صفحات العالم

مقالات تناولت الموقف الاميركي من الثورة السورية

واشنطن: تغيير الموازين العسكرية في سوريا؟/ حسين عبد الحسين

 لم يكن في العاصمة الأميركية الكثير من المؤشرات على أن إدارة الرئيس باراك أوباما، قررت تبني سياسة جديدة تجاه سوريا، إلى أن قدّم وزير الخارجية، جون كيري شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع.

الشهادة نفسها لا تدل على انقلاب في الرؤية الأميركية تجاه الموضوع السوري، باستثناء أمرين: الأول تشديد كيري على أن علاقة واشنطن بالمعارضة السورية تختلف عن الماضي، وانها اليوم أقوى وأنجح وأكثر فاعلية، والثاني هو إصرار الوزير الأميركي — في مواجهة توبيخ أعضاء اللجنة له بسبب التقاعس الأميركي — على عقد جلسة مغلقة “لتحديث” معلوماتهم حول النشاطات الأميركية في سوريا.

حتى جلسة الأربعاء، كانت السياسة الأميركية المعلنة تجاه الأزمة السورية، والتي لخصتها قبل أسبوعين مساعدة كيري لشؤون الشرق الأدنى، آن باترسون، في جلسة استماع في اللجنة نفسها، مبنية على سبع نقاط، تتصدرها أولوية واشنطن “مكافحة الإرهاب” والفصائل التي تعتبرها واشنطن متطرفة بين الثوار، ثم “منع المدن السورية التي تسيطر عليها المعارضة من الانهيار”، فتزويد “المعارضة المسلحة بالمساعدات غير الفتاكة”، ثم “إنهاء خطر أسلحة سوريا الكيماوية”، ثم دعم دول جوار سوريا من الحلفاء والأصدقاء، و”المساهمة بسخاء بالمساعدات الإنسانية”، ودعم المعارضة السياسية “بشكل مباشر ومن خلال مجموعة لندن 11”.

ما لم يرد في مطالعة باترسون العلنية يبدو أن كيري يريد أن يقوله لأعضاء الكونغرس في جلسة مغلقة، وهو قرار واشنطن زيادة عدد المقاتلين السوريين من الثوار الذين تعمل على تدريبهم في الاردن، وتزويد الثوار السوريين بكمية اكبر ونوعية أفضل من السلاح، أو هو على الأقل ما تشي به الإشادة الكبيرة، وغير المسبوقة، التي كالها وزير الخارجية الأميركي للمعارضة السورية.

 على أن إحد الدروس الرئيسية التي استخلصها الثوار، ومتابعي الشأن السوري، على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من حياة الثورة السورية، يقضي بعدم الوثوق بما يقوله المسؤولون الاميركيون، وخصوصاً لناحية حديثهم عن تسليح الثوار.

 لكن التقارير المتواترة في العاصمة الأميركية صارت تؤشر بازدياد إلى تحسن في العتاد وأداء الثوار السوريين، وخصوصاً في الشمال، حيث أعادوا أحياء جبهة الساحل، ونجحوا في استعادة نقاط في ريف حماة منعت قوات الأسد من تزويد الساحل بتعزيزات من جبهة حلب، والعكس بالعكس.

 وتظهر مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاتلي المعارضة يستخدمون صواريخ أميركية الصنع مضادة للدروع، وكذلك صواريخ روسية الصنع، مضادة للطائرات.

 وكانت الادارة الأميركية، أثناء الزيارة التي قام بها أوباما إلى الرياض قبل أسبوعين، قالت إنها تقبل تزويد الثوار بخمسة قواذف صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف بشروط تكفل تحديد موقعها بشكل مستمر بهدف التأكيد أنها “لن تقع في الأيدي الخطأ”.

 هل بدأت واشنطن تزويد الثوار السوريين بالأسلحة فعلا؟

 من الصعب تأكيد ذلك، لكن التقدم الذي يحرزه المقاتلون في بعض مناطق الشمال، في حلب وضواحيها، وإدلب وريفي حماة واللاذقية، يشي بأن الثوار استعادوا المقدرة على شن هجمات، على الرغم من تعرضهم لخسائر في مناطق أخرى، وخصوصاً في وقت تتقدم فيه القوات المشتركة للأسد وحزب الله، على جبهة القلمون لتستعيد آخر معاقل المعارضين، وتشن هجمات في ضواحي دمشق وفي الجنوب.

على أنه حتى لو قامت واشنطن فعلاً بتعزيز الموقف العسكري للمقاتلين على الأرض السورية، لا يعني ذلك أن إدارة أوباما صارت تؤمن بالحل العسكري خياراً.

في جلسة الاستماع، روى كيري قصته مع الثورة السورية منذ تسلمه منصبه في شهر شباط/فبراير الماضي، وقال إنه وقتذاك زار موسكو وقابل الرئيس الروسي فلايديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، وان في ذاك الوقت كان الأسد في تقهقر مقابل تقدم للمقاتلين، وهو ما يبدو انه جعل الروس يؤيدون فكرة عقد مؤتمر لنقل السلطة التنفيذية من الأسد إلى المعارضة في جنيف. إلا انه مع انعقاد المؤتمر المذكور قبل أشهر، كانت حظوظ الأسد انقلبت، وصار يرفض التسوية جملة وتفصيلاً، ويصر على الحسم العسكري.

 المشكلة أن الطرفين يعتقدان أن بإمكانهما الحسم عسكرياً، قال كيري. معتبراً أن الحسم غير ممكن، وان استمرار المواجهة ستؤدي إلى تدمير سوريا، فيما يشعر الأسد بارتياح لإمساكه الممر الممتد من دمشق إلى الساحل، ويشعر الثوار بقرب فوزهم بتقدمهم في باقي أنحاء سوريا، وخصوصاً في الشمال.

 لماذا تدعم أميركا المقاتلين عسكرياً إن كانت لا تعتقد بجدوى الحسم العسكري؟

 الإجابة هي، حسب كيري، بهدف تعديل الموازين على الأرض حتى يقتنع كل من الطرفين بأن لا مفر من التسوية السياسية. أو، حسبما قال أوباما في مقابلته مع مجلة “بلومبرغ فيوز” الشهر الماضي، للاستمرار في استنزاف إيران وحزب الله، وروسيا، الذين يستمرون في الدفاع عن حليفهم، الذي تحول من عضو فاعل في جامعة الدول العربية إلى حليف “تحت الركام”، حسب تعبير الرئيس الأميركي.

أوباما وانحسار القوة الأميركية في العالم/ إدوارد لوس

 “فايننشال تايمز” ترجمة نسرين ناضر

عندما تحدّث السناتور باراك أوباما أمام الحشود المبهورة في برلين عام 2008، وعد بـ”صنع العالم من جديد”. والآن يسعى جاهداً لطمأنة الألمان الغاضبين بأنه لا يتجسّس على قادتهم.

قد يكون صحيحاً أنه لن يتمكّن أي رئيس أميركي – مهما كان ملهِماً – من أن يُعيد لأميركا قيادتها التقليدية للعالم. الخطر ليس أن أن تحلّ الصين مكان الولايات المتحدة في ضمان الاستقرار العالمي، فبيجينغ لا تسعى إلى تأدية هذا الدور. الخطر هو أن الولايات المتحدة ستواجه مزيداً من الصعوبة في الاضطلاع بهذا الدور، في عهد الرئيس أوباما وخليفته أياً تكن هويته. فمن الأورال إلى بحر الصين الجنوبي، تتعاظم المؤشّرات عن اضمحلال النفوذ الأميركي.

وقد اصطدمت الولايات المتحدة بالواقع من جديد مع شبه الانهيار الذي واجهته عملية السلام العربية-الإسرائيلية. ليس صحيحاً أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتخبّط الآن لأنه لم يبذل المجهود اللازم، فقد فعل كل ما بوسعه كي تُواصل عملية السلام مسارها وقام بـ12 زيارة إلى المنطقة. وليس صحيحاً أيضاً ما يتردّد عن أن البيت الأبيض تركه يتدبّر أموره بنفسه. الحقيقة هي أنه للولايات المتحدة سلطة محدودة على الطرفَين. وقد استرعى كيري الانتباه إلى النفوذ الأميركي الضعيف عندما عرض الأسبوع الماضي الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد مقابل التزام إسرائيل في الحد الأدنى الحفاظ على مسار المفاوضات. سرعان ما رُفِض الاقتراح خلف الكواليس.

لطالما ارتبط نجاح الولايات المتحدة في فرض هيمنتها، بتضخيم قوّتها من خلال علاقات الصداقة. بيد أن قدرتها على حشد الأصدقاء الحاليين خلفها وتكوين صداقات جديدة للحلول مكانهم تتضاءل. الشهر الماضي، زار أوباما بروكسل لأول مرة منذ تسلّمه الرئاسة في محاولة منه لحضّ الأوروبيين على التحرّك إثر قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم القرم. وقد لقي خطابه ترحيباً واسعاً، على الرغم من أنه لم تتم مقاطعته مطلقاً للتصفيق. إلا أنه لا مؤشرات فعلية توحي بأن زيارته نجحت في إقناع ألمانيا وبريطانيا وسواهما باعتماد موقف أكثر تشدّداً حيال روسيا. ستتوقّف قدرة الولايات المتحدة على احتواء بوتين، على تشكيل حكومة قابلة للحياة في أوكرانيا. إلا أن حظوظ إنشاء مثل هذه الحكومة لا تزال ضئيلة جداً. ويبدو أيضاً أن زيارة أوباما لم تبثّ نفَساً جديداً في المباحثات بشأن شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي، خلافاً لما توقّعه كثر. إذا لم يكن الغرب قادراً على التوحّد في مواجهة الذئب الروسي، فهل هناك ما يمكن أن يوحّده؟

تجد الولايات المتحدة، فيما يصبح حلفاؤها الأقرب أشدّ ضعفاً، صعوبةً في استبدالهم بحلفاء جدد. لا يمكن أن نُعيب على أوباما محاولته البحث عن حلفاء جدد. فمنذ تسلّمه منصبه، سعى إلى الانفتاح على الهند والبرازيل وأندونيسيا – وحتى روسيا، خلال الفترة الوجيزة التي كان فيها بوتين الرجل الثاني بعد الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف. في معظم الحالات، جوبهت الولايات المتحدة بالرفض أو التجاهل. بعدما بدأ أوباما عهده بموجة جامحة من المثالية عاد فاستبدلها بالكامل تقريباً بلغة البراغماتية. وهكذا حلّت الواقعية الصلبة مكان المثل الكونية المشتركة. بيد أنه لم يكن لهذا التحوّل تأثير كبير على النتائج.

تستمر السعودية في الابتعاد عن الولايات المتحدة معتبرةً أنها تتنازل عن قيادتها في الشرق الأوسط. ولا تشعر الهند بأنه من واجبها دعم الولايات المتحدة في المسائل الكبرى – الشهر الماضي دافعت نيودلهي عن حق بوتين في بتر القرم. وتركيا، على غرار الخليج، مستاءة جداً من الفتور الذي تتعامل به واشنطن مع الملف السوري. وتجد باكستان، شأنها في ذلك شأن أفغانستان التي أنجزت جولتها الأولى من الانتخابات الرئاسية، سهولة أكبر في تجاهل التحذيرات الأميركية. في غضون ذلك، ألغت رئيسة البرازيل ديلما روسيف في تشرين الأول الماضي أول زيارة يقوم بها مسؤول برازيلي على مستوى الدولة إلى الولايات المتحدة منذ 20 عاماً، احتجاجاً على فضيحة وكالة الأمن القومي. وليس أكيداً إذا كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ستقبل دعوةً لزيارة الولايات المتحدة.

يمكن تحميل ديبلوماسية النقص في الانتباه التي يمارسها أوباما المسؤولية في بعض ما يجري. ففي خطابه في بروكسل، لم يأتِ على ذكر فضيحة وكالة الأمن القومي، مع العلم بأنها السبب الأساسي خلف عدم الثقة الذي تشعر به أوروبا. كما أن جهوده لإعطاء اندفاعة جديدة لشراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي كانت شكلية في أفضل الأحوال. وقد اعتبر ديبلوماسي أوروبي رفيع أن التعليقات التي صدرت عن أوباما حول الاتفاق التجاري في مجالسه الخاصة، “عدوانية وسلبية”. إنه لأمر مفاجئ كيف يتحدّث المسؤولون الأوروبيون بحرارة، في معظم الأحيان، عن أسلوب جورج دبليو بوش الشخصي، على الرغم من أن نزعته إلى خوض الحروب كانت موضع استهجان على نطاق واسع. على الساحة العالمية، كما في واشنطن، يتردّد أوباما في الخروج من دائرته الضيّقة من المستشارين الموثوقين.

يمكن أيضاً أن يُعزى اضمحلال النفوذ الأميركي، في جزء منه، إلى الجمود في واشنطن. فتردُّد مجلس النواب في منح أوباما السلطة اللازمة من أجل الانطلاق على مسار تفاوضي سريع شلّ قدرته على إبرام اتفاقات تجارية جدّية. غالب الظن أن أوباما سيعود خالي الوفاض من اليابان لاحقاً هذا الشهر، مع العلم بأنه جرى التعويل على هذه الزيارة في البداية، إذ اعتُبِرت المحطة التي ستؤتي فيها المباحثات حول الشراكة عبر الأطلسي، ثمارها. كما أن رفض الكونغرس الموافقة على الاكتتاب الأميركي المقبل في صندوق النقد الدولي، على خلفية الإصلاحات التي تفاوضت الإدارات الأميركية المتعاقبة على إدخالها في آلية حكم الصندوق، أثار غضب الصين والهند وسواهما من القوى الصاعدة. إذا كانت الولايات المتحدة عاجزة عن تحديث المؤسسات الدولية التي أنشأتها، فسوف يستمر نفوذها في التراجع.

بيد أن المشكلة تذهب أبعد بكثير من أي نقاط ضعف ربما يعاني منها أوباما في الرئاسة. فقبل سبعين عاماً، فرضت الولايات المتحدة على العالم مجموعات من المؤسسات الدولية التي تجسّد قيمها الكونية. اليوم، مؤسسات “بريتون وودز” والأمم المتحدة ضعيفة. لا يستطيع أي بلد، حتى الولايات المتحدة، أن يُعيد اختراعها. فالقيَم التي تقوم عليها هذه المؤسسات تتعرّض أيضاً للتحدّي، بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة بقيادة شخص يؤيّد التعددية أو الأحادية. واقع الحال هو أن العالم يتحوّل من جديد نحو وضعٍ تُثبت فيه القوى الإقليمية وجودها فيما يتراجع نفوذ الدولة العظمى. غالب الظن أن من سيحل مكان أوباما لن يكون محظوظاً أكثر منه في تبديل مجرى الأمور.

الحياة

استراتيجية أوباما المعدلة في الوطن العربي/ عاطف الغمري

ما الذي يجري في غرف صناعة القرار في إدارة أوباما تجاه عالمنا العربي؟ . . وما هي عناصر الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة؟

بعض التسريبات المنشورة في الصحف الكبرى، وكذلك تقارير لخبراء ومحللين، رسم صورة لما تفكر فيه الإدارة الأمريكية، وتوجهاتها السياسية المحتملة تجاه المنطقة، وهي ترى أن مصر بما جرى فيها، تشكل عنصراً له تأثيره في السياسات الأمريكية، فضلاً عن تأثير مواقف السعودية، والإمارات، ودول الخليج الداعمة للوضع الحالي في مصر .

وحسب ما يقرره أستاذا العلاقات الدولية بجامعة هارفرد ستيفن والت، ورينيه بلفر، فإن المناقشات لا تتوقف في كثير من الاجتماعات حول الدور الأمريكي في العالم، وبالنسبة للشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة ليست بحاجة للهيمنة بنفسها بشكل مباشر على المنطقة، لكن إن تضمن قيام طرف آخر بهذا الدور، فسيكون طرفاً محلياً .

ومن بين التسريبات التي خرجت عن مداولات إدارة أوباما، ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في أكتوبر/تشرين الأول ،2013 عن لقاء نظمته سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الجديدة، مع خمسة من مساعديها بالبيت الأبيض، عن صياغة خطة لمستقبل أمريكا في الشرق الأوسط . وإن مصر كانت من بين الموضوعات التي نوقشت، باعتبارها ركناً مركزياً بالنسبة للسياسة الأمريكية . ثم تقول: إن أوباما الذي رحب بالتظاهرات في شوارع القاهرة عام ،2011 وتعهد بمواصلة دعم مطالب التغيير في المنطقة، قد إتضح له إن هناك حدوداً لما يمكن لأمريكا أن تفعله في المنطقة . وأن رايس قالت في هذا الاجتماع إن هدف الرئيس أوباما، هو تجنب أن تبتلع أحداث الشرق الأوسط، أجندته للسياسة الخارجية، والتي كان يتبعها الرؤساء الذين سبقوه . وإن الوقت قد حان لصيغة يكون فيها تراجع عما كان أوباما يتبعه قبل أحداث “الربيع العربي” .

وقد اتفق المحللون الأمريكيون الذين تابعوا هذه الجلسة، على أن مصر لا تزال قوة محورية، رغم المشكلات التي شهدتها . أحد هؤلاء المحللين وهو ريتشارد هاس مدير مجلس العلاقات الخارجية، قال: إن مصر لا تزال موضع اختبار بشأن إمكان حدوث انتقال سياسي سلمي في العالم العربي عامة . ولكن حكومة أوباما تبدو صامتة إلى درجة كبيرة، وتبدو غير واثقة مما يمكن عليها أن تفعله . ويقول هؤلاء المحللون إن رايس ومسؤولين آخرين نفوا في الاجتماع أن يكون قد تم تهميش مصر، وإن السياسة الحالية تميل للمحافظة على علاقة قوية معها .

وضمن المناقشات الجارية حول هذا الموضوع، يقول الكاتب شاموس كول، إن “الربيع العربي” إضافة إلى صعود روسيا، والصين، قد أحدثت تحولات في الأوضاع الاستراتيجية في المنطقة، تقلل من قدرة أمريكا على صياغة الأوضاع القائمة وإن الولايات المتحدة تحاول المحافظة على وضع مهيمن لها، باتباع استراتيجية جديدة، تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية، يضعها أوباما في اعتباره، وهو يحدد التوجه الجديد لإدارته في الشرق الأوسط . وهذه العناصر هي – تناقص قدرته على التأثير في النزاع بسوريا – وتحول الحكومة الجديدة في مصر عن تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة – وإن الشرق الأوسط يتغير بسرعة .

ويضيف الكاتب أن العلاقة الوثيقة مع الحليف في مصر، كانت تتضعضع أمام عيني أوباما، وأن العلاقة تتوتر بعد أن اتهمت الحكومة الجديدة في مصر، إدارة أوباما، بالتحيز لمصلحة الإخوان، واتخاذ السعودية والإمارات مواقف داعمة لمصر .

أيضاً – كتب دنيس روس مساعد الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، مقالاً بعنوان: “أوباما في الولاية الثانية، والشرق الأوسط”، قال فيه إن إدارة أوباما، يجب أن تفهم حدود قدراتها، بالنسبة للتأثير في التغييرات في الشرق الأوسط . ويجب عليها أن تحدد مواقفها وأهدافها بطريقة لا تخلق فجوة، بين أهدافنا المعلنة، وما نستطيع أن نفعله بالفعل .

إن هذه النماذج للمناقشات الجارية في الولايات المتحدة، ترسم صورة للموقف الأمريكي، من جانبيه اللذين يتمثل أحدهما في طريقة التفكير الرسمية لإدارة أوباما، ويتمثل الثاني في رؤية الخبراء والمحللين . ويستخلص منها جميعها، ما قيل عن احتياج الولايات المتحدة لضمان قيام طرف آخر محلي، بدور خدمة الهيمنة لأمريكا على المنطقة . وهو طرف لديه استعداد تام لأن يضع نفسه في خدمتها على حساب وطنه، مثلما فعلت “جماعة الإخوان” .

وأن ما يدفع إدارة أوباما إلى ذلك، هو إدراكها أن قدراتها محدودة على التأثير في اتجاهات الأحداث . ثم أن اهتمامها بالطرف الآخر المحلي، هو جزء من استراتيجية جديدة لأوباما في سياسته الخارجية، تتجه نحو اهتمام أكبر بالتواجد الاستراتيجي في آسيا، بحيث لا يريد أن تستهلك طاقة إدارته، أحداث الشرق الأوسط، طالما سيكون له فيها وكلاء يؤدون الدور لحسابه ثم أن السياسة التي اتبعها أوباما في التحيز للإخوان، ضد إدارة الشعب المصري، قد وضعته في مأزق، سببه عدم انصياع مصر لضغوطه، ووقوف دول الخليج معها . بينما تدرك المؤسسات السياسية الأمريكية أن مصر قوة مركزية، ليس في مصلحة الولايات المتحدة، التفريط في العلاقة معها .

الخليج

أوباما بين التحليل والمسؤوليّة/ حازم صاغية

لم يكن السناتور الجمهوريّ الشجاع جون ماكين قليل البلاغة، حين توجّه بالكلام إلى وزير خارجيّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة جون كيري، قائلاً إنّه سوف يحقّق هزيمة مثلّثة الأضلاع: إخفاق في مفاوضات جنيف 2 المتعلّقة بأزمة سوريّا، وإخفاق في مفاوضات السلام الفلسطينيّة – الإسرائيليّة، خصوصاً أنّ مهلة الأشهر التسعة الموعودة سوف تنتهي بعد أيّام قليلة، وإخفاق في المفاوضات مع إيران حول المسألة النوويّة، وربّما ضمناً مطامح إيران الإقليميّة أيضاً.

كذلك لم يكن جون كيري قليل التواضع حين أجاب: “طبعاً قد نفشل. أنت تريد أن ترمي كلّ شيء عليّ؟ قد أفشل. أنا لا أبالي. يجب أن نبذل الجهد، وهذه القضايا تستحقّ ذلك”.

الفارق بين بلاغة ماكين الشجاعة وتواضع كيري أنّ الأولى مطلوبة وواعدة في تشخيصها للهموم وللأسئلة الحارقة كما في تحديد أيّ مسار للمستقبل، بينما الثانية محبِطة لا تدعو إلاّ إلى الذعر والاكتئاب.

فإذا ما تحقّقت نبوءة ماكين، التي لم ينفها كيري، كنّا أمام انهيار كامل لجميع أعمدة السياسة الأمريكيّة، وتالياً الغربيّة، في العالم العربيّ ومنطقة الشرق الأوسط. وإذا ما أضفنا ما يجري على الجبهة الروسيّة – الأوكرانيّة من ضمّ شبه جزيرة القرم إلى موسكو وتحريك الأوضاع في أوكرانيا الشرقيّة بما يُضعف سلطة كييف ويحاصرها، اكتملت الصورة القاتمة وتمّت.

وهذا ما لم يحدث لأمريكا وللعالم منذ تحوّل الولايات المتحدة، في عشرينات القرن الماضي، قوّة دوليّة، وخصوصاً منذ انتهاء الحرب العالميّة الثانية في 1945. فواشنطن كانت تربح معركة وتخسر أخرى أمام خصمها الاتّحاد السوفييتيّ السابق، وهي كانت غالباً ما تربح أكثر ممّا يربح خصمها بحيث يضطرّ الأخير، كي يحدّ من هزائمه المتوالية، إلى التعويل المبالغ فيه على ممارسة حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. وفي آخر المطاف، وكما نعلم جميعاً، انتصرت الولايات المتّحدة في الحرب الباردة، فلم تطلّ التسعينات إلاّ والاتّحاد السوفييتيّ نفسه يتفسّخ وينهار.

واقع الأمر أنّ أسباباً عدّة تفسّر هذا النهج الكارثيّ الذي ينتهجه الرئيس باراك أوباما على صعيد السياسة الخارجيّة، مُضعفاً إيّاه أمام بنيامين نتانياهو وآية الله خامنئيّ وفلاديمير بوتين وبشّار الأسد دفعة واحدة.

فأوباما، كما بات واضحاً جدّاً، لا يملك أيّة نظريّة لسياسته الخارجيّة تتعدّى مناهضة السياسة التي اتّبعها سلفه جورج دبليو بوش، والتي كان هو نفسه من نقّادها البارزين قبل وصوله إلى السلطة. ولمّا اعتُبرت سياسة بوش حربيّة، قادت إلى حربي أفغانستان والعراق، غدت سياسة أوباما رافضة لأيّ تدخّل. فوق هذا، وجدت الأوباميّة في الأزمة الماليّة وتعاظم المصالح المشتركة مع آسيا، وكذلك في المزاج المنكفىء للرأي العامّ الأمريكيّ والغربيّ ما يعزّز خيارها هذا.

لكنّ الرئيس الأمريكيّ تصرّف ويتصرّف انطلاقاً من خلفيّات ثلاث لم ينجح في التحرّر من تأثيرها: فهو، أوّلاً، لم يكن بعيداً عن التأثّر بأجواء يساريّة وباسيفيّة في الحياة الثقافيّة، ولا سيّما الطلاّبيّة، الأمريكيّة. وهو ما يبدو أشدّ وضوحاً في ما هو منقول من آراء زوجته السيّدة الأولى. وهو، ثانياً، وتحت تأثير الأجواء العنصريّة التي تغلّب عليها بوصوله إلى الرئاسة مرّتين متتاليتين، بالغ الحساسيّة حيال تحميله، من قبل الأكثريّة البيضاء، أيّة مسؤوليّة عن فشل ما. في هذا المعنى، نراه يتحرّك كالسائر على حدّ السيف الذي يخشى الإقدام على أيّة حركة كي لا يتعرّض للسقوط. وثالثاً، واستطراداً، يتّسم أداؤه بأخلاقيّة الموظّفين الذين ينفّذون إجماعات شعبيّة ومتّفق عليها، لا بأخلاقيّة القادة الذين يتدخّلون لتغيير الرأي العامّ ويتصدّون لإجماعات يرونها بالية أو خاطئة.

هذا في التحليل… لكنّ التحليل لا يجيب عن السؤال الكبير الماثل: من يتحمّل النتائج العمليّة التي سوف تترتّب على فشل أمريكا المطبق في ظلّ أوباما وبسببه؟

موقع 24

منْ يُغري الأسد بـ «القوة النائمة»؟/ زهير قصيباتي

«أميركا لا تُلدَغ من جُحر واحد مرتين»… مَنْ يصدِّق؟ بل لعلها تُلدغ من جُحرين أو ثلاثة، كما تُظهِر الحرب السورية وأزمة أوكرانيا، بعدما لُدِغَت الولايات المتحدة بهزيمة سياسية كبرى في العراق وتستعد لاحتواء الثانية في أفغانستان. ففي بغداد لا ينام الناس على حرير الديموقراطية بل على دويّ السيارات المفخّخة، وفي كابول قلة تستبعد عودة «طالبان»، بقوة إلى القصر الرئاسي.

والعبارة الأولى، التي قالها مساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز، مقدِّماً عرض حوارٍ الى بيونغيانغ ومشيداً بـ «صدقية إيران» في المفاوضات (على الملف النووي)، لا تنقذ الوزير جون كيري الذي سها عن ذكرها في جلسة امتحان عسير في مجلس الشيوخ الأميركي. في الجلسة كان السناتور الجمهوري جون ماكين بارعاً في إيجاز وصفٍ لأداء إدارة الرئيس باراك أوباما في السياسة الخارجية بحيث «تتحدث بحزم شديد لكنها تمسك بعصا صغيرة جداً… بل بغصن شجرة صغير»!

وإذا كان بعضهم يستبدل «القوة النائمة» بـ «القوة الناعمة» التي أطربت أوباما فنام على حرير الانسحابات من العراق وأفغانستان ومن «الربيع العربي»، فالكارثة ان الرئيس الأميركي ما زال يوجّه رسائل خاطئة إلى «قيصر» الكرملين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مثل فِعْلَتِه حين لم يجد حرجاً في الحديث علناً عن جيش أميركي منهك بعد عقدٍ من الحروب… ومثل إعلان البنتاغون بيان حسن نية، باستعداده طوعاً لخفض قدراته النووية الحربية، تطبيقاً لمعاهدة «ستارت».

لا يجادل أحد في ضرورة خفض التسلح النووي، ولكن أن يبادر البنتاغون الى الحديث عن القرار علناً فيما تواصل موسكو لعبة القط مع مَنْ تعتبرهم فئراناً في كييف، وأن يُقدِم رئيس أميركي للمرة الأولى على تقديم صك اعترافٍ للخصم الروسي بعجز جيش القوة العظمى عن خوض أي حرب نتيجة الإنهاك على مدى عشر سنين… فذاك لن يغري الكرملين إلا بمزيد من التحدّي لكل الصراخ الغربي. وهو صراخ يبدو حتى الآن عاجزاً على الأرجح، عن وقف تفكيك أوكرانيا.

الأكيد أن بوتين عازم على منع تكرار سيناريو الحرب على يوغوسلافيا، والحرب لإطاحة نظام القذافي… على الأقل بدليل إصراره على تمديد عمر النظام السوري. ورغم سلاح العقوبات الذي تستخدمه عواصم الغرب لإيلام الاقتصاد الروسي، والضغط على الأحلام الإمبراطورية لبوتين، لا شيء ملموساً يُقنع أحداً بصدق وعود وزير الخارجية سيرغي لافروف باكتفاء موسكو بضم القرم.

وفيما تلمِّح طهران وواشنطن إلى قرار مشترك بتسريع مفاوضات الملف النووي الإيراني، تكشف روسيا بلا حرج انها لا تتردد في مقايضة: لإدارة أوباما أن تقطف ثمار المفاوضات في مقابل وقف سياسة الضغط على الأصابع في الحديقة الخلفية لـ «امبراطورية» بوتين.

وهل أكثر دلالة من حديث السناتور الجمهوري بوب كوركر عن جلوس الإدارة الأميركية على سطح باص الحرب السورية الذي «تقوده روسيا وإيران»؟! لم يكن أمام ماكين إلاّ أن يوجّه صفعة إلى نهج أوباما- كيري (ولو لحسابات انتخابية للكونغرس هذه السنة). فـ «جنيف 2 السوري انهيار كامل، والمحادثات الفلسطينية- الإسرائيلية انتهت، وستفشل المفاوضات مع إيران».

ما لم يقله السناتور أن واشنطن ضحية للخداع الروسي الذي أوهم الجميع بإمكان إقناع النظام السوري بإعدام نفسه في لحظة تختارها موسكو، الأمر الذي استفزَّ اخيراً الرئيس بشار الأسد ليجهر برفضه مصير نظيره الأوكراني المخلوع يانوكوفيتش.

الاحتمال الثاني أن واشنطن لم تضلَّل، بل جيَّرَت الوهم إلى المنطقة، ليبقى الشعب السوري تحت رحمة فضاء البراميل المتفجّرة، وساحات الميليشيات و «الشبيحة»، وميادين «داعش» وأوسمتها المفخخة. في الاحتمالين تكسب روسيا بـ «تحييد» الغرب بعد طمأنة إسرائيل إلى استمرار نزع الترسانة الكيماوية السورية.

وعلى خطى «القيصر»، يناور المرشد في إيران علي خامنئي، فيوحي بأنه يكتفي بالتفرج على مسار جنيف النووي، فيما حكومة روحاني تتشبث بالتفاؤل بمفاوضات وحوار مع مَنْ كان «شيطاناً أكبر» لأربع وثلاثين سنة. ويدرك خامنئي حاجة أوباما والديموقراطيين في الكونغرس إلى إنجازٍ في السياسة الخارجية، كأن المفاوضات النووية الآن فرصة أخيرة، خصوصاً بعدما خابت آمال كيري بتجاوب إسرائيلي لتحقيق اختراق على المسار الفلسطيني، بات بعيداً.

والسؤال هل تُلدَغ الإدارة الأميركية مرة عاشرة من الجُحر الإيراني، بعدما سلّمته الهيمنة على العراق، وستتيح له حلفاً مع كابول أُعِدَّت لُبنته الأولى قبل سحب جيش الولايات المتحدة؟ وعلى خطى النهج الروسي في أوكرانيا، هل يمكن استبعاد حشر المرشد الأميركيين في زاوية اللحظة الأخيرة من المفاوضات النووية، لتسييج الحدائق الخلفية الإيرانية… من أفغانستان الى سورية ولبنان، وربما غيرهما في الخليج؟

لدى «القيصر» والمرشد القوة الأميركية «الناعمة» نائمة، إنها اللحظة المثلى لمخاض نظام عالمي جديد، لن ينهض إلا بأشلاء ودماء، ونهوضه كارثة.

الحياة

هيرش” والادعاءات الكيماوية/ مارك تشامبيان

نشر الصحفي الاستقصائي «سيمور هيرش» مقالا حمل ادعاء خطيرا قد يكون له وقع القنبلة في دورية «لندن ريفيو أوف بوكس» مفاده أن النظام السوري ليس هو الذي قصف منطقة خاضعة لسيطرة الثوار في أطراف دمشق بأسلحة كيماوية العام الماضي، وإنما الثوار أنفسهم الذي حصلوا على غاز السارين من تركيا.

وبالنظر إلى حالة التشويش التي توجد عليها الحكومة التركية اليوم والطبيعة المَرضية لبعض المقاتلين الثوار في سوريا، قد يبدو هذا الادعاء ممكنا. غير أن ما يجعلني أعيد النظر وأستبعد ذلك ليس النفي القوي الصادر عن الحكومة الأميركية، وإنما أجزاء من مقال «هيرش» كان ينبغي أن تدق ناقوس الخطر.

الخطأ الأكبر يكمن في تأكيد «هيرش» على أن العينة الكيماوية التي تستند إليها قصته – التي تقول إن غاز السارين الذي استعمل في الغوطة في الحادي والعشرين من أغسطس لم يكن يتطابق مع ذاك الموجود في مخازن النظام السوري – أتت من «عملاء استخبارات عسكرية روس». والعميل الروسي الذي قام بعد ذلك بتسليم العينة لمختبر «بورتون داون» البريطاني من أجل تحليلها كان «مصدرا جيدا» ولديه «سجل يفيد بأنه جدير بالثقة»، وفق مسؤول الاستخبارات الأميركية السابق مجهول الاسم الذي يبدو أنه المصدر الوحيد لادعاءات هُرش.

غير أنه بالنظر إلى عملية الإخفاء والطمس واسعة النطاق التي يقوم بها عملاء الاستخبارات الروسية الآن في أوكرانيا، فإنه من الصعب فهم كيف يمكن لشخص لديه تجربة «هيرش» أن ينشر مثل هذا الكلام من دون تحفظ. فروسيا، في النهاية، حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن تثني الولايات المتحدة عن التدخل عسكريا في سوريا. ثم منذ متى أصبح العميل الاستخباراتي لدولة أجنبية يصنع الأدلة للترويج لأهداف دولته «جديرا بالثقة»؟ وإذا كان هذا العميل كذلك بالفعل، فإنه لا يقوم بمهمته.

ثم هناك كمية غاز السارين اللازمة للهجوم. فـ«هيرش» يستهل كلامه بالقول إن تركيا كانت تدرب الثوار على صنع السارين داخل سوريا. والحال أن الوقت والمرافق اللازمة لصنع كمية الغاز التي استعملت في الحادي والعشرين من أغسطس لا تصدق. وقد قام «دان كاسزيتا»، وهو ضابط سابق في الجيش الأميركي، بعمليات حسابية، وخلص إلى أن الهجوم الذي استهدف الغوطة تطلب طناً من غاز السارين على الأقل، والذي حتى في مختبر كبير ومجهز بشكل جيد (وهو شيء من الصعب تخيله في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار) يتم إنتاج جالونين منه فقط في كل مرة.

وبعد ذلك، يقول «هيرش» إن تركيا وفرت السارين والتدريب اللازم لنقله واستعماله. وهذا ممكن ووارد، وإنْ كانت تركيا غير معروفة بامتلاكها لبرنامج أسلحة كيماوية. ولكن هيرش لا يشير إلى افتقار تركيا لبرنامج كيماوي معروف ولا يناقش من أين يمكن أن تكون حصلت على السارين.

وعلاوة على ذلك، فإن «هيرش» لا يتطرق للدليل المادي الذي ظهر عقب القصف، والذي يُظهر أن الرؤوس الحربية الكيماوية نُقلت باستعمال عدد من قذائف «البركان» الكبيرة وقاذفاتها الخاصة بالجيش السوري. ومرة أخرى، أقول إنه من الممكن تخيل أن يكون ثوار سوريا حصلوا على تلك المعدات وسط فوضى الحرب الأهلية؛ غير أن سوريا لم تعلن عن سرقات من هذا القبيل. ثم إن هُرش لم يشر حتى إلى القذائف أو كيف يمكن أن يكون تم الحصول عليها وتزويدها برؤوس حربية كيماوية.

الحكومات الأميركية والبريطانية والفرنسية لم تقل ما يكفي بعد بشأن ما تعرفه عن هجوم الأسلحة الكيماوية الذي نفذ في الحادي والعشرين من أغسطس، كما أننا ما زلنا لا نعرف على وجه اليقين ما وقع. ولكن «هيرش» لم يلق أي ضوء على الجوانب المعتمة في هذه القضية.

ـ ـ ـ ـ

محلل سياسي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس”

الاتحاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى