ماريا كوداما أرملة الكاتب الأرجنتيني الكبير: خورخي لويس بورخيس المفترى عليه بعد رحيله
غرناطة- من محمّد محمّد الخطاّبي: إختتمت ماريا كوداما أرملة الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس فى(14 حزيران/يونيو 2012) أشغال وفعاليات الندوة الدولية التي نظمتها ‘المكتبة الوطنية الإسبانية ‘بمدريد مؤخرا بمناسبة مرور ثلاثة قرون على تأسيسها تحت عنوان ‘الكتاب مثل الكون’ حيث صادف ذلك اليوم بالذات الذكرى السادسة والعشرين لرحيل خورخي لويس بورخيس، وشاركت ماريا كوداما في هذه الندوة الدولية بمحاضرة ضافية قامت خلالها بتحليل دقيق لعلاقة بورخيس الحميمة بالكتب والمكتبات، كما سلطت الأضواء على المعايشات التي تسنّى لزوجها من جرّائها خلق’ عوالم مكتبيّة’ في العديد من أعماله حتى أصبح هذا الهاجس عنده رمزا كلاسيكيا لثقافتنا المعاصرة.
وقالت كوداما (التي هي كذلك رئيسة ‘المؤسّسة الدولية خورخي لويس بورخيس’) خلال هذه الندوة إنها بصدد إعداد كتاب سيرى النور قريبا يتضمّن مذكراتها التي تفصح فيها عن حياتها الخاصة مع بورخيس وسفرياتها معه، كما تتضمّن المذكرات العديد من الأخبار والاسرار التي لم يسبق نشرها أو ذيوعها حول بورخيس. وأشارت أن هذا الكتاب لن يكون بمثابة تصفية حسابات مع النقاد الذين تطاولوا أو تهجّموا على زوجها بعد رحيله، بقدر ما هو توضيح لكل ما ظل مبهما ومجهولا في حياة بورخيس، ذلك أن العديد من الناس والكتاب والنقاد قد نشروا غير قليل من الأكاذيب والافتراءات والمبالغات حوله.كما أكّدت ماريا كوداما في هذا القبيل خلال هذه الندوة كذلك: ‘إن نشر هذا الكتاب جاء نتيجة المعاناة التي كانت تشعر بها حيث سبّب لها كل ما نشر حول بورخيس حزنا عميقا وقلقا مفرطا وصل حدّ الإكتئاب، بل ان كل تلك الأكاذيب قد أصابتها بالدهشة والشدوه من هؤلاء المفترين الذين يطلقون الكلام على عواهنه حتى ولولم يتعرّفوا قط على بورخيس، على الرغم من أن بورخيس لم ينظر قطّ بعين الاحتقار أو الازدراء نحو أيّ كاتب أو ايّ عمل أدبي، بل إنه كان يكنّ الإحترام للجميع حتى وإن لم يتعاطف مع بعض هؤلاء الكتّاب الذين كان لا يتورّع من انتقاد بعضهم، ذلك أنّ النقد عنده كان يعني ضربا من ‘اللعب’ نظرا لطبعه الذي يميل للسخرية والتسرّي حيث كان يطبّق ذلك حتى على نفسه وأعماله’.
باقة من القصائد
وقالت كوداما إنها تعمل مع العديد من الجهات التي تعنى ببورخيس وأعماله على إعداد مشروع أدبي لوضع باقة من القصائد على واجهات السيارات ليلة عيد ميلاد بورخيس المقبل الذي يصادف 24 آب/أغسطس القادم.
كما ستقام بهذه المناسبة ندوات دراسية حول بورخيس وأدبه بمشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين من الباحثين والمهتمّين والمتتبّعين لأعمال هذا الكاتب الفذ.
وتعرّضت ماريا كوداما خلال هذه الندوة الأدبية إلى المرحلة التي كان فيها بورخيس مديرا للمكتبة الوطنية في بوينوس أيريس وعلاقته الحميمة مع مكتبته الخاصة ومع الكتب بشكل عام، فضلا عن صلاته وآرائه حول العديد من المؤلفين والكتّاب أمثال ‘كيبلينغ’، ‘وايلد’، ‘سيرفانتيس’، ‘كيبيدو’، ‘شكسبير’، ‘شوبنهاور’ وسواهم من الكتّاب الآخرين الذين كان بورخيس يبدي نوعا من التعاطف والإعجاب بهم.
وتؤكّد أرملة بورخيس أن زوجها ظلّ يقتني الكتب حتى بعد مرحلة إصابته بالعمى، بل إنه خلّد اسم المكتبة في إحدى أشهر قصصه القصيرة وهي بعنوان ‘مكتبة بابل’، ولقد كتب العديد من النصوص عن الكتب والمكتبات طول حياته.
وقالت ماريا كوداما: ‘إن بورخيس أشاد في كتابه ‘المتآمرون’ بطيبة الناس وسجاياهم الفطرية خاصة بعد الفترة التي عاش فيها بجنيف التي أقام بها عندما إندلعت الحرب العالمية الاولى، وكان بورخيس يؤكّد انّ هذا البلد كان مثالا فريدا للإحترام والتسامح لتعدّد اللغات التي يتحدّثها الناس به، وكثرة دياناته، ففي هذا البلد تحترم الفوارق دون محوها أو العمل على إذابتها، لقد لمس بورخيس بنفسه في هذا البلد كيف يحترم الناس اللاجئين حيث ترك ذلك فيه اثرا بليغا.
بورخيس يزداد تألّقا
وكانت أرملة بورخيس ماريا كوداما قد صرّحت في نفس السياق: ‘أن بورخيس لو كان على قيد الحياة اليوم لحظي بنفس التقدير الذي اولاه إياه قرّاؤه والمعجبون به وبأدبه في حياته، فبالإضافة إلى عبقريتة الإبداعية كان رجلا وفيّا لمبادئه، مخلصا لافكاره. وتضيف كوداما: ‘إن هذا ناتج عن كون الناس يعترفون بجانب الصدق هذا في إبداعاته الادبية أو بالنسبة لمسيرة حياته’.
فبورخيس تعرّض لهجوم عنيف لمناهضته للبيرونية، وقد حرموه من عمله الوظيفي خلال العهد البيروني، أي خلال حكم خوان دومينغو بيرون (1955-1945)، كما أنّ آراءه في بينوتشيه قد جعلت الاكاديمية السويدية تحرمه كذلك من جائزة نوبل في الآداب، وهو الأديب العالمي الذي يحظى باحترام مختلف الاوساط الادبية في مختلف أنحاء المعمور. وتضيف كوداما: ‘هذه الصراحة التي تميّز بها بورخيس حرمته من العديد من الفرص المماثلة’.
تعرّفت كوداما على بورخيس في سنّ المراهقة إذ لم يكن عمرها يتجاوز الثالثة عشرة،ذلك أنّ أباها وهو كيماوي ياباني كان صديقا للكاتب، وعندما ماتت والدة بورخيس حلّت كوداما محلها، حيث تفرّغت إلى نسخ وكتابة ما يمليه عليها بورخيس من أعمال أدبية حيث كان قد أصيب بالعمى منذ 1950 وصارت ترافقه في رحلاته وسفرياته وتجواله.
وفي شهر نيسان/أبريل تمّ زواج بورخيس بماريا كوداما حيث كان عمره 87 سنة، في حين لم يكن عمرها يتجاوز الواحدة والاربعين، وفارق السنّ بينهما أفسح المجال للعديد من التعليقات من كل نوع ليس فقط من طرف الناس أو الكتّاب او النقاد بل حتى من طرف وسائل الإعلام، إلاّ أن بورخيس وكوداما كانا يستقبلان هذه التهجمات بنوع من الهدوء واللامبالاة والتهكّم وقد وقفا بالمرصاد لألسنة السوء التي تحوّلت عند موت الكاتب إلى ‘كتب ملتهبة’ حول العلاقة التي تجمع بينهما، كما كانت هناك خلافات ونزاعات بشأن إرث بورخيس.
متاهات بورخية
وتتميّز هذه المرأة التي لا تستقرّ بمكان، والتي لم تفتأ تسافر من بلد إلى آخر بحماس متوقّد ونشاط متواصل وهي تلقي المحاضرات بدون إنقطاع حول أعمال زوجها الواسعة والغزيرة،بسحر خاص، وجاذبية لا تقاوم ،فبالإضافة إلى نشاطها ككاتبة ،فقد قامت بالإشراف التام على بناء حديقة في بوينوس أيريس أطلق عليها ‘متاهات بورخية’ حيث كانت قد تلقت ‘مؤسّسة بورخيس’ في شكل هدية تصميما لهذا المشروع المستوحى من أعمال بورخيس وهو من وضع ‘راندال كواطي’ الذي كان يعمل دبلوماسيا لبريطانيا في بوينوس أيريس، كما قامت ماريا كوداما بدون كلل بإجراء إتصالات مع بلدية العاصمة الأرجنتينية في هذا الشان، وعملت بنشاط منقطع النظير على غرس الاشجار التي أحيطت ‘بمنتزه بورخيس’ كما عملت ماريا كوداما أيضا على إعداد وتنظيم ندوات كبيرة متعدّدة لعلماء اللغة الإسبانية سلطت فيها الأضواء على أعمال بورخيس الإبداعية والتي تمّ تنظيمها داخل الارجنتين وخارجها، كما عملت على إصدار الأعمال الكاملة لبورخيس بعد أن أضيفت إليها جميع التعديلات والتنقيحات التي قام بها الكاتب نفسه.
وتشير كوداما الى ان هذه الاعمال من الاهمية بمكان بالنسبة للدارسين المتخصصين في بورخيس حيث سيتسنّى لهم الإطّلاع على الطريقة التي كان يعمل بها هذا الاديب الذي كان يشذب ويهذب أعماله بدون إنقطاع كصانع محنّك. كما عملت كوداما في العديد من المناسبات على تنظيم معارض لرسّامين مشهورين أرجنتينيين إستوحوا لوحاتهم من أعمال بورخيس خاصة قصيدته القمرية التي يحكي فيها قصة وصول الإنسان إلى القمر، وتشير كوداما في هذا الصدد: ‘إنني أتذكّر جيّدا حماس بورخيس وفضوله من اليوم الأوّل لوصول الإنسان إلى القمر حيث رأيناه بواسطة التلفزيون، كان بورخيس يبدو كالطفل حيال هذا الحدث ‘وتضيف’: ‘إنني أقول رأينا لأنه كان عليّ أن أحكي له أدقّ التفاصيل عمّا يجري في الشاشة الصغيرة’.
المبدع الخجول
وتشيرأرملة صاحب ‘الألف’: ‘لقد صنّفوا بورخيس كسيد فيكتوري، يتحدّث عن متاهات ونمر ومرايا، إلاّ انه كان شخصا لطيفا خفيف الروح ومغامرا. ‘وتضيف’: كانت أمنيته وحلمه ان يعيش في زورق عند مصب نهر التامسيس، إلاّ أنه عندما تزوّجها جعلته يتخلى عن هذه الفكرة بعد أن حدّثته عن المخاطر التي قد تعتريها، كما انه كان يستقبل العديد من الكتّاب والنقاد والطلبة والمعجبين به.
وتشير الناقدة ‘فيكتوريا اسوردوي’ إلى أن غاية كوداما من نشاطها المتواصل على رأس مؤسسة بورخيس هي الاستمرار في إعلاء الشعار الذي سبق أن رفعته وتبنّته منذ رحيل زوجها، وهو إخلاصها الدائم لهذا الرجل الذي لا تفتأ تصفه في كل مناسبة بأنه كان ذا حساسية مفرطة، حيث عانى بسبب ذلك الكثير، إلا أنه أمكنه دائما إنقاذ أعماله من المشاكل اليومية وصروف الدهر والحياة’. العالم لم يفتأ حتى اليوم يعمل على اكتشاف واستكناه واستغوار واستنباط وتقييم أعمال ذلك المبدع الأرجنتيني الذي حرم نعمة البصر ولكنّه وهب بالمقابل ببصيرة نافذة ثاقبة، والذي يذكّرنا عندما نقرأ له ببشّار، والمعرّي، وأبي عليّ البصير، وطه حسين وسواهم.
تقول كوداما: إنّ عفّة بورخيس وخفره وإحترامه للآخرين جعل أدبه يتّسم بالعمق والشفافية والصدق حيث جعل من هذه الأعمال بحثا دائما عن كنه الإنسان وماهيته، وقد أدخلت هذه الاعمال السروروالفضول، والمتعة والتطلّع في قلوب وعقول القرّاء في مختلف انحاء العالم على تفاوت أعمارهم، وما يزال تاثيرها يتعاظم على مرّ السنين ليس فقط في اللغة الإسبانية التي كتب بها هذه الاعمال، بل في مختلف اللغات التي نقل إليها هذا الأدب وفي مقدّمتها اللغة العربية’.
آخر كلمات خورخي لويس بورخيس
ما هي آخر الكلمات التي أملاها الكاتب خورخي لويس بورخيس قبيل وفاته في جنيف؟ لقد كان الجواب عن هذا السؤال حتى الآن سرّا محفوظا من طرف أرملة الكاتب الراحل ماريا كوداما،إلاّ أنّ مطبوعا تحت عنوان ‘آخر تقديم لبورخيس’ كان قد صدر في بوينوس أيريس أثار جدالا حادا بين قرّاء بورخيس ونقاده والمعجبين به.
بادرت ماريا كوداما إلى توجيه مجموعة من الرسائل إلى مختلف الجرائد والمجلات الارجنتينية توضّح فيها ما يلي: ‘أريد ان أنبّه القرّاء إلى مدى الزيف الذي ينطوي عليه هذا العنوان: ‘آخر تقديم لبورخيس’ إذ حسب أرملة الكاتب فإنّ آخر تمهيد أو تقديم كان قد كتبه الكاتب هو المتعلق بالطبعة الفرنسية لأعماله الكاملة ضمن السلسلة ‘بليار’عن دار النشرالفرنسية المعروفة ‘غاليمار’.
وتؤكد كوداما أن بورخيس كان قد أملى عليها هذا التقديم، إلا أنه لم يتمكّن من إنهائه وإتمامه، وتضيف كوداما: ‘إن ناشر هذه الاعمال الكاملة وهو الفرنسي ‘جان بيير بيرنيس’ شرح كيف أنّ هذا هو بالفعل آخر تقديم كتبه بورخيس في حياته، والذي ظهر أو ادرج فيما بعد ضمن الأعمال الكاملة إياها. لماذا إذن وكيف ظهر النصّ الارجنتيني الذي تسبّب في إثارة هذا النقاش بين النقاد والمثقفين والمعجبين والمتخصصين في بورخيس؟ الواقع أن هذا الكتاب يضمّ 11 قصة لبورخيس وفي التقديم المختصر لهذا الكتاب يشير بورخيس أنّ 9 من الاعمال المدرجة في هذا الكتاب هي من أجمل منتقيات إنتاجه الأدبي، ومن ثمّ تشكّ ماريا كوداما بالتالي في صحّة ومصداقية هذا التقديم.
ويشير بورخيس في هذا التقديم: ‘لقد خامرني الشكّ ذات يوم بكون الأعمال الكاملة إنمّا هي خطأ ذو أصل تجاري أو احترافي، فأيّ رجل له الحق في أن يستمع إلى حكم النقاد حول أنصع صفحاته، وليس فقط حول تسليات وشطحات قلمه أو رسائله العرضية، إنني أريد أن أتصوّر أحكام النقاد حول النصوص التسعة بالذات الموالية وليس حول صدى تلك القصص في الذاكرة’.
صفحة منسيّة من آداب بورخيس
قال بورخيس:
ليس من حقّ أحد
أن ينتقص بالدموع أوالعتاب
من شأن هذا الاعتراف البارع
بالتفوّق والمهارة
حيث منحني الله
بسخرية رائعة
وفي الوقت ذاته
الكتب والليل..
عيّن بورخيس عام 1955- كما أكّدت ذلك ماريا كوداما- مديرا للمكتبة الوطنية لبوينوس أيريس ،كان هذا المنصب حلما يراود بورخيس في تلك الايام، ومن غريب الصدف ومفارقات الأقدار أنّ اثنين من الكتّاب المرموقين في الأرجنتين تولّيا كذلك هذا المنصب، وكانا هما الآخران قد فقدا النظر مثل بورخيس وهما ‘خوسيه مارمول’ و’بول غروساك’. وقد عمل بورخيس على إعادة إصدار مجلة ‘المكتبة’ التي كان قد أنشأها ‘غروساك’. كان بورخيس عاشقا للكتب ،وقد ظهر ذلك جيّدا في مختلف أعماله وإبداعاته، وقد كتب بضعة فقرات كتقديم للمجلة المذكورة، والواقع أنّ ما كتبه بورخيس في هذا التقديم ظل صفحة مجهولة أو منسيّة للكاتب الارجنتيني العالمي. وقد عنون بورخيس هذه الصفحة بـ’النوايا’، وعلى الرغم من قصرها فإنّ القارئ سيجد فيها مميّزات هذا الكاتب، بل لابدّ أنه سوف يشمّ فيها ما أبرزته أعماله الأدبية من قيم وأفكار ومواضيع، إذ تترى فيها معاني النسيان، الخلود، الأحلام، المجد، جلال الآداب القديمة ،الشرف، الكرامة،الصبر،هندسة المعمار، الفلسفة،وبالجملة يجد فيها القارئ نموذجا رائعا ‘للأسلوب البورخي’ المميّزالذي أصبح شعارا للآداب الإسبانية المعاصرة.
من جملة ما جاء في هذا التقديم: ‘المكتبة لا حدود لها، إنها مطاوعة، كريمة، معطاء، تعلّم الصبر، وتلقّن الأناة، إنها تضمّ وتحفظ جميع الكتب، إن أيّ كتاب في يوم مّا قد يكون نافعا وذا جدوى لأحد، وقد يجد فيه القارئ ما ليس نافعا ولا مجديا له، تسعى المكتبة بأن تصبح جميع الكتب، بمعنى آخر تسعى بأن تصبح كل الماضي دون تنقية أو تصفية أو تبسيط النسيان. المكتبة مثل الكون (العنوان الذي اختير للندوة الأخيرة حول بورخيس المشار إليها اعلاه التي شاركت فيها ماريا كوداما) بل إنّها الكون بكل معارفه، وقوانينه، ونواميسه، وأنظمته، أمّا المجلة بخلاف المكتبة فهي ذات نزعة إنسانية، وهي معرّضة للإطراء والخلافات، ذلك أنها تمثّل وتقدّم المكتبة، لذا فهي تثير الفضول مثل هذه الأخيرة، بل إنها ليست أقل منها تجانسا وتغايرا، إنها دائرة المعارف وجميع العلوم وليس التاريخ وحده، ذلك أننا نعرف اليوم أنّ التاريخ ليس بعيدا عن شحذ السيوف القديمة والنصوص الجيّدة، وهو ليس أمرا مصنوعا أو جاهزا بل إنّه يصنع في الأحلام وفي جنح الليل. في مرحلتها الثانية تتطلّع هذه المجلّة بألاّ تكون مصدر حنق لمؤسّسها الاوّل ‘بول غروساك’ ولا للأزمان العسيرة الصعبة التي قيّض الله لها أن تعيش فيها، كل مجلة، كما أنّ كل كتاب إنمّا هو حوار’.
وقد ألقيت خلال ندوة مدريد حول الكتاب سلسلة من المحاضرات والمداخلات التي تحوم برمّتها حول موضوع الكتابة والكتب والمكتبات، وشارك فيها العديد من الباحثين والأساتذة المتخصّصين والكتّاب منهم : سيرخيو فيلا سان خوان، ومارك فومارولي، وإنريكي فيلا ماتاس، والروائيان المعروفان ماريو بارغاس يوسا، وكارلوس رويث سافون وسواهم.
القدس العربي