مؤتمر انطاليا بادرة خير يُراد بها ألف باطل
يوسف كوتي
كثيراً ما بتنا نسمع في الاونة الأخيرة عن قرب انعقاد مؤتمر موسع جامع للمعارضة السورية في تركيا ، حيث كان من المزمع في البداية انعقاده في مصر أو بلجيكا و أخيراَ تم الاتفاق على عقده في مدينة انطاليا التركية ، و حسبما روَج كثيراً لهذا المؤتمر فقد كان من المقرر أن يجتمع فيه كافة اقطاب المعارضة على اختلاف توجهاتهم و انتماءاتهم حتى تكون نتائجه بمثابة خارطة الطريق التي سوف تحدد عمل المعارضة للفترة القادمة ، و باختصار كان هناك فئة لا بأس بها من المعارضين و حتى المراقبين يعولون الكثير على هذا الاجتماع ، حتى إنني سمعت في احدى النقاشات مع احد سياسيينا الكرد منذ عدة ايام ، بأنهم يطلبون التوقف عن القيام بأي نشاط احتجاجي و غيره إلى حين الانتهاء من اعمال هذا المؤتمر و الالتزام بقراراته و العمل من خلال اللجان المنبثقة عنه ، و حقيقةً تفاجأت كثيراً من كلام هذا السياسي من شدة تفاؤله و تعويله على انعقاد هذا المؤتمر الأنف الذكر .!!!
لكن و قبل أيام معدودة من موعد انعقاده و اعلان الاحزاب الكردية و بعض اطراف المعارضة الاخرى – كبعض أطراف أعلان دمشق و غيرها – بعدم المشاركة فيه حتى إنهم لم يتلقوا دعوة بالحضور من أي جهة رسمية ، لا الراعية ولا المنظمة ، هذا ما استوجب الوقوف عند بعض النقاط الهامة و الانتباه لها و خاصة من قبل الطرف الكردي .
لاحظنا في الشهر المنصرم قيام تركيا بقيادة حزب العدالة و التنمية الاسلامي ، بتنظيم مؤتمر في مدينة اسطنبول سمتهُ مؤتمر المعارضة السورية ، و اللافت للانتباه في ذلك المؤتمر هو وضوح غلبة الطابع الاسلامي السني عليه المتمثل بالاخوان المسلمين ، و بنفس الوقت غياب تمثيل اطراف المعارضة السورية الأخرى و خاصة الكردية بأحزابه و شخصياته الوطنية المعروفة ، ماعدا شخصان اثنان فقط و لا ندري بأي صفة كان قد تم استدعائهم و لكن الملاحظ في الكلمات التي ألقوها باسم المكون الكردي ، كانت في مجملها مدح و ثناء لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان .!!!
بتكرار نفس سيناريو مؤتمر اسطنبول و تطبيقه على مؤتمر انطاليا ايضاَ اي قيام تركيا بتقديم الجانب الاسلامي (الاخوان المسلمين) للأمام من جهة و تهميش الجهات المعارضة الاخرى من جهة ثانية بات واضحٌ للجميع حقيقة سوء نوايا الاتراك ، و بالاخص حزب العدالة و التنمية تجاه القضية الكردية ، فقيامها للمرة الثانية بتهميش الاحزاب الكردية الموجودة على الساحة الوطنية السورية و القيام بدعوة جهات و شخصيات لكي تمثل الجانب الكردي ، تتواجد اغلبها خارج سورية ولا تتمتع بأي شعبية على أرض الواقع يضع هذا المؤتمر موضع الشك و الريبة ولذا بات من المستحسن العمل على اظهار الحقائق و تحاشي تكرار الوقوع في المكائد التركية المتكررة ، وهنا لا نلقى حرجاً إذا قلنا لهؤلاء الاخوة اللذين يودون المشاركة بأنهم لا يملكون الشرعية المطلوبة للذهاب و التحدث باسم الشعب الكردي في أي مكان آخر في العالم و ليس فقط في انطاليا التركية. فتركيا كما هو معروف صاحبة باع طويل في معاداة الكرد وخداعهم و معاهدة لوزان 1923م. مازالت حاضرة في ذاكرة كل كردي اذ قامت تركيا وقتها بتقديم عدة شخصيات كردية على اعتبارهم الممثلين الشرعيين للشعب الكردي و بالتالي فرضت عليهم ماتريد واستعمرت كردستان الشمالية باسمهم حتى يومنا الراهن.
مجمل الكلام هنا موجه إلى المعارض الكردي ، مادمنا جميعاً نتفق على ضرورة عقد مؤتمر للمعارضة إذاَ الافضل لنا في هذه المرحلة الحساسة العودة إلى المرجعية الوطنية الكردية المنبثقة عن اتفاق قامشلو (14/5/2011 م ). و التي اتفق فيها و لاول مرة في تاريخ حركتنا الكردية في سوريا (12) حزباَ كردياَ و استطاعت الخروج ببيان مشترك و ضعت فيها رؤيتها المشتركة للخروج بسوريا من أزمتها الراهنة و حل القضية الكردية بالطرق السلمية الديمقراطية ، حتى بات يمكننا القول بأن هذا الاتفاق كان بمثابة المؤتمر الاكثر و طنية و شرعية حتى الأن على مستوى سوريا ككل واعتباره اللبنة الاساسية لاتفاق اطراف المعارضة الاخرى و جمع شتاتها و بالتالي فأن المجال مفتوح أمام الطرف الكردي كونه الجهة المعارضة الاكثر تنظيماً للعمل بشكل جدًي على الاتصال باطراف المعارضة الاخرى و السعي لتنظيم مؤتمر للمعارضة السورية ، إذ يمكن عقده في أي مكان آخر غير تركيا و إذا كان ولا بد من تركيا فمدينة دياربكر أولى من انطاليا و إلا فأن بلجيكا ابدى من تركيا و اسلم
اعلامي و ناشط كردي سوري