ما جدوى الحديث المتوقع للأسد؟
غسان حجار
قرأت الأحد الفائت عن حديث متوقع يدلي به الرئيس السوري عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال، وتساءلت ماذا يعني ان يختار الرئيس بشار الأسد هذا التوقيت تحديداً؟ وان يعتلي المنبر اللبناني “مفضلاً” اياه على محطات بلاده أولاً، وعلى محطات فضائية عربية أو أجنبية يمكن ان تحمله على أجنحة الطير بعيداً وربما أسرع من دون الإقلال من أهمية LBC وقوة انتشارها. هل يهدف الرئيس السوري الى محاكاة الجمهور اللبناني وعبره العالم؟ هل يريد ان يكشف عما يتردد من دعم لبناني للتحركات في بلاده؟ أم يريد ان ينفي عن “حزب الله” والحرس الثوري الإيراني دعم أجهزته الرسمية في مكافحة هذه التحركات؟ وهل يريد ان يدعو اللبنانيين الى مناصرته في الحرب الدائرة على أرض سوريا؟
في منطق الأمور ان صلة القربى الجغرافية والتاريخية بين البلدين “الشقيقين” توجب على كل منهما نصرة الآخر في المحن والتجارب التي يمر بها، وتقديم الدعم اللازم لشقيقه لإمرار الأزمات بأقل خسائر ممكنة. وهذه حال دول متفقة ومتعاونة برضاها، لكنها ليست حال البلدين “الشقيقين” اللذين ترجم تعاونهما باتفاقات- حتى لو ثبت انها تصب في مصلحة لبنان كما يقول مسؤولون سوريون- صيغت ووقعت في زمن الوصاية، وبطريقة فوقية، لم تفسح مجالاً لأي نقد أو ابداء رأي سلبي فيها، مما جعلها في نظر كثيرين من اللبنانيين في وضع مشبوه، ويتوجب تعديلها، ان لم نقل نقضها في الأساس. وهي أيضاً ليست حال بلد مثل لبنان تعرض للحروب الإسرائيلية ولم تتحرك الآلة العسكرية السورية للدفاع عنه رغم اتفاقات الدفاع المشترك.
اليوم تعيش سوريا، بل نظامها البعثي، أزمته المصيرية، ورغم تقرير معهد ستراتفور للدراسات الإستخباراتية الأميركية، الذي لا يرجح ان يواجه النظام السوري انهياراً في الفصل الثالث من السنة الجارية، فإن “الكفاح المستمر في مسألة السيطرة على المنشقين” بالأسلوب المتبع حالياً، والحوار الذي انطلق من دون مشاركة المعارضة، كأنما النظام يحاور نفسه، كلها أمور لا توحي بأن العقلية الأمنية التي حكمت وتحكم في دمشق قد تبدلت، وبالتالي فإن كل كلام موجه الى اللبنانيين، وعبرهم الى المجتمع الدولي لن يلقى الصدى الإيجابي المطلوب، والمأمول ربما من الحديث المتوقع عبر شاشة لبنانية، لأن اللبنانيين، أو بعضهم، يأمل كما معظم السوريين، في ان يجدوا أمامهم، وفي عهد الثورات العربية، خطاباً ثورياً جديداً، ومعاملة ثورية تخرج عن المألوف، والذي على سواده صار لدينا مألوفاً.
واذا لم يكن ذلك فسيظل لبنانيون كثر يفكرون، كما بعض مراكز القرار الدولي، في ان الأمور لن تسوى بغير تدبير انتقالي للسلطة، سلمياً كان أو غير سلمي.
ماذا سيقول الرئيس الأسد في اطلالته المرتقبة؟ لا جواب، سننتظر اذا ما قرر الكلام أم عاد الى الصيام عنه.
النهار