صفحات العالم

لماذا الاصرار على إسقاط الاسد؟

 

    سميح صعب

لم تؤمن المعارضة السورية في الخارج المدعومة من الغرب ودول مجلس التعاون الخليجي وتركيا منذ بداية الازمة في سوريا بتسوية سياسية يكون الرئيس بشار الاسد جزءاً منها. واستند هؤلاء في موقفهم الى فرضية ان التغييرات في الدول التي اجتاحتها موجة من الاحتجاجات منذ سنتين ونيف لم تحصل الا باسقاط رأس النظام في هذه الدول دون نظر الى طبيعة الاصلاحات التي تحققت او مدى التحول الديموقراطي الذي حصل في هذا البلد أو ذاك. 

وفي المقابل، كانت روسيا والصين وايران تدعو الى حل سياسي يكون الاسد جزءاً منه. ومن هنا برز الاختلاف الجذري في المواقف الدولية. واذا كان بيان جنيف جاء غامضاً من حيث مصير الاسد، فإن كل طرف تبنى تفسيراً مختلفاً له. وسقط كوفي أنان ضحية هذا الاختلاف، وها هو الاخضر الابرهيمي يوشك على اللحاق به.

ومنذ الاشهر الاولى للأزمة في سوريا أسقطت المعارضة في الخارج وواشنطن وباريس وأنقرة والدوحة عليها الحالات التي حصلت في تونس ومصر وليبيا واليمن، وكانت موقنة ان سقوط الاسد لا بد حاصل في غضون أسابيع او أشهر، وبنت كل استراتيجيتها على هذا التوقع.  أما روسيا والصين وايران فحدست منذ بدايات الازمة في سوريا ان ثمة رغبة غربية وعربية وتركية في تغيير النظام السوري من أجل إحداث تحول جيوسياسي في المنطقة ينتهي بتوجيه ضربة قوية الى المصالح الروسية في الشرق الاوسط وبعزل ايران واضعاف “حزب الله” في لبنان. لذلك أصر هؤلاء الاطراف على الدعوة الى الاصلاح في سوريا من ضمن النظام ووقفوا بشدة ضد كل محاولة لأخذ الازمة السورية الى المكان الذي أخذت اليه الاحداث في تونس ومصر وليبيا أو اليمن.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واضحاً قبل ايام في توصيفه للوضع السوري عندما قال ان الغرب يريد إحداث تغيير جيواستراتيجي من غير ان يدفع هو نفسه ثمن ذلك وانما السوريون أنفسهم من يدفع هذا الثمن. وبعبارة اخرى، إن الولايات المتحدة التي قررت بعد حربي العراق وافغانستان ألا تخوض حروباً مباشرة ، تدعم اليوم حرباً غير تقليدية في سوريا للغرض الذي خاضت من أجله حربين مباشرتين في العقد الماضي.

في هذا السياق يصير مفهوماً استعصاء الازمة السورية على الحلول واستمرار رهان الغرب على حل عسكري ينتهي باسقاط الاسد واقامة نظام موال للغرب وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي. في حين تدافع روسيا والصين وايران عن الاسد ليس حباً بالاسد وانما لمنع التحول الجيوسياسي الذي سينقل سوريا من ضفة الى ضفة.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى