صفحات الناس

فقر وغلاء.. هكذا يدفع السوريون ثمن حريتهم/ عدنان عبد الرازق

 

إسطنبول

يواجه السوريون، منذ أعلنوا ثورتهم على الظلم والاستبداد في مارس/آذار 2011، شتى أساليب القصاص والعقاب الجماعي، أوصل نسبة الفقراء لأكثر من 52% من المواطنين ومن هم تحت خط الفقر المدقع تخطوا الـ 20% بحسب بحث قام به أخيراً المركز السوري للبحوث والدراسات.

معادلة “التجويع حتى التركيع” التي اعتمدها النظام السوري، سهلة الفهم وإن استحال حلها، فالدخول المتدنية، التي تصل الى نحو مئتي دولار للموظفين الحكوميين، أكلها التضخم، وعدم توفر السلع إثر توقف عجلة الإنتاج، مشفوعاً بحصار اقتصادي، جعل الصمود على قيد الحياة، نتيجة الفقر والجوع، لا يقل عنه أمام قصف الطائرات للمناطق التي خرجت على حكم بشار الأسد.

وأصبح ثمن حرية القرى والمناطق مضاعفاً، فنظام يسعى إلى بسط سيطرته عبر أفواه الجياع وبراميل الموت، جعل من حصول السوريين على لقمة عيشهم، مهمة أقرب إلى المستحيلة.

قوانين السوق الظالمة

يقول خالد الأسعد من ريف ادلب المحرر “تضاعفت الأسعار أكثر من 1000% بما فيها المنتجات المحلية، فسعر كيلو البندورة كان لا يتجاوز 10 ليرات سورية قبل الثورة، نشتريه ب120 ليرة اليوم، وسعر كيلو البطاطا التي كانت تصدرها ادلب لباقي المحافظات، لا يقل الآن عن 105 ليرات، وكذلك الباذنجان بنحو 140 ليرة”.

ويتابع الأسعد لـ”العربي الجديد” أنه “بات للسوق قوانينها المتعلقة بالجشع والاستغلال، وليس بالعرض والطلب فقط، ففي واقع انعدام فرص العمل في مناطق الثورة، وفصل النظام للموظفين الحكوميين، باتت التجارة عملاً شائعاً، ونشط التهريب وخاصة من المناطق التابعة لسيطرة النظام، أو من تركيا القريبة”.

ولكن، يتابع الأسعد، “بدل أن ينعكس ذلك خفضاً للأسعار، ها هي ترتفع بشكل مستمر، ولا بديل للمستهلكين، عن تلك الدكاكين التي انتشرت على الطرقات. كما ظهرت أنماط استهلاكية لم تكن متداولة من ذي قبل، وهي الشراء على حسب الوجبة الواحدة، فمن كان يتسوّق حاجة أسرته لأيام، الآن يشتري مستلزمات الغداء أو العشاء فقط”… وختم الأسد باستهزاء: “الحرمان من الطعام ضروري، لكي لا يُهدر إن متنا بصاروخ أو برميل طائش”.

المفتش المالي ابراهيم يفنّد الأسباب من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فقلة العرض السلعي وزيادة الطلب في بعض المناطق، أدّتا إلى ارتفاع الأسعار.

قال المفتش لـ”العربي الجديد”: أثرت موجة الجفاف التي ضربت المنطقة على كمية الإنتاج. وتزيد اكلاف الانتاج في المشروعات الزراعية التي تعتمد الري، نتيجة غلاء المازوت ومستلزمات الإنتاج، من بذار وأسمدة، ما انعكس على السعر النهائي الذي يدفعه المستهلك.

وعن السلع المستوردة والمهربة يقول: “سعرها طبيعي لأنها تمر عبر العديد من الحلقات، من تجار ومهربين حتى تصل للمستهلك”، ولفت المفتش إلى تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار والليرة التركية “170 ليرة لكل دولار و80 ليرة سورية لكل ليرة تركية”.

إن جازت المقارنة

إلا أن تضخم الأسعار ليس شاملاً، فقد قامت “العربي الجديد” بمحاولة لمقارنة تفاوت أسعار المشتقات النفطية من مازوت وبنزين، بين مدينة سورية وأخرى بشكل عام، وتحديداً بين المناطق الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد مع المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وقال عبد الغفار من مدينة حلب، القسم الخاضع لسيطرة النظام قرب الـ”ميريديان”: “يتراوح سعر ليتر المازوت بين 67 و80 ليرة، لكن المادة توفرت الآن بعد قلة الطلب الذي انتهى بانتهاء فصل البرد والمطر”.

وأضاف عبد الغفار لـ”العربي الجديد”: “يرتفع سعر البنزين أحياناً عن السعر الرسمي المحدد، 120 ليرة لليتر الواحد، نتيجة انتشار محولات الكهرباء التي تعمل على البنزين والمنتشرة بكثرة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات وأحياناً لأيام”.

ولكن في ريف حلب المحرر، تل رفعت مثالاً، قال الناشط سعد الدين: “يتراوح سعر ليتر المازوت بين 120 و140 ليرة، ولكنْ هناك مازوت رخيص يباع الليتر منه بسعر 90 ليرة، لكنه ثقيل وممزوج باسفلت ولا يشغّل المحركات، كنا نشتريه للتدفئة في فصل الشتاء، رغم مضاره للأطفال.

أما سعر ليتر البنزين الوسطي في ريف حلب المحرر، فيراوح بين 220 و240 ليرة، أيضاً بحسب الوفرة والنوعية.

وفي ريف ادلب، قال الناشط أبو ابراهيم: “تتوافر المشتقات النفطية بكثرة بعد انتشار التكرير اليدوي، لكنها حافظت على ارتفاعها نتيجة طلب المولدات الكهرباء والمحركات الزراعية والأفران، فسعر ليتر المازوت يتراوح بين 130 و150 ليرة وليتر البنزين بين 225 و250 ليرة في مناطق سرمين وبنش وسراقب المحررة”.

ولا يزيد سعر ليتر البنزين عن 130 ليرة، أو في الغالب يباع بالسعر الرسمي 120 ليرة في مدينة ادلب التي يسيطر عليها النظام السوري.

وتتوافر معظم السلع والمنتجات في مدينة اللاذقية الساحلية التي ينحدر منها بشار الأسد، فسعر ليتر البنزين 120 ليرة وسعر المازوت بنحو 60 ليرة كما قالت تريز لـ”العربي الجديد”.

وأضافت تريز: “عانينا في فصل الشتاء من عدم توفر المازوت وأحياناً البنزين، لكن هذه المواد متوافرة الآن بشكل دائم، وبسعر شبه موحد”.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى