مقبرة الكيميائي حدائق البيت الأبيض؟/ راجح الخوري
لم تترك الهيئة المكلفة تدمير الترسانة الكيميائية السورية باباً إلا وقرعته بحثاً عن دولة تقبل ان تتم العملية على اراضيها لكنها لم توفق، هذا في حين تتوارى روسيا التي ساعدت النظام السوري على امتلاك هذه الترسانة عن الانظار، وفي حين تتجه اميركا الى مكافأة بشار الاسد بعدما كانت قد اثنت على موافقته تسليم الترسانة، متناسية الضحايا الذين قتلتهم في الغوطتين.
الحديث عن ان الوضع الامني يحول دون اجراء هذه العملية على الاراضي السورية هو بلا معنى، ليس لأنه حيث ولد هذا السلاح يجب ان يموت، بل لأنه يتوجب على اميركا وروسيا ترتيب عملية التدمير. فالاتفاق الروسي – الاميركي اوحى في حينه ان روسيا تستطيع تدمير هذه الترسانة في المحارق التسع التي تملكها والمخصصة لمثل هذا!
آخر تجليات الهيئة الدولية جاءت بمثابة إفراط في الوقاحة،عندما اقترحت دفن هذه الترسانة في البحر، بما يعني ان أكثر من الف وثلاثماية طن من هذه المواد السامة سترسل الى الاعماق لتدمير الحياة البحرية بعدما دمرت قسماً من الحياة البشرية في سوريا!
واذا كانت العملية تواجه فعلاً كل هذه الصعوبات، لست ادري لماذا لا يتم دفن الترسانة في حدائق البيت الابيض، وباشراف شخصي من باراك اوباما الذي هدد بالضربة العسكرية ثم توارى في مقابل موافقة بشار الاسد على تسليم الترسانة. ولست ادري لماذا لا ترسل الترسانة الى حدائق احد القصور الاسطورية التي يمتلكها فلاديمير بوتين على البحر الاسود، والتي لم يحظ القياصرة بمثلها. ثم لماذا لا يتم دفن هذه الترسانة في حدائق القصر الرئاسي السوري في جبل قاسيون الذي ينشط في قصف الأحياء الدمشقية وضواحيها؟
عملية البحث عن دولة تقبل باستضافة هذه الترسانة ستطول، وعلى الهيئات الدولية المختصة ان تقيم القيامة اذا تقرر دفن هذه القنبلة في البحار. إن الواجب السياسي والمسؤولية الاخلاقية يفرضان على روسيا واميركا تدبير عملية التدمير في روسيا او في اميركا او في سوريا، على الأقل ستراً للفضيحة الاميركية التاريخية التي تتكشف الآن فصولها المعيبة المتصلة بالترسانة الكيميائية!
كيف؟
تتحدث الاخبار عن جانب آخر سري من الاتفاق الروسي – الاميركي في شأن الترسانة وهو ان الاسد اشترط ان توافق اميركا على استمراره في السلطة في مقابل موافقته على تسليم الترسانة الكيميائية، وان الروس سوّقوا هذه المقايضة لدى اوباما بعدما وقع في فخ فضيحة التهديد بتوجيه ضربة عقابية الى سوريا وهو عاجز عنها.
ضحايا الكيميائي في الغوطتين دفنوا في مقبرة الوجدان والنسيان، ولن نستغرب اذا طلب اوباما وبوتين غداً منح الأسد جائزة نوبل للسلام؟!
النهار