ما وراء الأرقام.. لاجئون يسردون نجاحاتهم
موسى الجمل – أبوظبي – سكاي نيوز عربية
فر ديار (٣٢ عاما) من محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، بسبب الحرب الدائرة في بلده منذ أكثر من عامين ونيف، ليستقر به الحال في مخيم دوميز للاجئين السوريين في كردستان العراق قبل عام.
وهناك افتتح مشغلا للحياكة والكي، بعد انفجارات عدة قرب مشغله في دمشق أجبرته على الرحيل مصطحبا آلة الكي فقط، والتي مكنته من بدء مشروعه الجديد لإعالة تسعة من أفراد أسرته، هو أكبرهم، ويخدم اليوم زبائنه في المخيم وخارجه.
وعندما تأجج الصراع في العراق عام ٢٠٠٦، عكف الطبيب السوري حسن -اللاجئ حاليا إلى العراق- على علاج مئات المرضى والجرحى العراقيين في مخيم اللاجئين شرق سوريا.
وبعد ستة أعوام في سوريا، فر حسن بسبب الحرب، إلى مخيم دوميز للاجئين السوريين في كردستان العراق، في مايو ٢٠١٢، ليجد له فرصة عمل في إحدى العيادات التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود في المخيم، إذ يمثل الأطفال السوريون اللاجئون أكثر من نصف مرضاه.
حكومة يقودها أطفال
وفي مخيم تباريباري للاجئين الماليين في النيجر، الذي لجأ إليه أكثر من ٨ آلاف شخص في مايو الماضي بسبب القتال شمال البلاد، شكل الطفل شوايبو (١٥ عاما) رفقة إخوته وجيرانهم من الأطفال، حكومة ومجلسا وزاريا في مدرسة أنشأتها لهم المؤسسات الإغاثية، إذ تضم تسعة فصول دراسية تستوعب أكثر من ٧٠٠ طالب و١٢ مدرسا.
وتقلد شوايبو منصب وزير العلاقات الخارجية، في مجلس المدرسة الذي يضم تسعة وزراء، سبعة أولاد وفتاتين، برئاسة الوزير الأول مريم (١٤ عاما). وقدم شوايبو خطة عمل المدرسة للعام ٢٠١٢-٢٠١٣ إلى رئيس اللجنة التنفيذية لمفوضية شؤون اللاجئين الأسبق يان كنوتسون، الذي زار المدرسة العام الماضي. كما التقى كنوتسون في حينه وزير العدل الحسن (١٠ أعوام)، والذي يساعد في حل النزاعات بين زملائه.
أما هيلين أكومبيو (٤٢ عاما)، التي فرت إلى مخيم لوقولو في جوبا، بسبب حرب أهلية في السودان دارت رحاها لمدة ٢٢ عاما، فتتدبر أمور عائلتها عبر طهي المندازي (عجين مقلي) وبيعه كوجبة إفطار للقاطنين في المخيم.
في حين، يقوم جارها مبارك (٤٦ عاما) بقضاء يومه في البحث عن أحجار بكسرها إلى حصى، ثم يجول في مواقع البناء لبيعها، حيث يخلط الحصى مع الإسمنت لإنتاج ألواح الأساس الخرسانية.
كل هذه القصص وغيرها يسردها كتاب صدر حديثاً عن مؤسسة ”براونبوك“ في دبي لصالح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، باللغتين العربية والإنجليزية، في ٢٠٠ صفحة، تضم أيضاً قصصا مصورة عن حياة اللاجئين في المخيمات من مختلف أنحاء العالم.
ويركز الكتاب على الجانب الإيجابي من حياة اللاجئين، حيث تظهر القصص المصورة والمكتوبة الجانب المنسي من النزوح البشري في مختلف أنحاء العالم. كما يسلط الضوء على الدور الذي تقوم به المفوضية في توفير الحماية والمساعدة الإنسانية لعشرات الملايين من اللاجئين الذين تعرضوا للنزوح القسري بسبب الحروب والصراعات.
ما يأخذه اللاجئون
ويطرح الكتاب في أحد فصوله سؤالا على الكثير من اللاجئين عن أهم ما يأخذونه معهم قبل الفرار إلى دول أخرى. إذ تقول سلمى (٩٠ عاما)، إن أهم ما جلبته معها من مدينة القامشلي إلى مخيم دوميز في العراق هو خاتما قديما أعطته لها والدتها وهي على فراش الموت، حين كانت في العاشرة من عمرها.
أما أحمد (٧٠ عاما) فلم يستطع أن يحمل معه إلى المخيم ذاته سوى عكازه، الذي ساعده على عبور الحدود العراقية سيرا على الأقدام لمدة ساعتين. في حين لم يجلب عمر (٣٧ عاما) إلى المخيم غير آلة البزق الموسيقية، التي تملأه حنينا إلى الوطن، وتخفف عنه أحزانه بعض الوقت.
تجدر الإشارة إلى أن ريع مبيعات الكتاب ستذهب لدعم اللاجئين في مختلف أنحاء العالم.