صفحات العالم

لافروف والاسد


إيلي فواز

ان المأساة الدبلوماسية التي يعيشها السوريون لا تكمن فقط في غياب السياسة الفعالة الاميريكية تجاه ثورتهم، والتي تكتفي باصدار بيانات استنكار وادانة لنظام بشار الاسد الذي تحصد شبيحته كل يوم بمنهجية تشبه مجازر هتلر، مدنيين عزل واطفالا من حولا الى القبيرة، بل ايضًا في تسليم الروس مهمة حل الازمة واستسلامها بالكامل لمناوراتهم ومصالحهم التي تأتي على حساب كرامة الانسان في بلاد الشام.

واية حكمة عند اوباما وادارته في تكليف “بوتين” الذي تميز في ايقاف عجلة الديمقراطية في بلاده واعادها الى نمط الحكم الستاليني المطلق، المزدري اصلا بالانسان وحقوقه، بحل الازمة في سوريا؟

روسيا تقول على لسان لافروف وزير خارجيتها، في كل مناسبة، ان ما بعد الاسد كارثة. والعجب كل العجب ان الاتحاد السوفياتي بعظمته زال، والرفيق لافروف ليس سوى احدى مخلافاته، و لم تحل الكارثة في العالم، وجدار برلين سقط قبلا ولم نشهد لنهاية المعمورة، فما الذي يجعل نظام البعث اهم من المنظومة السوفياتية؟

لافروف يعي تماما ان حكم بشار الاسد انتهى، لان نظام البعث يقوم اساسا على ارهاب الشعب وجعله راضخا خائفا غير قادر على اعتراض النظام تحت طائلة التصفية او السجن والتعذيب، او النفي. وهذا الاساس الذي ارساه الاسد الاب، قد زال وهدم مع انتفاضة الشعب السوري، اي عمليا لم يعد بالامكان حكم الشعب السوري بعد اليوم بنفس الاساليب لانه لم يعد خائفا من مواجهة اجرام وقمع نظام البعث، كما لم يعد بالامكان اعادة انتاج البعث بشكل اصلاحي او ديمقراطي، لانه اولا غير قابل للتجديد وثم على يديه اصبح كثير من دماء واجرام، فالنظام عندما يصبح طرفا في الصراع يسقط تلقائيا.

كل ما يفعله لافروف هو اطالة امد المحنة، والسماح بوقوع مجازر وفظائع اخرى على يد شبيحة الاسد، والسؤال لماذا؟

هل هو من اجل الوصول الى تقسيم سورية طائفيا، حتى يبقى لروسيا متنفسا يطل منه على البحر الابيض المتوسط من خلال الساحل السوري المفترض ان يكون علويا؟

ام ان بوتين لا يرى بعين الرضى تدخل المجتمع الدولي المتزايد في الازمات التي تشتعل في اكثر من مكان في العالم، خاصة وان نظامه بدأ يواجه نواة ثورة ضد حكمه الفاسد؟

للاسف يذهب الشعب السوري ضحية مصالح دول كبرى لا تمت لنضاله بصلة.

بيانات الاستنكار الاتية من الغرب، والولايات المتحدة تحديدا، وتلك التصريحات التي توصف بشاعة الواقع السوري او تتطالب برحيل جزار الشام، او تحذر من حرب اهلية، من دون ان يرافقها اي فعل بالحد الادنى يحمي الابرياء العزل والاطفال الذين يقتلون ويذبحون على ايدي شبيحة النظام وباوامر مباشرة منه، ببساطة لم تعد تكفي.

العقوبات الاقتصادية المفروضة على رجالات النظام لم تف بوعدها في زعزعة نظام البعث واسقاطه. ثم ما الفرق بين ثوار بنغازي وثوار درعا وحمى وحمص وكل المدن المزدهية بثوب الثورة حتى تذعن الولايات المتحدة لروسيا وتنأى بنفسها عن تلك الازمة؟

صور المجازر الوحشية الاتية من سورية، وتلك التي تتناقلها الهواتف المحمولة من ذبح بمناشير الكهرباء لموقوفين ومشاهد التعذيب الوحشية التي لا طاقة لانسان على تحملها، او حتى صرخات النساء المغتصبات وغيرها من صور مهينة لكرامة الانسانية جمعاء، مؤلمة جدا الى حد تجعل من شعور الانتقام من هؤلاء المرتكبين شعورا جميلا. فقبل ان يصبح الانتقام شعورا طبيعيا، فليرسل الناتو طائراته ودباباته فورا باتجاه الشام كما فعل في كوسوفو وليبيا، وقبل فوات الاوان فبقاء الاسد هو الكارثة بعينها وكل ما سياتي من بعده ارحم من هذا الجحيم.

لبنان الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى