كلمة آزادي الكردية في معجم الوطن
إبراهيم اليوسف
شقت كلمةazadi آزادي، الكردية، والتي تعدّ الترجمة الكاملة لشقيقتها الحرية بالعربية، طريقها، بعد أن رددتها أفواه المحتجين في التظاهرات السلمية التي تمت في العديد من مدننا السورية الباسلة التي تقول:لا للقتل، كي يتردد وقع الكلمة إلى آذان كل العالم الحر، عبر الفضائيات وغيرها، من وسائل الإعلام التي ترجمت أولى كلمة لكرد سوريا، بعد أن عطل النظام السوري كل ما هو منتم لمعجم الوجود الكردي، في إطار إلغاء كل مفردات الحب، والإخلاص، والصدق، والوفاء، والنبل، والطهارة، في إطار السعي الدؤوب لتغييب الكردي نفسه، في بلد حاولت أن تجعله أعرج، أعمى، أحادي الرؤى، والفكر، والعقل، والوجدان، عبر وضعه عنوة، على سريربروغروستي شوفيني بأخلاق إلغائية، همجية، لا تنتمي إلى العصر والحياة.
وإذا كان عمر الحركة الكردية قد غدا الآن نصف قرن ونيف، فإن هذه الحركة-بحق-لم تقصر في نضالاتها،عموماً، وإن كانت ستخطىءهنا، وستصيب هناك، تبعاً للمناخ السياسي العام، وبحسب كل مرحلة مرت بها، من خلال هذه العقود المريرة، شديدة الوطء، في ظل آلة النظام الرهيبة التي لا تسمح للكردي أن يقول بلغته الأم: آه، وهو يتلقى الصفعة، أو الطعنة من حاكمه، ولا يسمح لطفله بالتعليم بلغته الأم-وفق طبيعة التنوع التي خلقها الله وألغاها النظام- ولايسمع أغنيته من راديو بلده، ولا من تلفازه، ولا يقرأ قصيدة كردية في صحيفة أو مجلة رسمية،و تحفل صحفه حتى بترجمة الأدب الإسرائيلي، بل ولا يسمح أن يسجل ابنه بالاسم الكردي، إلا أن الشباب الكردي الذي التقط المبادرة من جيل الآباء، ووقف أمام أسئلة حقه الكردي ضمن معادلته الوطنية، غير مكترث بأية معوقات توضع على طريقه، ليؤسس لمرحلة جديدة، في تاريخ الحركة الكردية، وعموم تاريخ سوريا، وليسهم مع سواه من الشباب السوري، في إسقاط كل الحواجز التي دأب النظام على وضعها، ليس بين هذا الشكل من الفسيفساء السوري، والآخر، بل وبين الجار وجاره، وبين الأب وابنه، والأخ وأخيه، وفي ذات الفرد نفسه.. ليقتل عامل الثقة حتى في ذات الفرد الواحد، كي يستطيع التأسيس لمجتمع مبني على الشك، والخوف،والريبة، والتوجس من الآخر، والولاء الأعمى لرموز الوهم التي لا شأن لها أمام إرادة الشعب، في الوقت الذي نحن أحوج فيه إلى مجتمع ديمقراطي علماني تعددي.
وإذا كانت جمعة آزادي-كما اعتمدها ثوار سوريا- كلهم، قد تضمخت بالدم، في أكثر من مدينة عزيزة، باسلة، وقد اعتقل فيها عدد من قيادات المنظمة الآثورية-وكلهم أحبّة أعزاء كزميلي وصديقي المناضل كبرو رومانوس وطالبي المبدع والنبيه كرم دولي-وهما من المكتب السياسي للمنظمة- وغيرهم، وهم جميعاً أهل، وأحبة، وأصدقاء أعزاء، فإنني أنحني أمام موقفهم-الجبار-إذ إنه تم اقتحام مكتب منظمتهم، واعتقالهم، بطريقة وقحة، بربرية، لأنهم انفتحوا على أخوتهم الكرد، وسواهم، من شباب الثورة، وأفشلوا مخطط ” فرق تسد” الذي يعد النظام أبلغ من ترجمه من نصه” الأصل”، عن طبعته الأولى، وطالما أتبعته أروقة الأجهزة الأمنية، لخلق الشرخ بين المكون السوري، ليكون ضعيفاً، هزيلاً، أمام آلة الاستبداد، وإن اعتقال هؤلاء المناضلين، ودماء أخوتنا الأعزاء في حمص، ومعرة النعمان وغيرهما، من مدن، ونواحي، وقرى، سوريا الأبية-بشعبها الواحد-لدليل على أن الوحدة الوطنية الفعلية، تتحقق، وهي تختلف عن الوحدة المزورة التي طالما كان ينادي بها النظام، وهو ينهال بفؤوسه على جسدها، لتتحطم على يديه، الأمر الذي يضع جميع أبناء سوريا أمام مرحلة، ومهمة جديدتين، لأن النظام- بهذه الأساليب الجنونية- إنما يؤكد عدم انتمائه لمستوى المرحلة وأسئلتها واخلاقياتها.