صفحات العالم

مقالات تناولت الدور التركي في الثورة السورية

ردة فعل تركيا بعد تفجيرات الريحانيةهل سيخطئ إردوغان في سوريا كما أخطأ بوش في العراق؟

مَهْمَا يَكُنْ مَن وَقفَ خلف تفجيرات بلدة الريحانية التركية الحدودية مع سوريا، فهذه التفجيرات تدل على استراتيجية غدر هدفها أن تبيِّن للأتراك أن بلدهم قد بات منذ فترة طويلة طرفًا في الصراع السوري، من وجهة نظر الإعلامي الألماني والخبير في الشؤون التركية يورغين غوتشليش، الذي يرى أيضاً أن تدخل تركيا في سوريا لن يجعل منها بالضرورة صاحبة قرار في سوريا المستقبل، بل سيكون خطأ أشبه بتدخل جورج دبليو بوش في العراق.

ها هي نيران الحرب السورية تصل إلى تركيا. فبعد التفجيرات التي شهدتها مؤخرًا مدينة الريحانية التركية لم تعد تأثيرات الحرب في سوريا تخفى على أي شخص في تركيا.

فقد بلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا مئات الآلاف ومن بينهم أيضًا العديد من المسلحين الذين يستخدمون الأراضي التركية كمنطقة للانسحاب والتراجع.

وتعتبر منطقة الريحانية مركزًا لوجستيًا لإمداد مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة والعتاد، الأمر الذي يشكِّل كذلك نزاعاً بين السكَّان المحليين ومسلحي المعارضة السورية.

ولذلك فمَهْما يكُن المسؤول عن تفجيرات يوم السبت الماضي الموافق الحادي عشر من أيار/ مايو 2013، فهذه التفجيرات تدل على استراتيجية غدر هدفها أن تبيِّن للشعب التركي أنَّ بلدهم قد بات منذ فترة طويلة طرفًا في الحرب الدائرة على مستقبل سوريا. ومنذ فترة طويلة تدفع الحكومة التركية باتجاه تقديم الدعم للمعارضة السورية أكثر مما كان الدعم عليه حتى الآن.

خريطة تبين موقع بلدة الريحانية على بعد 8 كيلومترات من الحدود السورية.، والتي وقعت فيها تفجيرات إرهابية. DW

توسيع نطاق أرض المعركة: تعتبر تفجيرات الريحانية الآن وبعد عدة هجمات شهدتها في الماضي منطقة الحدود السورية-التركية هي الهجمات الأكثر دموية منذ بداية الصراع في سوريا قبل أكثر من عامين. مواجهة مع النظام السوري

وفي هذا الأسبوع سيطالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في واشنطن بإقامة منطقة حظر جوي في سوريا وكذلك ستعمل أنقرة قريبًا على تسليح حلفائها في سوريا أكثر من ذي قبل؛ وحلفاء تركيا في سوريا هم بصورة رئيسية من جماعة “الإخوان المسلمون”.

ولكن هذه التفجيرات التي شهدتها مدينة الريحانية تظهر أيضًا أنَّ الحرب الدائرة في سوريا قد باتت حربًا دموية تُدار دون أخلاق أو ضمير.

ومن الممكن أن يكون المعتقلون الذين تم تقديمهم مؤخراً من قبل الحكومة التركية هم المسؤولون في الحقيقة عن هذه التفجيرات، ولكن من الممكن أيضًا أن يكون المسؤول عن زرع هذه القنابل وتفجيرها هم من مقاتلي المعارضة الإسلامويين.

إسقاط نظام الأسد لن ينهي القتال في سوريا؟

المعارضة العلمانية في تركيا لها أسبابها المبررة في خشيتها من ألا يؤدي إسقاط نظام الأسد إلى إنهاء القتال في سوريا ومن ألا يكون الجيش السوري الحر شريكًا يمكن الاعتماد عليه. وبعكس ذلك يعتقد إردوغان أنَّه كلما ازدادت مشاركة تركيا في الصراع السوري حالياًازدادت إمكانية تحديدها للطرف الذي سيمتلك اليد العليا في سوريا مستقبلاً.

ولكن من المعروف أنَّ الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش قد أخطأ كثيرًا في العراق من خلال اتِّباعه لمثل هذه السياسات.

يورغين غوتشليش

ترجمة: رائد الباش

تحرير: علي المخلافي

حقوق النشر: قنطرة 2013

الحرب السورية على تركيا لم تبدأ من الريحانية

سمير صالحة

أدوات النظام السوري اختارت الريحانية أكثر المناطق حساسية في تركيبتها العرقية والدينية في إقليم هتاي واسخنها سياسيا بين السكان و«ضيوفهم» السوريين لتصيب أكثر من عصفور بهذين الانفجارين. عطلة نهاية الأسبوع، منتصف النهار، الساعات الأكثر ازدحاما في الشوارع وتفجيرات مدوية تقود إلى سقوط العشرات بين القتلى والجرحى. هجمة تختلف في توصيفها عن هجمات التحذير والتحدي والاستفزاز لكنها تعكس هذه المرة أيضا حقيقة تمسك دمشق بقرار إعلان الحرب المباشرة على تركيا والذي تجاهلتها حكومة أردوغان أكثر من مرة.

أنقرة تقول إنها تملك الكثير من الاعترافات والأدلة حول دور المخابرات السورية في تنفيذ الهجوم ودمشق رفضت الاتهامات التركية حول تحريك مجموعة يسارية تركية جندها ودعمها ومولها النظام السوري لتقوم بعمليات من هذا النوع عند الضرورة.

كنا نردد بعد كل استهداف سوري للداخل التركي وتحديدا بعد إسقاط الطائرة الحربية التركية فوق المتوسط وتفجير «باب الهوى» في فبراير (شباط) المنصرم أنه إذا ما ثبت أن دمشق هي التي تقف وراء هذه الهجمات فهذا سيعني بالنسبة لأنقرة الوصول إلى الفرصة التي تريدها للدخول في مواجهة علنية مباشرة والتنسيق ضمن كل الوسائل المتاحة وبالتعاون مع أي جهة محلية أو إقليمية يهمها الإطاحة بالنظام في سوريا. وراهنا على أن تركيا ستقود بعدما يثبت تورط النظام السوري في استهدافها على هذا النحو عملية تسريع التدخل العسكري باتجاه دمشق قبل أن تطاردها صدمة جديدة قد تكون أشد وأقوى لمنعها من النهوض من بين أنقاض الهجمات والانفجارات المتلاحقة، لكنه يبدو أن الذين يقفون وراء هذا العمل نجحوا قبل كل شيء في توتير العلاقة بين حكومة أردوغان وقواعدها الشعبية حتى حول مسار السياسة التركية في سوريا أين وعود الانفراج الموعود بها خلال أشهر؟

الانفجار الجديد هذا نجح على ما يبدو في زيادة غضب الإعلام والمعارضة وسكان المناطق الحدودية التركية وتحريك الشارع باتجاه طرح السؤال الذي تجنب المجاهرة به في وجه حكومة أردوغان حتى الساعة. كيف سننجح في الخروج من المستنقع السوري؟ لكن الرد والخيار الوحيد المتقدم على بقية الخيارات هو أن تركيا لن تسمح بمثل هذه السهولة لدمشق وحلفائها باستهدافها بهذا الشكل لأن الأضرار لا تطال تركيا وحدها بل هي ستدفع شركاء وحلفاء أنقرة في المعارضة السورية وفي سياسات الاصطفاف الإقليمي الجديد للقلق على مصالحهم ومواقعهم.

يبدو أن الذي أغضب النظام السوري على هذا النحو هذه المرة هو إعلان أنقرة تحركها للكشف عن تفاصيل استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين العزل في المدن الثائرة وإرسال خبراء وإخصائيين أتراك وأجانب للتأكد من ذلك عبر معاينة وفحص حالات هي تحت الشبهات، كذلك استعداد حكومة أردوغان للقيام بجولات على الكثير من العواصم الغربية لشرح حقيقة لجوء دمشق لاستخدام هذه الأسلحة المحظورة. لا بل إن دمشق تريد توجيه إحدى أقوى رسائلها لقطع الطريق على أردوغان الذاهب لمقابلة الرئيس الأميركي أوباما حاملا الكثير من الملفات والخيارات التي ستتم مناقشتها تحت عنوانين لا ثالث لهما رحيل نظام الأسد بأسرع ما يمكن عبر اتفاق سياسي دولي أو إسقاطه عسكريا من خلال عمليات لا اعتراض بعد الآن أن تنطلق من الأراضي التركية.

أنقرة تذكر الجميع بأن الخيارات تتقلص فهي إما أنها ستنجح في إقناع اللاعبين الإقليميين والدوليين بإيجاد الحل السياسي الذي يزيح النظام وإما أنها ستعطيه ما يريد منذ بداية الأزمة توسيع رقعة المواجهات العسكرية بعدما اختبر صبر تركيا طيلة الأشهر الماضية من خلال تحرشات واستفزازات كثيرة لم ترد عليها حكومة أردوغان.

دمشق بدأت الحرب على تركيا قبل عام وعلى أكثر من جبهة فالتحريض في لبنان في أوجه والخدمات التي تقدمها حكومة المالكي يتزايد عددها وإيران التي توفر التمويل المالي المفتوح وروسيا التي تتجاهل سقوط عشرات آلاف القتلى بأسلحتها المقدمة للنظام متمسكة «بأخلاقيتها التجارية» في إرسال بقية الشحنات التي لا يعرف أحد متى تنتهي؟

أنقرة تعرف أنه بعد هذه الساعة لا فرص وأوراق كثيرة تلعبها وتناور بها فالتحريض السوري في ذروته وأردوغان الجار والصديق والحليف تحول إلى إرهابي بنظر وزير الإعلام السوري وإطالة عمر النظام في دمشق على هذا النحو سيوفر له الفرص والوقت لتكثيف الهجمات واستدعاء المزيد من الخلايا من إجازاتها.

النظام السوري يعرف استحالة أن يكون «جنيف الثاني» دولاب النجاة وأنه راحل لا محالة لكنه يريد أن يثبت ما قاله منذ اندلاع الثورة في سوريا أنه يختلف عن القذافي ومبارك وبن علي.

الشرق الأوسط

أردوغان و«أخونة» الصراع في سورية

مصطفى زين

حمل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الملف السوري إلى واشنطن وفيه مسألتان: الأسلحة الكيماوية، وتفجير الريحانية في لواء الإسكندرون. المسألة الأولى تحتاج إلى تدقيق أكثر، على ما قال له سيد البيت الأبيض. والثانية جزء من الإرهاب الذي تتعرض له المنطقة كلها، ويحاول كل طرف استغلاله لترويج سياسته. فضلاً عن أن الاتهام التركي المباشر للنظام السوري بالضلوع في الحادث كان محل تساؤلات كثيرة في أنقرة ذاتها، خصوصاً أن التهمة ألصقت بتنظيم «مستعجلون» المتوقف عن النشاط منذ أكثر من ثلاثين سنة.

إلى هاتين المسألتين تناولت المحادثات بين أردوغان وأوباما الوضع في سورية بعد الأسد، إذ اتفق الطرفان على رحيله لتغيير نهج دمشق وسياساتها وتحالفاتها في المنطقة وفي العالم، وإبعادها عن محور إيران. وحاول رئيس الوزراء خلال وجوده في واشنطن، وقبل ذلك، إقناع الإدارة الأميركية بأن «الإخوان المسلمين» جديرون بحكم دمشق وبتغيير كل سياساتها الداخلية والخارجية، وحجته المثالان في تونس وفي مصر. فالنظامان الجديدان حافظا على العلاقة الجيدة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، وعلى الاتفاقات الدولية (كامب ديفيد) ويتعاونان في محاربة الإرهاب، ولم يغيرا شيئاً في السياسة «الليبرالية» الاقتصادية. ويقفان ضد إيران والنظام السوري. وفضلاً عن ذلك يتخذان الحكم في تركيا نموذجاً.

هل اقتنع أوباما؟ الواقع أن الدول الساعية إلى تغيير النظام السوري لم تتوصل، حتى الآن، إلى الاتفاق على بديل للنظام السوري. واشنطن ومعها باريس ولندن، تعرف تماماً أن بعض العلمانيين والليبيراليين أمثال جورج صبرا وبرهان غليون، والإسلاميين المعتدلين مثل معاذ الخطيب وهيتو، لا يستطيعون الإمساك بالأرض ولا اتخاذ أي قرار، فهم كانوا وما زالوا مجرد واجهة لعرض الشعار الأوروبي المعادي للاستبداد، من دون أن يكون لهم تأثير فعلي في مجرى الأحداث. أما «الإخوان المسلمون» فهم الأكثر تنظيماً ولديهم فصيل مسلح يخوض الحرب في الداخل وقد يكون له تأثير في باقي المسلحين الإسلاميين المصنفين في خانة الإرهاب.

باختصار، يحاول أردوغان تسويق «الإخوان المسلمين» بديلاً للنظام السوري لتكون له الكلمة العليا في توجيه سياسة دمشق وللتحالف معها كي ينطلق إلى باقي العالم العربي. لكن دون ذلك عقبات كثيرة أهمها أن الفصائل المسلحة على الأرض لا تخضع لسلطة واحدة. وأن «الإخوان»، إذا وصلوا إلى الحكم مضطرون إلى خوض صراعات دموية طويلة نيرانها ستطاول الأقليات، وهذا ما يفسر التردد الأميركي في إجبار «الائتلاف» على اختيار ممثليه في مؤتمر جنيف المزمع عقده بناء على اتفاق أميركي روسي.

إلى ذلك كله يحاول أردوغان تسويق خطته القديمة في فرض منطقة حظر جوي في سورية تشرع تسليح المعارضة وتمكنها من السيطرة الفعلية على بعض المدن في الشمال، خصوصاً على حلب، لكنه يصطدم دائماً بعدم استعداد واشنطن لخوض حرب جديدة قد تشيع الفوضى في كل المنطقة، ولربما كانت تفجيرات الريحانية خير دليل.

لم يستطع أردوغان إقناع أوباما لا بـ «ولاية الإخوان»، ولا بالمنطقة العازلة، ولم يستطع إقناع مواطنيه بأن تنظيم «مستعجلون» وراء الإرهاب في الإسكندرون. لذا سيزيد تصلبه ودعمه للمسلحين عله يقنع الجميع بوجهة نظره عملياً. وإلا تشظت سياسته مع تفجير الريحانية، على ما كتبت صحيفة «ميللييت».

الحياة

الأردن وتركيا في مواجهة الأزمة السورية

إبراهيم غرايبة *

العلاقات الأردنية التركية تشهد نشاطاً سياسياً غير مسبوق، في الايام القليلة الماضية جاء إلى عمان كبير مستشاري الرئيس التركي، ارشاد هولمز واجتمع مع الملك، وجاء أيضاً وزير الخارجية التركي داود أوغلو، وزار رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور تركيا.

ربما كان لافتاً على نحو رمزي أن وزير الخارجية الإيراني، علي صالحي كان في عمان في الوقت نفسه، وحاولت جمعية الشؤون الدولية تنظيم محاضرة له في عمان، ولكنه اعتذر بعدما وجهت الجمعية الدعوة لجمهورها وأعضائها، ولكن هولمز قدم محاضرة في الجمعية نفسها بعد يومين، وسواء كان الغاء المحاضرة رغبة إيرانية أو أردنية، فالمسألة تعكس ايضاً أن الموقف التركي من الأزمة السورية يلقى اهتماماً ايجابياً في الأردن (رسمياً وشعبياً) بعكس الموقف الإيراني، حيث ينظر إلى زيارة إيران إلى عمان بأنها لأجل شراء الوقت لصالح النظام السياسي في سورية، في حين يجد الأردن الرسمي والشعبي أن تركيا هي الشريكة الرئيسية في إدارة المواجهة واستيعاب الأزمة في سورية، ويتشكل رأي بأن الأردن وتركيا في حاجة إلى أن يديرا ويرتبا دورهما في الأزمة السورية، بعدما تحولت إلى جدل إقليمي يعني دول الجوار ويخصها، فقد قال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إن استمرار الأزمة السورية على وتيرتها الحالية سيجعل اللاجئين السوريين بعد سنة يشكلون 40 في المئة من سكان الأردن، وهو أمر يفوق قدرة الأردن حتى مع تدفق المعونات الدولية الى اللاجئين!

وإسرائيل أيضاً أدخلت الأزمة والمنطقة في تفاعل وجدل أكثر تعقيداً، وجعلتها متصلة بـ «حزب الله» وإيران؛ عدا عن إشارتها إلى الثورة السورية ودول الجوار والعالم أيضاً بأنها لاعب مؤثر ومهم في مستقبل المنطقة، والعراق دفع بتأييده النظام السوري مشهده الداخلي إلى الثورة والأزمة، و «حزب الله» بدخوله السافر إلى جانب النظام السوري وضع لبنان في مواجهة استحقاقات وجدل داخلي وآخر متصل بعلاقته بسورية اليوم وسورية المستقبل!

من بين هذه الدول الخمس تبدو الأردن وتركيا الأكثر تشابهاً فيما بينهما، في علاقتهما بسورية والثورة السورية، والغرب والدول المعارضة للنظام السوري، وهما في حاجة أن يتعاونا معاً وأن يبلورا سياسة ومواقف موحدة، فهما يتحملان كأمر واقع لا مفر منه تداعيات الأزمة ونتائجها، ولا يجدان مفراً من حلها وتسويتها على النحو الذي يحقق الاستقرار والرضا، بغض النظر عن الموقف العالمي والعربي المرتبك والمتفرج وحتى في مشاركته فإنه يبقى في منأى عن نتائج وتداعيات الازمة على الظروف الداخلية والاقتصادية والمعيشية للدول الصديقة لسورية الثورة!

تتحدث وسائل الإعلام البديلة عن خلاف تركي أردني حول الملف السوري، يقال إن تركيا تحرض وتدعم جماعات كثيرة من المتطوعين ضد النظام السوري، يـغلب عليـهم «الإسلامية» وسوف يجعل ذلك من المنطقة ساحة لصراعات سياسية قادمة تقوم على التشدد الديني والخلاف المذهبي، وفي المقابل فإن الأردن يسعى في تسوية للأزمة السورية تستبعد الجماعات الإسلامية من دور فيها، وهو خلاف وانقسام ممتد إلى الدول المعارضة للنظام السوري.

هناك إجماع ضمني على أن النظام السوري يجب أن يرحل، وأنه لا يمكن إسقاطه بالإمكانات المتاحة للجيش الحر والجماعات المناوئة للنظام، وأن أغلب المتطوعين للقتال ضد النظام السوري هم من الإسلاميين أو المتدينين الذين يصعب التمييز بينهم وبين المتشددين، فلا خيار سوى تدخل عسكري مؤثر أو تسليح الجماعات المعارضة وتدريبها ومساعدتها على التفوق على النظام السوري.

معضلة القضية السورية أنها دخلت في عقدة لا يقدر على حلها الا المقاتلون، ولم يعد يقاتل اليوم سوى الإسلاميين!

* كاتب أردني

انتهى الحجيج.. فهل اقتربت الحرب؟!

عبد الباري عطوان

اختتم السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا يوم امس مسلسل ‘الحجيج’ العربي الشرق اوسطي الى العاصمة الامريكية واشنطن، الذي بدأه قبل شهر الشيخ محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي، ثم كل من الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والشيخ حمد بن خليفة امير دولة قطر، وكان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني هو الزائر قبل الاخير.

الهدف من هذا الحجيج التعاطي مع الملفين الاكثر التهابا في المنطقة، الاول ملف الطموحات النووية الايرانية، والثاني الحرب الاقليمية المتفاقمة على الارض السورية من خلال وكلاء محليين سوريين وغير سوريين.

القاسم المشترك بين الدول الخمس وممثليها الذين زاروا واشنطن تباعا، هو التدخل بشكل مباشر في الأزمة السورية ماليا وعسكريا، والاستعداد للتدخل الى جانب الولايات المتحدة واسرائيل، كل حسب دوره وقدراته، في حال قررتا بدء الضربات الجوية لتدمير المنشآت النووية الايرانية.

الآن، وبعد ان اكتمل النصاب، وجرى التشاور حول هذين الملفين، وتوزيع الأدوار، ما هي الخطوة التالية المتوقعة، وهل باتت الحرب وشيكة، ومن الذي سيشعل فتيلها اذا ما تقرر الانتقال من مرحلة الانتظار الى مرحلة الفعل؟

جميع الاطراف الهادفة او المستهدفة تضع اصبعها على الزناد، وتعيش في حالة من الطوارئ والاستعدادات القصوى، مع التأكيد على امرين اساسيين، الاول ان الخوف من تبعات الحرب يسيطر على الجميع، والطرفين الاسرائيلي والامريكي على خاصة، ووجود نزعة شبه انتحارية لدى الطرف الآخر المدعوم روسياً وايرانيا، بعد ان طفح كيله من الاهانات الاسرائيلية، والدمار الذي لحق ببلده، وعدم وجود اي امل وشيك بالحسم العسكري، ونحن نتحدث هنا عن النظام السوري تحديدا.

الاسرائيليون هم اكثر الاطراف رعبا وقلقا، وهم قد يكونون الطرف الذي يفجّر الحرب الاقليمية في اضخم صورها واخطرها، وهذا ما يفسر الزيارة المفاجئة التي قام بها الى تل ابيب جون برينان رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) في اليومين الماضيين، بهدف التهدئة، ومنع اي حماقة جديدة تتمثل في غارات جديدة على اهداف سورية.

بيني غانتز رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي حذر قبل ثلاثة ايام من ان اسرائيل لن تتسامح مع اي ارسال لشحنات اسلحة سورية حديثة الى حزب الله في لبنان، وستقوم بضربها، ولا يوجد اي مؤشر بان شحنات هذه الاسلحة ستتوقف، بل ما يحدث هو العكس تماما.

‘ ‘ ‘

ما يرهب الاسرائيليين اكثر هذه الايام، واكثر من اي وقت مضى، الصلابة غير المعهودة في الموقف الروسي الداعم لنظام الرئيس الاسد، الذي انعكس في المضي قدما بتسليمه بطاريات صواريخ من طراز اس 300 المضادة للطائرات، وفشل نتنياهو في منعها، وهو الذي نجح في زيارة سابقة في الغاء عقد لشراء ايران العشرات منها، وارسال موسكو غواصات نووية، وسفنا حربية للوجود قرب السواحل السورية تحت عنوان حماية القاعدة الروسية في طرطوس.

قلنا اكثر من مرة، ونقلا عن مصادر وثيقة، ان شهر حزيران (يونيو) قد يكون هو الموعد المحدد للحرب المتوقعة في المنطقة، وما يفصلنا عنه ايام معدودة اذا صحت هذه التسريبات، والسيناريو الاكثر ترجيحا هو اقدام طائرات اسرائيلية على قصف اهداف داخل سورية تحت ذريعة الحفاظ على الامن الاسرائيلي، واختراق الخط الاحمر بإرسال اسلحة الى حزب الله.

هناك مؤشرات قوية بان روسيا اعطت الضوء الاخضر للنظام السوري وحزب الله، للرد على اي عدوان اسرائيلي جديد، الامر الذي سيفجر المنطقة بأسرها. فجميع الاطراف ملّت من حالة الانتظار، وضاقت ذرعا من اطالة امد الجمود وغياب الحسم، سواء تجاه الملف الايراني، او ازاء تفاقم تعقيدات الملف السوري، وتوسع نفوذ التنظيمات الجهادية في اطرافه الشرقية والغربية.

القيادة الروسية لن تكرر خطأها في السكوت عن تغيير النظامين العراقي والليبي على ايدي حلف الناتو وحلفائه العرب، والا لخسرت مصداقيتها ومصالحها كقوة عظمى، والنظام السوري اثبت، اتفقنا معه او اختلفنا، انه اصلب من ان يكسر مثلما كان يتوقع الكثيرون، والاسرائيليون والاتراك وبعض العرب على رأسهم.

الحل السياسي الذي اطلّ برأسه اثناء اللقاء بين جون كيري وزير الخارجية الامريكي ونظيره الروسي سيرغي لافروف تراجع، ان لم يكن تبخّر، فرفض الطرفين المبطن له، الحكومة والمعارضة، والخلاف على مصير الرئيس الاسد في نهاية المرحلة الانتقالية وحجم صلاحية الحكومة الانتقالية التي ستشكل ومن سيتمثل فيها، وأدت هذا الحل وهو نطفة.

‘ ‘ ‘

من الصعب علينا ان نراهن على اي من احتمالات الحرب او الحل السياسي، لان الاولى مكلفة جدا في زمن لا تريد الادارة الامريكية، او تتهرب، من اي حرب في المنطقة، اما الاحتمال الثاني، اي الحل السياسي، حتى لو جرى تذليل كل العقبات في طريقه فإنه سيحتاج الى وقت طويل وغير مضمون النتائج.

الشيء الوحيد الذي يمكن ان نقوله بكل ثقة ان الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، لانه ليس في مصلحة اي من الاطراف الاقليمية والدولية، لان هناك اتفاقا فيما بينها على ان الخطر المشترك هو جبهة النصرة وشقيقاتها، ولا بد من مواجهته.

الخلاف حاليا هو هل ستكون الأولوية لاسقاط النظام اولا، والانتقال بعد ذلك لمواجهة الجماعات الجهادية، ويفضل هذا التوجه امريكا واسرائيل والحلفاء العرب والاتراك، او تتم هذه المواجهة مع بقاء النظام واعطائه الدور الاكبر في هذا الصدد، والروس والايرانيون من محبذي هذه النظرية وداعميها.

الاسابيع المقبلة قد تحسم الكثير من القضايا والملفات المتفجرة، والمنطقة في انتظارالحماقة الاسرائيلية المقبلة.

Twitter:@abdelbariatwan

القدس العربي

متفجرات الريحانية والأزمة السورية

كانت مفاجأة حقيقية للكثيرين منّا عند سماعهم خبر التفجير الانتحاري المزدوج الذي ضرب مدينة الريحانية التركية المحاذية للحدود السورية. وليس السبب في ذلك التفجير بحد ذاته، فالانفجارات اصبحت منذ زمن مسألة عادية في منطقتنا العربية، فهي تهز العراق بين الحين والآخر وتضرب المدن السورية كذلك الأمر، وتطاول لبنان.. إلا ان كون التفجير انتحارياً فهو يطرح في الحال تساؤلات محقة حول الاساليب الجديدة للاستخبارات السورية في التعاطي مع الأزمة. فهل ما زال بعد في سوريا مَن تراه مستعداً لتفجير نفسه دفاعاً عن بشار الأسد أو فداء له، بعد كل مذابحه المخيفة والدمار الهائل والنزوح بالملايين والتشرد ونداءات الاستغاثة. ان مراجعة تاريخ الحركات الفاشية والانظمة الكيانية ينبئنا بممارسات مماثلة لسلوك النظام الأسدي الفاشي، فحتى عندما كان الرايخ الثالث قد وصل الى رمقه الأخير ظل هناك في المانيا مَن كانوا مستعدين للانتحار دفاعاً عن الفوهرر. وكان الفوهرر قد عمد عند اجتياحه لبولندا الى استخدام اولئك السجناء المحكوم عليهم بالاعدام للاعتداء على الدولة الفتية، في الوقت الذي كانت جحافل الجيش الالماني تنتظر وراءهم ساعة الصفر.. هكذا في 2 أيلول عام 1930 بدأت الحرب العالمية الثانية.

تحكم النظام الأسدي المتداعي المنهار في سلوكه العام حالة من اليأس والافلاس النهائي وذلك على كافة الصعد. فلم يعد يدري في اي اتجاه عليه أن يضرب ليبقى على قيد الحياة، وبمَن يستعين. لقد اعقب تهديداته باشعال الشرق الاوسط انحدار مريع بعد تلقيه ضربات المعارضة المسلحة وانكفائه حتى دمشق بعد سقوط العديد من المدن والبلدات والأرياف في يد الجيش السوري الحر، فلم تعد تكفيه الامدادات العسكرية واللوجستية من موسكو وطهران فإذا بنا نراه يستدعي الحرس الثوري الايراني و”حزب الله” اللبناني. وتتورط إيران و”حزب الله” في حرب مكشوفة أمام الملأ في قتال ضار ضدّ المعارضة السورية المسلحة حيث تدور معارك ضارية الآن في محيط بلدة القصير القريبة من الحدود اللبنانية. واللافت بلا ريب، تجنب بشار الاسد دفع الكتائب النظامية في مواجهة الثوار، لئلا يتصدع وتتوالى الانسحابات من صفوفه كما جرت العادة. ان الحرس الايراني و”حزب الله” يقومان بالمهمة.. ثم تتقدم قوات النظام بعدها للاجهاز على الثوار.

لقد مني النظام الأسدي مؤخراً بهزائم ساحقة تجاوزت بكثير التحاق العديد من مسؤوليه السياسيين بالثورة. فقد فشلت كل محاولاته في استخدام الورقة الكردية لمشاغلة الاتراك والحد من دعمهم للجيش السوري الحر واحتضان المعارضة وآلاف اللاجئين السوريين وايوائهم. اتفاق الهدنة وفتح باب الحوار بين انقرة وحزب العمال الكردستاني كان ضربة موجعة تلقاها فسقط رهانه الخائب. كما ان نشر صواريخ باتريوت الاطلسية على الحدود التركية قد قطع عليه الطريق في مغامرات طيرانه الحربي بمساعدة الطيارين الروس وصواريخ القطع الروسية امام الساحل السوري. ثم ان المجازر المخيفة التي ادارها في بانياس والبعقا والتي هزت العالم ببشاعتها ووحشيتها لفتت انظار العالم مجددا الى ما يحدث في سوريا من فظاعات. وكانت الذروة في عجز نظامه، عندما تلقى ضربات نوعية من إسرائيل، فكانت ردود فعله اقل بكثير من المتوقع حيث اكتفى بتصريحات اعتادت عليها الشعوب العربية طيلة 40 سنة من الهدوء الساكن على الجولان. وكانت الطامة الكبرى في تورط الأسد باستخدام السلاح الكيماوي في مواجهة المعارضة. إلا ان المراوحة الاميركية باطلاق تصريحات بالتوعد والتهديد بتغيير قواعد اللعبة قد شجعه على تنفيذ تفجير الريحانية، بل شجعه أكثر تردد حلف الناتو بتسليح المعارضة بالاسلحة المتطورة. انه ضمن هذا السياق وهذا الفهم علينا قراءة هذا التفجير وتداعياته.

ليس هذا فحسب بل ان جميع الدلائل والمؤشرات تنبئ بدنو ساعة الصفر بالنسبة لرحيل الأسد. فالزيارات المتكررة لوزراء خارجية فرنسا وبريطانيا واميركا لموسكو والحديث المتداول حول لقاء جنيف في حزيران 2013 وضرورة العودة الى بنود الاتفاق، والضغط المستمر على موسكو للموافقة على تنحّيه وتشكيل حكومة انتقالية قد وضع الأسد في موقف حرج. كما ذهب توعد إيران وخطب السيد نصرالله بالرد الحاسم ادراج الرياح. ذلك ان طهران منشغلة هذه الأيام بانتخابات الرئاسة الوشيكة، كما ان “حزب الله” غارق حتى اذنيه في معركة القصير ومتاعب الساحة اللبنانية، فهل بمقدوره الآن القيام بمغامرة عسكرية غير محمودة العواقب والتداعيات؟

انه من الصواب بمكان ان نرى في أخذ الازمة شمالاً الى الحدود التركية، محاولة يائسة من نظام الاسد لصرف الانظار عن حقيقة الوضع المأساوي الدائر في جنوبي سوريا. فإذا كانت معركة القصير بالنسبة له “أم المعارك” فالمعارضة السورية تعتبرها بحق احدى المعارك وهي ليست المعركة الوحيدة ولا النهائية، فحتى لو استطاع الحرس الايراني و”حزب الله” ومن ورائهما كتائب الأسد اسقاط القصير وسط زعيق اعلامي كبير ومتوقع فإن الثورة السورية مستمرة بثبات اسطوري نحو اهدافها الطبيعية والنهائية. فما معركة القصير ولا معركة بصرى الحرير في درعا ولا أية معارك اخرى سوى محطات واوقات سانحة للمعارضة الثورية السورية المسلحة لتعض على جراحها وتعيد تجميع قواها مستفيدة من أي صدع وأية ثغرة في مواجهة هذا النظام الفاشي المتهاوي المنحدر الى قدره المحتوم لطالما كانت هكذا سيرة حروب التحرير.

ان الثورة السورية ليست معركة القصير وحدها فحسب، ويخطئ “حزب الله” والحرس الإيراني في تقديرهما انها نهاية الثورة، والثورة السورية قادرة قادرة على امتصاص الاخفاقات والتعلم حتى من هزائمها وتعثراتها، واستخلاص الدروس الضرورية لتطوير قدراتها القتالية.

ان “حزب الله” الذي ربط نفسه بمصير النظام السوري سوف يمنى بنكسة خطيرة فور تنحي الأسد وهزيمة نظامه وعلينا في لبنان الاستعداد لمواجهة تداعيات هذا اليوم الموعود، فعلينا والحالة هذه العمل على وجوب حل مشكلة سلاح “حزب الله”.

د. نقولا زيدان

المستقبل

أوباما المستقيل من سوريا!

    راجح الخوري

خلاصة زيارة رجب طيب اردوغان لواشنطن ومحادثاته مع باراك اوباما ان “اميركا لا ترغب في ان تتحرك وحدها في سوريا”. ولأن لا دول اخرى ترغب في التحرك إلا وراء اميركا، فذلك يعني ان الازمة المأسوية ستبقى مفتوحة على مداها ومتروكة للتدخل الروسي والتورط الايراني.

هذا يعني ان السباق بين المعارك على الارض والمساعي لعقد “جنيف-2” سيطول اكثر مما يظن الكثيرون، وخصوصاً في ظل الخلاف العميق بين معارضة ترفض ان تجلس مع بشار الاسد على قاعدة وضع القاتل والقتيل وجهاً لوجه، وبين نظام يرفض التفاوض معارضة يعتبرها من الارهابيين!

لا يكفي ان يعلن اوباما انه اتفق مع اردوغان على ضرورة رحيل الاسد والعمل على اقامة سوريا حرة بعيدة من التطرف وتحمي كل الاطياف العرقية، فمثل هذا الكلام يتردد منذ سنتين ونيف في البيت الابيض، لكن عدم التحرك الاميركي الفاعل للمساعدة على تنفيذه، وترك الساحة دائماً للروس يشترون الوقت للنظام والحل العسكري، وللايرانيين يتورطون في القتال ويزجون “حزب الله” في المعارك، هو الذي اوصل المأساة السورية الى ما هي عليه الآن.

الجديد في كلام اوباما انه يمثل استقالة صريحة من الدور الاميركي المعروف وتراجعاً عن كل التصريحات السابقة، وعن الخطوط الحمر التي رسمها في ما يتعلق باستعمال السلاح الكيميائي: “لدينا ادلة مبدئية على استخدام النظام الاسلحة الكيميائية ونحاول الحصول على ادلة موثقة وعندما نجمع هذه الادلة سنقدم ما لدينا للمجتمع الدولي… ومهمتي العمل مع الشركاء الدوليين للبحث عن حل يستهدف استقرار المنطقة وهذا شيء لا تفعله الولايات المتحدة وحدها”!

هذا الكلام لا يمثل استقالة صريحة من الدور الاميركي المفترض فحسب، بل يمثل اشعالاً للضوء الاخضر امام النظام الذي يمضي مدعوماً من الروس والايرانيين في الحل العسكري وتدمير سوريا على رأس اهلها وهو ما يجعل منها قبلة المتطرفين يتقاطرون من اصقاع الارض “لنصرة اخوتهم”. وعندما يقول اوباما انه اتفق مع اردوغان على الدفع لتحقيق عملية انتقالية من خلال ممارسة الضغوط على الرئيس بشار الاسد لاقناعه [ اقناعه بعد سقوط 90 الف قتيل؟] بضرورة الرحيل، فليس واضحاً كيف ستكون هذه الضغوط التي تلوح واشنطن بهراوتها منذ عامين ونيف ولكن دون جدوى، وكيف يمكن التوصل الى هذا الاقناع الواهم؟

لم يسمع اردوغان من اوباما كلاماً يختلف عما سبق ان سمعه منه ديفيد كاميرون في آب الماضي، عندما راجعه في موضوع الاسلحة الكيميائية والخط الاحمر، فقال له صراحة ان ليس لديه شهية لمناقشة الخطوط الحمر وما تعنيه في الاساس: “لم تتم اعادة انتخابي للبدء بحرب اخرى”!

هل تصل حرب سوريا إلى تركيا؟

هل تكون تركيا الآن بصدد دفع ثمن تدخلها في الأزمة السورية؟ المعروف أن أنقرة كانت أول عاصمة تدين القمع الوحشي الذي مارسه النظام السوري ضد مواطنيه، بدءاً من شهر حزيران من العام 2011. واليوم، العاصمة التركية مقتنعة تماماً بأن دمشق تريد لها ان تدفع ثمن دعمها للمعارضة السورية، وبأنها تبحث عن طريقة لإيصال الحرب الى ديارها. انفجار السيارتين المفخختين منذ أيام في بلدة الريحانلي في محافظة هاتاي لم تفسَّر إلا على هذا النحو. قبل ذلك، في شباط من العام الجاري، وفي المحافظة نفسها، قُتل ثمانية أشخاص بسيارة مفخخة أيضاً. ورئيس الوزراء التركي يتهم دمشق الآن بأنها تريد جرّ تركيا الى “سيناريو الكارثة”.

في حزيران من العام 2011، بعدما لعبت انقرة الورقة الديبلوماسية، قررت ان ترفع الصوت. فأدان اردوغان القمع المنظم للنظام السوري ضد شعبه. يقول ديديي بييون، الباحث في “معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية”، ان العاصمة التركية وقتها بدت وكأنها “ذاهبة الى الحرب بحماسة”. فمنذ هذا التاريخ والديبلوماسية التركية تدين بحزم النظام العلوي، تدعم المنتفضين، تقدم لهم القواعد الخلفية وتستقبل مئات الآلاف من النازحين. يتابع الباحث نفسه: “منذ بضعة أشهر لم يتوقف الأتراك عن مناداة الأسرة الدولية للتعامل بجرأة أكبر مع الملف السوري. وانقرة مثلها مثل دول النفط، تقدم للمنتفضين مساعدات، خصوصا العسكرية منها”. وفي غياب إدارة متعددة الأطراف للأزمة السورية، تضع الدولة التركية كل ثقلها في هذه الأزمة. فهي الدولة التي تستقبل العدد الأكبر من النازحين، موزعين على سبعة عشر مخيماً على امتداد الحدود التركية-السورية والبالغة تسعمئة كلم. عدد هؤلاء النازحين بلغ حتى اليوم ثلاثمئة ألف، وهذا الرقم مرشح ان يُضرب بثلاثة خلال العام الجاري، حسب “مجموعة الأزمات الدولية”. هذه الإدارة الإغاثية للأزمة، كلفت حتى الآن سبعمئة وخمسين مليون دولار، لم تتلقَ تركيا منها إلا مئة مليون دولار. يقول الباحث ديديي بييون بهذا الصدد: “ان معسكرات اللاجئين تشكل سلاحاً سياسياً بالنسبة للحكومة التركية. ان تدفّق اللاجئين اليها هو بمثابة الفرصة لتذكير القوى الغربية بأن تركيا ليست منذورة لوحدها لإدارة الذيول الانسانية للحرب في سوريا”.

على الحدود بين البلدين، لا تكتفي الدولة التركية باغداق المساعدات للعائلات المقتلعة من بلادها. انها تقدم أيضا قاعدة خلفية لمقاتلي المعارضة. هم بوسعهم ان يأخذوا فيها قسطاً من الراحة، أو يعيدوا تسليح أنفسهم، أن يتلقوا العلاج، أو يزوروا عائلاتهم المنفية. لولا هذا الدعم اللوجستي والانساني، لكانت الدبابات النظامية طردت هؤلاء المقاتلين. ولكن هل يمكن لهذه المعادلة ان تدوم؟ ان الحرب تنزلق شيئاً فشيئاً وترتدي لبوس الهروب الى الأمام، ومن الجانبين، النظام والمعارضة.

بالنسبة لداوود أوغلو، وزير الخارجية التركي، فان الصمت دام طويلاً. فبعد عامين ونصف من بدء التظاهرات الأولى، ما زالت تركيا عاجزة عن الإجابة بمفردها على الأزمة الاقليمية التي تلوح من بعيد. يؤكد أوغلو بهذا الصدد: “ان التفجير الأخير يدل كيف يمكن لشرارة ان تتحول الى حريق عندما تبقى الأسرة الدولية صامتة ويفشل مجلس الأمن في التحرك والمبادرة”. اما أردوغان، فقد صرح للقناة الاميركية “ان بي سي” بأن النظام السوري تجاوز منذ زمن الخط الأحمر.

على المستوى الداخلي، لا يخلو هذا الانزلاق من نتائج: حسب استطلاع جديد للرأي، فان ستين بالمئة من الاتراك ينتقدون إدارة اردوغان للأزمة؛ ما يؤكد بان الحكومة التركية فقدت خلال الأشهر الستة الأخيرة حيزا مهماً من شعبيتها.

طبعاً ليس من باب الصدف ان يكون الهجوم بالسيارتين المفخختين قد وقع في محافظة هاتاي الحدودية. فهذه الأخيرة كان اسمها سنجق الاسكندرون التابع لسوريا، حتى انفصاله عنها عام 1939 بموجب اتفاق تركي فرنسي. ودمشق لم تقبل يوما بحرمانها من هذه المحافظة.

[نادرة بوازة ـ مجلة “الاكسبرس”

الفرنسية (13 ايار 2013)

تفجيرات تركيا: الاسد هو المستفيد

عبد الباري عطوان

من الطبيعي ان يعلن السيد عمران الزعبي وزير الاعلام السوري عدم وقوف بلاده خلف السيارتين المفخختين اللتين ادى انفجارهما في مدينة الريحانية على الحدود السورية التركية الى مقتل 46 شخصا ،38 منهم اتراك وثلاثة سوريين، فلا يوجد نظام في العالم يتبنى تفجيرات دموية كهذه حتى لو كان يقف خلفها، او تخدم اغراضه ومصالحه وعلى رأسها ارهاب خصومه.

المسألة هنا لا تتعلق بالجدل حول الجهة المنفذة، وانما بانزلاق تركيا الى مستنقع سوري ساهمت بعض سياساتها بحفره، واخطأت في تقدير تبعاته، وطول امده، والرسائل التي اراد منفذو هذا الانفجار وداعموهم ايصالها الى اكثر من جهة.

بشير اتالاي نائب رئيس الوزراء التركي قال ان الموقوفين التسعة المتهمين بالجريمة المدانة هم من الاتراك، وان السيارات المستخدمة جاءت من تركيا وان لهم علاقة بالمخابرات السورية، بينما قال السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء ‘ان النظام السوري يحاول جرّ سورية الى سيناريو كارثي’.

السيد اردوغان ينسى، او بالاحرى نسي في غمرة حماسه للتدخل في المستنقع السوري في بداية الازمة على وجه الخصوص، ان هذا النظام هو الذي دعم ودرب وسلح حزب العمال الكردستاني الذي كلف الحكومات التركية المتعاقبة الاف القتلى واكثر من 300 مليار دولار على مدى السنوات الاربعين الماضية. وربما يغيب عن ذهن السيد اردوغان وبعض حلفائه في الاردن ومنطقة الخليج العربي ايضا ان النظام السوري هو الذي اوجد حركة فتح المجلس الثوري التي كان يتزعمها الراحل صبري البنا ،ابو نضال، وهو الذي احتضن وما زال يحتضن الجبهة الشعبية (القيادة العامة) التي يتزعمها حليف سورية الاوثق السيد احمد جبريل، وهي المنظمة التي نفذت عمليات جريئة ضد الاسرائيليين واهدافهم في الخارج.

النظام السوري هو الأبــــرع في استغــــلال التناقضات الســـياسية والمذهبية داخل الدول المعادية له، او التي يتــوقع ان ‘تعبث’ بأمنه الداخلي من خلال احتضان زعامات او حتى خلقها، وتأسيس جماعات ومنظمات متشددة، اسلامية كانت او يسارية، ولا يخامرنا شكّ، ان هذا النظام، وطوال العامين الماضيين من عمر الازمة كان وما زال يحاول تفريخ جماعات ومنظمات تهدف الى زعزعة حكومة اردوغان، واللعب على اوتار الطائفية داخل المجتمع التركي، واقامة جسور قوية مع المعارضة العلمانية والقومية في الوقت نفسه.

‘ ‘ ‘

الرئيس اردوغان شخص على درجة كبيرة من الذكاء ويملك دهاء يُحسب له في ادارة الازمات الداخلية، ولكن يبدو انه ليس على الحالة نفسها، حتى الان على الاقل، في قراءة التطورات الخارجية في دول الجوار بالقدر نفسه من الدهاء، والا لما استمرت الازمة السورية لأكثر من عامين، تدفق خلالها 400 الف لاجىء الى الاراضي التركية، لا نستغرب، بل لا نستبعد ان يكون من بينهم من هو موال للنظام ويشكل نوعا من الخلايا النائمة.

حدود تركيا مع سورية تمتد لحوالى تسعمائة كلم، يقطن جانبيها اما اكراد وهم الغالبية، او علويون، وهذه الحدود من الصعب التحكم فيها، او السيطرة عليها، واذا كان للسيد اردوغان ما يمكن ان يخسره سياسيا واقتصاديا ،(تركيا الان تحتل الترتيب 17 كأقوى اقتصاد في العالم ونسبة نمو تصل الى سبعة في المئة سنويا)، فإن لا شيء يمكن ان يخسره النظام السوري في المقابل، فنصف البلاد مدمر، وسقط اكثر من مئة الف في الحرب الاهلية الطائفية، وهناك مناطق عديدة خارجة عن سيطرته مثل مدينة الرقة التي باتت امارة اسلامية ترفرف عليها اعلام جبهة النصرة التي يتزايد اتساع دائرة نفوذها وتجد تأييدا من الكثير من المواطنين السوريين.

المفارقة الكبرى ان الصحافة التركية في معظمها، والمعارضة منها على وجه الخصوص (وهي الاغلبية) انتقدت السيد اردوغان وحمّلت سياساته مسؤولية تفجيرات الريحانية، خاصة دعمه للمعارضة السورية المسلحة، بينما كان انتقادها للنظام السوري في المقابل متواضعا، وهنا تكمن معضلة السيد اردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه.

النظام السوري بات ينتقل من الدفاع الى الهجوم في اعتقادنا، مدعوما بنجاحه في البقاء في الحكم حتى الان، والتقدم الذي بدأ يحققه جيشه في بعض جبهات القتال، فالصحف الامريكية والغربية التي كانت تركز على انتصارات قوات المعارضة، والجيش الحرّ في مقدمها، باتت الان ترصد مظاهر هذا التقدم الراجع الى دعم ايران وحزب الله وروسيا.

‘ ‘ ‘

ارسال رسائل بالسيارات المفخخة، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، اي من خلال وسطاء بالوكالة، هو اخطر تطور يمكن رصده منذ انطلاق الأزمة، فإذا كانت الرسالة الاولى وصلت الى تركيا ورئيس وزرائها، والى المعارضة وجزء من الرأي العام ضده، وضد اللاجئين السوريين، فإننا لا نستبعد رسائل اخرى مماثلة او مختلفة، الى دول الجوار الاخرى مثل الاردن الذي تلقى تحذيرات حملها مسؤولون سوريون الى نظامه من جراء تسهيل دخول مسلحين واسلحتهم عبر الحدود الاردنية المفتوحة على مصراعيها امام هؤلاء، او اسرائيل حيث اعلن النظام فتح جبهة الجولان، وتحويل سورية كلها الى جبهة مقاومة.

العاهل الاردني الراحل الملك حسين قال لي في احدى مقابلاته ان النظام السوري هو من اخطر الانظمة خطورة على امن الاردن واستقراره، ولذلك يحرص دائما على عدم الدخول في خلاف معه، منذ ‘خطئه الاكبر’ في احتضان قادة الاخوان المسلمين اللاجئين الى الاردن بعد مجزرة حماة.

اذكر انني التقيته في مكتبه وكان الصديق والزميل خالد محادين مستشاره الاعلامي حاضرا، وكان الملك يدخن بشراهة، فسألته عن ذلك، فقال انه اتصل قبل حضوري بالرئيس حافظ الاسد، الذي ردّ على المكالمة ببرود وتحفظ، فقلت له لماذا في رأيك، قال لانه كان مجتمعا، كما علمت لاحقا، بالرئيس حسني مبارك، ولم يقل له، اي للملك ان الرئيس المصري كان معه، ويبلغني السلام مثلا، وواصل قائلا: يا سيدي (يخاطب الجميع صغيرا وكبيرا بهذه الطريقة) اردت ان ابقي على علاقة معه لتلطيف الاجواء وتجنب اي سوء فهم.

الغضب المفخخ، اذا كانت اتهامات اردوغان في محلها ومدعومة بالأدلة حول تورط النظام السوري في تفجيرات الريحانية، قد يصل ايضا الى دول الخليج، او بعضها، لان الثالوث الايراني السوري الروسي هو الاخطر في العالم والاكثر خبرة، اذا ما قرر الانتقام.

السؤال الذي يطرح نفسه هو عما سيحدث بعد هذه التفجيرات ورسائلها؟ باختصار شديد يمكن القول بانها اما ستعجل بالتدخل العسكري الخارجي بضغط من تركيا وحلفائها، بعد ان بدأ عنف الازمة السورية يفيض على دول الجوار، او ستدفع اكثر باتجاه الحل السياسي، والتسريع بعقد مؤتمر جنيف 2 حول هذه الازمة.

كلا الاحتمالين واردان، ومن المبكر بالنسبة الينا ترجيح احدهما على حساب الآخر.

القدس العربي\

الأسد المشتبه فيه الطبيعي ولكن!

طارق الحميد

بعد أيام من انتقاد وزير الخارجية التركي لبشار الأسد، والخطة «ب» للدولة العلوية حصدت عملية إرهابية قرابة الأربعين قتيلا في مدينة تركية مجاورة لسوريا، وعلى الفور قال نائب رئيس الوزراء التركي، إن «النظام السوري بأجهزته السرية وجماعاته المسلحة هو بالتأكيد أحد المشتبه بهم المعتادين على التحريض على مثل هذه المؤامرة الفظيعة وتنفيذها».

وبالتأكيد أن الأسد هو المشتبه فيه الطبيعي، فالعملية الإرهابية التي استهدفت تركيا ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، لأن الأسد يعي تماما أن كل ما تفعله أنقرة، ردا على أعماله الإرهابية، لا يعدو أن يكون تهديدات لا تتبع بأفعال تجعله يدفع الثمن، والحق أنه ليس الأتراك وحدهم الملامين على ذلك، بل الجميع، حيث لم يدفع الأسد قط ثمن جريمة ارتكبها، ومنذ وصوله للحكم، بل دائما ما كان يمد له طوق النجاة، إما بالانخداع بوعوده وأسلوبه، أو من أجل مصالح ضيقة، وبالطبع فإن الأتراك كانوا من أكثر المصدقين بالأسد، وإلى وقت قريب.

واليوم تأتي هذه العملية الإرهابية في تركيا، وبعد عملية إسقاط الطائرة التركية من قبل قوات الأسد، والتي توعد الأتراك بالرد القاسي عليها بعد الانتهاء من التحقيقات ولم يحدث شيء بالطبع، لتؤكد أن الأسد يعي أمرا واحدا وهو أن لا أحد يجرؤ على فعل شيء تجاه جرائمه، فقد قتل الأسد ما يزيد على التسعين ألف سوري ولم يتحرك أحد لردعه، وأقدم على تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها له الرئيس الأميركي باستخدام الأسلحة الكيماوية، ولم يدفع الثمن على ذلك حتى الآن، بل إن الأميركيين ما زالوا يقولون، إن «كل الخيارات على الطاولة»، كما اعتدى الأسد على الأراضي الأردنية، واللبنانية، مع دعم وتدخل من قبل إيران وحزب الله، وبعض من القوات العراقية، لمناصرته، والمجتمع الدولي يكتفي بالمشاهدة، فلماذا وبعد كل ذلك ننتظر من الأسد التردد في القيام بكل هذه الأعمال الإجرامية طالما أنه لم يدفع ثمنا حقيقيا على كل جرائمه؟

ما لا يدركه كثر، ومنهم الأتراك والغرب، أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الأسد هي لغة القوة وليس الضغوط الاقتصادية، أو المقاطعة، فالأسد مقتنع بأن ما يؤخذ على محمل الجد هو الأفعال وليس الأقوال، والمؤكد أن الأسد يضحك كثيرا كل ما سمع عبارة أن الرد «سيكون قاسيا إذا أثبتت التحقيقات تورطه» فقد سمع هذه العبارة مطولا دون أن يرى أفعالا.. سمعها بعد اغتيال رفيق الحريري، وغيره من الشخصيات اللبنانية، وسمعها بعد جرائمه في العراق، وبعد إسقاط الطائرة التركية، وكذلك بعد استخدامه للأسلحة الكيماوية في سوريا، ولم يحدث شيء، فلماذا على الأسد المشتبه فيه الطبيعي أن يكترث الآن؟ الأسد لا يفهم إلا لغة القوة، وعدا عن ذلك فالمؤكد أنه يضحك كثيرا على ردود الأفعال الدولية تجاه جرائمه، فمتى يستوعب الأتراك والغرب ذلك؟ هذا هو السؤال.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى