قلق اسرائيل من الصواريخ السورية ومبرراته
رأي القدس
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل يعيش حالة من الارتباك غير مسبوقة، فهو يدرك جيدا ان انتقال الاسلحة والصواريخ المتطورة من سورية الى حزب الله في لبنان لم يتوقف، ولكنه لا يستطيع في الوقت نفسه ان يتعاطى معها بالطريقة التي كان يتعاطى فيها في السابق، اي ارسال طائراته لتدميرها لانه يدرك جيدا ان احتمالات الرد السوري هذه المرة ربما تكون اكبر من اي مرة سابقة.
بالامس نشرت صحيفة ‘الصنداي تايمز′ البريطانية خبرا من مراسلها في تل ابيب عوزي محنيمي قال فيه ان الجيش السوري نشر صواريخ ارض ـ ارض متطورة تطال اهدافا في تل ابيب نفسها وجاهزة للاطلاق في حال شنت الطائرات الاسرائيلية هجوما جديدا على مواقع سورية.
مراسل الصحيفة وثيق الصلة بالاجهزة الامنية الاسرائيلية، ولذلك لم يكن مفاجئا ان يكشف ان اقمارا صناعية رصدت نصب هذه الصواريخ، وان ينقل عن الخبير العسكري الاسرائيلي عوزي روبين بان صواريخ ‘تشرين’ هذه دقيقة للغاية ويمكن ان تسبب ضررا خطيرا وقادرة على وقف جميع الرحلات الجوية التجارية الى خارج اسرائيل حتى في حال عدم وصولها الى مطار بن غوريون في تل ابيب.
نتنياهو هدد بانه يعتبر نقل صواريخ ومعدات عسكرية متقدمة الى حزب الله في لبنان بمثابة اعلان حرب، ولن يسمح بذلك، كما حذر من ان اي رد سوري على غارات اسرائيل سيؤدي الى اسقاط النظام في دمشق، اي شن الطيران الاسرائيلي غارات مكثفة، وربما الى تدخل بري لاحتلال العاصمة السورية.
تهديدات نتنياهو هذه ربما تأتي في اطار الحرب النفسية، لانه يدرك جيدا، ومن خلال رسالة تلقاها من الزعيم الروسي فلاديمير بوتين من ان اي هجوم اسرائيلي سيواجه هذه المرة بالرد الفوري.
التحذير الروسي جرى تدعيمه برفض طلب نتنياهو الوقح بعدم تسليم سورية صواريخ اس 300 المضادة للطائرات، وهو الذي، اي نتنياهو، اوقف تسليم مثل هذه الصواريخ المتطورة جدا الى ايران في رحلة سابقة الى موسكو.
ويظل من الجائز القول بان نتنياهو يشعر حاليا بالاهانة مرتين، الاولى عندما فشلت مساعيه في منع وصول هذه الصواريخ الى سورية وفي مثل هذا التوقيت، وخوفه من ضرب اي قوافل صواريخ متجهة من دمشق الى حزب الله لما يمكن ان يترتب عليه من ردود بقصف تل ابيب، الامر الذي قد يشعل حربا اقليمية او دولية يكون هو المتسبب فيها.
ومع ذلك من غير المستبعد ان لا يتردد شخص مثله في اشعال هذه الحرب، وتوريط امريكا والغرب في حرب يحاولان تجنبها بكل الطرق والوسائل لمعرفتهما المسبقة بنتائجها المدمرة، وعدم القدرة على التحكم بنتائجها، او المدى الزمني لها.
نتنياهو لم يجاف الحقيقة عندما قال يوم امس ‘ان الشرق الاوسط يمر في احدى اكثر الفترات حساسية منذ عشرات السنين والوضع في سورية في مقدمة ذلك، ونحن نتابع عن كثب التغيرات هناك ونستعد لاي سيناريوهات’.
السؤال هو حتى متى تستمر هذه المتابعة لان الوقت حتما ليس في صالح اسرائيل، لانها قد تكون من اكثر الخاسرين اذا ما اشتعل فتيل الحرب.
القدس العربي