ماذا قال ماريو فارغاس يوسا للطلاب؟/ اعداد رلى راشد
يجزم ماريو فارغاس يوسا انه كان ليصير من دون التخييل أقل وعيا لأهمية الحرية في جعل الحياة تستحق العيش. في خريف 2010، كان الكاتب منخرطا في برنامج التدريس في جامعة “برينستون” حين بلغه خبر منحه جائزة نوبل للآداب. بعد ثلاثة أعوام على تلك اللحظة، عاد البيروفياني الى الصرح الجامعي ليستعيد التجربة الفريدة التي شكّلها تقاسم الأفكار المنوطة بالتأليف مع الطلاب، ومدّهم بأدوات الحرية في السياق عينه أيضا. عن هذا النسق من التماس وعن رذاذ الجائزة الأدبية الأبرز، تحدّث قسم التواصل في الجامعة الى الكاتب، فسأله أولا عن تجربة التعليم في “برينستون”، ليضيء فارغاس يوسا على اجتهاد الطلاب وهندسة القاعات الصغيرة التي تسمح لهم بأن يشاركوا على نحو فاعل في النقاش. يصرّ فارغاس يوسا على ما يبدو، أن تبدل الكتابة قدرهم مثلما بدّلت قدره. عاد الكاتب الى قاعة التدريس مباشرة بعد علمه بالفوز بجائزة نوبل، فماذا قال للطلاب؟ أجاب: “شرحت لهم ان الفوز كان مباغتا فعلا. اقتنعت بأن الجائزة لن تركن إليَّ. أطلعت الطلاب على انفعالي الشديد، لأن الإمتياز اعتراف بالجهد، ولأن تأثيره في مسار العناوين الكتابية هائل. أفصحت أمامهم عن شوقي لمعرفة ما يأتي. ليزيد ان الجائزة أتت بمثابة حكاية خرافية ولكن لم تلبث أن صارت مسألة معقدة جدا. قال: “لا يسعك أن تعي الضغط الذي تتعرض له بغية المشاركة في المهرجانات الأدبية والمحاضرات من أجل الترويج لكتبك في جميع أنحاء العالم. إزاء هذه الواجبات الضاغطة، إضطررت الى المكافحة للمحافظة على شيء من وقتي. تستوجب الكتابة الوحدة والإنضباط. من الصعب جدا الفوز بالإنزواء، خصوصا في العام الأول على نيلك الجائزة. لحسن الحظ، بات الأمر أفضل اليوم”.
أشعر كأني لَكَمتُ بابا نويل!
كان متوقّعا أن يصدر الصوت الناشز على خبر نيل أليس مونرو نوبل الآداب من جهة الأميركي بريت ايستون إيليس، أحد أبناء “جيل أكس” الى جانب ديفيد فوستر والاس وآخرين. يهوى الكاتب الذي جرى الإحتفاء به في الولايات المتحدة وأوروبا على نحو متأخر، إثارة البلبلة ما إن تسنح الفرصة.
والحال انه قابل إعلان انتقاء “الأكاديمية الأسوجية” لتجربة أليس مونرو بكلام مقتضب خالف الإجماع. لم يرقه على ما يبدو تكريم مونرو على المستوى الدولي فاستعجل مدوِّنا على حسابه على موقع “تويتر”: “ثمة مبالغة في تقدير أليس مونرو”. ليلحق الكلام برسالة أخرى حيث نقرأ: “لطالما أخطأ الجميع في تقدير أليس مونرو كاتبةً، والآن بعدما نالت نوبل ستظل الأمور على حالها. ان الجائزة مهزلة وهي كذلك منذ أعوام عدة”. غير ان ردود الفعل الغاضبة على تعليقاته المخالفة للمناخ العام دفعت به بعد ساعات فحسب، الى محاولة تفسير موقفه مشيراً الى احتمال أن يعيد قراءة نصوص مونرو. كتب في ما يشبه الإعتذار اللئيم: “تدفع بي الكراهية العاطفية الى إعادة قراءة مونرو، أشعر كأني لَكَمت بابا نويل”.
رامبو الابن
صدر بحث بيار ميشون “رامبو الابن” في فرنسا في 1991، ليصل الى جمهور أوسع في 2013 من طريق نقله الى الإنكليزية لدى منشورات “يال يونيفرستي برس”. في الكتاب يروي ميشون الشاعر رامبو المرصود لحال من التأفّف الوجودي، ويحاول التسلّل الى عيني صبي أتعبه أن يحلم بقدره، من دون كلل. يهتم ميشون برامبو الفاقد للرضى وانما المشتغل بالحلم، ويطلعنا ان والدة الشاعر سيدة احتاجت الى الحبّ أكثر من سواها، ولم تستطع تاليا الإستجابة لنداءات طفلها العاطفية. يقول ميشون في شأنها: “كانت تخفي بئرا هائلة حيث تقهقر كل شيء”. لم تفهم السيدة مغزى الأبيات التي ألّفها رامبو، غير ان ذلك لم يمنع قيام صلة قريبة جدا بين الإبن والأم “تشبه الصلة القائمة بين حاكمَي عاصمتين بعيدتين جغرافيا ينصرفان الى تبادل الرسائل”. على رغم التباعد الظاهري، يؤكد ميشون أن “نسقاً من الحب” جمع بينهما فيقدّم نصا يشبه السيرة في حين يعرج على البحث والتخييل أيضا. على مرّ الصفحات يأتي ميشون بمشاعر شخصية جدا في شأن رامبو حول الموهبة بل والعبقرية التي حوّلت قصيدته. ميشون شاعر في الأساس ويدرك أن كتابه المتمحور على رامبو أشبه بمغامرة وسيضاف الى عناوين أخرى تناولته بلا ريب. غير ان ميشون ينجح في “رامبو الإبن” بالإتيان بنظرة ثاقبة في سياق تأمله الشاعر الفرنسي “فتى طويل القامة وصاحب يدين ضخمتين ومكتنزتين، كمثل أيادي عاملات الغسيل، يقول مالارميه”.
النهار