صفحات العالم

مقالات عن معركة حلب

السبت

لهذا قد يفقد الأسد سوريا إذا لم يستعد السيطرة على حلب

أدريان بلامفيلد

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

لعلمه أن عليه أن يكسر دوامة الانقلابات التي عصفت في سوريا قبل استيلائه على السلطة من خلال “الثورة التصحيحية” عام 1970 فقد قام السيد الأسد بتعلم درس سريع لم يتعلمه أسلافه التعساء وهو أنه و من أجل حكم سوريا, فإن عليك أن تسيطر على حلب.

تعد حلب واحدة من أعرق المدن في المشرق العربي, لكنها كانت من أكثر المدن إثارة للمشاكل. أول انقلابين شهدتهما سوريا الحديثة كانت أصول أصحابهما من حلب: العقيد حسني الزعيم في أبريل 1949 و العقيد سامي الحناوي بعد أربعة أشهر على ذلك. و كلا الرجلين شهدا نهاية عنيفة.

لقد فهم السيد الأسد أنه و من أجل البقاء فإنه يتوجب عليه أن يكسب دعم كل من طبقة تجار حلب – والعديد منهم مسيحيون- و السلطات الدينية السنية في المدينة. و قد أقام تحالفات مغرية مع هاتين الطبقتين, و نجح في الحفاظ على هدوء المدينة.

و على الرغم من أنها المدينة الثانية في سوريا رسميا, إلا أن حلب قد طغت بشكل كبير على دمشق بسبب تاريخها الحديث.

إن حلب تقع بالقرب من الحدود التركية و هي تأتي في نهاية طريق الحرير  القادم من الصين, مما جعلها مركزا تجاريا ضخما و مهما لقرون طويلة و ترك هذا الأمر فيها تراثا معماريا مذهلا من الأسواق و الخانات.

و قد تم إدراك اهميتها عالميا: و ذلك عندما كانت شركة المشرق العربي الإنجليزية تبحث عن مقر لها في الشرق الأوسط في نهاية القرن السادس عشر, حيث وقع الاختيار على حلب.

لقد نجح الأسد في تحويل قدر كبير من التجارة إلى دمشق, ولكن حلب لا زالت أهم مدينة صناعية في سوريا حاليا.

و تحت حكم ابن السيد الأسد و خليفته بشار, بقيت حلب مستقرة, حتى عندما قامت الانتفاضة ضد حكمه العام الماضي, فقد كانت المدينة إحدى المدن التي ترددت طويلا في الانضمام إلى التمرد.

و قد سمعت صيحات في المدن الأقل من حلب تنادي بشكل مستمر “وينك يا حلب؟” و هو اعتراف من خيبة أمل المعارضة لعدم قدرتها على تحويل المدينة و هو التحول الذي سوف يشكل فارقا ما بين سقوط الأسد و بقائه.

و على الرغم من أن الكثير من سكان حلب لا زالوا على ولائهم للرئيس, إلا أن المتمردين أخيرا نجحوا في إيجاد موطئ قدم لهم في المدينة. و ما فعلوه يعود بجزء كبير منه إلى حقيقة أن السيد الأسد قد أجبر على سحب القوات من أجل حماية العاصمة, تاركا حلب في حالة دفاعية أقل.

و لكن حتى لو كان باستطاعة الرئيس استعادة السيطرة , فإن حلب أصبحت أكثر تمزقا مما كانت عليه في الماضي. إلى الشمال, حيث يدير الإسلاميون مدن رئيسة مثل عزاز و حريتان و عندان فإن هناك معاقل قوية للمعارضة و قد قيل أن قوات المعارضة قد أحكمت سيطرتها بالأمس على مدينة عزاز.

و حتى في مدينة حلب نفسها, فقد انقلب الكثير من الطبقة العاملة ضد النظام, وهو الأمر الذي تجلى في سلسلة من الهجمات التخريبية على العديد من المصانع في المدينة خلال الشهور الحالية.

لقد بدأ ملاك المصانع بإدراك أن دعم النظام لم يعد في مصلحتهم بعد الآن. لقد تحول موقف موظفيهيم, كما أن حركة التجارة قد شلت بسبب أنه أصبح من المستحيل تحريك البضائع إلى الحدود التركية القريبة كما أن الانتفاضة قد أدخلت البلاد في أزمة اقتصادية.

الطبقة التجارية التي استمالها والد السيد الأسد بنجاح قد يكون النظام قد فقدها. و بدون حلب, و هي المدينة لتي لطالما خشيتها عائلته, فإن فرص الرئيس في النجاة أصبحت أكثر قتامة من أي وقت مضى.

دايلي تيليغراف

الجمعة

معركة حلب الحاسمة

رأي القدس

تشهد مدينة حلب، العاصمة التجارية لسورية، اشتباكات شرسة بين قوات النظام والعناصر التابعة للجيش السوري الحر مدعومة بجماعات اسلامية متشددة، ومن المتوقع ان تقرر نتائج هذه الاشتباكات مستقبل الصراع في سورية بطريقة او باخرى، وربما فتح الطريق الى معركة دمشق النهائية والحاسمة، في حال جاءت الغلبة لصالح القوات المعادية للنظام.

مدينة حلب التي ظلت هادئة طوال العام الماضي بالمقارنة مع المدن الرئيسية الاخرى، مثل حمص وحماة ودير الزور تتمتع بمكانة استراتيجية، مهمة لكونها ملاصقة جغرافيا واقتصاديا لتركيا، ومقر البرجوازية التجارية السورية، وظلت موالية للنظام منذ انطلاقة الانتفاضة الشعبية المطالبة بالتغيير الديمقراطي.

المعارضة السورية باطيافها المتعددة، تريد ان تتحول مدينة حلب الى ‘بنغازي’ سورية بمعنى ان تتحول، في حال سقوطها، الى ملاذ آمن للمقاتلين ضد النظام، والعناصر العسكرية المنشقة، او التي في طريقها للانشقاق عن النظام.

الجماعات الاسلامية المتشددة نجحت في الاستيلاء على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهي خطوة تعني تسهيل مرور الاسلحة والمقاتلين الى العمق السوري، وتوجيه ضربة معنوية قاصمة للنظام.

سقوط بنغازي في يد المعارضة الليبية، وتحويلها الى جيب آمن خارج سيطرة نظام العقيد القذافي وكتائبه، ادى الى التركيز على مدينة مصراتة وهزيمة قوات النظام فيها بمساعدة غارات حلف الناتو، مما سهل اقتحام مدينة طرابلس مقر القيادة الليبية.

النظام السوري يدرك المكانة الاستراتيجية والمعنوية لمدينة حلب والخسارة الكبيرة التي ستلحق به في حال سقوطها، ولهذا ارسل تعزيزات عسكرية ضخمة الى المدينة، استعدادا لشن هجوم كبير في محاولة لاستعادة الاحياء التي سيطر عليها المقاتلون المعارضون التي تشهد منذ اسبوع اشتباكات شرسة.

الانباء القادمة من حلب تفيد ان قيادة النظام التي تشرف على سير المعارك ارسلت وربما للمرة الاولى قوات خاصة لمساندة القوات النظامية الموجودة في المدينة، وفي المقابل وصل حوالي 1500 الى 2000 مقاتل لتعزيز قوات المعارضة في المدينة.

اننا على ابواب معركة كبرى، بل المعركة الاكبر منذ بدء الصراع المسلح، الامر الذي يعني سقوط اعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين طرفي هذه المعركة، علاوة على المدنيين الذين باتوا محشورين في الوسط.

الازمة السورية تتفاقم وسط جمود كامل في الجهود الدبلوماسية لايجاد حلول ومخارج سلمية بعد وصول مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان الى طريق مسدود، وتصاعد التوقعات باحتمال تدخل عسكري من قبل تحالف يضم قوات عربية وغربية.

التدخل العسكري الخارجي الذي بات احتمالا قويا حسب تسريبات مصادر غربية في واشنطن ولندن قد يؤدي الى انفجار حرب اقليمية في المنطقة بعد تهديدات ايرانية صريحة بان طهران لن تسمح بسقوط النظام السوري.

فمن الواضح ان وصول العميد مناف طلاس قائد الفرقة 105 في الحرس الجمهوري السوري قبل انشقاقه الى اسطنبول بعد زيارة الى المملكة العربية السعودية التقى خلالها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هو مقدمة لتأهيله لدور قيادي في مرحلة ما بعد سقوط النظام حسب ما يأمل تحالف اصدقاء سورية الذي تتزعمه كل من تركيا والولايات المتحدة.

معركة حلب ستكون هي المعركة الفاصلة وقد تؤدي السيطرة عليها الى اعلانها منطقة محررة ومقر حكومة الوحدة الوطنية التي يجري العمل على تشكيلها من اطياف فصائل المعارضة السورية.

القدس العربي

السبت

معركة حلب

    علي حماده

بين ساعة واخرى ستبدأ معركة حلب. نسميها معركة حلب لانها مفصلية وان لم تكن حاسمة على المدى الاقرب. مفصلية لأنها ستحدد ما اذا كان ممكناً في هذه المرحلة رسم حدود لمنطقة عازلة تمتد بين حدود تركيا شمالا وحدود محافظة حماه جنوبا، محافظة ادلب غربا، وتكون مدينة حلب الاكثر كثافة من بين المدن السورية قلبها تماما كمدينة بنغازي الليبية التي شكلت اول منطقة عازلة في الاسابيع الاولى من الثورة. ومفصلية لأنها ستشكل نطاقا جغرافيا واسعا يقدر بربع مساحة سوريا خالياً من سيطرة نظام بشار الاسد، ويمتلك تواصلا مباشرا مع الخارج الداعم للثورة السورية، الذي يمكن ان يمنح “الجيش السوري الحر” امدادات بيسر اكبر، فضلا عن ان المساعدات الانسانية التي يمكن لها ان تعبر مباشرة الى قلب سوريا. ومفصليتها ثالثا لأن حلب هي ثاني مدن سوريا الكبرى، والعاصمة الاقتصادية وصاحبة تاريخ عريق قد تكون الارض التي عليها ستقف الحكومة الانتقالية المقبلة وبيدها شرعية الارض. ومفصليتها رابعا لأنها ستحصل من دون تدخل خارجي مباشر وبأيد سورية على عكس ما حصل في ليبيا.

نقول ان معركة حلب مفصلية لانها قد تؤسس اذا كسبها الجيش الحر لمرحلة جديدة تقرب النظام من نهايته المحتومة. ولا نقول حاسمة لان حلب تحت سيطرة الجيش الحر لا تعني ان قوات بشار اندحرت في كل مكان، وبالعكس اذا ما استعادت الاخيرة السيطرة على المدينة فإن ذلك لا يعني بالضرورة اندحار الجيش الحر والثورة. فريق حلب تستحيل السيطرة عليه على اعتبار ان النظام ما عاد يمتلك ما يكفي من القوات لنشرها في كل مكان. وهذا ما يفسر اضطراره الى سحب وحدات مقاتلة من ادلب وحماه وغيرهما لحشدها تمهيدا لمعركة حلب. لقد بين استيلاء الجيش على مناطق واسعة من مدينة حلب ان جيش بشار لا يسيطر الا بالقوة النارية وبكثافتها، لكنه غير قادر على السيطرة الميدانية في كل مكان.

لقد استعاد بشار السيطرة على احياء ثائرة في قلب دمشق، ولم تسقط العاصمة كما خيل لبعض المتحمسين. في المقابل يجوز القول ان السيطرة على العاصمة ليس ميسرا، والجيش الحر الذي انسحب سيعود عاجلا ام آجلا لخوض معركة دمشق. فهو راسخ في معظم ريف دمشق، اي انه يشكل حزاما ثوريا حول العاصمة.

لقد سمعت كلاما في باريس مفاده ان الثوار استعجلوا بفتح معركة وبالتالي خسروها. ويقولون ان هذا الامر سيتكرر في حلب ايضا. وردي ان التجربة علمتنا ان ما من معركة فتحها الثوار ضد نظام في منطقة ما إلا وغيرت المشهد السوري في غير صالح النظام. حصل هذا في كل مكان وإلا لما خرجت الثورة من درعا في آذار ٢٠١١ لتنتشر اليوم في كل انحاء سوريا من اقصاها الى اقصاها، ولما وصلنا الى مرحلة صارت فيها “العاصمتان” دمشق وحلب في قلب المعركة لاسقاط النظام.

النهار

السبت

“مجزرة حلب” والمباشرة بتقسيم سوريا!

    راجح الخوري

كل الانظار متجهة الى حلب ولكن على طريقة “يا حصرماً…” أو بالأحرى “يا دماً سورياً يفيض في حلب”، يأتي ذلك مع الغارات الجوية والحشود الآلية التي يستقدمها النظام لاقتحام عاصمة البلاد الاقتصادية في معركة يقول إنها حاسمة وهو وصف يتطابق مع تصريحات “الجيش السوري الحر”.

في كلام أوضح تبدو سوريا بعد 17 شهراً من المذابح متروكة لمصيرها المرعب: نظام لا يقدر على استعادة السيطرة فيمضي في سياسة الأرض الدموية المحروقة بحراسة من روسيا والصين وإيران، ومعارضة لم تتمكن من السيطرة فتمضي في القتال المتدحرج، الذي يزداد شراسة مع ارتفاع جنوني في أعداد الضحايا بعدما تجاوز عدد القتلى يومياً المئتين.

كل العالم باستثناء روسيا يتخوف من مجزرة في حلب، لكن أميركا وما يسمى الشرعية الدولية والأمم المتحدة أشبه بتمساح كبير يواصل ذرف الدموع على السوريين ويضحك في عبّه مكرراً نظرية واشنطن: “دعوا الروس يشنقون أنفسهم بحبال بشار الأسد، دعوهم يتحملون مسؤولية تقسيم سوريا”. وهكذا لم تعد السيدة هيلاري كلينتون تتراشق بالتصريحات مع سيرغي لافروف وزير خارجية سوريا بالوكالة، بل تركت المهمة للسيدة فيكتوريا نولاند تلك التي لا يطيقها لافروف وقد خصّها بالانتقاد (وأسعدها طبعاً)، عندما قال ان تعليقها على تفجير دمشق “تبرير مباشر للإرهاب وأنه موقف رهيب أعجز عن إيجاد الكلمات لوصفه”، هذا في وقت تسيل أنهر الدم السوري بالأسلحة والقذائف الروسية وتستمر سماجة موسكو في المراهنة السخيفة على مهمة كوفي أنان الميتة.

إن التأمل في التصريحات الدولية عن الخوف من “مذبحة حلب” وقد جاءت تحديداً من نولاند ومن الوجه السعيد بان كي – مون وكذلك من المتأنق لوران فابيوس، يذكّرنا ببيانات الانقلابات العسكرية العربية: “سيروا ونحن من ورائكم، موتوا ونحن نرثيكم”، أوَلم تقل نولاند: “هناك تصعيد خطير، غارات جوية وأرتال من الدبابات تتجه الى حلب، ويقلقنا احتمال حدوث مجزرة جديدة… إن قلوبنا مع أهل حلب وإننا لا نتوقع تدخلاً عسكرياً خارج تفويض مجلس الأمن”؟

بلى قالت هذا ولكن في سياق زكزكة لافروف وتحميل روسيا المسؤولية السياسية والأخلاقية عن المذابح المتنقلة في سوريا.

نقطة التحوّل الآن، أنه من خلال البيانات الأميركية والتركية أول من أمس يمكن الجزم تقريباً بأن معركة حلب أو مجزرة حلب ستفتح الأبواب حتماً على إقامة المنطقة العازلة، عبر تقدّم الجيش التركي للسيطرة على المحافظات السورية الكردية الخمس، التي تعمّد النظام الانسحاب منها وتسليمها الى “حزب العمال الكردستاني” ربما استعجالاً منه لإطلاق شياطين التقسيم، والتي تراهن واشنطن على جعلها “بنغازي سورية” تغيّر دينامية المواجهة وتفضي الى جعل التقسيم مطلباً إجماعياً!

النهار

السبت

هل أقفل باب تسوية رحيل الأسد؟

خيارات مأسوية على وقع معركة حلب

    روزانا بومنصف

بدا لافتاً بالنسبة الى متابعي الشأن السوري ابقاء الدول العربية والولايات المتحدة على حد سواء الباب مفتوحا امام الرئيس السوري بشار الاسد من اجل اتاحة المجال امام انتقال سلمي في سوريا على عكس المواقف التي اتخذت على نحو مبكر من كل الرؤساء في الدول التي شهدت ثورة شعبية في ما سمي الربيع العربي. فلم يصدر حتى الان اي موقف غربي يدعو الى احالة الاسد امام المحكمة الجنائية الدولية مثلا على رغم وصفه من قادة ورؤساء الديبلوماسيات الغربية بانه مسؤول عن قتل ما يزيد على 17 الف سوري حتى الان وتهديد بعض هؤلاء بان محاكمة الرئيس السوري واجبة . وحجة الغرب في هذا الامر هو ان سوريا ليست عضوا في المحكمة على رغم ان خبراء معنيين يعتقدون ان السبيل الى ذلك كان سيتأمن لو وجدت النية وهي ليست موجودة لعدم تكرار ما حصل مع العقيد معمر القذافي من خلال اجباره عبر احالته على المحكمة الجنائية الدولية على خيارات صعبة قد يكون احدها الاستمرار في القتال حتى النهاية واقفال باب التسويات امامه. وقد تحدث وزراء الخارجية العرب مطلع هذا الاسبوع عن توجيه نداء الى الرئيس السوري وحضه على المبادرة الى خطوة شجاعة والتنحي السريع مقابل الخروج الآمن من السلطة فيما اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون “انه لم يفت الاوان بالنسبة الى الرئيس السوري كي يبدأ التخطيط لانتقال سياسي” ملوحة له من جهة اخرى وفي الاطار نفسه بان المعارضة تقترب من اقامة مناطق آمنة نتيجة مكاسبها على الارض. وهو اتجاه واضح لاقناع الرئيس السوري بالخروج فيما لا تزال الفرص ممكنة على هذا الصعيد والتلويح له باستمرار وجود خيارات امامه يتعين عليه تقويمها وعدم تجاهلها  على رغم رفض المعارضة السورية لهذا الاحتمال واعلانها النية في تقديم الرئيس السوري الى المحاكمة بالتزامن مع عدم اخفاء الولايات المتحدة دعم المعارضة وتوفير ما تحتاج اليه او السماح للدول الاقليمية بتوفير ما تحتاج اليه هذه الاخيرة في اشارة الى ان لا عودة الى الوراء في موضوع اسقاط النظام ومساعدة سوريا على الانتقال الى مرحلة اخرى. وهي سياسة العصا والجزرة  مع انها في حال التعامل مع النظام السوري لا تجدي، بدليل انه سارع الى رفض عروض التنحي والرحيل. فهل اقفل الباب نهائيا امام تسوية تقضي برحيل الرئيس السوري ام ان الامر لا يزال ممكنا؟

يعتقد المتابعون المعنيون ان الغرب والعرب يسعون الى تجنب حشر الرئيس السوري في الزاوية وتفضيل حصول مرحلة انتقالية شبيهة لما حصل في الدول العربية الاخرى ولو ان الثمن بات باهظا جدا في سوريا بعد سنة ونصف سنة من القتال، بحيث يخشى مما يسود راهنا من اقتناع بان الرئيس السوري قد يلجأ الى خيارات قد تسبب بوضع اكثر صعوبة مما هو عليه الوضع راهنا . فمع ان المجتمع الدولي يقف متفرجا على  الوضع المأسوي في سوريا في ظل اتهامات متبادلة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والغرب عموما من جهة اخرى بتسعير الوضع واعتبار كل طرف بان الاخر يصب الزيت على النار هناك، فان ما قد لا يرغب فيه الغرب اقله وفق بعض المعطيات الظاهرة  هو ان يؤدي استشراس الاسد في محاولة اعادة سيطرته على المدن التي فقد السيطرة عليها كحلب التي نقلت صحف سورية ان  استعادتها هي  “ام المعارك”، الى نتائج مأسوية كما حماه سابقا مثلا مما سيؤدي الى تدمير سوريا وارتكاب مجازر اضافية في حين ان كسب الرئيس السوري  المعركة في حال حصوله لن يساهم في استعادته زمام السلطة بل قد تكون مجرد معركة اخرى من المعارك التي تتواصل في اطار حركة كر وفر لن تنهي الصراع القائم بينه وبين المعارضة المسلحة بل قد تمنعها لبعض الوقت من اقامة منطقة آمنة كما كانت بنغازي بالنسبة الى المعارضين الليبيين. كما ان حصول مجزرة في حلب وفق ما اعربت الدول الغربية عن خشيتها  قد يحتم تدخلا في شكل من الاشكال فيما لا يود الغرب التدخل فعلا في سوريا على نحو مباشر. في حين ان عدم قدرته على استعادة حلب سيؤدي الى تعزيز خيار لجوئه الى التحصن في المدن العلوية  مع العناصر العسكرية من طائفته على نحو قد ينقل الوضع الى مرحلة قد تكون شديدة الخطورة بالنسبة الى سوريا والمنطقة على حد سواء نتيجة ما قد يستدرجه ذلك من حرب اهلية طويلة في سوريا وما يحتمل من تدخل خارجي اقليمي يحول سوريا ساحة حرب لسنوات عدة. ذلك علما ان احتمال اللجوء الى اقتطاع منطقة علوية في اللاذقية وطرطوس  بات من اكثر ما يتم تداوله على وقع الخيارات المحدودة امام الرئيس السوري في ظل استحالة قدرته على حكم سوريا مجددا ايا تكن المكاسب التي يحققها على الارض وفي ظل اعتقاد حاسم وجازم حتى من جانب حلفاء له في لبنان بان استمرار حكم الاسد لم يعد واردا سواء انتهى ذلك بسقوطه بسرعة او بعد بعض الوقت او سواء بمشاركته في الفوضى التي باتت تعم سوريا اضافة الى تدميرها .

النهار

السبت

معركة حلب والسيناريو الليبي

عبد الباري عطوان

كل الأنظار مسلطة على مدينة حلب، والمعركة الفاصلة التي لن تحدد مصيرها والجهة التي ستسيطر عليها فقط، وانما مستقبل سورية برمتها، فالاهتمام بهذه المدينة التاريخية غطى على الاهتمام بالدورة الاوليمبية التي افتتحت مساء امس، واحتلت تطورات الأوضاع العسكرية على ارضها صدر الصفحات الاولى، حتى في بريطانيا مضيفة هذه الدورة.

طرفا الصراع للسيطرة على المدينة يحشدان قواتهما ويعززان قدراتهما الهجومية والدفاعية، كل حسب موقعه، فالجيش السوري الحر ‘سحب’ وحداته من دمشق وبعض ريفها واخرى من حمص وارسلها الى المدينة، بينما ارسل النظام وحداته الخاصة المدربة على حرب المدن معززة بالدبابات، اســتعدادا لهجوم ربما يكون حاسما.

الاهتمام بحلب لا ينبع من كونها العاصمة الاقتصادية والتجارية لسورية، ولا لأن فستقها الذي يحمل اسمها هو الأجود عالميا، وانما لأنها مفتاح سورية الاستراتيجي، مثلما هي بوابة تركيا، ومن يسيطر عليها يمكن ان يحقق انجازا استراتيجيا من الحجم الثقيل، يسهّل الوصول الى دمشق العاصمة (في حالة المعارضة)، او الحفاظ عليها وربما على سورية بأسرها (في حالة النظام).

النظام السوري قد يستخدم كل ما في جعبته من اسلحة لمنع سقوط المدينة في يد الجيش السوري الحرّ، لان هذا السقوط يعني عمليا اعلانها والمدن الاخرى المجاورة لها، مثل ادلب، منطقة آمنة ونواة لسورية الجديدة، ومقرا لحكومة الوحدة الوطنية التي تتشاور بعض فصائل المعارضة السورية لتشكيلها، في اجتماعها الحالي.

الجيش السوري الحرّ يواجه صعوبات كبيرة في تلقي الأسلحة والذخائر التي يحتاجها من قاعدة التمويل التي اقيمت في مدينة اضنة التركية المجاورة للحدود السورية، واسستها حكومات المثلث التركي ـ السعودي ـ القطري الذي يقف بقوة خلف المعارضة السورية، ويوظف كل امكانياته وقدراته المالية والعسكرية والسياسية لتحقيق هدف اطاحة النظام السوري.

النظام السوري يستخدم كل أوراقه من اجل البقاء والحاق أقصى قدر ممكن من الأضرار بأعدائه، خاصة الجار التركي، ولذلك سلمّ خمس محافظات كردية في مناطقه الشمالية لحزب العمال الكردستاني المعارض، لمنع سقوطها في يد المعارضة اولا، واستخدامها قاعدة لشنّ هجمات في العمق التركي ثانيا، ومنع استخدامها كممر لوصول الاسلحة السعودية والقطرية للجيش السوري الحرّ.

‘ ‘ ‘

التواصل الجغرافي بين حلب والمدن المجاورة الاخرى مثل ادلب من ناحية، وتركيا من ناحية اخرى، يرشح المدينة لكي تكون ‘بنغازي سورية’، وربما احدى الدول الجديدة المستقلة اذا صحت الاحاديث التي تقول بأن هناك خطة لإعادة مشروع تقسيم سورية الى خمس دول (حلب، دمشق، جبل الدروز، الدولة الكردية و الدولة العلوية) الذي وضعته حكومة الانتداب الفرنسي عام 1934 واحبطه شرفاء سورية في حينه.

الصرخات التحذيرية التي صدرت بالأمس من اكثر عاصمة غربية، وخاصة لندن وباريس وواشنطن من امكانية ارتكاب النظام وقواته مجازر في حلب في الساعات المقبلة، في حال تنفيذ هجومه لاستعادة بعض احيائها التي استولى عليها الجيش السوري الحرّ، هذه الصرخات تذكرنا بنظيرتها التي انطلقت لانقاذ مدينة بنغازي من مجزرة كانت تعدّ لها كتائب العقيد معمر القذافي الزاحفة نحوها، وهي الصرخات التي ادت الى اصدار قرار عن مجلس الامن الدولي رقم(1973) بفرض حظر جوي لحماية المدنيين بكل الطرق والوسائل، وبقية القصة معروفة.

الفيتو الروسي ـ الصيني المزدوج يقف بالمرصاد لأي محاولة لتكرار هذه السابقة، فالروس مثلما قال بريماكوف وزير الخارجية الاسبق، لا يمكن ان ينخدعوا ويهانوا مرتين، ولذلك فإن السؤال هو عن موقف امريكا وتركيا وبقية منظومة ‘اصدقاء سورية’ في حال حدوث مثل هذه المجازر فعلا؟

لا نعتقد، وحسب الوقائع والمعطيات السياسية المتاحة، ان الدول الغربية مستعدة للتورط في حرب جديدة، ولكن من غير المستبعد في الوقت نفسه استخدام اي سفك للدماء في حلب، كغطاء او ذريعة للتدخل، فتقرير المعهد الملكي البريطاني للدراسات الأمنية اكد ان التدخل العسكري واقع لا محالة، وقال واضعه البروفسور مايكل كلارك ‘ان هناك حروبا تسعى اليها وان هناك حروبا تسعى اليك’، والحرب في سورية تصبّ في الخانة الثانية.

الدول الغربية، ومن بينها تركيا، تخشى من ثلاثة امور رئيسية تدفعها للاضطرار للتدخل عسكريا مكرهة في سورية:

الاول: اتساع نطاق الحرب الاهلية الطائفية بحيث تشمل دولا مثل تركيا والمملكة العربية السعودية والاردن ،الحلفاء الرئيسيين للغرب في المنطقة، وبما يؤدي الى تفتيتها في نهاية المطاف.

الثاني: تحّل سورية الى دولة فاشلة تسودها الفوضى، بما يهيئ المناخ لتنظيم القاعدة وحركات اسلامية جهادية اخرى متشددة لتأسيس قواعد فيها.

الثالث: سقوط ترسانة الاسلحة الكيماوية والبيولوجية السورية في ايدي هذه المنظمات الجهادية، في حال سقوط النظام، او تسريبها من قبل النظام الى حليفه الاستراتيجي حزب الله في لبنان.

‘ ‘ ‘

التدخل العسكري لو حدث، ومثلما افاد تقرير المعهد الملكي المذكور، الذي يشكل العقل المخطط للمؤسسة العسكرية البريطانية منذ عقود، لن يكون من اجل وضع حدّ للوضع المزري الذي يعيش في ظله السوريون، وانما للحفاظ على المصالح الغربية، وسلامة دول الجوار الحليفة، ومن بينها قطعا اسرائيل.

معركة السيطرة على مدينة حلب لن تحسم في يوم او يومين، او حتى اسابيع، ولكنها ستكون معركة باهظة التكاليف البشرية اولا، والمادية ثانيا، وسيكون اهل المدينة هم اكبر الخاسرين حتما، ومن غير المستبعد ان تحدث اعمال انتقامية دموية، ايا كان المنتصر فيها، في ظل اجواء الشحن الطائفي والعرقي والانقسام الحاد في الولاءات لصالح هذا الطرف او ذاك من طرفي الصراع.

التدخل العسكري بدأ بشكل تدريجي، فالروس يسلحون النظام، وخبراؤهم يعملون على الارض منذ وقت طويل لتزويد النظام بخطط مكافحة القوات المتمردة، مستفيدين من تجاربهم في غروزني عاصمة الشيشان، والتدخل في ساوث استينيا في جورجيا، والغرب ارسل قواته الخاصة لتدريب الجيش السوري الحرّ، وهناك معلومات مؤكدة ان وحدات النخبة في الجيش البريطاني SAS تتواجد حاليا في عدة مناطق يسيطر عليها الجيش السوري الحرّ، حسب تقرير المعهد الملكي المذكور آنفا، وتدرب وحدات سورية معارضة في قواعد لها قرب الحدود العراقية ـ السورية، بينما تتلقى وحدات سورية اخرى يزيد تعدادها عن 300 عنصر تدريبات على ايدي هذه القوات البريطانية الخاصة وعلى فنون القيادة في المملكة العربية السعودية، هذا غير الدورات التدريبية التي تنظمها الشركات الأمنية الخاصة.

السؤال الأهم هو: هل نرى تكرارا للسيناريو الليبي في سورية؟ ثم ما هو موقف الروس والايرانيين وحزب الله؟

الجميع يضع اصبعه على الزناد، او هكذا يقولون، والجميع يؤكد انه لن يتخلى عن حليفه السوري. اصدقاء سورية يقولون انهم سيدعمون المعارضة حتى سقوط النظام وما بعد ذلك، وحلفاء الرئيس الاسد يقولون انهم لن يسمحوا بسقوطه مهما كلف الأمر.

معركة حلب ستكون الاختبار العملي للجميع دون استثناء.

القدس العربي

السبت

سربرينتشا جديدة في حلب

جاسر عبد العزيز الجاسر

لم تمح الذاكرة بعد ما حصل في سربرينتشا في البوسنة التي ارتكب الصرب مجزرة مروعة أجهزوا على المسلمين قتلاً وذبحاً تحت نظر القوات الدولية، اليوم يلوح في الأفق السوري ملامح مجزرة ما شبه إن لم تكن أكثر فظاعة، إذ يحشد جيش بشار الأسد قواته وعناصره لاقتحام محافظة حلب، المدينة والريف معاً بعد أن كاد الجيش الحر يكمل سيطرته على هذه المحافظة التي تشكل العمق الاقتصادي لسورية، قوات بشار الأسد التي أعادت سيطرتها على بعض الأحياء الدمشقية التي فقدتها في الأيام الأخيرة، تعمل على تحريك القوات الخاصة التابعة للفرقة المدرعة الرابعة التي يرأسها ماهر الأسد إلى حلب لإخراج كتائب الجيش السوري الحر، ويرى الخبراء الاستراتيجيون أن قوات النظام السوري أخذت تتحرك وفق ما يريده الجيش السوري الحر الذي يريد إنهاك القوات السورية النظامية من خلال إجبارها على فتح معارك متباعدة، فبعد معارك العاصمة دمشق، وقبلها معارك محافظة حمص يستدرج الجيش السوري الحر، قوات النخبة في الجيش النظامي إلى معركة أخرى في حلب، وهذا سيجعل الجيش النظامي منهكاً ويجعل قياداته أقل انضباطاً رغم أن القوات التي يزج بها بشار الأسد في مثل هذه المعارك هي الأكثر ولاءاً، وأن قادتهم من الضباط العلويين إلا أن استراتيجية الجيش السوري الحر بفتح معارك في محافظات مهمة فضلاً عن العاصمة يجبر الجيش النظامي على كثرة الحركة، وهو ما يرهق هذا الجيش الذي يفرض عليه تحريك آلياته الضخمة وكتائبه المدرعة وبطاريات المدفعية والصواريخ في حين لا يحتاج الجيش الحر إلى مثل هذه الأعمال؛ لأن عناصره متواجدة على الأرض وأسلحته خفيفة، وأن معظم ما يوجه به الجيش النظامي هي أسلحته التي غنمها في المعارك، ولهذا السبب تخلى الجيش النظامي عن المعابر الحدودية، وبدأ يخلي محافظات حيث ظهرت بوادر عن تخلي القوات النظامية عن محافظة دير الزور والبداية كانت سيطرة الجيش الحر على مدينة بوكمال الحدودية، كما أن الجيش النظامي السوري انسحب من خمس مدن سورية ذات أغلبية كردية وسلمها إلى عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يعتبر النسخة السورية لحزب العمال الكردي التركي الذي يخوض معارك مع تركيا.

هذا التشرذم وتقليص الوجود للجيش الرسمي السوري وسقوط هيبة النظام يسعى بشار الأسد إلى إعادتها من خلال الذهاب بعيداً في تنفيذ الحل الأمني العسكري، ولذلك أدخل سلاح المروحيات القتالية التي تشارك بفاعلية في معارك حلب وحمص ودمشق، ويعد فعلياً لاقتحام حلب وريفها وارتكاب مجزرة يسعى من خلالها لاستعادة المحافظة وإشاعة الخوف في صفوف السوريين.

هذا التصرف والذهاب بعيداً في ارتكاب الجرائم سيدفع السوريين أولاً والمجتمع الدولي إلى التخلص من هذا النظام بنفس الطريقة التي تخلص منها المجتمع الدولي من الصرب في البوسنة والهرسك، رغم كل المجازر التي ارتكبت هناك.

الجزيرة السعودية

السبت

هل تُسقط حلب الأسد؟

طارق الحميد

ها هو العالم يشاهد – بأعصاب باردة، بل قل بتخاذل – تأهب قوات طاغية دمشق لارتكاب مجزرة في حلب لا يعلم نتائجها إلا الله، حيث تستعد قوات الأسد بكل أسلحتها الروسية، وما تتزود به من إيران، لاقتحامها، والقضاء على الثوار فيها، فهل تكون حلب هي المعركة الحاسمة في الثورة السورية؟

المؤكد أن معركة حلب ستكون مصيرية، لكنها لن تحسم انتصار الأسد من عدمه على الثورة، وإنما ستكون حلب الشهباء مؤشرا على سرعة سقوط الأسد الذي اعتبره الجنرال روبرت مود مجرد «مسألة وقت».. فانتصار الثوار السوريين، واستمرار سيطرتهم على حلب، يعني أن أيام الأسد معدودة بالفعل، وعلى أيدي الثوار أنفسهم، الذين يعني انتصارهم انكسار قوات الطاغية، ورسالة للدائرة المؤثرة حوله بأن اللعبة قد انتهت، وعليهم حسم أمرهم، حيث من المستحيل استمرار الأسد بعد الانكسار في حلب التي ستكون أول منطقة سورية آمنة، ومتصلة بتركيا، حيث يسهل التزود بالسلاح، والتدريب، وحماية المنشقين، مما يعني أن جيش الأسد سيصبح قابلا للانكسار، وبأسرع وقت. ولذا، فإن الواضح – حتى كتابة هذا المقال – أن الأسد لن يكترث بكل التحذيرات الدولية من مغبة اقتحام حلب، لأنه يعي أنها النهاية.

كما أن اقتحام قوات الطاغية لحلب، وكسر الثوار فيها، يعني وقوع مجازر مروعة في مدينة يبلغ عدد سكانها قرابة المليونين ونصف المليون نسمة، ومكونة من خليط من العشائر، وكل الفسيفساء السورية، ومنهم الأكراد، مما يعني أن الأسد سيكون عدو حلب، التي من الصعب السيطرة على الفوضى فيها. ووقوع المجازر الأسدية في حلب – وهذا المتوقع للأسف – يعني أن المدينة ستكون أقصر طرق الأسد إلى لاهاي حيث محكمة العدل الدولية ليحاكم كمجرم حرب، بدلا من البحث عن «طريقة خروج حضارية» له كما يروج الروس.. فوقوع المجازر في حلب سيضع الجميع في حرج، سواء من يدعون للانتقال السلمي في سوريا، أو من يقفون ضد التسليح، أو التدخل العسكري الخارجي، كما أنه سيفضح النفاق الروسي، وبالطبع النفاق الإيراني الصارخ، ومعهم نفاق حزب الله، فحلب ستكون القطيعة التامة بين الأمس واليوم، خصوصا بالنسبة للمتذاكين بحديثهم عن الطائفية، أو المحذرين زورا من التشدد الإسلامي.. فحلب ستكون بمثابة الوجبة الدسمة للطائفية، والتشدد، والإرهاب، خصوصا وهي تقع في أيام رمضان الكريم، وهو أمر لن ينسى ليس في قادم الأيام فقط، بل وطوال تاريخ هذه المنطقة، وسيتذكر الجميع مجازر حلب عند الحديث عن إيران وحزب الله وروسيا.

وهكذا، فإن حلب الشهباء تبدو قاصمة الظهر للطاغية الأسد، كما أنها هي التي ستنزع آخر ورقة توت عن المتخاذلين في إيران، وحزب الله، وموسكو، وبالطبع فإنها ستكون بمثابة رصاصة الرحمة على النظام السياسي القائم الآن في العراق.

وعليه، فإن ملخص القول هو أن حلب الشهباء باتت ورطة الطاغية الأسد، فـ«انتصاره» هناك سيكون بطعم الهزيمة المرة، وانكساره هناك أيضا سيكون بمثابة بدء العد التنازلي لنظامه الإجرامي، وكل أعوانه في المنطقة. هذا هو قدر حلب، وقدر السوريين، مع النظام الأسدي الإجرامي، وحلفائه المتآمرين والطائفيين، وأمام مجتمع دولي متخاذل بكل معنى الكلمة.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى