لماذا لا يتقاسم بوتين والاسد نوبل للسلام!/ رأي القدس
رشحت ‘الاكاديمية الدولية للاتحاد الروحي والتعاون شعوب العالم’ الرئيس فلاديمير بوتين لجائزة نوبل للسلام.
الترشيح جاء بحسب هذه المنظمة ‘بسبب دور الرئيس بوتين في الأزمة السورية’.
وقد دعمت شخصيات روسية عديدة بينها المغني والنائب يوسف كوبزون هذا الترشيح.
النائب المغني قال انه يشعر بالخيبة لمنح باراك اوباما هذه الجائزة ‘الذي اطلق ووافق على هجمات على غرار تلك المرتكبة في العراق او افغانستان فيما لم تمنح لفلاديمير بوتين’.
يبدو تبرير الترشيح أسوأ من الترشيح نفسه، فهو قد يفسّر بأنه ما دام اوباما وافق على حروب قتلت مئات الآلاف من البشر فمنحت له جائزة السلام فلماذا لا تمنح لبوتين أيضا وهو لم يقصّر أيضاً في قتل مئات الآلاف؟ او لعلّ معنى التبرير، في اعتقاد قائله، أن اوباما مجرم حرب بينما بوتين هو حمامة سلام؟ فبحسب رئيس الاكاديمية، باسلان كوباخيفا، فان بوتين ‘يحاول ايقاف حمام الدم في سورية من خلال الحوار السياسي’.
يبدو هذا الخبر طريفاً لكثيرين ممن اعتادوا الحملات الاعلامية التي تقوم بها ماكينة دعاية بوتين، والتي تذكّر للأسف بمسلسل كوميدي طويل للطغاة العرب.
فبوتين هو رجل الدولة الحازم، وهو رجل المخابرات القاسي الذي وصفه دبلوماسي غربي في التسريبات التي نشرتها ويكيليكس أن شكله يصبح عصابياً واجرامياً عند ذكر كلمة الشيشان، وهو سائق الطائرة المقاتلة وكابتن الغواصة النووية وسائق ‘الفورمولا ون’ وراكب الخيل ولاعب الجودو ومحبوب المراهقات وصاحب العلاقات الغرامية العديدة (أخرها كان مع ايلينا كابايفا لاعبة الجمباز الروسية).
وجنون البروباغاندا عند بوتين لم يوفّر الأطفال ايضاً من دعايته، كما أن كثيرين ربما شاهدوا أيضا شريطه الذي يظهر فيه مشاركاً في برنامج ‘الصوت’ The Voice الروسي!
لكن خبر ترشيح بوتين لجائزة نوبل للسلام ليس خبراً طريفاً البتة لعائلات اكثر من مئة وخمسة عشر الف ضحية سورية موثقة اسماؤهم حتى الآن، ولا لملايين النازحين السوريين الذين هجرهم قصف طائرات الميغ والسوخوي الروسية، ودمّرت بيوتهم الصواريخ الباليستية الروسية، ولا لناشطيهم السلميين الذين ساهمت برامج ومساعدات الخبراء والجواسيس الروس في اعتقالهم، ولا للشعب السوري كله الذي منعت عنه الإغاثة فيتوات روسيا المتكررة، وأوقفت أي حلّ دوليّ ناجع يوقف المذبحة المستمرة التي يقودها النظام ضد شعبه.
ولعلّ الإنجاز الأكبر الذي على روسيا بوتين أن تفخر به ما تناقلته الأنباء أخيراً أن آلة الموت الكيميائية وفي صلبها غاز السارين الذي استخدم في قصف الاطفال السوريين وأمهاتهم وآبائهم تم تسريب شحنات منها للنظام السوري خلال فترة حكم بوريس يلتسين، الذي سلّم الحكم في صفقة كبيرة وقتها تحميه من المساءلة بتهم الفساد الى رئيس وزرائه آنذاك: فلاديمير فلاديميروفتش بوتين.
يشترك بوتين مع بشار الأسد في أن قدومهما الى الحكم كان في السنة نفسها وفي أن كليهما متمسكان بالحكم بأية طريقة، وهذه الواقعة تبدو للسوريين الذين ذاقوا ما ذاقوه من الغطاء السياسي والعسكري الروسي للرئيس السوري ونظامه أمراً أقرب للعنة التاريخية منها للصدفة.
الرئيس الروسي بوتين منع بحسب مؤيده المتحمس باسلان كوباخيفا ‘حرباً عالمية ثالثة في سورية’، لكن بالنسبة للسوريين فان الحرب ما تزال تضربهم كل يوم وتكسر نسيجهم الاجتماعي والسياسي والديني وتفتح هاوية مخيفة تسير اليها بلدهم.
على أية حال فان جائزة نوبل للسلام أعطيت لأشخاص لديهم سجلّ حافل بتحطيم الشعوب والاجرام السياسي مثل وزير خارجية امريكا الأسبق هنري كيسنجر والرئيس الاسرائيلي الحالي شيمون بيريس وعليه فان السؤال، ما دام موسم الترشيحات مفتوحاً فلماذا لا يتقاسم بوتين الجائزة مع الأسد؟
القدس العربي