صفحات الناس

من مقهى إنترنت في المنفى.. همام الحسن يطلق “سباتيوم”/ نينار الخطيب

 

 

لم يكد همام الحسن يطلق موقعاً للتواصل الاجتماعي في الفضاء الالكتروني، حتى ذاع صيته. ابن الأربعة عشر عاماً أصبح علامة فارقة بين أبناء جيله، ولقبته وسائل إعلام عربية بـ «النابغة»، بعد الجهد المضني الذي بذله في إنشاء موقع التواصل «سباتيوم» (تعني الفضاء). الحسن المهجر مع عائلته من مدينة حلب إلى تركيا، تعلم البرمجة بمفرده، قبل أن يقرر إطلاق موقعه. انطلاقة واكبتها تقارير إعلاميّة كثيرة عن «النابغة السوري» الذي أنشأ أوّل موقع تواصل اجتماعي عربي على نمط «فايسبوك». لكنّ نجم «سباتيوم» انطفأ بسرعة، إثر تعرّضه لهجمات من قراصنة، جعلت الدخول إليه متعذّراً. فمن يكون هذا النابغة الصغير؟

همام الحسن أو HGO كما يلقبه أصدقاؤه، خرج مع عائلته من حي أقيول وسط حلب، تاركاً خلفه هوسه بالرقص والجمباز والجري الحرّ، والتجأ إلى مدينة عنتاب في تركيا. قبالة المنزل الذي قطنت فيه عائلته عثر على مقهى انترنت، وهناك جذبته البرمجة، فبدأ يتعلمها. يروي همام لـ «السفير» حكاية تعلمه للبرمجة: «تعلمتها في تركيا قبل نحو ثلاث سنوات. بدأت أعمل داخل المقهى على إنشاء وتصميم المواقع لبعض الدوائر الحكومية والشركات في تركيا، وأميركا، ولبنان، ودبي، والسعودية، إلى جانب البرامج والتطبيقات، قبل أن أقرّر إطلاق موقعي الخاص. قرّرت أن يضم جميع ميزات موقعي «فايسبوك» و«تويتر»، واخترت له اسم «سباتيوم». صمّمت له تطبيقاً خاصاً يعمل على نظامي «أندرويد» و «آي أو أس»، ويعتمد في بنائه على كل من تصميم تطبيقات الشبكة والفريم ووركس، ولغة (css3) واستخدمت فيه لغة «أجاكس» بحيث يتم التعامل مع المخدم من دون الحاجة لتحميل الصفحة».

بعد يومين من إطلاق الموقع وبدء جذبه للمستخدمين، تعرَّض «سباتيوم» لهجمات قرصنة، ما تسبب بإيقافه. يشرح الحسن: «تعرض الموقع لضغط كبير على يد قراصنة من جنسيّات عربيّة، إلا أنهم لم يتمكنوا من اختراقه». وبعد عملية الاختراق التي يصفها همام بـ «الفاشلة» بالرغم من أنها ألحقت ضرراً كبيراً بالموقع، فوجئ زواره برسالة على واجهته تقول: «الكره للعرب، والشكر للسوريين». وتلك رسالة أكَّد الحسن أنّه هو من وضعها بنفسه، بعدما «أحبطه العرب الذين يريدون النيل من هذا الإنجاز»، وفق تعبيره. ولكن أليست هذه عبارات قد تفهم على أنّها نوع من الشوفينيّة، نسأل همام؟ وما دخل كلّ العرب ببعض القراصنة؟ يردّ: «ربما تكون الرسالة جارحة، ولكنّي حزين لأنّ قراصنة عرباً هم من قاموا بتدمير المشروع عوضاً عن دعمه».

لا يفصح الحسن عن موعد لعودة الموقع إلى سابق عهده. الفتى الذي يجلس من في جيله على مقاعد الصف التاسع في المدرسة، يتفاخر بأنَّه خضع لاختبارات رفّع بعدها إلى الصف الحادي عشر، أي بجوار من يكبرونه بسنتين. لا يخفي فخره بعمله، ويؤكد أن رجل أعمال سورياً مقيماً في روسيا عرض عليه شراء الموقع مقابل مبلغ كبير. بالرغم من ذلك، يبقى مستقبل «سباتيوم» مبهماً، رغم تأكيد مؤسّسه على أنَّه «سيغزو العالم».

همام الحسن الذي ينتظر الفرصة للسفر إلى أوروبا، لا يبدو خياره مختلفاً عن آلاف السوريين الذين أخرجتهم الحرب من منازلهم، وشردتهم في دول الجوار، وعلى شواطئ بلدان ترفض استقبالهم. وبالرغم من ذلك تمكن من ترك بصمة له على الرغم من صغر سنه، وعدم وجود أيّ رعاية لموهبته. قد يصل HGO إلى أوروبا، وقد يغدو أحد أعلام التكنولوجيا في العالم… لا يبدو أنّ هناك مستحيلاً أمام من أنشأ موقعاً كاملاً من زاوية في أحد مقاهي الانترنت، بالرغم من صغر سنّه، وبالرغم من المنفى.

السفير

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى