ما لا تعرفونه عن دير الزور في صفحة/ سما الرحبي
كثيرة هي المدن التي همّشها النظام السوري إعلامياً واجتماعياً وخدماتياً، خلال أربعين عاماً من حكمه، حتى ظن أهل العاصمة والمناطق الأخرى، أن تلك المدن المنسية، تعيش حياة أقرب للبدائية، لتأتي الثورة السورية وتقلب المعادلة. وليس مبالغاً، أن بعض الناس من خارج سورية بات يدرك الفرق بين درعا المحطة ودرعا البلد، ويحفظ أسماء العشرات من قرى سورية. حيث استطاع شباب تلك القرى والمدن، إسماع العالم صرخاتهم ومطالبهم.
“دير الزور جيوغرافيك” إحدى تلك الصفحات التي جاءت كمجلة ثقافية متنوعة، لتعرف الناس على أكبر مدن الشرق السوري مساحة، وللكشف عن كنوز المدينة ذات النتاج الإنساني والتاريخي الثمين. حيث ولدت الصفحة في الشهر السادس من عام 2012، على يد مجموعة من شباب المدينة الواقعة شرقي سورية على نهر الفرات، والمأهولة بالسكان منذ الألف التاسع قبل الميلاد.
يسعى القائمون على الصفحة، إلى أن تكون دير الزور معروفة في جميع بلدان الوطن العربي. ولا يبالغون بطموحهم في الامتداد للعالم أجمع، خاصة وأن المعلومات والنصوص المنشورة مترجمة كلها للغة الإنكليزية.
تعاقبت على المدينة عشرات الإمبراطوريات والحضارات التي رسمت ملامحها، فعمدت الصفحة على نشر محتوى موثق عن تاريخها وآثارها. يقول حمادة العثمان أحد مؤسسي الصفحة: “دير الزور مدينة غنية بالفكر والقيم، جذورها ضاربة في التاريخ، وتحتوي صروحاً عريقة، نحاول من خلال صفحتنا إظهار وجه المدينة الغائب الذي لم ينصفه التاريخ، إذ كانت صلة الوصل بين الشرق والغرب، وملتقى للحضارات، وما زالت”.
تنشر الصفحة صوراً لسكان دير الزور البسطاء، وشخصياتها من شعراء وكتاب الذين تركوا أثراً في مخزونها الثقافي مع إرفاق نصوص لهم، مع خلفيات معلوماتية عن أهم الحوادث التاريخية التي جرت، مثلاً حين لجأ للمدينة الآلاف من المسيحيين الأرمن والسريان هرباً من الإبادة الجماعية التي حصلت عام 1915… مع الإشارة إلى ما تواجهه المدينة اليوم، من ضياع إرثها بين النهب والتخريب خلال الأعوام القليلة الماضية، يقول حمادة: “صور الدمار في الصفحة قليلة جداً، فهناك الكثير من الصفحات بالإضافة لشباب المدينة الذين يقومون بهذه
المهمة على أكمل وجه”. ويضيف: “لا نقبل أي صورة، لا بد أن يكون لها مواصفات خاصة من ناحية الدقة وكم المعلومات الذي تحتويه”.
تجاوز عدد الصور الفنية المنشورة 500 صورة خلال فترة أشهر، والجهد الأكبر يعود على المصورين الناشطين، الشغوفين بمدينتهم، والذين ما زالوا داخل المدينة موزعين على امتدادها، الذين يزودون الصفحة بالصور بين الحين والآخر.
أما فريق العمل فيتألف من مختصين في مجالات متعددة، يقوم بالتصميمات الخاصة والبحث والتحقق من المعلومات ومصداقيتها التي ترافق الصور يقول العثمان: “يتكون فريقنا من مجموعة من الأعضاء الذين هم أصلاً من دير الزور، وتقسم المجموعة بحسب الاختصاصات إلى الإشراف ومعالجة الصور، توثيق المعلومات وأرشفتها، مصوري فوتوغراف، مصمم غرافكس، محرر نصوص، مونتاج فيديو…”.
يذكر أن الصفحة أطلقت مشروع “قصة بلد”، عبارة عن تصاميم “تيشرتات” رسم عليها معلم من معالم الدير أو أحد رموزها، وخط بجانبه قصة المدينة ونشأتها.
دير الزور
العربي الجديد