كيماوي سوريا سيُدمر.. ماذا عن مصر وإسرائيل؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– سيصبح العالم أفضل حالا بعد تدمير الأسلحة الكيماوية السورية، إذا ما سارت الأمور كما هو مخطط لها، فتدمير ترسانة دمشق قد يفتح الباب أمام إجراء مماثل لإخلاء منطقة الشرق الأوسط، وبعد ذلك العالم بأسره، من تلك الأسلحة المدمرة، والخطوة التالية ستكون من مسؤولية مصر وإسرائيل.
فقد شكل قرار الرئيس السوري، بشار الأسد، بالموافقة على تدمير السلاح الكيماوي الخاص ببلاده خطوة مفاجئة للعالم، وقد أراد من الخطوة وقف عملية عسكرية أمريكية كانت ستستهدفه بسبب استخدامه لذلك السلاح ضد شعبه في الحرب الأهلية، ورغم كل الاعتبارات فقد التزمت دمشق حتى الآن بما تعهدت به، إذ أعلنت عن كمية الأسلحة التي تمتلكها وأماكن تخزينها والأدوات المستخدمة في صنعها، وبدأت عملية الإتلاف بالفعل.
هناك 190 دولة موقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، كما وقعتها إسرائيل وميانمار دون أن تتم المصادقة عليها في البلدين بشكل رسمي بعد، وعملية المصادقة بالنسبة لإسرائيل ستعني بالضرورة الإعلان عن امتلاك أسلحة كيماوية وتحديد مكانها وكمياتها كما فعلت دمشق، وسيكون على إسرائيل أيضا الإعداد لخطة خاصة بتدمير تلك الترسانة تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
أما في حال عدم امتلاك إسرائيل لأسلحة من هذا النوع فسيكون عليها الإعلان عن ذلك وقبول إمكانية أن تقوم فرق تفتيش تابعة للمنظمة بزيارة مصانعها التي تنتج مواد سامة لأغراض صناعة، مثل المبيدات الحشرية، من أجل التأكد من عدم استخدامها لإنتاج أسلحة.
أظن أن إسرائيل لا تمتلك أسلحة كيماوية، خاصة وأن الملايين من اليهود قد قتلوا في غرف الغاز خلال حكم النازيين لألمانيا، فهناك بالتالي رفض داخل إسرائيل لهذا النوع من السلاح، كما أن إسرائيل لا تحتاج للسلاح الكيماوي، فلديها ترسانة صغيرة، ولكن متنوعة، من الأسلحة النووية التي توفرها لها حماية فائقة القوة إزاء خطر أسلحة الدمار الشامل التي قد تكون لدى خصومها. وكذلك الحال بالنسبة للإيرانيين، الذين خسروا عشرات آلاف الجنود بهجمات كيماوية خلال الحرب مع العراق.
وتقودنا هذه الوقائع إلى التساؤل عن سبب امتناع إسرائيل عن تصديق المعاهدة، قد يكون للأمر علاقة برغبتها في الحفاظ على سياسة “الغموض” التي تنتهجها في ما يتعلق ببرنامجها النووي أو برغبتها في عدم وجود فرق تفتيش دولية على أراضيها.
وإذا ما صادقت إسرائيل على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووي فستكون مصر الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تبقى خارج تلك المعاهدة. وفي الواقع فإن تسليم مصر لترسانتها النووية قد يكون أصعب من قيام إسرائيل بذلك، خاصة وأن مصر لا تمتلك أسلحة نووية.
الأمر الإيجابي الوحيد الذي نتج عن الحرب الدموية في سوريا هو فتح باب النقاش حول ضرورة تدمير الأسلحة الكيماوية حول العالم، فقد أثبتت الحرب بين العراق وإيران، وكذلك الحرب اليمنية التي استخدمت خلالها القوات المصرية الأسلحة الكيماوية، أن ذلك النوع من أسلحة الدمار الشامل قادر على قتل الجنود لكنه غير قادر على تحقيق الانتصارات.
إذا وقعت إسرائيل معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية فقد تتبعها مصر، فالقاهرة قد لا تجد منفعة استراتيجية من إبقاء ترسانتها الكيماوية، كما أنها قد تدرك بأن إخلاء الشرق الأوسط من تلك الأسلحة سيزيد التركيز الدولي على برنامج إسرائيل النووي.
وبالتالي، يمكن لأي دولة تتمتع بعلاقات دبلوماسية جيدة مع مصر وإسرائيل عقد اتفاق بين البلدين من أجل دفعهما نحو الالتزام بالمعاهدة، وفي حال حصول ذلك فستكون المعاهدة قد شملت معظم دول العالم، باستثناء أنغولا وميانمار وجنوب السودان، وكذلك كوريا الشمالية، التي سيكون من الصعب إقناعها بالانضمام للمعاهدة.
إن نجاح مهمة إخلاء المنطقة الأخطر في العالم من الأسلحة الكيماوية سيكون إنجازا تاريخيا لأنه سيحد من خطر حصول الإرهابيين على تلك الأسلحة، كما أنه سيساهم في دفع الشرق الأوسط ككل نحو تحقيق مستقبل مستقر. البشرية تكره السلاح الكيماوي ولدى قادة مصر وإسرائيل الفرصة الآن لتحقيق إنجاز من أجل مستقبل الجميع.
المقال للكاتب باري بليخمن، الباحث في مركز ستيمسن المستقل للدراسات الأمنية، وهو يعكس رأي كاتبه ولا يدل بالضرورة على وجهة نظر CNN.