قتال داخل الأسرة الجهادية
إن ازدياد الصراع حدة بين جهات الجهاد العالمي داخل سوريا يعمل في خدمة الرئيس السوري وفي خدمة الدول الغربية التي قد تجند بعض الافراد من هذه الجهات لخدمة أهدافها –
أصبحت الحرب الدامية بين الرئيس السوري بشار الاسد وجهات المعارضة في بلده في السنتين ونصف السنة الاخير أمرا راتبا معروفا. لكن المواجهة العسكرية العنيفة الجارية في الاشهر الاخيرة بين جهات المعارضة الاسلامية ليست أمرا راتبا. إن اعلان منظمة القاعدة المركزية تبرؤها من افعال داعش وأنها غير مسؤولة عن افعال المنظمة في سوريا، يشهد على وجود مشكلات في عائلة الجهاد العالمي. إن المواجهة الحالية بين ايمن الظواهري زعيم القاعدة المركزية وبين أبو بكر البغدادي، زعيم القسم العراقي ‘داعش’، بدأت حينما أعلن الاخير من قبل نفسه في نيسان من السنة الماضية انشاء المنظمة التي توحد بين ‘الدولة الاسلامية في العراق’ و’جبهة النصرة’ في سوريا دون تنسيق هذا الاجراء مع الظواهري أو مع الجولاني، قائد المنظمة السورية. ورفض قائد جبهة النصرة اعلان الوحدة وعبر عن ولائه للظواهري باعتباره قائده الاعلى. وكانت تلك خطوة تحدٍ من الجولاني للبغدادي الذي كان هو الذي أرسله لانشاء الفرع في سوريا. وحاول الظواهري الذي أراد أن يثبت مكانته العليا في حركة الجهاد العالمي أن يصلح بين الاثنين ويحفظ وحدة الصف فأيد موقف الجولاني وقضى بأن كل منظمة يجب أن تعمل في البلد الذي توجد فيه، فالبغدادي في العراق والجولاني في سوريا. بل انه ارسل مندوبا عنه الى سوريا للاصلاح بين الطرفين.
في رد على ذلك اتخذ البغدادي خطوات عملية لتنفيذ اعلانه للعمل في الدولتين، ومنذ النصف الثاني من سنة 2013 زاد حضور منظمة داعش في سوريا. والى ذلك عززت المنظمة نشاطها في العراق ولا سيما محافظة الانبار. واصبحت داعش ايضا اكثر المنظمات نشاطا وهيمنة في المعركة في سوريا وسيطرت قواتها على عدة بلدات في شمال الدولة وشمالها الشرقي وهو شيء افضى الى مواجهات عنيفة بينها وبين جهات معارضة اخرى على الارض. وظهرت هذه المواجهات في صورة صدامات عسكرية واغتيالات متبادلة بين افراد داعش وعناصر الجبهة الاسلامية والجيش السوري الحر، بل حدثت في المدة الاخيرة صدامات عنيفة بين نشطاء داعش ونشطاء جبهة النصرة.
إن معظم النقد لافراد داعش متصل بسلوكهم الوحشي مع السكان المحليين ومحاولتهم فرض احكام الشريعة الاسلامية بالقوة على السكان المحليين. واشتملت تلك الافعال على معاقبة شديدة لمن انحرف في رأيهم عن فرائض الاسلام. وعلى إثر ازدياد حالات العنف الشديد من افراد داعش على المحليين وعلى مؤيدي المعارضة السورية ، نشر قائد جبهة النصرة في بداية السنة انتقادا لاذعا للمنظمة ولقائدها وللاعمال التي يقوم بها أعضاؤها. واضطر البغدادي في رد على ذلك الى نشر اعلان يدافع فيه عن نفسه زعم فيه أن من يعارض نهجه ينحرف في واقع الامر عن سنة النبي ويعين اعداء الاسلام وفي مقدمتهم الشيعة. وبرغم اعلان الظواهري اقصاء البغدادي لا يبدو أن الزعيم العراقي ينوي التخلي عن متابعة نهجه أو الاستسلام لاملاءاته.
معلوم أن المستفيد الرئيس بالمواجهة الداخلية بين المجاهدين هو الرئيس السوري الذي يستغل عدم الوحدة بين جهات المعارضة ومنها جهات الجهاد العالمي لاحراز انجازات في ميدان المعركة. والى ذلك قد تخدم المواجهة الداخلية المتزايدة بين جهات الجهاد العالمي الدول الغربية ومنها اسرائيل التي تنظر في عجز الى التيار المتزايد من نشطاء الجهاد العالمي الذين يتدفقون على سوريا ويثبتون انفسهم فيها. إن الصدع الذي ظهر في صورة قادة منظمات الجهاد العالمي الذين يظهرون في صورة بشر يشتهون القوة وهم متطرفون متنازعون في صراعات على المجد الشخصي قد يساعد الجهات الاستخبارية على محاولة أن تجند من صفوفهم نشطاء خابت آمالهم كي يساعدوا في احباط النشاط الارهابي المتوقع انتقاله في المستقبل من سوريا الى دول العالم.
يورام شفايتسر
اسرائيل اليوم 16/2/2014
القدس العربي