صفحات العالم

مقالات تناولت الفيتو الروسي الصيني الأخير في مجلس الأمن ضد الثورة السورية

 

 

سوريا ومجلس «الغبن» الدولي!/ طارق الحميد

حوّل الروس والصينيون مجلس الأمن الدولي إلى مجلس «الغبن» الدولي، بعد استخدامهم «الفيتو» للمرة الرابعة، معطلين هذه المرة مشروع قرار فرنسيا لإحالة الوضع في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية، تمهيدا لملاحقة قضائية عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، ارتكبت خلال الثورة المستمرة منذ ثلاثة أعوام.

وعندما نقول إن الصينيين، والروس تحديدا، قد حولوا مجلس الأمن إلى مجلس «الغبن»، فذلك ليس بسبب إحباط السوريين، أو المتعاطفين معهم، بل إن هذا هو لسان حال الدبلوماسيين الدوليين في المجلس، والأمم المتحدة نفسها، حيث قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، بعد استخدام الفيتو: «سيسألنا أحفادنا بعد سنوات من الآن كيف فشلنا في تحقيق العدالة لمن يعيشون في جحيم على الأرض». وقال نائب الأمين العام للأمم المتحدة: «إذا ظل أعضاء المجلس غير قادرين على الاتفاق على إجراء قد يوفر قدرا من المحاسبة عن الجرائم المستمرة، فإن مصداقية هذه الهيئة والمنظمة كلها ستستمر في المعاناة»، بينما قال السفير الفرنسي: «إنه يوم حزين»!

هل نزيد؟ نعم، وهنا الأهم، حيث قالت رواندا إن مجلس الأمن لا ينبغي له اتخاذ موقف متبلد من فظائع جماعية، مثل التي واجهها الروانديون في الإبادة الجماعية عام 1994! ونقول إن التصريح الرواندي هذا هو الأهم، لأن المجتمع الدولي نفسه سبق له أن خذل رواندا، وبعد أن قال (أي المجتمع الدولي) مرارا وتكرارا إنه «لا يمكن أن يتكرر» تقاعسه مرة أخرى، حيث قيل ذلك بعد جرائم هتلر، وبعد ما حدث في رواندا، والبوسنة، لكن اليوم، وبعد ثلاثة أعوام، لا يزال المجتمع الدولي يسمح بتكرار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وعلى يد نظام الأسد، وبرعاية حلفائه، وأبرزهم الإيرانيون والروس!

نقول: مجلس «الغبن» الدولي، لأنه بفشله هذا، وللمرة الرابعة، يمنح الأسد «تصديقا على الإفلات من العقاب»، كما قالت سفيرة ليتوانيا لدى الأمم المتحدة، وعليه، فإن على المجتمع الدولي اليوم تحمل مسؤولياته تجاه سوريا، خصوصا بعد أن عطل الروس، والصينيون، المجلس عن القيام بواجباته مرارا، ولا بد من التذكر أن مجلس الأمن يمنح الدول حق التدخل حتى دون قرار، في حالة تهديد السلم الأهلي، وهذا ما يحدث اليوم بسوريا. وبالطبع، فإن للتدخل أنواعا، ومجالات كثيرة، ومنها دعم الجيش السوري الحر بأسلحة نوعية للدفاع عن أنفسهم، وبلادهم، تجاه جرائم الأسد، وتدخلات الإيرانيين والروس الذين لن يتوقفوا عن دعم الأسد، أو السماح بحلول سياسية هناك، ما لم تتغير الأوضاع على الأرض. وطالما أن مجلس الأمن قد تحول إلى مجلس «الغبن»، وبإقرار أعضائه، فما الذي تنتظره الدول الغربية الفاعلة الآن لتسليح الجيش الحر، خصوصا أن الكارثة السورية لن تقف عند هذا الحد، بل إنها ستطال المجتمع الدولي برمته، وسوف يعاني منها عاجلا أو آجلا؟

الشرق الأوسط

 

 

 

الروس وحمايتهم للأسد من المحاكمة!/ عبد الرحمن الراشد

سارعت الدعاية السورية لتطمين القلقين من انشغال الروس بأوكرانيا والقرم عن دعم نظام بشار الأسد. استشهدت ببيان اللقاء الصيني – الروسي المؤيد للنظام في دمشق، وبتعهد موسكو باستخدام الفيتو ضد إحالة ملف جرائم الحرب للمحكمة الدولية، وبالطبع أشارت إلى تأييدها مهزلة إعادة انتخاب الأسد. وقالت: اطمئنوا فروسيا واثقة أن الأسد سيستعيد سلطته على كامل البلاد خلال ثلاث سنوات.

تستطيع روسيا استخدام حق الفيتو إلى ما لا نهاية في مجلس الأمن، لكن هذا لن يكفي نظام الأسد للبقاء، ولن تفيده البيانات السياسية. وما تفعله الآن من منعها لفتح ملف جرائم الحرب في محكمة لاهاي، جريمة روسية جديدة. من جانب آخر، لقد استنفدت روسيا كل ما يمكن أن تمنحه للنظام من إمكانيات عسكرية، ومعلومات استخبارية، وإدارة غير مباشرة للمعارك على الأرض، ومع هذا لا يزال معظم التراب السوري خارج سلطته. حتى حمص التي حاصرها، وجوع أهلها، ودمرها، وأجبر المقاتلين على الخروج منها، لم يفلح في وقف الاقتتال في محيطها. كما عادت القوى المسلحة تهاجم العاصمة دمشق من جديد.

الروس يعرفون جيدا أن نظام الأسد استهلك الدعم الخرافي من إيران وروسيا وفشل في الحرب. القوات والميليشيات الأجنبية تقاتل في معظم المعارك نيابة عن الجيش الحكومي، ومع هذا لم تستطع قلب المعادلة. وبالتالي سيسقط الأسد سواء على يد غالبية الشعب السوري الثائر ضده، أو – في حال استمرار الولايات المتحدة رفضها تأييد السوريين – سيسقط النظام بسبب تكاثر الجماعات المتطرفة الراغبة في توسيع مناطق سيطرتها، والأرجح أنها ستذهب باتجاه دمشق لاحقا.

إذن، في كل الحالات لن ينجو النظام سواء دعمته موسكو وإيران أم تخليتا عنه. أما إيران، فإنها أكثر وضوحا اليوم في استعدادها للقبول بحل سياسي في دمشق، لو كان ذلك ثمنه عزل الأسد، إلا أن المطالب الإيرانية لا تزال غير معقولة بعد، ونحن ندرك أن هناك دائما نقطة في المنتصف يمكن الاتفاق عليها في الوقت المناسب.

تبقى روسيا المتورطة في أزمة أوكرانيا على حدودها ليست في وضع يسمح لها بأن تعبث في منطقة بعيدة مثل الشرق الأوسط؛ فهي في أعظم محنة لها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، تحاول جاهدة السيطرة على الوضع هناك خشية أن تنتقل العدوى إلى بقية جمهورياتها السابقة. روسيا بفقدانها أوكرانيا عمليا خسرت أهم بلد حليف لها في العالم. وكل ذلك نتيجة لنفس العقلية التي تتعامل بها مع سوريا أيضا؛ فقد أصرت موسكو على تتويج رجل مكروه حاكما رغم رفض الناس له، وإعادته قسرا للسلطة، لكن في النهاية طرد في ثورة شعبية، تحولت إلى نقمة ضد موسكو نفسها، دفعت الأوكرانيين لطلب الانضمام إلى حلف الناتو.

وصار الروس في بداية حرب اقتصادية ومواجهات دبلوماسية وغيرها مع الولايات المتحدة وليس مع الجيش السوري الحر الصغير. وموسكو مع الوقت والضغط المتزايد هي من سيحتاج إلى تأييد خارجي، فما الذي سيعطيها السوريون والإيرانيون؟ عمليا، هم عالة عليها، وعبء سياسي؛ فإيران لا تستطيع الاستمرار تحت الحصار العنيف، ونظام الأسد مفلس، ولا يملك حتى ثمن دفع أكياس الدقيق التي يستوردها. كل ما يمكننا قوله أن سياسة موسكو حمقاء، حقا.

الشرق الأوسط

 

 

مسؤولية روسيا والصين فقط؟/ محمد ابرهيم

فشلت آخر محاولات إحراج كل من روسيا والصين، بوضعهما في موقع من يعطل إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما يعني أنه لا حدود للقرار الروسي- الصيني بمنع التدخل الدولي المنسق لإخراج سوريا من ورطتها، لكنه يعني أيضا أنه بات على “أصدقاء سوريا” أن يغيّروا إستراتيجيتهم. فالمسار الحالي للحرب الأهلية السورية بات معروف النتائج، والمجهول فقط هو المدى الزمني اللازم لذلك، وهنا قدرة “الأصدقاء” على التأثير.

ليس من الواقعي انتظار تغيير تركيب المعارضة السورية، المقاتلة طبعا، لتغيير القرار الأميركي بحجب الأسلحة “النوعية” التي من شأنها تغيير معطيات المعركة. وأيا تكن الآراء حول مسؤولية مثل هذا القرار الأميركي عن تغليب اتجاه على اتجاه داخل المعارضة السورية، فإن الوقائع الراهنة تثبت أنه حتى محاولة تقديم نسخة معتدلة من “القاعدة” والمتمثلة بـ”جبهة النصرة” لم ينجح في وضع حدّ لانبعاث “داعش” المتكرر، فما بالك بالوصول إلى المعارضة بالمواصفات المطلوبة؟

الواقعي هو استباق تساقط مواقع المعارضة المسلحة، وتوفير المعاناة، المجانية، على الشعب السوري باتخاذ القرار المكمل لقرار الحذر في تسليح المعارضة، وهو صرف النظر عن الاستمرار في دعم الحرب الأهلية، لأن “صداقة” الشعب السوري باتت تتطلب مثل هذا التغيير.

لن يكون صعبا الاستمرار في “المشاغبة” المسلحة على الجيش السوري وحلفائه حتى وهو يُسقط المواقع المعارضة واحدا تلو الآخر، لكن السؤال يطرح: في خدمة أية استراتيجية يجري ذلك؟ وأين مصلحة الشعب السوري فيه؟

وعلى كل حال فإن نظرة إلى ما يجري في ساحات “الربيع” الأخرى لا تجعل توجّه وضع حد للحرب الأهلية السورية غريبا. فها هي تصريحات المشير السيسي تعتبر أن مكافحة الإرهاب الإسلامي هي الأولوية، ليس في مصر فقط، بل على امتداد المنطقة. كما تعتبر أن الحفاظ على وحدة سوريا أولوية مكملة، فماذا يمكن الاستنتاج من ذلك؟

وبما أن النموذج المصري “السلمي” نسبيا غير قابل للتعميم، ماذا ينتظر الدول التي تنجح شعوبها في إطاحة أنظمتها؟ وكيف يمكنها إعادة بناء أنظمتها العسكرية، الوحيدة المتاحة، باستثاء تونس، حتى الآن؟ ألا يتطلب ذلك مرحلة انتقالية لا تقل عنفا عن مرحلة إطاحة النظام؟

حتى “ديموقراطية الطوائف” تبدو بعيدة المنال إذا لم يسبقها غزو خارجي، ليس جويا فقط، ورعاية أجنبية لتسليم الطائفة الأكثرية دولتها قبل المغادرة. والمقارنة بين ليبيا والعراق مفيدة في هذا المجال.

معاناة السوريين مسؤولية دولية مشتركة، والمخرج ليس مسؤولية روسيا والصين وحدهما.

النهار

 

 

 

بين بوتين وهتلر/ الياس حرفوش

لم تكن هذه المرة الأولى التي تجري فيها مقارنة سلوك فلاديمير بوتين في الأزمة الأوكرانية بسلوك أدولف هتلر على أبواب الحرب العالمية الثانية. لكن المقارنة جاءت هذه المرة على لسان الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، الذي يفترض أنه سيكون ملكها المقبل، والذي يفترض كذلك أن لا يتخذ مواقف سياسية في تصريحاته العلنية أو أحاديثه الصحافية، انسجاماً من حرص العائلة المالكة على الدور المحايد الذي تلعبه في الحياة العامة البريطانية.

لهذا كان للكلام الذي نقلته صحيفة «دايلي ميل» الشعبية عن لسان الأمير تشارلز وقع أكثر حساسية من المواقف التي دأبت على انتقاد الرئيس الروسي بسبب دوره في الأزمة الأوكرانية. كان ولي العهد في زيارة إلى كندا يتحدث مع سيدة روت له أنها هربت من بلدها بولندا إلى كندا سنة 1939 بسبب الاحتلال النازي ومات أهلها في معسكرات الاعتقال. فما كان من الأمير تشارلز إلا أن بادرها بالرد «الآن يفعل بوتين الشيء نفسه الذي فعله هتلر». ورد ناطق باسم وزارة الخارجية الروسية بأن هذا التصريح يدفع إلى التساؤل عن صلاحية الأمير تشارلز ليكون ملكاً على بريطانيا!

وقعت كلمات ولي العهد البريطاني كالصاعقة في موسكو. فلدى الروس، منذ أيام الاتحاد السوفياتي، حساسية كبيرة تجاه مقارنة نظامهم الشيوعي بالنظام النازي. فهم كانوا يعتبرون الماركسية نقيضاً للفكر العنصري. كما أن لمآسي التاريخ دوراً في هذا العداء. فملايين الروس قضوا في الحرب العالمية الثانية في المواجهات مع القوات الألمانية الغازية قبل أن يحرروا بلادهم ويحققوا الانتصار على النازية بالشراكة مع الحلفاء الغربيين.

مجال المقارنة بين هتلر وبوتين ليس جديداً ولم يخترعه الأمير تشارلز. هذا موقف متداول في الأوساط الأكاديمية والسياسية الغربية التي تتخوف من عملية التلاعب بالخرائط والحدود الأوروبية، ومن العزف على وتر القوميات والاثنيات. والذين يقارنون بين الرجلين يجدون في اللغة التي استخدمها بوتين لتبرير ضم شبه جزيرة القرم بحجة أن ناطقين بالروسية يقيمون فيها ما يشبه إلى حد بعيد الخطاب العنصري الذي اعتمده الزعيم النازي سنة 1938 لتبرير ضم النمسا ثم مقاطعة «سوديتينلاند» التي كانت جزءاً من الأراضي التشيكية إلى ألمانيا بحجة أن من يقطنون هذه المناطق يتكلمون الألمانية، الأمر الذي أشعل شرارة الحرب العالمية الثانية.

الحكومة الروسية طلبت من سفارتها في لندن عقد لقاء مع مسؤولين في الخارجية البريطانية لاستيضاح حقيقة تصريحات الأمير تشارلز. عقد اللقاء بين الرجل الثاني في السفارة الروسية وأحد المسؤولين في الوزارة عن شؤون أوروبا الشرقية. وفيما رفض المسؤول البريطاني الخوض في تصريحات الأمير، لأن الحكومة لا تعلق عادة على تصريحات منسوبة إلى العائلة المالكة، فقد وجدها فرصة لإيضاح الموقف الحكومي الرسمي الذي ينتقد التدخل الروسي في شؤون أوكرانيا ويحذر من تداعيات ذلك على الأمن الأوروبي وعلى علاقات التكامل السياسي والاقتصادي القائمة بين دوله. وفوق ذلك كان لزعيم حزب العمال المعارض اد ميليباند موقف لافت قال فيه: الكثيرون يشاركون الأمير تشارلز رأيه في ما يفعله بوتين في أوكرانيا.

ليست الأزمة الأوكرانية وحدها مجال الخلاف الوحيد بين روسيا والغرب. هناك قبل ذلك المواجهة التي أدت إليها المواقف المختلفة من الحرب السورية ودفاع بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف عن الجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد. وقد بلغ الموقف الروسي المنحاز حد التصويت بالفيتو، قبل يومين، ضد قرار بإحالة هذه الجرائم على المحكمة الجنائية الدولية.

في طريقه إلى استعادة موقع بلاده على الخريطة الدولية، الذي يعتبر الرئيس الروسي أنه خسره مع انهيار الاتحاد السوفياتي، لا يجد بوتين حرجاً في الانقلاب على القيم والمبادئ الإنسانية والديموقراطية والحريات العامة التي كان يفترض أنها ستزدهر في عصر روسيا الجديدة، روسيا «الغلازنوست» و»البيريسترويكا» التي توقع قيامها ميخائيل غورباتشوف. بدلاً من ذلك بات غورباتشوف متهماً بالخيانة، فيما يرسي بوتين دعائم نظام يقوم على الفساد والقمع في الداخل وعلى التحالف مع الفاشيين والمجرمين في الخارج… ثم يشكو من مقارنته بأدولف هتلر!

الحياة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى