لا بد للحرب من أن تنتهي
مايكل كريبون
أحد مؤسّسي مركز ستيمسون الأميركي – ترجمة نسرين ناضر
لا بد للحروب من أن تنتهي، لكن قلّة منها تكون نهايتها جيدة. كتب فريد تشارلز إيكلي كتاباً صغيراً إنما أساسياً حول هذا الموضوع عام 1971. وكانت الفكرة الرئيسة أنه ينبغي على المسؤولين الحكوميين الذين يتّخذون قرارات بالغة الأهمية بشنّ حرب، أو قرارات يمكن أن تقود إلى الحرب، وضع استراتيجيات عسكرية وديبلوماسية لإنهاء الأعمال الحربية بشروط مؤاتية.
يُحدّد إيكلي ثلاثة أمور ينبغي على صانعي القرارات الأميركيين أخذها في الاعتبار:
1 – “يجب ألا تخوض القوات الأميركية قتالاً من دون استراتيجيا عسكرية واضحة، سواء بهدف هزم العدو أو طرد القوات المعتدية وإعادة إرساء السلام”.
2 – “يجب عدم إرسال القوات الأميركية إلى القتال لمجرّد تقديم البرهان عن عزيمة أميركا والتزامها.
3 – “يجب ألا تخوض الولايات المتحدة حرباً بالاستناد إلى استراتيجيا تقوم على “معاقبة”العدو عبر قصف أهداف لا يساهم تدميرها في هزم قوات العدو عسكرياً”.
كيف يمكن تطبيق هذه المعايير على قصف المواقع النووية الإيرانية، أو السيطرة على المجال الجوي السوري، أو التعامل مع الأسلحة الكيميائية التي يملكها نظام الأسد؟
لا يمكن تسديد ضربة حاسمة في ما يتعلّق بإيران وسوريا وكوريا الشمالية. القاسم المشترك بين كل هذه الحالات هو ضرورة عدم الوقوع في المغالطات وتوهّم القدرة على القيام بخطوة نهائية وحاسمة، والتفكير بدلاً من ذلك في المسار الذي يُحتمَل أن يسلكه العمل العسكري الأميركي مع مرور الوقت.
منذ عام 1945، فشلت الولايات المتحدة في شكل عام في إنهاء الحروب بطريقة حاسمة وبتكليلها بالانتصار، ما عدا حرب الخليج الأولى ضد صدام حسين والعمليات العسكرية الصغيرة النطاق مثل عملية غرينادا. وقد كانت استراتيجيات الخروج مدعاةً للحرج أحياناً، بحثاً عن فواصل زمنية لائقة. والأسوأ بينها كانت فيتنام. فمشهد المروحية الصغيرة التي رفعت في الجو عدداً قليلاً من المحظوظين الذين كانوا ينتظرون في صف طويل على سطح مبنى في سايغون للخروج من فيتنام، لا يزال شاهداً على خاتمة مؤرِقة لحرب شُنَّت بهدف إثبات قوّة العزيمة وإنزال العقاب.
تبنّت إدارة جورج بوش الأب الدروس المضمّنة في كتاب فريد إيكلي، في حرب الخليج الأولى، ثم نسيتها إدارة جورج دبليو بوش في أفغانستان وفي حرب ثانية مع صدام حسين. كانت “الحرب على الإرهاب” التي شنّها بوش الابن صرخة للتعبئة، وليس استراتيجيا. فقد انتهكت كل معايير إيكلي لأنها كانت حرباً مفتوحة وغير محدّدة جغرافياً وتتعارض مع الإعلان بأن المهمّة قد أُنجِزَت.
أعاد الرئيس أوباما بحكمة تأطير هذا الصراع، ووضعه في إطار تعطيل القيادة الأساسية في تنظيم “القاعدة”وهزمها، وهما هدفان حربيان قابلان للتحقيق. ثم أحدث تشوّشاً في الأهداف الأميركية عبر تمديد النزاع ليشمل “شركاء”تنظيم “القاعدة”و”من لديهم روابط معه”. تُظهر الهجمات بالطائرات غير المأهولة مدى ابتعاد إدارة أوباما عن معايير إيكلي.
كانت استراتيجيا الخروج الأميركي في العراق أفضل بكثير منها في فيتنام، لكن ثمن تغيير النظام كان باهظاً جداً، ومستقبل العراق ضبابي في أفضل الأحوال. لم تتحدّد بعد معالم النتيجة في أفغانستان، إلا أنها قد تبدو مألوفة إلى درجة محبطة. بعد التعبير عن توقّعات موثوقة بشأن خوض حروب في أفغانستان والعراق، يدين المحلّلون والسياسيون الأميركيون الصقوريون لمواطنيهم بأكثر من خطط عمل عسكرية جديدة. بدايةً، ربما عليهم أن يشرحوا كيف تلبّي اقتراحاتهم الجديدة لاستخدام القوّة، معايير إيكلي. وكذلك على دعاة التدخّل لأسباب إنسانية الذين يرغبون في تعريض القوات الأميركية للخطر أن يوضحوا الأهداف والأثمان المتوقَّعة.
النهار