صفحات الثقافة

قصيدة للشهيد المهندس صخر العبدالله


ديرالزور برس

 ( إلى رسول الموت)

***

جالساً وحْدي على الحُزنِ وفوقي جَبَل ٌ مِنْ حُزْنِ أُمِّيْ

وأَمامي مَشْهَدٌ يَبْكِي لأُمِّي ..

كُلَّما طارَ الحَمَامْ

… كُلَّما غِبْتُ عن الدَوْحِ قليلاً

أَرْسَلَتْ قَلْباً يُنادي الله يَسْتَجْديه:/

خُذْ نَبْضيْ وأَحْضِرْ لي بَعِيديْ بسلامْ

آهِ ياأُمِّي لقد خِفْتُ مِنَ الموت لخوفيْ

أنْ أَرَى عَيْنَيْكِ في الموتِ تَذوبانِ دموعاً

فيَصيرُ الكون في عَيْنَيْكِ لَوْ مُتُّ ظَلامْ

آهِ ياأُمِّي اعْذرينيْ ..

لرسولِ الموت عَيْنٌ تَكْرهُ الشِعْرَ كثيراً

لا يَرى دمعةَ أُمٍّ .. ولهُ ألفُ ذراعٍ

ليسَ يَثْنيها الكلامْ

فامْسحي المَشْهَدَ أٌمِّي

واحْضني طيْفِيَ بالقلبِ لكي لا يَبْرُدَ البَوْحُ إذا كُنتُ بَعيداً

واخْبري الجِيْرانَ إنْ جاءوا : صغيريْ لمْ يَمُتْ

كانَ مُنْكَبَّاً على الشِعْرِ سنيناً لَمْ يَنَمْ

ولهذا كَسَرَ الأرضَ ونـامْ

***

صارَ قلْبي يَتَلظَّى .. وعلى خدِّيْ تسيلُ الذكرياتْ

وعلى تَخْتِـيْ تَعِـنُّ الروحُ في حُبِّ الحياةْ

أَذْكرُ الأحبابَ جاهَدْتُ لأَ لْقَاهمْ بِقُرْبي

كيفَ والبُعْدُ طَويْلٌ ؟!

سأَرانيْ .. بَاخِعَ النَفْسِ على آثارِهمْ

ذَاهِبَ القلبِ عليْهِم حَسَرَاتْ

أَذْكرُ الليلَ فقدْ كان صديقاً طيِّباً أغْراهُ صَوْتيْ

فَطَرِبْنا وشَرِبْنا الأغُنِياتْ

أَذْكرُ الشَمْسَ التي خَبَّأتُها بالقلبِ مِنْ خَوْفيْ عَلَيْها

غَادَرَتْ قلبيْ وضَاعتْ مِثل آلافِ النجومِ الشَاحِباتْ

أَذْكرُ الدَرْبَ الذي قَدْ حَزَّ أَقْداميْ وقَدْ كُنْتُ غَريْباً

ركبَ الدُنيا قِطاراً .. فَانْتهى بيْ لِلشَتَاتْ

ولَقَدْ وَزَّعْتُ روحيْ

فَبَكَتْ أَشْواقُ شَامِـيْ فَوْقَ أَكْتَافِ الفُرَاتْ

أَذْكرُ الوقْتَ الَّذيْ أَمْضِيتُهُ في البَحْثِ عَنْ أُخْتٍ لِرُوحيْ

سَأَلَتْ روحيْ عَلَيْها كُلَّ كُتَّابِ الأساطيرِ وأقلامِ الرُواةْ

تَعِبَتْ روحيْ جنوناً ومُجوناً وصَلاةْ

في الخِزَانَاتِ مَنَادِيْلٌ وأَمْشَاطٌ وأَقْرَاطٌ ..

وفي البَالِ خُدودٌ وعُهودٌ وشِفَاهٌ لَمْ تَزَلْ تَحْيَا بدِفْءِ القُبُلاتْ

كُلُّها صارتْ سؤالاً واحِداً .. ما الَّذي قال المُغَنِّيْ حينَ ماتْ ؟!

أَذْكرُ الأيامَ في البَرْدِ وفي الحرِّ وفي الوَرْدِ وفي أَيْلولَ

إذْ يَبْكيْ على الدِفْءِ الَّذيْ وَلَّى وَفَاتْ

أَذْكرُ العُمْرَ الَّذي ضَيَّعْتُه في البَوحِ كَيْ أَبْني خُلودِيْ

أَتُرى تَكْفي لقهرِ الموتِ بَعْضُ الكَلِمَاتْ ؟؟

المهندس صخر العبدالله الذي استشد بحادثة الباص الذي يحمل الركاب من محطة القطار إلى المدينة بتاريخ 9/7/2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى