صفحات الناس

مقالات تناولت “داعش”

 

كيف يخسر تنظيم الدولة الإسلامية شعبيته؟/ جلال زين الدين

يحرص تنظيم الدولة الإسلامية على حاضنته الشعبية في سوريا، التي هي سرّ بقائه وتمدده، لكن مؤشرات عديدة، تدل على تصدع هذه الحاضنة، وفقدانه الأرضية التي يقف عليها.

يدرك معظم السوريون في مناطق التنظيم، أنّ الحاضنة الشعبية له طارئة ووهمية، ولا ترتكز على أسس متينة، كما يقول المحامي حسن: “استغل التنظيم مأساة السوريين الذي نظروا له بداية، على أنه فصيل كبقية الفصائل هدفه نصرة الثورة السورية، ورفع الحيف عنهم. ولم يدر في خلدهم أنَّ للتنظيم أهدافاً خاصة به يسعى لتحقيقها”. فالسوريون لم يحتضنوا التنظيم حبّاً بمشروعه، إنما حرصاً على “ثورتهم”، كما يؤكد حسن.

وعَرَفَ التنظيم كيف يكسب الحاضنة الشعبية، فبدأ بمحاربة الفاسدين واللصوص وقطاع الطرق، وركز على العاطفة الدينية في جذب الشباب المتحمس، يتابع حسن: “كسب التنظيم قلوب السوريين، لما رآوا منه من صلابة في محاربة المفسدين الذين تسلقوا الثورة، لكنه تجاوز لاحقاً المفسدين ليبدأ باغتيال الشرفاء وتصفيتهم”. وكانت هذه الممارسات هي الشرارة التي أشعلت الثورة ضده.

ومع اندلاع القتال بين الثوار والتنظيم، وإحكام الأخير سيطرته على كثير من المناطق السورية، وتعسفه في الحكم، وتدخله في تفاصيل الحياة اليومية بدأت شعبيته تتناقص يوماً بعد يوم، ولا سيما في الشهور الأخيرة. يقول النقيب أبو محمد: “انتصارات التنظيم في العراق وسيطرته على الفرقة 17 ومطار الطبقة في سوريا، كانت فورة في تمدده. وسرعان ما بدأ الانحسار في هذه الشعبية لأنها وهمية، سببها كره الشعب للنظام وبحثه عن أي فريق يخلصه منه مهما كان”.

التنظيم قام بعدد من الخطوات، أملاً باستعادة شعبيته، بعدما شهدت مناطق سيطرته موجات نزوح منها وهجرة واسعة. ومن خطوات التنظيم: توجيه دعوة عامة لكل المواطنين “الرعايا”، لرفع مظالمهم إلى ديوان القضاء والمظالم، ليصار الى إنصافهم من أي اعتداء عليهم في أنفسهم ومالهم، من قبل جنود الدولة أو أمرائها. واللافت أنَّ هذه الدعوة لم تلق أية استجابة من المواطنين، وفي هذا الصدد يقول إمام مسجد سابق في ريف حلب الشرقي، الشيخ أبو عمر: “توجيه التنظيم لهذه الدعوة، استشعار لحجم المظالم التي أدت لنفور الناس من التنظيم، وعدم استجابة الناس دليل على فقدان الثقة بقضاء التنظيم، فالناس لم تعد تثق بأي وعد يقدمه”.

لم تنفع دعاية التنظيم بمحو صورة الظلم التي أخذها المواطنون عنه، كما فشل بتطبيق قاعدة الشرع فوق الجميع، والناس سواسية أمام القانون، وذلك بسبب كثير من الأخطاء الشرعية، وممارسة القضاء من أشخاص غير مؤهلين.

وأمام موجات الهجرة من مناطق سيطرتها، حثّت الدولة الإسلامية المواطنين على البقاء في دار الإسلام، وحذرتهم من عقوبة تركها والانتقال إلى بلاد الكفر، فمن كثّر سواد قوم فهو منهم. وعندما لم ينفع الترغيب لجأ التنظيم للترهيب، يقول الطبيب أحمد: “لم يكن أمامنا أمام تضييق التنظيم وممارساته إلا الهجرة، وترك كل شيء. الدولة الإسلامية قامت مؤخراً بتهديد زملائنا الأطباء في مدينة البوكمال، بمصادرة أملاكهم إن لم يعودوا. طبعاً الزملاء لن يعودوا”.

إطلاق سراح المعتقلين كان أبرز خطوة لاستعادة الحاضنة الشعبية، وكلهم من الأبرياء الذين اعتقلوا لأسباب مزاجية وأمنية دون وجه حق، ولم تثبت بحقهم أية تهمة، ومنهم شاب من ريف حلب الشرقي، يقول: “أغلب المعتقلين اعتقلوا لأسباب بسيطة كوجود علم الثورة أو صورة بشار أو كلام بالواتس آب، ولكن المعضلة عدم العرض على القاضي. فأنا عندما عرضت عليه خرجت مباشرة، في حين بقي المئات دون أن يراهم أحد. ومن المتوقع أن يعرض ممثليو المنظمات الأجنبية المعتقلين لدى التنظيم على القاضي، خلال الفترة القادمة بتهمة التعامل مع الغرب”.

الدولة الإسلامية تريد أن تعطي انطباعاً بأنها تقوم على العدل، ولا يظلم عندها أحد، وهي لا تحمل أحقاداً وإنما تريد الحفاظ على أمن العباد. يقول القيادي السابق في الجيش الحر أبو حسين: “أدت حملة الاعتقالات إلى هبوط شعبية التنظيم، فذَكَّرَتْ الناس باستبداد الأسد عندما كان يقوم الأمن بهذه الحملات التي تطال الصالح والطالح بمجرد الشبهة”. ولم ينفع إطلاق سراح المعتقلين، بل زادت في النقمة، لأنها “أكدت شدة الظلم، كما أدت القصص التي رواها المعتقلون عن أسباب اعتقالهم ووسائل التعذيب لزيادة احتقان الشارع”.

وترافقت خطوة إطلاق سراح المعتقلين بتنفيذ عشرات الإعدامات، كعادة التنظيم في الجمع بين الترغيب والترهيب، ما أدى إلى محو أي أثر إيجابي لها.

المدن

 

 

 

 

الأسد وداعش، صفحات في كتاب جزائري/ نديم قطيش

مطلع العام ٢٠١٤، تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيديو” يظهر تهرب وزير الاعلام السوري عمران الزعبي من اسئلة أحد شبان المعارضة في احد اروقة مؤتمر “مونترو” الذي تابع اعمال جنيف ٢. الشاب السوري هو رامي الجراح أحد مؤسسي شبكة “أنا للاعلام الجديد”، اما سؤاله الذي حاصر به الزعبي امام شاشات العالم فكان: لماذا لم يقصف نظامك السوري مقر “داعش” في الرقة”؟ والرقة هي ولاية داعش التي كان قد مضى على تحكم الدولة الاسلامية بها نحو سنتين حين سأل الجراح سؤاله، الذي جاء ليختصر الكثير مما قيل عن العلاقة الغامضة بين نظام بشار الأسد والارهاب الجهادي في مواجهة الثورة السورية.

نهاية العام ٢٠١٤، حملت تأكيدات عملية على ما اكتنزه سؤال الجراح. ففي تقرير “لمركز الدراسات حول الإرهاب وحركات التمرد” التابع لمجلة “جاينز”، احدى ارقى المجلات المتخصصة بالشؤون العسكرية في العالم، تظهر الإحصاءات ان ٦٤٪ من هجمات داعش خلال العام المنتهي في ٢١ تشرين الثاني، استهدفت فصائل مسلحة ومتمردة غير نظامية قي مقابل ١٣٪ من الهجمات استهدفت قوات نظامية سورية في الفترة نفسها.

وتضيف الدراسة ان العمليات العسكرية للنظام، التي تشكل الضربات الجوية ثلثيها، تركزت بشكل كبير على فصائل غير داعش التي لم يتجاوز نصيبها من هجمات جيش الأسد اكثر من ٦٪.

الى ذلك، تشير الدراسة الى حوادث ووقائع محددة ظهر فيها التقاء مصالح ميداني بين داعش وجيش الأسد ترجم في استهداف متزامن لمجموعات مسلحة لا سيما في حلب.

طبعاً، لا يجعل هذا الأمر من هذه المجموعات مكوّنات معتدلة بمجرد استهدافها من داعش او النظام لكنها تفترق في ترتيب أولوياتها عن داعش بجعلها إسقاط النظام في رأس الأولويات في حين تركز داعش على قضم الأراضي وإعلان الخلافة بصرف النظر عن مصير نظام بشار الأسد.

من جهة أخرى، يسمح هذا التعاون لنظام الأسد في اختراق داعش واستمالة بعض مراكز القوى فيها لصالحه، تهيؤاً ليوم تحين المعركة بينه وبينها، بعد ان يكون قد استخدمها بشكل ناجح لسرقة الثورة السورية وحوّلها الى حرب على الارهاب. في حين تستثمر داعش في هذا التقاطع مع النظام لإضعاف كل خصومها من الفصائل المسلحة أياً كانت هويتها.

يكاد هذا التقاطع ان يكون كلاسيكياً في العلاقة بين الأنظمة الديكتاتورية والإرهاب في المنطقة. ولعل نموذجه الابرز كان في الجزائر على ما يكشف العقيد الجزائري المنشق العقيد محمد سمراوي في كتابه “وقائع سنوات الدم” المنشور عام 2003 وهو عبارة عن شهادة موثقة لأحداث الجزائر في تسعينيات القرن الماضي بين النظام والحركات الجهادية. تكمن أهمية سمراوي باعتباره كان مسؤولا امنياً في تلك الحقبة وأحد الذين لعبوا دورا بارزا في انقلاب كانون الثاني عام 1992.

شهادة سمراوي حول النشوء المفاجىء للجماعة الاسلامية المسلحة في الجزائر في أعقاب إلغاء الانتخابات البرلمانية التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الاسلامية، واستحواذها على مشهد دموي في الجزائر، يشبه الصعود الصاروخي لداعش وإزاحتها معظم مكونات التمرد السوري عن الصدارة، كما يتشابهان في انتهاجهما منطق التكفير نفسه الذي وفر الارضيّة المناسبة للنظامين للقول للعام “اما نحن او هم”!!

الكتاب يمكن وصفه بانه “دليل الديكتاتور للتلاعب بالارهاب” وفيه كل التقنيات التي استخدمها النظام الجزائري ويستخدمها الأسد اليوم. بدءا من اختراق المجموعات المسلحة القائمة وصولا الى خلق مجموعات خاصة تحت لافتات تشبه لافتات حركات التمرد وتشجيعها على الدموية القصوى، ودائماً وابداً نشر فوضى السلاح لمنع تشكل وحدة عسكرية متراصة في مواجهة النظام. وفي سياق عرضه يمر الكاتب بأسماء ووقائع مذهلة عن تجنيد الجهاديين ومنهم من هو من أيقونات الحركة الجهادية في الجزائر كسعيد المخلوفي مؤسس حركة الدولة الاسلامية (للمفارقة!)، الذي على ذمة سمرواي، احد الذين تلاعب بهم النظام بأشكال مختلفة. وتدور شبهات كثيرة حول الأدوار التي لعبها المخلوفي ومنها دوره في تصفية القيادي الاسلامي بلقاسم الوناس المعروف باسم محمد السعيد، احد ابرز شخصيات الجماعة الاسلامية المسلحة. كما يُتهم المخلوفي، وهو ضابط جزائري سابق، من بعض قادة الحركة الاسلامية انه كان يتصنع الغلو لتوفير أسباب بطش النظام!!

بالعودة الى سوريا، يتضح اكثر ان الميدان العسكري لم يكن هو نقطة الالتقاء الوحيدة بين داعش والاسد. فبسبب العقوبات التجارية على سوريا التي تعيق تصدير النفط الى سوريا، بات النظام معتمدا بشكل كبير على مصدرين للطاقة: اما النفط المهرب الى سوريا واما التعاون مع داعش التي تهيمن على معظم الحقول النفطية السورية.

لا تلقي هذه الوقائع الضوء على العلاقة بين النظام وداعش فحسب، بل تضعف البروباغندا الممانعة التي لطالما اعتبرت ان النمو الصاروخي إنما يحصل بتمويل خليجي، في حين ان داعش تحولت بسبب علاقتها بالنظام (وتركيا وبعض الأكراد) الى أغنى تنظيم ارهابي في العالم، وان كانت عائدات هذا التقاطع قد تراجعت بشكل كبير بحسب الخارجية الأميركية كنتيجة لضربات قوات التحالف في سوريا والعراق لبعض البنية التحتية النفطية وفرض رقابة صارمة على خطوط التهريب.

المؤسف ان يكون نظام الأسد قد لعب لعبة مكشوفة امام أنظار العالم جميعاً، وهو ما باتت تدركه الادارة الأميركية وإن متأخرة كثيرا، بحيث تبدو الأمور متجهة الى نتيجة عدمية لا مكان فيها لا للنظام ولا للثورة بل لفوضى القتل وفقهاء الجريمة.

المدن

 

 

وقود الحرب الرخيص.. النظام و”داعش” يجندان الأطفال في سورية/ ألكسندر أيوب، سما الرحبي

قبل عسكرة الثورة السورية، اعتاد هاشم ــ 16عاماً ــ ممارسة لعبة القنص على هاتفه الجوال. بعد استشهاد والده نتيجة برميل متفجر ضرب منزلهم في حي الشعار بمدينة حلب، انتقل هاشم بصحبة عائلته متجهاً إلى مخيم “كلس” على الحدود التركية، كثيراً ما تحدث مع والدته عن العودة إلى حلب وحمل السلاح للانتقام لوالده.

“في كل مرة كنت أردعه إلى أن استيقظت يوماً ولم أجده” تقول الوالدة لـ”العربي الجديد”، مضيفة “بعد يومين اتصل بي أحد الأقارب من حلب وأعلمني أنه التحق بكتيبة مقاتلة، عدت لآخذه لكنه امتنع، بعد أن قبلوا تطوعه فوراً.

“اليوم تحولت لعبة هاشم الإلكترونية المفضلة “القنص” لعمل حقيقي يمارسه، حاملاً بندقيته الثقيلة، خلف جدران الجبهات المشتعلة. هاشم ليس بمفرده، فكل المتقاتلين في سورية متورطون في تجنيد الأطفال.

من يجنّد أطفال سورية؟

“النظام السوري طرف بارز في تجنيد الأطفال ويتحمل مسؤولية ما يقوم به باقي الأطراف”. هكذا بدأ الحقوقي السوري ومسؤول توثيق انتهاكات النظام في مؤسسة “حريات” عبد الفتاح قاسم حديثه لـ”العربي الجديد” كاشفاً أن النظام عمد بعد عام واحد من الثورة السورية إلى تشكيل ما يسمى “جيش الدفاع الوطني”، الذي هدف من خلاله إلى ضم أكبر عدد من المقاتلين بعد الانشقاقات التي حصلت في الجيش النظامي.

بنى النظام هيكلية هذا الجيش على قبول كل من يرغب في التطوع وتدريبهم وتسليحهم، وبعد عام على تشكيله واستمرار الخسائر في الجيش السوري، عمد إلى قبول من هم تحت الـ18 في صفوف الجيش، “العديد منهم يتلقى دورات لمدة 20 يوماً في إيران ثم يعودون لجبهات القتال” بحسب تأكيدات قاسم.

يؤكد عبد الفتاح أن “تجنيد الأطفال يتجلى أكثر في التشكيل العسكري الآخر الذي استحدثه النظام السوري، والذي أطلق عليه “قوات اللجان الشعبية”، وهو تشكيل عسكري قائم على تجنيد أبناء الأحياء ضمن مناطقهم للدفاع عنها”. مشيراً إلى أن 40% من هذا التشكيل هم تحت سن الـ18.

السيدة (س.م) انتسب ابنها أحمد (16 عاماً) إلى اللجان الشعبية في حي القصور ضمن مدينة دير الزور شرقي سورية، “لم يمض شهره الأول ضمن اللجان الشعبية حتى قتل على جبهة حي الرشدية في معركة مع جبهة الأصالة والتنمية التابعة للجيش الحر” تقول أمه لـ”العربي الجديد” وتتابع باكية “لم نكن نرغب في تطوعه ولكن أغروه بالمال واستغلوا وضعنا الاقتصادي السيئ، حاولنا أن نثنيه، كنت دائماً أحس بالخطر خصوصاً عندما أراه يحمل البندقية، إلى أن وصلني خبر قتله على خط الرشدية، بقيت جثته شهراً ونصف شهر في الشارع بسبب تمركز القناصة، إلى أن سمحوا لنا بالاقتراب ودفن ما تبقى من الجثة على طرف الشارع”.

أشبال الخلافة

يعمد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في محافظة الرقة، إلى تجنيد الفتية والأطفال من خلال زجهم في معسكرات تدريب تسمى “دورات الأشبال”، يتم ذلك بإغراء الأهالي لإرسال أطفالهم للتدريب مقابل مبالغ مالية خاصة مع تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وانتشار الفقر والجوع في المحافظة.

في بعض الأحيان يجند الأطفال قصراً دون استشارة أهاليهم أو سؤالهم، في حالة تشبه الخطف، كما حدث مع عائلة آل “محمود حمادي الابراهيم” من عشيرة ” قويدر” كما أكد الناشط أبو إبراهيم من الرقة لـ”العربي الجديد” متابعاً “يوم 14 مايو/أيار الماضي، فقد أثر حمادي 13 عاماً في المدينة، بدأ أهله البحث عنه طارقين كل الأبواب، إلى أن وجدوه في معسكر “الشركراك” التابع لتنظيم الدولة في المحافظة، وعند سؤالهم أمير داعش عن الطفل، نفى أن يكون عنده مؤكداً أنه لا يعلم شيئاً عن أمره، ولكن بعد وساطات ودفع مبالغ مالية عالية، اعترف الأمير أخيراً لأسرة الطفل بأنه موجود في المعسكر، وسلمه لهم”.

يتابع أبو إبراهيم: “بعد خروج الطفل “حمادي” سألناه عن كيفية التحاقه بالتنظيم، فردّ بأن أصدقاءه أقنعوه بالذهاب معهم إلى المعسكر والالتحاق بداعش لقاء مبالغ مالية يقدمها التنظيم للأطفال الذين ينتسبون لمعسكرات الأشبال الخاصة بداعش”.

ووفقاً لما رصدته “العربي الجديد”، تتم دعوة الأطفال إلى المعسكرات وتحفيزهم على الانضمام لـ”داعش” عن طريق الدورات الدينية التي يذهب لها الأطفال بسبب عدم تواجد المدارس، وعبر الخيم الدعوية التي يقيمها التنظيم، بانتظام في المحافظة بغية جمع أكبر أعدد من الكوادر الجديدة.

يقول الناشط أبو إبراهيم: “لتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الرقة عدة معسكرات معروفة، خاصة بتدريب الأطفال وهي معسكر الزرقاوي، معسكر أسامة بن لادن، المعسكر الشرعي للأشبال، وهو خاص بالأطفال دون 16 عاماً، معسكر الشركراك، ومعسكر الطلائع”.

ويوضح أن التدريب ينقسم إلى قسمين في حال كان هناك جبهات مشتعلة، فالطفل يؤخذ إلى دورة شرعية وأخرى حربية مدتها 45 يوماً تكون مستعجلة، ثم يرسل إلى القتال، أما إن كانت الأوضاع مستقرة فيدخل الطفل دورة شرعية مدتها 45 يوماً أيضاً، لزرع أفكار وعقيدة التنظيم، ثم يرسل إلى معسكر حربي مدته 3 أشهر وبعدها يذهب إلى المعركة.

ويكشف أبو إبراهيم أن أكثر من 30 طفلاً مجنداً لدى الدولة الإسلامية قتلوا منذ بداية معركة عين العرب “كوباني”، معظمهم تحت سن 16، كما أن أحد منفذي العمليات الانتحارية، كان شاباً من الرقة يدعى “باسل حميرا” 18 سنة تخرج من المعسكر الشرعي للأشبال في الرقة.

فصائل الكرد

“الجميع في سورية متورط في تجنيد الأطفال”، هكذا استهل الناشط الحقوقي أحمد كنجو حديثه لـ”العربي الجديد”، ويؤكد كنجو لـ”العربي الجديد” قتال العديد من الأطفال ما دون سن الـ 18 في صفوف وحدات حماية الشعب “ypg”، وكذلك شرطة الأسايش في مناطق القامشلي وعفرين، ليسوا من الذكور فقط وإنما الإناث أيضاً، بعضهم يتم استخدامه لأعمال أخرى مثل الرصد والتذخير”.

ويضيف كنجو “المعسكرات موجودة من قبل للتدريب والتطوع، وقد زادت نسبة المتطوعين دون سن 18 بعد هجوم تنظيم الدولة على عين العرب “كوباني” وقد استطعنا توثيق أسماء 17 طفلاً دون 18 قضوا في اشتباكات وهم يحملون السلاح”. من جهته، يؤكد بسام الأحمد، المتحدث باسم مركز توثيق الانتهاكات في سورية أن “وحدات حماية الشعب ypg الكردية متورطة بدورها في عشرات حالات التجنيد للأطفال، على الرغم من أن الأنظمة واللوائح الداخلية للشرطة والقوات العسكرية الكردية تحظر استخدام الأطفال تحت سن 18 عاماً”.

غياب الإحصائيات

حصر “مركز توثيق الانتهاكات” في سورية قتل 227 طفلاً ما دون سن 18 خلال الاشتباكات، كلهم تم تجنيدهم على يد أطراف وتنظيمات مسلحة مختلفة، ولا يشمل الرقم السابق الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل قوات النظام على الحواجز و”الذين نقدّر أعدادهم بالمئات” كما يؤكد المتحدث باسم المركز بسام الأحمد.

ويشير الأحمد إلى أنه لا يوجد إحصائيات دقيقة تقدر أعداد الأطفال المقاتلين في صفوف الجماعات والفصائل المسلحة في سورية ويضيف لـ”العربي الجديد” يتم استغلال الأطفال في القتال، أو استعمالهم لأغراض الوقوف على الحواجز، مراقبة، رصد، توصيل معلومات، الحراسة في نقاط الأمن، التجسس، معالجة الجرحى في ساحات المعارك، ونقل الذخائر وإمدادات أخرى إلى الجبهات المشتعلة”.

مخالفة القوانين الدولية والمحلية

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان على القوات الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة لدول، تجنيد واستخدام الأطفال كمقاتلين أو في أدوار معاونة ضمن المعركة، كما يحظر البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، والذي صدقت عليه سورية عام 2003، على الجيوش غير التابعة لدول تجنيد أو استخدام الأطفال تحت سن 18 في أي أعمال عدائية مباشرة، وتجنيد الأطفال تحت سن 15 عاماً، بما في ذلك الأدوار الداعمة، ويعد ذلك جريمة حرب بحسب تعريف نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية فيما يحظر البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف لسنة 1949، المطبق أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، على الدول والجماعات المسلحة غير التابعة لدول، تجنيد الأطفال أو استخدامهم تحت سن15 عاماً، وبالتالي فإن “حظر تجنيد الأطفال تحت سن 15 عاماً والذي يعد من قواعد القانون الدولي، ملزِم لجميع أطراف النزاع المسلح في سورية” كما تؤكد الخبيرة القانونية لميا نحاس لـ”العربي الجديد”.

الكتائب ترد

يردّ أحد قادة كتائب جبل الزاوية ــ فضّل عدم ذكر اسمه ــ على الاتهامات الموجهة لهم بتجنيد الأطفال بأنهم لا يلزمون أحداً بالقتال في صفوفهم، مضيفاً لـ”العربي الجديد”: أحياناً والد الطفل هو من يأتي لتسجيله بنفسه، أو يأتي بمفرده في حال كان ذووه من الشهداء، وحتى لو قبلنا بعض المراهقين ما دون 18 عاماً، لكن بشرط وضعهم في الشق التقني أو الإعلامي”.

أما مؤسسة “خطى الإعلامية” التي بثت تفاصيل تدريب عدد من الأطفال في معسكر “أشبال التوحيد”، أثناء تجنيدهم من قبل سرية “أكناف بيت المقدس” في الغوطة فعلّقت بأن المعسكر يعلّم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم، قائلة “لا نجبر أحداً على التدريب، الأطفال يتعلمون بديهيات قد يحتاجون إليها في بيئة حرب مفتوحة”.

اسطنبول

العربي الجديد

 

 

 

 

منظمة : “داعش” ينشر فيروسات في أجهزة معارضيه للإيقاع بهم ومعاقبتهم

بقلم بين برومفيلد، CNN

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)– بعد أن صدمت كوريا الشمالية العالم بتسريبها لأفلام أنتجتها شركة “Sony” ظهر تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام أو ما يعرف “داعش” وفقاً لبعض التقارير، بجدل حول قرصنة لحسابات تواصل اجتماعي، وفقاً لما أشارت إليه منظمة “Citizen Lab” لحقوق الإنسان المعلوماتية.

وأشارت المنظمة إلى أن خللاً أصاب أحد الحسابات في مواقع التواصل تحت اسم “الرقة تذبح بصمت” أو “Raqqa is being Slaughtered Silently” ونشرت بيانات حول الخلل الثلاثاء.

 

ورغم أن عدداً من الباحثين في جامعة تورنتو لم يتمكنوا من تأكيد فيما لو كانت هذا الخلل ناجماً عن التنظيم أم عن الموالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذين قاموا بقتال المعارضين إلكترونياً باستخدام برنامج “تورجان هورس” منذ عام 2011، إلا أن طريقة برمجة الخلل المتعمد والهدف الذي يركز على تحقيقه هو ما يدعو المنظمة لتوجيه أصابع الاتهام صوب “داعش”.

كره “داعش” لصفحات “الرقة تذبح بصمت”

من مصلحة تنظيم “داعش” استهداف صفحات “الرقة تذبح بصمت”، خاصة مع تفاخر التنظيم بإحكام سيطرته على الرقة أمام العالم، وأن الرقة تعتبر “فردوس الخلافة”، حيث يمكن للسكان أن ينعموا بتطبيق أحكام الشريعة عليهم، لكن الواقع الذي يكشفه المعارضون عبر صفحات “الرقة تذبح بصمت” تكشف واقعاً آخر بنشر الرعب في نفوس سكان المدينة.

إذ يظهر المعارضون صوراً مفصلة لعمليات قطع رؤوس ورجم لسكان المدن السورية، كما أن هذه الصفحة تنشر أخبار عمليات القصف التي يشنها التحالف الغربي في قتاله ضد “داعش”، لكن الناشطين في هذه الصفحات كانوا يغطون الأخبار ذاتها ضد النظام السوري قبل أن يحكم “داعش” سيطرته على الرقة.

طبيعة الخلل الذي أصاب صفحات “الرقة تذبح بصمت”

أشارت المنظمة في بيانها إلى أن الخلل الذي أصاب صفحات “الرقة تذبح بصمت” يتسم بالبساطة، وأن من قام بإحداث الخلل ارتكب عدداً من الأخطاء أو شعر بأنه لا حاجة بالقيام بهذه الأمور على نحو صائب، ويعمل هذا البرنامج الدخيل على الصفحات من خلال إرسال عدد من الرسائل الإلكترونية إلى معارضي التنظيم باسم الصفحة من حسابات تدعي بأن من يقوم عليها هم سوريون مغتربون في كندا.

وتطالب الرسائل المعارضين بمساعدتهم في الترويج لأخبارهم بواسطة حساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، ويطالب أصحاب هذه الحسابات بـ “المساعدة في إيصال الوقائع التي تجري في الرقة دون تحريف”، بالإضافة إلى “التنبيه حول أي معلومات خاطئة”، وتحوي الرسائل روابط تنقل المستخدم إلى موقع لتحميل الملفات وصور تتعلق بممارسات تنظيم “داعش” في الرقة، ليدخل المستخدم إلى الرابط ويبدأ بتحميل فيروس على جهازه.

اعثروا عليهم وعاقبوهم

بعد أن يتم تحميل الفيروس على الجهاز، يمكن أن “يعلن الجهاز عن موقعه وشيفرته الخاصة كلما تم تشغيله، يتمكن عناصر التنظيم من العثور على موقع المستخدم الجغرافي”، وفقاً لتقرير منظمة “Citizen Lab”، عندها يمكن “الإمساك بالمعارض وتهديده ومعاقبته أو حتى إعدامه”.

ويأتي هنا ذكر للصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي أمسك به تنظيم “داعش” خلال خروجه من مقهى للإنترنت في سوريا عام 2012، لتعدمه في وقت لاحق هذا العام.

بصمة قراصنة النظام السوري الإلكترونيين مختلفة

أشارت المنظمة إلى أن عملية الاختراق هذه مختلفة عن طبيعة هجومات القرصنة التي تمت على أيدي المؤيدين للنظام السوري، إذ يركز هذا الخلل على بقاء حسابات المستخدم مفتوحة دون توفير فرصة لإغلاقها.

وأضافت المنظمة بأن طبيعة تشفير هذا الخلل ضعيفة، إذ أن كلمة سر تابعة لحله ظاهرة للعيان، كما أن نسبة تدير الخلل للجهاز ضئيلة، إلا أنها قالت إن الخلل يحقق هدفه بالعثور على المعارضين للتنظيم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى