صفحات العالم

في غياب حل سياسي سوريا تتفتّت

 

سركيس نعوم

تحدث السوري الاميركي المعروف بسبب دوره الاساسي في قيادة عملية تفاوض غير مباشر بين سوريا الراحل حافظ الاسد ثم سوريا ابنه بشار استمرت سنوات وكادت ان تنجح لولا تسريب اسرائيلي مقصود احرج دمشق، عن الحرب الاهلية في سوريا التي قلتُ انها بدأت، قال: ”حسناً. وهي ستستمر وتكبر. النظام انتهى لكنه لم يسقط. والثورة تُضرَب لكنها لن تُخمَد. سيسيل دم كثير في سوريا، واذا لم يتم التوصل الى حل سياسي ستذهب سوريا الى التفتيت. سيتراجع اهل النظام و”عصبيته” اي شعبه الى جبل العلويين وسيحتفظون بمدن الساحل السوري رغم الانتماء المذهبي المختلف لأهلها وربما بمدن اخرى، وقد تقوم دولة علوية او كانتون علوي او شيء مشابه. وبعد ذلك يفرجها الله. عام 1982 أخافت احداث حماه بل الاحداث التي أدت اليها الرئيس في حينه حافظ الاسد، وتحديداً خشي ان لا يتمكن من حسمها لمصلحته، فأسس فرعاً رئيسياً للبنك المركزي السوري في المنطقة العلوية، وانشأ جامعات وأقام بنى تحتية مهمة. وكان هدفه من ذلك تحضير المنطقة في حال اضطر الى الانكفاء في اتجاهها، ونقل يومها كل موجودات المصرف المركزي من القطع النادر الى الفرع المذكور. ماذا يمنع ان يحصل ذلك اليوم او شيء يشبهه. أنا أعرِف النظام السوري. إذ كنت على اتصال بالرئيس الراحل ثم بعد ذلك بنجله الرئيس الحالي وعملنا معاً على موضوع السلام مع اسرائيل. سبعة آلاف سقطوا قتلى في سوريا. الدم يسيل. لا يستطيع بشار ان يستمر. لكنه لا يستطيع ايضاً ان يرحل. يداه ملطختان بالدماء. انه لا يحكم. الذين حوله يحكمون. عندما قابل كولن باول وزير الخارجية الاميركي قبل سنوات وعده بأمور كثيرة بقيت من دون تنفيذ. كان سبب عدم التنفيذ رفض الذين حوله. قالوا له انت الرئيس. لكن لا تتخذ قرارات ولا تعطِ وعوداً لأنك قد لا تستطيع تنفيذها. الحديث الصحافي الذي اعطاه لبربارة والترز يُثبت انه لا يمون على شيء”. هل كل الذين يعملون مع بشار وخصوصاً من العلويين يؤيدونه؟ سألت. أجاب: ”هناك احتمال ان تتركه مجموعات من العسكريين العلويين، وربما ينضم هؤلاء الى الثورة إذا كان لهم مكان فيها. أو يبقون في بيوتهم وخصوصاً بعدما اتخذت الانتفاضة او الثورة طابعاً مذهبياً. ربما لا يوافق قسم مهم من العلويين على سياسة بشار، وربما يكرهه بعضهم. لكنهم يتمسكون به لخوفهم من المذهبية السنّية بل من ”الاخوان المسلمين” والاصوليين. تصوّر ان المذهبية وصلت الى أبناء سوريا المقيمين في فرنسا. في احد المستشفيات الفرنسية يعمل 19 طبيباً سورياً، 12 منهم سنّة والثالث عشر علوي. كانوا أصدقاء ويعملون معاً. بعد الثورة امتنع الـ12 عن التكلم مع الثالث عشر. في اميركا التي انا مواطن فيها لا يُدعى العلويون المقيمون فيها الى اجتماعات المعارضة السورية. على اميركا والغرب ايجاد حل للأزمة السورية حقناً للدم وتلافياً للتفتيت. لكن ذلك لا يبدو مهماً عندهما. وهما لن يتدخّلا عسكرياً. ربما يرسلان او يسمحان بارسال اسلحة وأموال، علماً ان اميركا كانت حاسمة عندما دعت الاسد الى التنحي. اي لا حوار معه. لو كان جاهزاً لتسوية في الاشهر الاولى للأزمة كان ”ظمط”. سألتُ: هل لا يزال ”النظام السوري” يحكي معك؟ وماذا يطلب من اميركا؟. أجاب: ”هناك اتصال. يطلب ان لا تضغط عليه اميركا. هل هذا طلب معقول؟ لا يطلب الاسد شيئاً عملياً ولا يقترح شيئاً عملياً”. سألتُ: هل الاسد حليف لايران ام أسير عندها؟ أجاب: ”كان حليفاً. صار الآن أسيراً”. أبوه كان حليفاً وشريكاً على نحو كامل. هو ”شريك” صغير جداً. لا يستطيع ان يرفض طلباً لايران بسبب مساعداتها من مال وأسلحة وتدريب. اما الروس الذين يدعمونه في حربه على الثورة المطالبة بتنحّيه فانهم لا يدعونه يخرج من السلطة ولا يسهّلون قيامه بتسوية. ”المجلس الوطني السوري” لا يمثّل بغالبيته. اعضاؤه بعضهم يقيم في الغرب، وبعضهم في تركيا، وبعضهم في دول عربية، بعضهم هُجِّر أو هاجر من زمان، وبعضهم هجرته حديثة. هناك اختلاف بينهم على الدور والريادة. الممثلون الفعليون للشعب السوري الثائر هم لجان التنسيق والجيش السوري الحر في الداخل. في أي حال هناك ديبلوماسيون سوريون في الخارج يريدون ”الانشقاق” ولا يستطيعون لأن عائلاتهم داخل سوريا تحت المراقبة الدائمة”.

ماذا في جعبة باحث اميركي وناشط على خط عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وصاحب موقف مناهض بصراحة لسياسة نتنياهو واليمين الاسرائيلي؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى