محمد صبرا : قدّمنا تصوراً متكاملاً للمرحلة الانتقالية
جنيف ــ باسم دباغ
يبدو كبير المفاوضين في وفد “الهيئة العليا للمفاوضات” عن المعارضة السورية، محمد صبرا، متشائماً من تحقيق أي خروقات في المفاوضات المنعقدة حالياً في مدينة جنيف، وبينما شدد على أن وفد “الهيئة” لم يناقش مع المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، حتى الآن، سوى تعريفات الحكم الانتقالي، أشار إلى أن المعارضة طرحت تصوراً متكاملاً عن المرحلة الانتقالية.
وأكد أيضاً أن الوفد طالب المبعوث الأممي، في جلسة يوم السبت، بمعرفة موقف النظام من النقاش، فيما يخص هيئة الحكم الانتقالي.
ويحمّل صبرا، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، نظام الأسد وداعميه، مسؤولية انخفاض سقف التوقعات في جنيف 5، مؤكداً أن التزام “الهيئة العليا للمفاوضات” بمسار جنيف، نابع من رغبتها في تقديم أي شيء يخفف من معاناة الشعب السوري.
وقال: “لا أظن أننا سنحقق تقدماً جوهرياً في هذه الجولة، لأن النظام مازال عند موقفه، للأسف نرى الآن حركة النظام على الأرض، تكثيفه للعمليات العسكرية والقصف وعمليات القتل. روسيا مازالت تدعم هذا التوجه العسكري للنظام، ولا توجد إرادة دولية حقيقية ضاغطة على النظام لتعديل مواقفه. وبالتالي كل هذه الأمور هي عبارة عن محاولة منا للبقاء في إطار العملية السياسية وإنجاز شيء ينقذ السوريين”.
وأوضح كبير المفاوضين، أن الهيئة “ملتزمة بعملية الانتقال السياسي لإنقاذ السوريين، لذلك سنبقى في جنيف لنحاول حث المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط أكبر على النظام، وعلى حليفيه الروسي والإيراني، للالتزام بمقتضيات العملية السياسية”.
وأكد صبرا أن وفد “الهيئة العليا للمفاوضات” طالب المبعوث الأممي، في الجلسة الأخيرة (السبت الماضي)، بالحصول على ردود من نظام الأسد حول رؤية الأخير للانتقال السياسي، مشدداً على أن الوفد لم يناقش، حتى الآن، سوى الانتقال السياسي، ولم يصل من دي ميستورا أي ردود فيما يخص سلة مكافحة الإرهاب التي يوليها الأسد الأولوية.
ويوضح صبرا بالقول: “لم يصلنا حتى الآن أي ردود من النظام عبر المبعوث الأممي، عن النقاط التي طرحناها فيما يخص الحكم الانتقالي، لأن تصميم العملية التفاوضية التي عمل عليها دي ميستورا تجعلها عملية مرنة، تسمح بأن يناقش كل طرف من الأطراف الشيء الذي يراه الأكثر أهمية بالنسبة له”.
وأضاف “طالبنا (السبت) في نهاية الجلسة، بأن نعرف ما هو موقف النظام من هيئة الحكم الانتقالي، وقلنا للمبعوث الأممي إن أردنا التقدم في النقاش وحتى يكون مثمراً، لابد لنا من معرفة موقف النظام من تعريف هيئة الحكم الانتقالي، ولم يأتنا الرد حتى الآن، وننتظر حتى اللحظة الانخراط الجدي من قبل النظام في العملية السياسية، لأنه مازال يناور ويتهرّب من الخوض في النقاط الأساسية للعملية السياسية”.
وفي تعليقه على أن المفاوضات لا تجري مع النظام بل مع دي ميستورا، الذي تحوّل إلى مخاطب بدل دور الوسيط الموكل إليه، يقول صبرا: “هذه حقيقة، لأن المفاوضات غير المباشرة تقتضي هذا الأمر، ونحن نخوض مفاوضات غير مباشرة، ومازلنا حتى الآن في مرحلة النقاشات مع المبعوث الأممي”، مضيفاً أن “هناك زخماً دولياً ما لدعم العملية السياسية، ولكن من دون وجود آلية حقيقية تلزم الأطراف للتوصل إلى حل، مازال الضغط الدولي لجلب الأطراف إلى الطاولة، بغض النظر عن النتائج التي ستتحقق”.
وأشار صبرا إلى أن “الجلسة الأولى للجولة الحالية شهدت مناقشة وتحديد ما يمكن أن نطلق عليه مجموعة المعايير الأساسية لهيئة الحكم. مثلاً بداية الحكم الانتقالي قلنا فيها بشكل واضح إن المرحلة الانتقالية يجب أن تترافق مع تنحية بشار الأسد عن السلطة، وضرورة محاكمته محاكمة عادلة تضمن له حق الدفاع عن نفسه ضد جرائم الحرب، والجرائم بحق الإنسانية التي ارتكبها. البارحة قدمنا تعريفاً أولياً لهيئة الحكم الانتقالي، والتي يجب أن تكون مدتها 18 شهراً، ابتداء من اليوم التالي للاتفاق على تشكيلها”.
وشدد صبرا على أن النقاشات مع المبعوث الأممي مازالت في إطار وضع التعريفات، ولم تدخل في التفاصيل بعد، بالقول: “لم نخض بعد مع المبعوث الأممي في هيكلية هيئة الحكم الانتقالي، ما زلنا في إطار التعريفات، سيتم البحث في الهيكلية، خلال الأيام اللاحقة، ولكن الآن من المهم جداً تحديد مكانة هيئة الحكم الانتقالي في المرحلة الانتقالية”.
وبيّن الخبير القانوني “نحن عرّفناها بأنها سلطة مؤقتة لا تقرر عوضاً عن السوريين، وإنما مهمتها إيجاد البيئة الآمنة واللازمة التي تسمح للسوريين بالتعبير عن إرادتهم فيما يخص مستقبل بلادهم، وإنها ستمارس كل مظاهر السيادة في الدولة، وهي التي ستقوم، خلال المرحلة الانتقالية، بإدارة كل مؤسسات الدولة، سواء الجيش أو الأمن أو باقي المؤسسات الخدمية. هذا هو المتضمن في التعريف، وهذا ما خضناه في نقاش مفصل مع المبعوث الأممي”.
وعن رؤية وفد الهيئة العليا للمفاوضات لهيئة الحكم الانتقالي، يقول صبرا: “الهيئة العليا للمفاوضات طرحت تصوراً متكاملاً عن المرحلة الانتقالية، وقالت إن هيئة الحكم الانتقالية باعتبارها ستمثل السيادة أو السلطة العليا للبلاد، فإنه لابد من وجود مجالس مساعدة تتبع لهيئة الحكم الانتقالي.
وحددنا، على سبيل المثال، أن هناك أربعة مجالس ابتداء من الحكومة الانتقالية والمجلس العسكري المؤقت، ومجلس القضاء الأعلى المؤقت، ومجلس المحاسبة والعدالة الانتقالية. هذه المجالس تنفيذية تتبع لهيئة الحكم الانتقالي، لأن الأخيرة لا يمكن أن تباشر كل السلطات بنفسها، ولكن عبر مجالس ستقوم هي بإنشائها، أي أن قرار إنشاء مجالس سيكون متروكاً لهيئة الحكم الانتقالي، وهي التي ستشرف عليها وتراقبها، بحيث تستطيع أن تغطي كل مجالات السيادة في الدولة”.
وحول طريقة انتقاء أعضاء هيئة الحكم الانتقالي، أكد صبرا أن “ذلك سيتم وفق بيان جنيف، على مبدأ الموافقة المتبادلة، بحيث إنه خلال التفاوض يتم وضع معايير محددة لاختيار الأعضاء الذين سيكوّنون هذه الهيئة، لكننا لم نخض بعدُ في هذه الأمور”.
وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة للموقف السياسي الضعيف من قبل المعارضة، مقارنة بالتقدمات العسكرية على الأرض، والانتقادات التي تم توجيهها لوفد “الهيئة العليا للمفاوضات” فيما يخص وقوعها في فخ النظام السوري وتركيزها على رد تهمة الإرهاب التي وجهها رئيس وفد النظام لها في المؤتمر الصحافي الأول، يؤكد صبرا أن: “وفد المعارضة يعمل في ظروف صعبة جداً، وضمن معطيات إقليمية ضاغطة وصعبة. نعمل على أن نحد من الخسائر السياسية، ونحاول بشتى الوسائل أن نقدم شيئاً يحمي السوريين ويلتزم بقضيتهم”.
العربي الجديد