مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
عبدالله خليفة
محاصرةُ الثورة الشعبية السورية لأكثر من سنة ونصف سنة وغياب الدعم كان شيئاً مخزياً وخاصة من الشعوبِ العربية التي كان يُفترض أن تكون الحاضن الشقيق لها، في وقت تصل فيه فاشية النظام السوري حداً غير مسبوق وبالتعاون مع النظام الفاشي الآخر النظام الإيراني وبحضانة الأب الروسي أو الدب الشمولي العسكري، ويقوم بدك المدن بالمدافع والصواريخ، وهذه المذابح كانت على مرأى ومسمعٍ من العالم كله الذي يرتجفُ لذبح كلب!
ولهذا فإن تقديم المساعدات للثوار هو واجب وليس منة، هو فعل يتم من خلال مشاعر ومواقف عربية وإنسانية عميقة، وحين كان حصار غزة تحرك الكثيرون رغم أن الحصار ليس مثل المذبحة، وليس منع الوقود مثل قتل الأطفال والنساء والشيوخ آلافاً مؤلفة!
وإذا كان ثمة أناسٌ تحجرتْ مشاعرُهم وعَميت أبصارُهم، ودفعهم الحقدُ الطائفي المعبر عن دكتاتورية عنفية كامنة لعدم رؤية أن هذه الثورة هي تحريرٌ لهم، وإنقاذ لهم من حبس طويل يعيشون فيه.
حين يعودون لعروبتهم ويعودون لإنسانيتهم، ويتم قطع دابر الفاشية الفارسية من التاريخ المعاصر.
الحقدُ الطائفي هو حقدٌ فارسي أرستقراطي عسكري لا يمثلُ الشعب الفارسي والشعوب الإيرانية الشقيقة واستخدام المذهبَ الإنساني غير العنفي المسالم عبر التاريخ ليستخدمه ضد الإنسانية، وضد العرب خاصة وبصورٍ عنيفة مخزية كان يجب أن يندى له الجبين خجلاً.
وثمة أناسٌ من هؤلاء عميتْ أبصارُهم من هذا الدخان الفاشي الذي أفقدهم الرؤيةَ والبصيرة يستغربون أن يحصل ثوار سوريا على سلاح وأن تتزايد قدراتهم، ويتعجبون ويطرحون أسئلتهم الغبية مثل تفكيرهم السياسي المحنط، كأنهم ينتظرون أن يُباد هذا الشعب كله إلا النخب المختارة من العابدين للصنم، حتى يصلوا بأن الشعب السوري بريء فعلاً، حفظاً على مشروع الدكتاتورية الفارسية الفاشية، المترنح على مسرح الشرق الأوسط، كمخمور تأتيه الضربات من شعبه ومن بقية الشعوب الصامدة ضد مؤامراته والمتحدية لغروره وطغيانه.
شعبٌ خلال شهور طويلة مريعة يُضربُ بكل الأسلحة ثم يجلس خدمُ الفاشية الفارسية يضربون أخماساً في أسداس لمعرفة كيف زادت مقاومة الشعب السوري، ويقولون انه حصل على دعم دول الغرب الاستعمارية بعد هاتين السنتين من الذبح، فيا لإجرام هذا الشعب أن يقاومَ ويحصل على سلاح!
أرأيتم أشنع من تفكير هؤلاء؟
من أين طلع علينا هذا الحقد كله؟ أي أوجار أخرجتْ مثل هذه الضمائر الصامتة عن مجرزة لشعب؟
وما دخل الشعب السوري بمخططات مجانين يريدون حكمَ العالم من خلال الكهوف؟
سيقولون لم تتكلموا عن (شعب) البحرين وقد قلنا كثيراً ولكننا ندرك المخططات الفاشية الفارسية لتدمير المنطقة ونؤكد أهمية التنامي الوطني الديمقراطي للشعوب العربية والإيرانية التي أبتُليت بهذا النظام وتغلغله فيها والتي لن تتحقق من دون توقف هذا النظام عن التحكم في شؤون الشعوب!
فإذا فهم هؤلاء وهي قضية شديدة الوضوح إلا للعميان السياسيين، فيجب أن يناضلوا من أجل تقدم الأمم الإسلامية وليس من أجل طائفة، ولإشاعة الحرية والديمقراطية للجميع.
إن مساعدة الشعب السوري أقل بكثير مما هو مفترض، وقضيته متفجرة يشترك فيها الملايين، ذبحاً في الداخل وتهجيراً وتشرداً وهدماً للمدن.
وبعد ذلك يقوم مغيبو البصيرة الوطينة الإنسانية بالتساؤل عمّا هي مشكلة الشعب السوري التي تستحق تبرعات من قبل جماعات سياسية ودينية؟
تبرعات مالية! تبرعات وليس تقديم طائرات حربية!
يا للحسّ المتجمد الذي سحقتهُ الفاشيةُ الإيرانية والدكتاتورية الروسية وجعلتُهُ لا يفرق بين القبور والأحجار، بين الضحايا والجلادين!
يا لضيعةِ تاريخ الأئمة والشهداء المناضلين ألا يحصل المحاصرون السوريون على قطرة ماء، وعلى قطعة سلاح يصدون به وحوشاً! يا لضيعةِ تاريخ الفداء أن يصيرَ صداقةً مع الذئاب والوحوش!
أين كل ذلك الحدب على الشهداء والقتلى والمغتصبات والأطفال المذبوحين!؟ هل كان كل ذلك في التاريخ المجرد وفي تاريخ الطائفة أو تاريخ الحزب؟ أليس كل الدم البشري دماً؟
ألهذه الدرجة عميت الأبصار وقامت النظارات الإيرانية السوداء والزجاج الشمولي الروسي بتغييب مشاهد القتل والسحل ولم تر المدن المنهارة والحارات الشعبية المخربة على رؤوس ساكنيها؟
ألهذه الدرجة من السحل السياسي تتم المساواة بين آلاف القتلى وجماعة من القتلة؟
نرفضُ من جهة أخرى أي تعميم وأي حقد فاشي مضاد، وأن يتحلى الثوار السوريون باحترام كل المواثيق الإنسانية، ومشاعر الانتقام والحقد الطائفي القومي هي العدو اللدود للإنسانية.
الثورة لابد أن تنتصر للإنسانية لا للطائفية، تنتمي لكل تاريخ المسلمين والعرب والبشرية المناضلة، الثورة تقتلها الطائفية والعودة للدكتاتورية باسم دين أو باسم مذهب أو باسم طبقة.