صفحات الثقافة

كريستين عمرسدوتير: سأُقَبِّل الرجال شرط ألا يكونوا شعراء

تقيم كريستين عمرسدوتير (1962) في العاصمة الآيسلندية ركيافيك. تكتب الشعر، الرواية والقصة القصيرة إضافة إلى تمرسها في النصوص المسرحية. لها مساهمات في الفنون البصرية الحديثة والرسم. رشحت لجوائز أدبية عديدة من بينها جائزة مجلس الشمال عام 1999 عن روايتها «إنني أموت يا حبيبي». كما نالت جائزة غريمان للدراما في آيسلندا عام 2005. تُعدُّ واحدة من أبرز الأصوات الشعرية الحديثة في آيسلندا، وقد نُشِرَتْ روايتها «أطفال في غابة الرنة» بالانكليزية مؤخراً ولاقت اهتماماً نقدياً ملحوظاً في الولايات المتحدة الأميركية.

تحلية

فيما أجلس على طاولة العشاء

أشاهد الرجال الثلاثة

الذين امتصوا نهديَّ.

من بينهم رجل

لا يزال يمصّهما

بخلاف الرجلين الآخرين اللذين

كفا بعد وقت ما.

أنظر إلى الشمس

مندلقةً عبر النافذة،

إلى كوؤس الزجاج على الطاولة

إلى أفواه ثلاثة تنفتح وتنغلق لأنه الطعام.

أنظر إلى الطعام الذي يتلاشى عن الطاولة

فيما تنتقل الشمس عبر النافذة

لقد قمتم بمصِّ ما في داخل نهديَّ، أقول.

وأثناء ذلك،

يمسحون أفواههم بالمناديل.

يومئون برؤوسهم. يبتسمون في وجهي.

وبدوري أبتسم.

لم تنته حفلة العشاء، أود الإضافة.

الآن تحلية، أقولُ

وأنا أنهض. لا أريد لأحد أن يترك المكان.

بودي أن أقدِّم لهم تحلية

مع عينين مغمضتين.

تحلية ساخنة،

تحلية كطلقة متوّجة بالقشدة المخفوقة.

مسرحية

المرأة تدخل غرفة الجلوس بإبريق ماءٍ أزرق في يدها.

الرجل جالس على أريكة مقلمة من الحرير منشغلاً بتنظيف سلاح حربي.

المرأة تسكب ماءً في كوب وتقدمه إلى الرجل.

ينظر إليها. يبتسم كل منهما للآخر. ثم تجلس هي على كرسي هزّاز.

من الخارج، عبر نافذة غرفة الجلوس،

نرى أن المنزل يقع في الدائرة القطبية الشمالية.

الرجل: أتخيل الخردق عيوناً. فور إصابة الفريسة بحبة منها تموت. لا وسيلة بعد للحيوانات للدفاع عن نفسها ضد بصيرة الخردق. لا مكانة رفيعــة لهـــا في ســـلّم الكائـــــنات.

ذات يوم، ستتلقى أجسادها الخردق، وسترين: لن تموت. حتى يأتي ذلك اليوم، ستستمر بتفادي المواجهة مع بصيرة الخردق المعقدة بالموت.

يجعلني هذا أقبلُ قنص الحيوانات الصغيرة التي لا حول لها.

المرأة: عندما قضى ولدي، حزرتُ أنه لم يكن قادراً على رؤية الشيء المتقدِّم صوبه.

على رؤية ما كان على وشك الحدوث.

كما الفريسة، كان، كما طيورك الصغيرة، غير مستعد للانسجام مع البصيرة المتطورة للحياة.

الرجل: فلتجلسي معي على الصوفا، محبوبتي. هل بإمكاني الإمساك بيدكِ؟ شكراً. الجثث تتراكم. وسيصبح أكثر ندرة من أي وقت مضى لمس لحم على قيد الحياة.

المرأة: أنت على حق. أكثر ندرة من أي وقت مضى.

الأحجار النفيسة من حولنا هي لحم، لحم حي.

فلتشربْ مزيداً من الماء، يا صديقي.

ثلاث شاعرات

شاعرات ثلاث بحمالات صدر بيضاء

جلسن حول طاولة صغيرة

مستديرة،

بكتاب في كل يد.

رجل في سترة قراصنة

قدم عبر الباب

وكان وراءه عاصفة ثلجية.

جلس على طاولة النساء الثلاث.

خلع سترته.

لمس واحدة منهن

فأصبحن في عداد الأموات.

هن لن يعدن إلى الحياة مرة أخرى

رغم أنهن منتظرات قُبلاته.

ثم نهض

ثم غرف بكلتا يديه

المرأة التي لمسها،

وحملها إلى الخارج.

تيارُ الهواء

بين فتح الباب وإغلاقه

يقلّب صفحات

الكتب الثلاثة.

نص مكتوب بحبر عيونهم

كم مرة علي أن أجهز على اللغة؟

كم مرة علي أن أخوزقها برأس القلم الحاد؟ أضمِّخها بالدماء؟ أذلها؟ أسممها، أحلبها كبقرة، أحمِّرها في مقلاة، أشجها بحرف بلطة؟ كم أنني إلى حد رهيب شاعرة حمقاء. كم مرة احتاج يسوع أن يقتل؟ أكثر من 2008 مرات؟ يسوع الحلو!

أزوِّد نفسي بموز أخضر شاحب، لأن أمي تقول إننا لا نزال قروداً في الديمـــوقراطـــية. صليـــبي كـــان قبـــلة القـــادة. لكن ولتهدئي صغـــيرتي، فأنا لا أنـــوي حـــضـــور جنـــازتك، كـــما فعلـــت مريــــــم فـــي الأزمــــنة السحـــيقة. آمين!

ثم إنني أيضاً نباتية كهتلر، وهو ما يجعلني أشعر دائماً بالبرد. برودة هتلر.

وفضّلت حبراً أسود على حليب أبيض درَّه الرجال.

وهرستُ اللغة بمطرقتي المخصصة لهرس اللحم. ثم حدث أنني قبّلتُ أحداً ما بشغف. هل ثمة علاج للعضلات أفضل من هذا؟ غالباً ما أراني أقبّل خيولاً في مناماتي، أما النساء فأقبِّلهن فقط حين أثمل. والرجال سأقبّلهم شرط ألا يكونوا شعراء، يوم تحمل السارية اللعينة لهذا العالم لساني الملوِّح.

قبل حين، غفوتُ تحت قفص للأرانب. قبلات طائر العنقاء لذة لنا شقيقاتي الشاعرات كلما بالغنا في شرب الحبر وروّسنا ألسنتنا بليل ذي سواد فاحم.

ومرة، قبّلت مؤخرة شاعر صديق: يا له من إلهام! لا أزال أصيد قصائدي من تلك الفعلة المكلفة. كما تلك الصديقتان، مريم العذراء ومريم المجدلية، إنني أمــــوت في سبــــيل الشــــعر، لكني أبـــداً لـــن أُغتَصَــــب لأجــــله. في الواقــــع، بلى:

«كله كرمى للشعر!»

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى