم يأكله الحراس، وعندما حدث تبديل المرأة والمحامية بأربع بنات، تبين أن أقل واحدة منهن تعرضت لـ 10 ـ 12عملية اغتصاب، لذلك حدثت لديهم ردة فعل ولم يعودوا يريدون التبديل بسبب عامل الشرف، فالبنت التي تغتصب لا يريدونها، لأنهم لا يستطيعون التعامل معها، وصارت عاراً عليهم، لذلك يتركونها وأي شخص يقع بأيديهم يذبحونه انتقاماً لشرفهم، ومنذ ثلاثة أشهر، صار أي علوي أو شيعي يلقى القبض عليه يذبح، ليس بالضرورة الجميع، لكن أي واحد يُمسك خطفاً، وهذا يحدث في مناطق يسيطر عليها النظام وبعد مراقبة، وفي الوقت ذاته، وخلال سفري إلى حمص، كان برفقتي شاب شيعي يدعى علي الزين، وفتاتان علويتان وشاب من علوية القنيطرة، وفي أحد المرات دخلنا إلى مجموعة شراكس تعمل في حمص، وعندما عرفتهم وقلت فلانة من رام العنز، وهي قرية شبيحة علوية أرت حمص الويل، سحب مسدسه وأطلق طلقتين في الهواء ترحيباً بالفتاة، عندما تقول لهؤلاء الناس أنه يوجد علوية معهم بالثورة يُصدم، وهناك تقرير بثته الأورينت عن أختين علويتين تركتا أهلهما، واحدة اسمها رهام عتاب اشتغلت مع تنسيقية  الخالدية والثانية تعلمت التمريض في مشفى ميداني، ظلت رهام في الخالدية سبعة أشهر متخفية وترتدي حجاباً حتى لا يعرفها الناس، وهي مع الثورة قلباً وقالباً ولا تريد أن يعرف أحد أنها علوية، نحن للأسف أيضاً مقصرون.

لدى الفتاتين أخ شبيح، علم بالأمر، فأبلغ الأمن العسكري عن أخته، اعتقلها وبقيت 15 يوماً في مفرزة الأمن العسكري، اغْتُصبَت خلالها مرات عديدة ونُكل بها وعُذبت لأنها في نظر طائفتها خائنة، ومنذ شهرين حُولت إلى السجن المركزي بحمص وتُحاكم أمام قاضي الفرد العسكري بتهمة تسريب معلومات عن مواقع الجيش للعصابات المسلحة، والكذبة التي انتشرت في الزهراء قبل تحويلها للسجن هي أن الأمير السلفي بالخالدية خطفها لأنه يريد جواري جديدة.

-عمر: استطاع النظام بسياساته تاريخياً أن يخلق هذا الحقد الطائفي، ونجح خلال الثورة بسبب دمويته أن يجعل الأمر يذهب في منحى طائفي بحمص، أعرف عائلة هنا في عمان شهدت مجزرة كرم الزيتون، الفتاة الصغيرة تتحدث عنها كأنها تتحدث عن أفلام كرتون، والأخصائيون النفسيون قالوا إن ذلك بسبب أثر الصدمة، الأخت الأكبر كان أثر الصدمة عليها أوضح لأنها لا تتحدث إلى أحد، حتى عندما يدخل أبوها غرفتها تخاف، ابنة عمهم اختطفت، واختطفها سائق حافلة سني يعمل مع الشبيحة، كانوا أربعين فتاة عائدات من الدوام وأخذهم إلى النزهة، سلمهن للشبيحة وعاد للخلدية ليدعي أنهن اختطفن، ما حدث هو أن زوج عمتها علوي، فلم يغتصبوها ولم يذبحوها لأنهم يعرفونه، لكنهم جعلوها تتفرج على اغتصاب باقي الفتيات وذبحهن، وعندما تعود وتروي لأهل حيّها أن شباب الحي المجاور اغتصبوا بناتكم وقتلوهن، من الطبيعي أن يصبح الأمر طائفياً، وعندما سألنا الطفلة الصغيرة عمن دخل وذبح، قالت إنهم أشخاص يرتدون الأسود ولهم لحى طويلة وعلى رؤوسهم عصابات ويحملون سيوفاً وبلطات، ونفس الشيء حدث في الحولة، للأسف النظام يقوم بهذا القتل الطائفي، والشيعة هم من يقومون بالقتل بهذه الوحشية.

كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى