قبل انعقاد مؤتمره الحادي عشر.. البعث إلى أين؟
صبري عيسى
في سنوات الأربعينات من القرن الماضي شكلت بدايات البعث مقدمة لدخول سورية عصرالتنويرعلى يد الآباء المؤسسين للحزب، وفي عام 1954 نال البعثيون ثقة الشعب وفازوا في الانتخابات البرلمانية وحصلوا على 17 مقعداً. كما تم انتخاب أكرم الحوراني أحد الآباء المؤسسين رئيساً للمجلس النيابي، وبعد 8 آذار/مارس تسلم الحزب قيادة الدولة والمجتمع ثم مالبث أن تنكرللآباء المؤسسين وقام بعزلهم، ثم قامت قيادات الحزب المتعاقبة بفتح باب التنسيب للحزب على مصراعيه حيث دخل الناس أفواجاً واختلط الصالح بالطالح وتدفقوا للحصول على عضوية الحزب الحاكم طمعاً بالحصول على المكاسب والمغانم التي وفرتها السلطة، وسيطرالإنتهازيون والمتسلقون على القرارالحزبي والحكومي وترافق ذلك مع سياسة الغاء الآخر وغياب الحوار واعتماد الصوت الواحد في كل المجالات، كما تم استبدال معاييرالكفاءة والخبرة بمعايير الولاء الشخصي وتخوين الناس والتشكيك بانتمائهم الوطني، وكانت النتيجة انتشار الفساد وتخريب الإقتصاد الوطني والعبث بمصائر الناس ومستقبل الوطن .
القيادات الحزبية على اختلاف مواقعها وعلى المستويات كافة عاشت في بحبوحة من الامتيازات الشخصية والمكاسب المادية على حساب الموازنة العامة للدولة التي يمولها دافعو الضرائب، وكانت تتدخل في اختيار القيادات الفاشلة والفاسدة للمنظمات الشعبية مما ساهم في إحداث هوة شاسعة بين قواعد هذه المنظمات وقياداتها.
الأن وفي بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين أدخلنا الحزب الى عصر الشموع وبوابير الكاز تمهيداً لإعادتنا الى العصر الحجري.
بعد أيام سينعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب في وقت يتعرض فيه الوطن للخطر بسبب سياسات خاطئة أدت الى نتائج كارثية تهدد وجوده يدفع ثمنها الشعب والوطن الآن.
عندما يقوم بعض ركاب المركب الفاسدين بثقب قعره وتعريض الركاب كلهم للغرق ينبغي على الجميع إنقاذ المركب وإصلاحه ومحاسبة الفاسدين وتطهير المركب من أمثالهم حتى تصل المركب إلى بر الأمان.
هل يستطيع الحزب ممارسة (النقد الذاتي) الذي طالما سمعنا عنه ولم نره ويعترف بأخطائه ويجنب الوطن المخاطرالمحدقة به، وأن يقوم بتطهير صفوفه من الفاسدين والإنتهازيين، ليعود كما كان البعث في فترة الخمسينات من القرن المنصرم حزباً مثل غيره يستمد حضوره من صناديق الإقتراع في انتخابات ديمقراطية تنقذ الوطن من كل الأخطار التي تهدده.
أحن وبشوق جارف الى سنوات الخمسينات عندما كان الجميع يتمتع بثقافة الحوار السلمي وكانوا يرددون (الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية)، وكانت منابر الرأي والرأي الآخر عبرعشرات الصحف الحرة دليلاً للمناخ الديمقراطي العام الذي كان يتمتع به السوريون الذين كانوا يعيشون فعلاً عصر التنوير.
‘ اعلامي سوري