فنانون من سوريا اليوم: الدم مرفوعاً إلى مرتبة الفن
لور غريّب
15 فناناً من سوريا اليوم يعرضون في “اسباس كتانة كونينغ”، جفينور، اعمالا جيدة ومتنوعة، لكنها تصلح لكل زمان ومكان الا لسوريا اليوم التي وصلت اخبار ثورتها ومجازرها وبطش جيشها الى كل المعمورة.
وحده الفنان المعروف يوسف عبدلكي التفت الى ما يجري ورسم شهيدا من درعا، في فحم على ورق، وترك سيلا رفيعا مما يفترض ان يكون دما زكيا ينزف الى الاسفل وكأن ينبوعاً يغذيه حتى يتجاوز حدود اللوحة. لا مآخذ لدينا تجاه المعرض، لكن عتبنا على المنظمين الذين تجاهلوا ما يجري من حولهم حتى في لبنان. اما فنانو سوريا اليوم فأين كانوا عندما رسموا لوحاتهم التي يحمل بعضها تاريخ 2012 او 2011 ولم ينتبهوا الى أن الشعب في مكان ما يتظاهر ويموت مطالباً بما يطالب به: التمتع بالحرية.كان صعبا علينا نحن من عرف ما يعانيه الشعب السوري، ان نفصل ما نشاهده في الصالة عما نشاهده كل يوم، كل لحظة، كل رمشة عين، على شاشات التلفزيونات، حيث نرى الدمار والموت والتيه والهرب وقوافل الاطفال والنساء والشيوخ.
لو كان العالم على ما يرام وزرنا صالة فنية يعرض فيها فنانون من بلد عربي يعيش بهناء وحرية، لعرفنا ان الاعمال التي نشاهدها هي من نتاج مبدعين شغلهم الشاغل هو الخلق الفني بأفضل نص تشكيلي يساهم في رفع اسم البلد الذي ينتمون اليه. لكن الوضع مختلف مع فناني سوريا اليوم، حتى لو كانت الاعمال المشاركة جيدة في المطلق، لكنها لا تقع تحت القاسم المشترك الذي يدّعي انه وليد اليوم السوري.
شاهدت “الجمل” الذي فبركته نور اساليا وتمثالاً معدنياً وقعه عاصم الباشا ولوحة تجريدية للفنان طارق بوتيحي، فكدنا نضيع في اللاإنتماء، لو لم نشاهد فجأة لوحة ضخمة دفعتنا الى الوقوف طويلا أمامها، وبكثير من التركيز والتأثر. إنها “سكين” يوسف عبدلكي، و”شهيد من درعا” الذي يجسد الضحايا التي نراهم يتساقطون منذ سنة في قرى سوريا ومدنها ومحافظاتها. لن اصف هذا الشهيد. انه الشهيد في كل زمن ومكان. وقد كتب الفنان عبدلكي، الذي نعرف أعماله ونعجب بالكثير منها، ما يعبر عن معاناة ذاتية واجتماعية ووطنية، لذلك ننقلها، علّها تعطينا درسا في الكثير من معاني الموت من اجل قضية.