صفحات الناس

لواء “الساحل” .. حقيقة الحرب وعلويتها!/ رجا طلب

 

 

افتقدنا خلال الأسبوعين الماضيين “الطلة غير البهية” لحسن نصر الله، هذه الطلة التي تحولت على مدى شهرين متتالين وجبة مفروضة على فضائيات إعلام ما يسمى بالمقاومة والممانعة، غياب تلك الطلة في اعتقادي ليست بسبب وعكة صحية تعرض لها الرجل وفي الأغلب والمرجح أنه أدرك مؤخراً حقيقتين اثنتين صادمتين:

الأولى: أن ظهوره بات مملاً وغير مبرر والأهم أنه لا يحمل أدنى تأثير على المتلقي سواء أكان من معسكر “المماتعة” أو المعسكر الآخر المعارض لإيران وأدواتها هذا عدا أن كل إطلالة له أصبحت تتناقض بمضامينها مع الإطلالات السابقة واللاحقة حيث تحول الرجل إلى ” نكتة سياسية ” بكل معنى الكلمة.

الثانية: إن الوضع الميداني على الأرض تحول بشكل دراماتيكي لصالح الفصائل السورية المعارضة وبخاصة بعد حسم معركة ادلب وجسر الشغور واريحا، فالرجل الذي عول على الحسم العسكري بعد ذوبان الثلج في جرود عرسال وبقية الجرود الأخرى تجرع هو وقواته المتورطة في سوريا مرارة خسائر فادحة في الأرواح وباتت قوافل القتلى من ميليشياته تشكل سكيناً يطعن مصداقيته أمام جمهوره الشيعي الذي أخذ يُعلى الصوت في السؤال عن جدوى التورط في سوريا والدفاع عن بشار الأسد، وهو ما دفع نصر الله إلى تصنيف المعسكر الشيعي إلى صنفين أو صفين، صف المقاومة والأبطال، وصف العمالة والجاسوسية والذين أسماهم “شيعة السفارة الأمريكية”.

غياب نصر الله والذي قد يكون مؤقتاً لأنه في كل الأحوال لا يملك قراراً بالغياب أو الحضور الإعلامي فقراراه في طهران وليس في جيبه، وإعلان الحرس الجمهوري للنظام عن التجنيد لتشكيل لواء يسمى لواء الساحل والمقصود الساحل العلوي، هما مؤشران مهمين على طريق الاستنتاج أن نظام بشار الأسد بات كسيحاً، حيث فقد القدرة تماماً في السيطرة على جغرافيا الدولة السورية، فهو من الناحية العملية لم يعد يسيطر على أكثر من 20% من الأراضي السورية، كما فقد كل معابره ومنافذه الحدودية مع الجوار التركي والأردني والعراقي، ولم يتبق له إلا منفذه الحدودي مع لبنان، وأصبح همه الأساسي المحافظة على رمزية تواجده في العاصمة دمشق، والحفاظ على تواجده كطائفة حاكمة في الساحل السوري، ومن هنا جاء اضطراره إلى الدعوة لتشكيل “لواء الساحل” بعد اكتشاف عجزه على التعبئة العامة لمواصلة معاركه مع المعارضة السورية المسلحة، وبعد أن اكتشف أيضاً أن أبناء الطائفة العلوية نفسها لم يعودوا يثقون به كنظام قادر على حمايتهم، وهذا ما يفسر طبيعة الإغراءات التي قدمها الإعلان الصادر من الحرس الجمهوري للراغبين في التطوع في لواء الساحل ومنها أبرز تلك الإغراءات تقديم رواتب ومكافآت تصل إلى 40 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 140 دولاراً أمريكيا ( بالنسبة للحياة في سوريا يعد هذا الرقم مبلغا مغريا”، هذا عدا عن أن الإعلان أعطى الراغبين بالتطوع حق اختيار الانضمام للواء بعقد لمدة سنتين أو بعقد دائم، بالإضافة لتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الاحتياطية والإلزامية، وحالات الفرار من الجيش قبل تاريخ 1/1/2015، وحُدد مقر الالتحاق والاستعلام في مركز الحرس الجمهوري، مقابل الكلية البحرية، مدرسة الفنون بالقرداحة، مما يؤكد بأن الإعلان موجه بصورة خاصة لأبناء الطائفة العلوية.

الآن لم يعد هناك مجالاً للبروبغندا وتزييف حقيقة المواجهة والصراع في سوريا، فقد افتضح أمر النظام أكثر من أي وقت سبق، فهو يخوض صراعاً طائفياً مقيتاً وحاول تغطية هذا الصراع الذي يهدف في الأساس الحفاظ على حكم آل الأسد بشعارات قومية فقدت بريقها منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وشعار محاربة الإرهاب بعد أن استثمر في داعش والقاعدة، غير أن كل ذلك لم ينجح في إقناع العالم بأن النظام الذي قتل من شعبه ربع مليون إنسان يحق له الحديث عن الإرهاب، وهو مخترع براميل الموت والقتل بغاز الكلور عدا أساليب القتل البشعة المباشرة كالحرق وتقطيع الأطراف والقتل بالدفن.

لواء الساحل العلوي هو المتمم الموضوعي للحشد الشعبي في العراق وللواء القلعة في لبنان، فالخارطة لطائفية الحرب في سوريا أصبحت مكشوفة وواضحة أكثر من أي وقت مضي ولم يعد “شعار” المقاومة والممانعة ينطلي على أحد!!

موقع 24

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى