لماذا لا يتأثر التحالف الروسي الإيراني بالخلافات بين البلدين؟
ترجمة وتحرير أسامة محمد – الخليج الجديد
يؤكد العديد من المحللين أن العلاقة بين روسيا وإيران ليست سوى «زواج مصلحي». ودعما لحججهم، يستشهدون بتاريخ العداء الطويل، والشكوك المتبادلة لمدة 500 عام بين الشعب الإيراني وروسيا، والأهداف والأيديولوجيات المختلفة بين البلدين. ولا يزال هذا المنطق قابلا للنقاش، ولكنه في نهاية المطاف لا يغير كثيرا في الديناميات قصيرة الأجل التي وضعت البلدين في نفس الخندق.
ومهما كان، فإن التحالف بين إيران وروسيا يمضي قدما. واستنادا إلى دراسة دقيقة للتسلسل الزمني للأحداث بين الطرفين خلال السنوات العشر الأخيرة أو نحو ذلك، يبدو لنا أن هذا المشروع قد بدأته موسكو. وقد وفرت المحادثات النووية وأزمة سوريا لروسيا ما يكفي من الرياح المواتية لإطلاق مشروعها الإيراني. وفي الآونة الأخيرة، أعلن علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي (المنصب الذي شغله الرئيس حسن روحاني بين عامي 1988 و 2005) أن إيران وروسيا تشتركان في قاعدة عسكرية «حيث تنفذ إيران مهمتها الاستشارية في مساعدة الجيش السوري و تقوم بدعم قوات المقاومة المساندة للنظام بمساعدة روسيا». وتقاتل قوات البلدين جنبا إلى جنب في سوريا كحلفاء.
يمكن تبسيط معضلة الولايات المتحدة على النحو التالي: كلما ازدادت الصعوبات في أحد أو كلا البلدين، كلما كان أقرب إلى الآخر. صحيح أن الأنماط السابقة للديناميكية في العلاقة بين الدول الثلاث، الولايات المتحدة وروسيا وإيران، قد تظهر علامات تؤكد فرضيات أنه عندما تقترب الولايات المتحدة من إحدى الدولتين، فإن هذا البلد قد يقلل من علاقاته مع الآخر. ومع ذلك، فإنه من الصعب القياس على الأوقات السابقة حيث تسعى روسيا الجديدة لاستعادة جزء من جاذبية الاتحاد السوفييتي. الفوائد المتوقعة ووهم السلطة يجب أن يكون له أثر على تصور روسيا لنفسها واستراتيجياتها المستقبلية إلى حد لن يؤدي معه حتى تحسن العلاقات الأمريكية الروسية إلى انخفاض قيمة إيران في النظرة الروسية العامة.
وحتى النظرية القائلة بأن روسيا وإيران متجهتان إلى التنافس في مجال صادرات الطاقة، فقد تلاشت بعد زيارة «روحاني» الأخيرة لموسكو (27 مارس). وقد قال مسؤولون إيرانيون «أن روسيا ستقرر الآن مقدار النفط والغاز في أي حقل، تشارك فيه الشركات الروسية، ومتى يمكن أن تنتج وبأي ثمن تبيع». وهذا تحول شامل وعميق في السياسات التقليدية لإيران. وهي أيضا خطوة مركزية لسيطرة روسيا على أسواق الغاز الطبيعي العالمية. وعلاوة على ذلك، فإن النزاعات المعتادة بشأن ترسيم حدود بحر قزوين هي الآن، بعد زيارة «روحاني»، قضية من الماضي. وقد استغرق ذلك الكثير من العمل من الخبراء في الجانبين لتسوية الجزء الشائك المتعلق بحدود مياه كل دولة في بحر قزوين.
هل سيستمر التحالف الروسي الإيراني لفترة طويلة؟ هل هي استراتيجية؟ هل لديهما أسباب تختلف أحيانا؟ هذا نوع من الأسئلة غير ذات الصلة لأنه لا توجد تحالفات تدوم إلى الأبد، وفي كل تحالف، هناك وجهات نظر ومصالح مختلفة. لقد أشرنا من قبل أن روسيا قد برزت بالفعل من صدمة انهيار الاتحاد السوفييتي. كما أن إيران خرجت من 37 عاما من مختلف مستويات العزلة والضغوط. وهذا بدوره يثير الشكوك حول التأكيدات السابقة والأنماط السابقة. وهو يضع أيضا أمام أعيننا نموذجا جديدا في العلاقات بين البلدين، وفي وضع كل منها في المناطق ذات الصلة مثل آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
يجب أن يكون أحد أبعاد الوجود الروسي في سوريا هو الاستجابة للطلبات الإيرانية، كجزء من المهر السخي المقدم لطلب «يد إيران».أما البعد الآخر فهو يكمن في ما جعل الرئيس السابق «باراك أوباما≥ يتساءل علنا وبصوت عال عن دهشته لكيفية مساعدة روسيا على التوصل إلى الاتفاق النووي. وتستند الأساليب الرئيسية لـ«بوتين» إلى أساليب متعددة، من بينها استخدام الأخطاء الأمريكية.
لا ينبغي أن يستغرب أحد إذا وجدنا في يوم من الأيام أن روسيا كانت تأمل دائما أن لا يتصدر المعسكر المعتدل نسبيا في طهران. إذا حدث ذلك، فإن الشركات الغربية ستحتشد للمشاركة في تنفيذ إصلاحات ومشاريع المعتدلين. وعلاوة على هذا، فإن التوتر الناجم عن سياسة المتشددين سيساعد روسيا في بيع المزيد من الأسلحة إلى إيران.
إن الهدف النهائي للرئيس «بوتين» هو كسر ما يراه نظاما عالميا أحادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة. وتراهن إيران على موسكو للحصول على ما تعتبره حصتها في الشرق الأوسط. ووعدت روسيا بإعطاء إيران ما تريد، وأثبتت روسيا مساعيها تلك في سوريا. ولكن ما سيتبع ليس بالضرورة أن موسكو ستعطي «تفويضا مطلقا» لإيران في الشرق الأوسط. وهذا قد يوضع ضغوطا لا تطاق على الموارد الروسية. وبوتين أكثر عرضة لأن يعطي العرب الخيار: إما الانفصال عن الولايات المتحدة، أو السماح إيران بالمضي أبعد مما قامت به في المنطقة.
من الواضح، أن هذا لن يحدث بهذه الطريقة المبسطة. لكننا رأينا بالفعل بعض القادة العرب الذين قاموا بالذهاب الى موسكو لطلب التغيير في السياسة الروسية والمساعدة في كبح جماح إيران. بالنسبة لـ«بوتين»، فمن السابق لأوانه القيام بذلك. إن الأفضل هو الانتظار، طالما أن حلفاءه يحققون تقدما. ثم مرة أخرى، بالنسبة لروسيا، فإن ذلك قد لا يكون صيغة مناسبة. تتمثل الصيغة المناسبة لموسكو في لعب دور «الوسيط» بين العرب والإيرانيين. وبعبارة أخرى، ألا يكون هناك حاجة للاختيار بين الجانبين.
تدرك روسيا أنه إذا قمت بكسب صديق، يمكنك استخدام هذا الجسر لمضاعفة الأرباح من خلال تعزيز الصداقة. المشكلة الوحيدة هنا هي أن صداقة روسيا تأتي على حساب الغرب. يمكن أن يتم مشروع «بوتين» لتغيير النظام العالمي من خلال صفقة مع الولايات المتحدة. ولكن إذا لم يكن هناك صفقة من هذا القبيل، فهذا لا يعني أن هذا المشروع سيتجمد. وبطريقة ما، هذا هو ما يحدث بالفعل.
إيران قيمة جدا لروسيا. سوف تتقدم موسكو خطوة لاستيعاب حلفائها في طهران. هي ببساطة ترى أن هناك مكاسب يمكن تمريرها من هذه العلاقة. لذا فإن ما نراه بالفعل هو أن التحالف الروسي الإيراني يزداد كل يوم ويتقدم بسرعة.
المصدر | ميدل إيست بريفينغ