كلام السيد المهري من عاصمة بني أمية
بدرالدين حسن قربي
تصريح المرجع الشيعي الكويتي السيد محمد المهري في سوريا منذ يومين أثناء زيارته لها، بان الوضع مستقر هادئ والنظام مسيطر على الأوضاع تماماً في وجه مؤامرة دولية ترسمها قنوات فضائية تريد الفتنة، هو تصريح لاجديد فيه، لأنه يضاف إلى تصريحات مماثلة وسابقة للسيدين علي خامنئي وحسن نصرالله. ولئن أرسل أحدهما بعض مستشاري الأمن والقمع وخبراء التعذيب والقهر، وثانيهما بعض الشبيحة والقناصين لمواجهة طالبي الحرية والكرامة وهم متظاهرون مسالمون شعارهم الشعب السوري مابينذل، فإن السيد المهري لم يملك إلا أن يأتي بنفسه لعاصمة بني أمية، ويطلق تصريحات تشعر سامعها بالهدوء والاستقرار والسيطرة التي تحدث عنها أنه زار حدود الجولان وليس مكاناً آخر، وكأن ليس في سورية ثورة دخلت أسبوعها العشرين وهتافها الموت ولاالمذلة، وتجاوز ضحاياها أكثر من ألفي قتيل وآلاف الجرحى، وأكثر من عشرين ألف معتقل، تفجّر بركانها بعد أكثر من أربعة عقود من المعاناة في وجه نظام مستبد ولد عن والد، وحزبٍ حاكم يستند إلى ديكتاتورية مصادِرِة للحريات وإلى عائلة وقرابات ونافذين من شفيطة نهّابين وبلاعين مسنودين.
تصريح السيد المهري كما تصريحات السادة من قبله التي تنظر إلى ثورة السوريين الذين خلقوا أحراراً وأرادوا لحياتهم أن تكون حرة كريمة ترفض الاستعباد على أنها مؤامرة، يبقى تصريحاً إشكالياً يستعصي فهمه أمام مقولة مفعمة بالإنسانية للإمام الراشد علي بن أبي طالب:لا تكن عبداً لغيرك، وقد خلقك الله حراً، وأمام ثورة شعارها هيهات منّا الذلة لولده أبي عبدالله الحسين.
فمامشكلة السوريين عند السادة ومنهم المهري تحديداً، أن يثوروا لحريتهم وكرامتهم على مستبديهم ومستذليهم وسارقي لقمة عيشهم، أو أنهم أرادوا لمقاومتهم أن تكون خالية من القمع والاستبداد، ولممانعتهم أن تكون خلواً من النهب والفساد؟
يقرأ علينا المهري طول عمره ويخطب أن ثورة الإمام الحسين إنما كانت على قيم الاستبداد والظلم والفساد التي ورّثها لمن بعده من الأتباع والأئمة الكرام فنصدّقه، فويل لمن لايصدّقه. ويوم ثار السورييون سلْماً وسلاماً على فظائع قهر، وفواحش جور، وكبائر نهب، وقالوا لا لاستحواذ النظام على السلطة والثروة، أعلن عليهم النظام الأسدي الحرب بالدبابات والطائرات، واستباح دماءهم وأعراضهم والممتلكات، فإذا بالسوريين وهم في شهرهم الخامس من ثورتهم يسمعون من السيد المهري كلاماً غير الكلام مما لاعلاقة له بثورة ولا إمام، يتهمهم في ثورتهم وفي مطالبتهم.
إننا نعتقد يقيناً أن السيد وضع نفسه كرجل دين في حالٍ متناقضة مع ماينادي به ويرفعه من مبادئ وقيمٍ اعتقدها الإمام الحسين واستشهد عليها، وبين تأييده ودعمه لنظام فاشي مستبد فاسد في أواخر أيامه وفي طريقة للسقوط، في مواجهة ثورة شعبية مطالبة بالحرية والكرامة نداؤها هيهات منّا الذلة. ومن ثمّ، فإننا نربأ بالسيد المهري من أن يكون بمرجعيته وعمامته أو بما تحتها نصير قمع واستبداد أو ممن يسوّق لتعبيد الناس لنظام جورٍ وظلم وفساد أياً كان حاكم الشام، وكأنه لاتعنيه كرامة السوريين ولا حريتهم في شيء، لأنه يعلم يقيناً أن العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء ثلاثة.