مراجعات كتب

كتاب – “أزمة في سوريا” لكمال ديب يستكمل “تاريخ سوريا المعاصر” الحرب الوشيكة هل تغيّر الوقائع أم تُطيل المعارك؟

يستكمل كمال ديب في كتابه “ازمة في سوريا” ما ورد في كتابه السابق “تاريخ سوريا المعاصر” ويوضح جوانب ويضيف ويفصل حيث وجهت انتقادات او طرحت تساؤلات، كأنه يضع هوامش يغوص بها في عمق الاحداث الجارية وخلفياتها التاريخية سياسياً وأمنياً واجتماعياً. انه يشرح اهم الاحداث والاخبار في المرحلة السورية الحديثة، خصوصاً بعد تسلم بشار الاسد السلطة وما رافقها داخلياً وخارجياً، خصوصاً العلاقات مع الدول وأولها لبنان.

جوزف باسيل

يخوض الكتاب (332 صفحة، دار النهار) بحسب عنوانه في “انفجار الداخل وعودة الصراع الدولي 2011 – 2013″، ويروي تفاصيل التطورات المرتطبة بالواقع السوري ومحيطه الاقليمي والصراع الاساسي بين سوريا والولايات المتحدة الاميركية التي سعت الى فرض هيمنتها على النظام السوري بالترغيب الذي لا يثمن وبالترهيب الذي لا يخيف نظاماً عبَرَ طويلاً وسط حقول ألغام كثيرة.

في ايار 2003 التقى كولن باول الرئيس بشار الاسد “وهدده مباشرة في حال عدم تنفيذ مجموعة املاءات اميركية”. ولما لم تستجب أخذت تفرض عليها عقوبات متتالية، ولم تخض ضدها حرباً مباشرة، كما فرضت عليها خلال سنتين حرباً مداورة، وهي الآن تستعد لضربات مباشرة!

كانت اميركا تخشى سوريا القوية، التي يؤدي التحرش بها الى حرب اقليمية واسعة وكتب ديب “ان سوريا خصم قوي يؤدي التحرش به الى حرب اقليمية واسعة. وان اي حرب اميركية على سوريا ستواجه بقوة وصمود وتجر اسرائيل، وربما ايران وروسيا وتركيا الى ساحتها”. فهل هذا ما سيحدث فيما نذر الحرب تتجمع فوق سوريا، ام اختلف الامر بعد سنتين من الحرب على النظام؟

منذ خمسينات القرن الماضي تحاول اميركا وضع يدها على سوريا، كما فعلت بغيرها من الدول والممالك العربية، لكنها لم تنجح حتى الآن، وما حربها على سوريا الآن الاّ المحاولة الاكبر والاوسع في هذا الاتجاه.

حتى ان باتريك سيل في كتابه “الصراع على سوريا” يعترف بالخطة الاميركية لقلب نظام حكم القوتلي عام 1957، الذي كانت تسيطر عليه “الجبهة الوطنية” المتهمة بممالأة السوفيات والشيوعيين.

اندفع البعث الى الوحدة مع جمال عبد الناصر لوقف نفوذ الشيوعيين في سوريا فبدا عبد الناصر موكلاً اميركياً بضبط الوضع في سوريا، على قاعدة الاتفاق بين الطرفين على “مواجهة الخطر الشيوعي على سوريا”.

ان الحرب على سوريا هي استكمال لمحاولة اميركا السيطرة على العالم التي بدأت في تسعينات القرن الماضي، بناء على افكار وخطط مراكز الابحاث الاميركية التي وضعت خطة لنظام عالمي جديد تهيمن فيه اميركا على العالم. ففي عهد بوش الاب خاضت اميركا حرب الكويت عام 1991 ودمرت جنوب العراق، واعلن بوش ولادة “نظام عالمي جديد”، وفي عهد كلينتون وضعت خطة غزو العراق وزعزعة سوريا عام 1998، وتمت فكفكة يوغوسلافيا الى ست دول عام 1995 وشن “الناتو” حرباً على صربيا وقصف بلغراد لمدة 79 يوماً عام 1999. وبعدما تدخل عام 2011 في ليبيا، ها هو يستعد للحرب المباشرة على سوريا.

والحرب على سوريا هي تنفيذ لمذكرة قدّمها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد لبوش الابن تتضمن غزو العراق وتغيير انظمة الحكم في ايران وسوريا واربع دول اخرى. وقال وكيل رامسفيلد آنذاك دوغلاس فيث في كتاب اصدره بعنوان “الحرب والقرار”، ان تغيير خريطة الشرق الاوسط بالقوة العسكرية والتهديد بها حظي بتأييد مفتوح من القادة العسكريين. وفي كتاب آخر بعنوان “كسب الحروب الحديثة” للجنرال الاميركي ويسلي كلارك قائد قوات “الناتو” في صربيا يذكر ان الدول الواردة في القائمة التي وضعها رامسفيلد بغية تغيير انظمتها هي: ايران والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال ولبنان. وحدّدت المذكرة اخراج سوريا من لبنان مرحلة اولى يليها استهداف” قوى معادية لاسرائيل كـ”حزب الله” و”حماس”، وهذا ما جرى في حربي 2006 على “حزب الله” و2008 على “حماس”. ومع مجيء الادارة الاميركية في عهد بوش الابن ارسل رامسفيلد مذكرة الى قيادة اركان الجيش الاميركي حدّد فيها سبع دول “علينا احتلالها” خلال خمس سنوات، هي: العراق، سوريا، لبنان، ليبيا، الصومال، السودان، ثم ايران.

يتحدث ديب في سبعة ابواب عن الازمة السورية كجزء من “الربيع العربي” وكصراع قديم بين البعث والاخوان، وكانفجار اجتماعي داخلي يضرب التعددية الدينية والاتنية، ترافقه حرب اعلامية وديبلوماسية تحرف الوقائع. ويبحث في تأثير فشل “ربيع دمشق” وهجمة العولمة الاقتصادية في تحضير المناخات والارض لبدء الصراع. وبالطبع يناقش تمسك النظام السوري بمقولته في الهجمة الاميركية الصهيونية عليه وصراعه المستمر مع اسرائيل.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى